الصين تتنصل من ممارسة «التمييز التجاري» بحق شركات أجنبية

رفضت اتهامات الاتحاد الأوروبي وأكدت أن دور الحكومة «إرشادي»

صيني أثناء عمله في أحد مصانع الأحذية في مدينة جينجيانغ بمقاطعة فوجيان (أ.ف.ب)
صيني أثناء عمله في أحد مصانع الأحذية في مدينة جينجيانغ بمقاطعة فوجيان (أ.ف.ب)
TT

الصين تتنصل من ممارسة «التمييز التجاري» بحق شركات أجنبية

صيني أثناء عمله في أحد مصانع الأحذية في مدينة جينجيانغ بمقاطعة فوجيان (أ.ف.ب)
صيني أثناء عمله في أحد مصانع الأحذية في مدينة جينجيانغ بمقاطعة فوجيان (أ.ف.ب)

رفضت الصين، أمس السبت، تقريرا أصدره الاتحاد الأوروبي يشتكي من أن سياسات الصين الصناعية الجديدة «تمييزية» تجاه الشركات الأجنبية. وأكد وزير الصناعة، مياو وي، على هامش اللجنة السنوية كاملة النصاب للمؤتمر الشعبي الوطني في بكين، أن «الاستراتيجية (الجديدة) وسياساتها ذات الصلة، قابلة للتطبيق على جميع الشركات في الصين، سواء كانت محلية أو أجنبية»، مشددا أنه في حين تلعب السوق «دورا حاسما» في الاقتصاد، يكون للحكومة «دور إرشادي»، وهذه «ممارسة دولية».
وجاء في دراسة أجرتها غرفة التجارة التابعة للاتحاد الأوروبي في الصين، ونشرت الأسبوع الماضي، أن الدعم الحكومي الصيني الهائل للشركات المحلية في ظل خطة «صنع في الصين 2025» تعرقل قوى السوق.
كما أن التقرير اشتكى من أن الشركات الأوروبية تتعرض لضغط متزايد لحملها على نقل تكنولوجيتها إلى الشركاء الصينيين مقابل دخول السوق، مشيرا إلى تطوير السيارات الكهربائية كمثال على ذلك.
وقالت الدراسة إن خطة «صنع في الصين 2025» قدمت المليارات كمساعدات للشركات الصينية، وهو ما أدى - كما حدث في الماضي مع الصلب والخلايا الشمسية - إلى زيادة الفائض وإلى توترات جديدة مع الشركات التجارية.
وأعلن المصرف المركزي الصيني في وقت سابق الأسبوع الماضي، أن اليوان وبعد تراجعه القوي إزاء الدولار سيظل «مستقرا نسبيا» هذا العام، رافضا اتهامات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتعمد تخفيض قيمة العملة الوطنية.
وبعد أن خسر اليوان 7 في المائة من قيمته إزاء الدولار في 2016، اتهم ترمب بكين بخفض قيمة عملتها «عمدا» لدعم صادراتها، وهدد بفرض رسوم عالية على منتجاتها.
وفي ظهور علني نادر، شدد حاكم المصرف المركزي الصيني تشو خياوتشوان على دحض هذه الاتهامات، وقال تشو في مؤتمر صحافي، إن «تقلب سعر اليوان في 2016 مرده استثمارات الصين المكثفة في الخارج، بالإضافة إلى الغموض المرتبط بالانتخابات الأميركية (آنذاك)»، وأضاف: «لكن أحدا لا يمكنه توقع بالتحديد ما العوامل أو الأحداث» التي ستؤثر على اليوان.
وفي الواقع، ساهم الهروب الكثيف لرؤوس الأموال من الصين نتيجة خوف المستثمرين من تباطؤ الاقتصاد، وبحثا عن مجالات أخرى أكثر ربحية، إلى حد كبير في تراجع اليوان رغم القيود التي فرضتها السلطات لوقف هذا التوجه.
وعمل المصرف المركزي على تشديد السياسة النقدية ورفع معدلات الفائدة على القروض قصيرة الأمد للمرة الأولى منذ عام 2013، بعدما أثارت الفورة في الاقتراض العام الماضي من أجل دعم النمو مخاوف من ازدياد المخاطر المالية. وشدد تشو على أن السياسة النقدية ستظل حيادية، مشيرا إلى مخاطر بأن يؤدي التساهل المفرط إلى فورة مالية.
وتوقع محافظ البنك المركزي الصيني أن يكون سعر صرف اليوان مستقرا «نسبيا» هذا العام، في ظل تنامي الثقة الدولية في نمو الاقتصاد الصيني. وخلال مؤتمر صحافي على هامش الاجتماع السنوي للبرلمان الصيني، قال محافظ البنك إن بنك الشعب الصيني لن يطبق أي تغييرات رئيسية في سياساته هذا العام. وأضاف: «نعتقد أن سعر صرف اليوان الصيني سيمضي في اتجاه مستقر بشكل تلقائي هذا العام، في ظل استقرار وسلامة الاقتصاد الصيني نسبيا، والإصلاح الهيكلي الذي حقق أهدافه على صعيد الإمدادات، ومع الثقة الدولية في تحسن الاقتصاد الصيني». وأكد أن تذبذب سعر الصرف هو مسألة طبيعية تحت تأثير تقلبات الاقتصاد العالمي.
وشددت الصين في الشهور الأخيرة الضوابط بشأن حركة رأس المال خارج البلاد، في إطار جهود إنعاش اليوان والحيلولة دون انخفاض احتياطيات العملة الصعبة لديها.
وأنفقت الصين العام الماضي 320 مليار يوان من احتياطيات العملة الصعبة لديها، من أجل الحفاظ على استقرار اليوان الذي انخفضت قيمته، رغم ذلك، بنسبة 6.5 في المائة مقارنة بالعام الأسبق. في حين خفضت الصين معدل النمو الاقتصادي المستهدف للعام الحالي، في الوقت الذي تعتزم فيه الحكومة خفض معدلات نمو الديون وتعزيز الاستقرار المالي.
وقال رئيس الوزراء الصيني لي كيشيانج، أمام مؤتمر الشعب القومي (البرلمان الصيني)، إن الحكومة تستهدف تحقيق نمو اقتصادي بمعدل 6.5 في المائة تقريبا خلال العام الحالي. كانت الصين قد حققت نموا اقتصاديا بمعدل 6.7 في المائة خلال العام الماضي، وهو ما جاء متفقا مع المستهدف الحكومي الذي كان يتراوح بين 6.5 في المائة و7 في المائة، من إجمالي الناتج المحلي.
ويأتي ذلك فيما تتباطأ وتيرة نمو الاقتصاد الصيني باطراد، في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة تحويل النمو من الاعتماد على التصدير إلى الاعتماد على الاستهلاك المحلي.
وقال لي كيشيانج، إن «معدل النمو المستهدف للعام الحالي يتفق مع هدف خلق مجتمع مزدهر بطريقة معتدلة»، وبحسب التقرير المقدم إلى الاجتماع السنوي للبرلمان الصيني، فإن الحكومة تستهدف معدل تضخم قدره 3 في المائة تقريبا خلال العام الحالي، وهو نفس معدل التضخم في العام الماضي. كما تستهدف الصين توفير أكثر من 11 مليون وظيفة جديدة خلال العام الحالي.
وأشار تقرير العمل المقدم إلى البرلمان، إلى اعتزام الحكومة مواصلة جهود خفض فوائض الطاقة الإنتاجية في القطاع الصناعي وتقليل المعروض في سوق العقارات، وتقليص المديونيات في القطاع المصرفي.
وقال «لي»، إن الحكومة ستقوم بإصلاحات في المجالات الأساسية لمواجهة المخاطر ذات الصلة بالديون المتعثرة والسندات المشكوك في تحصيلها، والنظام المصرفي الموازي (غير الرسمي) والخدمات المالية عبر الإنترنت. وأضاف رئيس الوزراء أنه سيتم تحرير سعر صرف العملة الصينية اليوان بصورة أكبر.



«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
TT

«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)

يعقد «بنك اليابان» آخر اجتماع له بشأن سياسته النقدية لهذا العام الأسبوع الجاري، ليأخذ قراراً بشأن أسعار الفائدة وذلك بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي المتوقع بخفض الفائدة.

فما الذي يمكن توقعه ولماذا يعتبر قرار «بنك اليابان» بشأن الفائدة ذا أهمية خاصة؟

في مارس (آذار) الماضي، أنهى «بنك اليابان» مسار أسعار الفائدة السلبية، ثم رفع هدف الفائدة القصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو (تموز)، مشيراً إلى استعداده لرفع الفائدة مرة أخرى إذا تحركت الأجور والأسعار بما يتماشى مع التوقعات.

وثمة قناعة متزايدة داخل «بنك اليابان» بأن الظروف باتت مؤاتية لرفع الفائدة إلى 0.5 في المائة. فالاقتصاد الياباني يتوسع بشكل معتدل، والأجور في ارتفاع مستمر، والتضخم لا يزال يتجاوز هدف البنك البالغ 2 في المائة منذ أكثر من عامين.

ومع ذلك، يبدو أن صانعي السياسة في البنك ليسوا في عجلة من أمرهم لاتخاذ هذه الخطوة، نظراً لتعافي الين الذي ساهم في تخفيف الضغوط التضخمية، بالإضافة إلى الشكوك المتعلقة بسياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي قد تؤثر على الرؤية الاقتصادية المستقبلية، وفق «رويترز».

وسيكون القرار بشأن رفع الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) أو تأجيله إلى اجتماع آخر في 23-24 يناير (كانون الثاني) صعباً، حيث سيعتمد ذلك على مدى اقتناع أعضاء المجلس بأن اليابان ستتمكن من تحقيق هدف التضخم بشكل مستدام.

ناطحات السحاب والمباني المزدحمة في طوكيو (أ.ب)

ماذا قال صانعو السياسة في «بنك اليابان» حتى الآن؟

يحافظ صانعو السياسة في «بنك اليابان» على غموض توقيت رفع الفائدة المقبل. وفي مقابلة إعلامية حديثة، قال الحاكم كازو أويدا إن رفع الفائدة المقبل قريب، ولكنه لم يوضح بشكل قاطع ما إذا كان ذلك سيحدث في ديسمبر.

إلا أن المفاجأة جاءت من عضو مجلس الإدارة تويواكي ناكامورا، الذي أشار إلى أنه ليس ضد رفع الفائدة، لكنه شدد في المقابل على ضرورة أن يعتمد القرار على البيانات الاقتصادية المتاحة.

وبينما يركز «بنك اليابان» على رفع الفائدة بحلول مارس المقبل، تشير التصريحات غير الحاسمة إلى أن البنك يترك لنفسه حرية تحديد التوقيت المناسب لهذه الخطوة.

متى تتوقع الأسواق والمحللون رفع أسعار الفائدة التالي؟

أكثر من نصف الاقتصاديين الذين تم استطلاعهم من قبل «رويترز» الشهر الماضي يتوقعون أن يقوم «بنك اليابان» برفع أسعار الفائدة في ديسمبر. كما يتوقع حوالي 90 في المائة من المحللين أن يرفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة إلى 0.5 في المائة بحلول نهاية مارس 2024.

في المقابل، تقوم السوق بتسعير احتمال رفع الفائدة في ديسمبر بحوالي 30 في المائة فقط.

كيف يمكن أن تتفاعل السوق؟

سيأتي قرار «بنك اليابان» بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي»، الذي من المتوقع أن يقوم بتخفيض أسعار الفائدة. وقد يؤدي هذا التباين في التوجهات بين المصرفين المركزيين إلى تقلبات في قيمة الين وعوائد السندات.

ومن المحتمل أن يؤدي رفع الفائدة من قبل «بنك اليابان» إلى تعزيز قيمة الين. أما إذا قرر البنك إبقاء الفائدة كما هي، فقد يؤدي ذلك إلى ضعف الين، على الرغم من أن الانخفاض قد يكون محدوداً إذا قامت السوق بتسعير احتمالية رفع الفائدة في يناير بسرعة.

ما الذي يجب أن تراقبه السوق أيضاً؟

بغض النظر عن قرار «بنك اليابان» بشأن رفع الفائدة أو تثبيتها، من المتوقع أن يقدم محافظ البنك أويدا إشارات بشأن المسار المستقبلي لأسعار الفائدة ويحدد العوامل التي قد تحفز اتخاذ هذه الخطوة في مؤتمره الصحافي بعد الاجتماع.

وإذا قرر «بنك اليابان» الإبقاء على الفائدة ثابتة، فقد يتجنب أويدا تقديم إشارات حادة لتفادي حدوث انخفاضات غير مرغوب فيها في قيمة الين، مع توضيح العوامل الرئيسية التي سيركز عليها في تقييم توقيت رفع الفائدة.

من ناحية أخرى، إذا قرر «بنك اليابان» رفع الفائدة، قد يتبنى أويدا موقفاً متساهلاً لتطمين الأسواق بأن البنك لن يتبع سياسة رفع الفائدة بشكل آلي، بل سيتخذ قراراته بحذر بناءً على الوضع الاقتصادي.

إضافة إلى قرار الفائدة، سيصدر «بنك اليابان» تقريراً حول إيجابيات وسلبيات أدوات التيسير النقدي غير التقليدية التي استخدمها في معركته المستمرة منذ 25 عاماً ضد الانكماش، وهو ما يمثل خطوة رمزية نحو إنهاء التحفيز الضخم الذي تبناه البنك.

محافظ «بنك اليابان» في مؤتمر صحافي عقب اجتماع السياسة النقدية في أكتوبر الماضي (رويترز)

ومن المتوقع أن يستخلص هذا التقرير أن تخفيضات أسعار الفائدة تظل أداة أكثر فعالية لمكافحة الركود الاقتصادي مقارنة بالتدابير غير التقليدية مثل برنامج شراء الأصول الضخم الذي نفذه المحافظ السابق هاروهيكو كورودا.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

إذا رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة، فمن المحتمل أن يبقى على نفس السياسة النقدية حتى أبريل (نيسان) على الأقل، عندما ينشر التوقعات الفصلية الجديدة التي تمتد حتى السنة المالية 2027 لأول مرة.

أما إذا قرر البنك الإبقاء على الفائدة ثابتة، فإن انتباه الأسواق سيتحول إلى البيانات والأحداث الهامة التي ستسبق اجتماع يناير، مثل خطاب أويدا أمام اتحاد رجال الأعمال «كيدانرين» في 25 ديسمبر، وظهور نائب المحافظ ريوزو هيمينو في 14 يناير.

ومن المرجح أن يقدم تقرير «بنك اليابان» ربع السنوي عن الاقتصادات الإقليمية، الذي سيصدر قبل اجتماع 23-24 يناير، مزيداً من الوضوح لأعضاء مجلس الإدارة بشأن ما إذا كانت زيادات الأجور قد انتشرت على نطاق واسع في أنحاء البلاد.