رئيسة وزراء بريطانيا تعتزم إصلاح نظام التعليم «الطبقي» في البلاد

دعم مالي لمدارس «غرامر» مجانية للفقراء

تيريزا ماي لدى زيارتها مدرسة كينغز كوليدج لندن للرياضيات الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
تيريزا ماي لدى زيارتها مدرسة كينغز كوليدج لندن للرياضيات الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

رئيسة وزراء بريطانيا تعتزم إصلاح نظام التعليم «الطبقي» في البلاد

تيريزا ماي لدى زيارتها مدرسة كينغز كوليدج لندن للرياضيات الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
تيريزا ماي لدى زيارتها مدرسة كينغز كوليدج لندن للرياضيات الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

كشفت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي عما وصفته بأنه «مهمة شخصية» لإصلاح نظام التعليم البريطاني الذي ينقسم فيه التلاميذ إلى فئتين: الفقراء في مدارس السلطات المحلية التعليمية المجانية والأثرياء في مدارس خاصة ومدارس «غرامر» يتخرج فيها بعد ذلك نخبة تذهب إلى أفضل الجامعات.
وأعلنت ماي في ميزانية العام المالي الجديد الذي يبدأ في شهر أبريل (نيسان) المقبل، التي نشرت هذا الأسبوع، عن تمويل يصل حجمه إلى نصف مليار إسترليني (625 مليون دولار) تشمل تأسيس نحو 140 مدرسة خاصة مجانية يمكن أن يتحول الكثير منها فيما بعد إلى مدارس «غرامر» تستقبل التلاميذ من جميع الفئات، وتوفر لهم أيضا مواصلات مجانية. ولن تتبع هذه المدارس المجالس المحلية. وتشمل الخدمات المقدمة لتلاميذ هذه المدارس توفير المواصلات المجانية حتى مسافات 15 ميلا من المسكن حتى تتاح الفرصة لاختيار المدارس الخاصة بلا تكاليف إضافية حتى ولو كانت بعيدة نسبيا عن منطقة السكن. ولا تتاح هذه الخدمة حاليا إلا لطلبة المدارس التي تتبع المجالس المحلية.
وتأمل ماي بأن تخدم هذه المدارس كل فئات المجتمع ولا تقتصر على الأثرياء فقط. ولكن من أجل تحقيق هذه المهمة يجب عليها أولا أن تغير القانون الذي سبق ووضعه حزب العمال من قبل لمنع تأسيس مدارس «غرامر» جديدة والاقتصار على مدارس المجالس المحلية.
وترى ماي أن مبدأ تكافؤ الفرص لجميع فئات وطبقات التلاميذ من أسس نجاح التعليم البريطاني في المستقبل. وسيكون مبدأ الاختيار في المدارس الخاصة المجانية حسب القدرات الأكاديمية والتفوق التعليمي وليس وفق قدرة الوالدين المالية. وهو مستقبل يوفر الفرص لأبناء للطبقات العاملة على قدم المساواة مع أبناء الطبقة الراقية.
وشمل الإنفاق التعليمي في الميزانية أيضا مبلغ 216 مليون إسترليني (270 مليون دولار) تنفق على تجديد المدارس الحالية وإعدادها لكي تتوافق مع متطلبات القرن الحادي والعشرين. وهي خطوة تأتي متزامنة مع استعداد بريطانيا للتفاوض على الخروج من الاتحاد الأوروبي، وتهدف إلى رفع المعنويات في أن بريطانيا ستوجه اهتمامها أكثر إلى الشأن المحلي مثل التعليم والصحة.
وشرحت ماي، أن نظام التعليم الحالي يقرر مستقبل أطفال الطبقة العاملة على أساس مكان سكنهم ودخل والديهم. وأضافت، أنه عندما يكون الوالد يعمل في وظيفتين من أجل تغطية لوازم الأسرة فليس هناك معنى لنصيحته بأن يسكن في منطقة أخرى أو يحول أبناءه إلى مدارس خاصة؛ من أجل توفير فرصة تعليم أفضل لهم.
وستنشر الحكومة البريطانية خطة إصلاح التعليم الشاملة بعد أسابيع فيما وصفته بأنه «ورقة بيضاء» أو مذكرة تشرح من خلالها تفاصيل الخطة وتطلب من البرلمان إنهاء الحظر الذي فرضه حزب العمال على تأسيس المزيد من مدارس «غرامر» خاصة والساري منذ عام 1998، وسيسمح مثل هذا التعديل القانوني بتأسيس مدارس حرة يتلقى فيها المتفوقون من التلاميذ تعليمهم بغض النظر عن خلفيتهم الاجتماعية أو دخل الأسرة.
وسيتم تشجيع الجامعات والمدارس الخاصة على رعاية المدارس الخاصة المجانية لرفع مستوى الأداء الأكاديمي فيها. وكانت رئيسة الوزراء ماي قد زارت مدرسة من هذا النوع في لندن مؤخرا تعمل تحت رعاية من جامعة كنغز كوليدج في لندن. ولا تتاح الفرصة حاليا للمدارس الخاصة المجانية أن تختار تلاميذها على أساس القدرات الأكاديمية. ولكن هذا الوضع سيتغير بعد التعديلات الجديدة.
ولكن هذا الجهد سيظل محدودا في تأثيره حيث يوفر 70 ألف مقعد دراسي جديد للتعليم الثانوي مقابل 8.4 مليون مقعد في المدارس الحالية. ولكنه جهد يسعى إلى تلبية أحد أهداف الحكومة البريطانية الحالية لبناء 500 مدرسة خاصة مجانية بحلول عام 2020، وتأمل رئيسة الوزراء أن يتم تغيير القانون الذي يمنع تأسيس مثل هذه المدارس قبل بداية العام الأكاديمي الجديد في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.
ولن يكون تنفيذ هذه التعديلات سهلا، حيث يعترض عليها حزب العمال المعارض، بالإضافة إلى بعض نواب البرلمان من المحافظين الذين يعتقدون أن إنفاق هذه الأموال سيكون أفضل مردودا عبر الاهتمام بعموم المدارس البريطانية، وليس التركيز فقط على مدارس غرامر» خاصة.
هذا ويعد نظام مدارس «غرامر» البريطانية من أقدم النظم التعليمية في بريطانيا ويعود تاريخها إلى العصور الوسطى، حيث كانت تتخصص في تعليم اللغة اللاتينية. وأضيفت إليها بعد ذلك تخصصات أخرى شملت اللغة اليونانية القديمة والعلوم الطبيعية واللغات الأوروبية والحساب والتاريخ والجغرافيا. وهي تعد مدارس أكاديمية متخصصة، وتحقق نتائج أفضل من المدارس الثانوية العادية.
وفي العصر الفيكتوري تم إعادة تنظيم مدارس« غرامر» في إنجلترا وويلز، بينما طورت اسكوتلندا نظام التعليم الخاص بها. وفي الستينيات بدأ التحول نحو المدارس الشاملة، بينما اختارت بعض مدارس «غرامر» التحول إلى مدارس خاصة مستقلة بالمصاريف. واندمجت مدارس أخرى مع المدارس الشاملة ودخلت ضمن نظام التعليم الحكومي العام.
وتعتبر مدارس «غرامر» من أعلى مستويات التعليم الثانوي، وهي المدارس الوحيدة التي كانت تتيح لتلاميذها فرصة لقضاء فصل دراسي إضافي من أجل الاستعداد لاختبارات الدخول الصعبة لجامعتي أكسفورد وكمبردج.
وفي الآونة الأخيرة، تحول بعض مدارس «غرامر» إلى أكاديميات من أجل الحفاظ على الاستقلال من سلطات المجالس المحلية. ولا يوجد حاليا إلا 164 مدرسة «غرامر» خاصة مجانية في إنجلترا و69 في آيرلندا الشمالية، وهي توجد في مناطق معظمها في شرق إنجلترا.
وتعترض بعض الإدارات التعليمية على الميزانية الجديدة على اعتبار أن المدارس الحالية تعاني في عمومها نقص الموارد وأزمة في التمويل. وهناك تهديدات بخفض الأسبوع الدراسي إلى أربعة أيام، بينما اعترف مكتب المحاسبة الوطني بوجود فجوة تمويل بنسبة 8 في المائة في ميزانية التعليم من الآن وحتى عام 2020.



«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».