البرلمان المصري يواجه {مشايخ الفضائيات} وانفلات الفتاوى بحزمة قوانين

غرامة 100 ألف جنيه عقوبة الظهور في القنوات... وتحديد مصادر الفتوى

اندونيسية تؤدي الصلاة مع أخريات في جامع الأزهر بالقاهرة (أ.ب)
اندونيسية تؤدي الصلاة مع أخريات في جامع الأزهر بالقاهرة (أ.ب)
TT

البرلمان المصري يواجه {مشايخ الفضائيات} وانفلات الفتاوى بحزمة قوانين

اندونيسية تؤدي الصلاة مع أخريات في جامع الأزهر بالقاهرة (أ.ب)
اندونيسية تؤدي الصلاة مع أخريات في جامع الأزهر بالقاهرة (أ.ب)

في محاولة لضبط انفلات الفتاوى التي تجتاح وسائل الإعلام المصرية، يستعد مجلس النواب (البرلمان) لمواجهة مشايخ الفضائيات بإصدار حزمة قوانين. وقالت مصادر برلمانية إن «مجلس النواب يناقش حاليا 3 قوانين لضبط المشهد الإفتائي»، مضيفة أن «هذه القوانين منها ما يحدد المصادر المصرح لها بإصدار الفتوى، فضلا عن إقرار عقوبة الحبس والغرامة المالية التي تقدر بنحو 100 ألف جنيه لمن يظهر في الفضائيات دون تصريح».
وتعاني مصر من ظاهرة الفتاوى العشوائية، بعد أن كثر المفتون في الفضائيات ووسائل الإعلام‏.‏ ولم تعد البرامج الدينية و«التوك شو» وقفا على الحديث في أمور السياسة والعبادات والأخلاق؛ بل تصدى دخلاء ممن لا تتوافر فيهم شروط الفتوى، إلى القضايا الكبرى والفتاوى المصيرية.
القوانين الثلاثة التي تقدم بها أعضاء في اللجنة الدينية بالبرلمان، هي مشروع قانون لتنظيم العمل داخل دار الإفتاء المصرية، والثاني لتنظيم الفتوى العامة، والثالث لتحجيم الظهور في الفضائيات دون ترخيص.
وعن قانون تنظيم العمل داخل دار الإفتاء المصرية، قال الدكتور أسامة العبد رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، مقدم القانون، إن «القانون الجديد الذي يقوم بإعداده في الوقت الحالي يعمل على كل الأمور التي تتعلق بدار الإفتاء وشؤونها الداخلية». مضيفا أن القانون الذي يعده يشمل كل ما يخص الإفتاء كمؤسسة دينية... وأنه جمع توقيعات 30 نائبا حتى الآن للموافقة عليه... ومن المقرر طرحه للنقاش هذا الأسبوع.
وقالت مصادر برلمانية إن «القانون الجديد سيخدم مؤسسة الإفتاء، وسوف يلقى ترحيبا من الجميع في البرلمان». بينما يرى مراقبون أن «هناك تخوفات من تعدي البرلمان على اختصاصات دار الإفتاء المصرية»... وتعد الدار هي المنوط بها بيان الحكم الشرعي في كل ما يستجد في حياة المصريين.
لكن المصادر البرلمانية قالت إن «القوانين الذي يتم إعدادها داخل البرلمان؛ سواء تنظيم الفتوى وإصدارها، أو قانون تنظيم عمل دار الإفتاء ككل، هي قوانين تخدم الصالح العام، والمؤسسات الدينية بشكل عام».
في ذات السياق، يناقش الآن مشروع آخر تقدم به النائب عمر حمروش أمين سر اللجنة الدينية بالبرلمان عن تنظيم الفتوى العامة في مصر، وتنص بنوده على «حظر التصدي للفتوى؛ إلا إذا كانت صادرة من هيئة كبار العلماء بالأزهر، ودار الإفتاء المصرية، وأن أي شخص سوف يفتي من غير هاتين الجهتين سوف يقع تحت طائلة القانون، وذلك بهدف القضاء على تفشي ظاهرة قيام أشخاص بإصدار بعض الفتاوى الشاذة أو المتطرفة والتصريحات الشاذة التي انتشرت في المجتمع وتسببت في ضجة إعلامية».
وقال حمروش عن القانون الذي أعده، إن «هناك عدة أسباب تقود لانتشار مثل هذه الفتاوى المثيرة، ومن هذه الأسباب أنها تصدر من شخص غير مؤهل وليس لديه قدرة على فهم النصوص، واستنباط الأحكام من الشريعة الإسلامية، كما أن هناك من يتعمد استغلال السرعة التي تتم بها عملية إطلاق الفتاوى الفضائية للسؤال عن قضايا عديمة الجدوى لتحقيق أغراض سيئة، بحيث تثار الإجابات على هذه الأسئلة بوصفها فتوى دينية إسلامية، سعيا إلى تشويه سماحة الدين الإسلامي، ومن هنا تأتي أهمية تحجيم هذا النوع من الفتاوى.
وكانت دار الإفتاء المصرية قد طالبت لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب بتأجيل مناقشة مشروع قانون تنظيم الفتوى العامة، لدراسته ومقارنته باللوائح الداخلية للدار، حتى لا يحدث تضارب، ويكون هناك مشروع قانون متكامل ومتوازن.
أما المشروع الثالث، فقد تقدم به النائب محمد شعبان عضو اللجنة الدينية بالبرلمان، والذي طالب فيه بفرض عقوبات على من يظهر على الفضائيات دون ترخيص من الجهات المختصة تسمح له بذلك... وحدد القانون عقوبات مالية على القناة الفضائية التي تستضيف من لا يملك رخصة بغرامة تبدأ من 50 ألف جنيه وتصل إلى 100 ألف، فضلا عن عقوبات على الشخص نفسه.
وقال مقدم المشروع إن هذا التشريع يكتسب أهمية خاصة الآن لأنه لا يوجد قانون يجرم الظهور الإعلامي لغير المتخصصين، ولا يمنع أي إعلامي أو شخصية من التحدث في قضايا دينية، مما خلق فوضى وجدلا، لافتا إلى أن وجود تشريع منظم للإعلام الديني يمثل أهمية كبرى في ظل حالات الجدل والفوضى والخطاب الديني المتشدد، الذي نعاني منه حاليا وهو ما يسبب بلبلة لدى المواطنين.
في غضون ذلك، يُعقد في أحد فنادق القاهرة اليوم (السبت) المؤتمر الدولي السابع والعشرين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف، تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبحضور وفود دول عربية وإسلامية، بعنوان «دور القادة وصانعي القرار في نشر ثقافة السلام ومواجهة الإرهاب والتحديات». وقال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري إن «المؤتمر يتناول محاور التحديات المعاصرة وسبل المواجهة، ومنها تحديات الإرهاب والتطرف في الفكر والإلحاد، وهدم الثوابت والصراع السياسي والحضاري... ويشمل دور القادة في نشر السلام بين الشعوب ومواجهة الإرهاب والتحديات، والمنظمات الدولية ودورها في نشر ثقافة السلام، ودور الأحزاب السياسية في تثقيف الشباب وتوعيتهم لمواجهة التحديات». مضيفا: «كما يشمل المؤتمر دور البرلمانات في إصدار التشريعات في مواجهة التطرف والإرهاب، والدور المجتمعي للبرلمانيين في نشر ثقافة السلام، ودور الأكاديميين في نشر ثقافة السلام ومواجهة الإرهاب، والخطاب الإعلامي وأثره في نشر ثقافة السلام ومواجهة الإرهاب».



​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

كشف مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» عن جهود عربية - أميركية جديدة لدفع جهود التهدئة في السودان. وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة، على التنسيق على أمل حلحلة الأزمة السودانية».

وأفاد المصدر المصري بأن «اجتماعاً ضم مسؤولين من الدول الأربع، استضافته السعودية نهاية الأسبوع الماضي، ناقش دفع الجهود المشتركة؛ لتحقيق انفراجة بالأزمة».

وسبق أن شاركت الدول الأربع في اجتماعات «جنيف»، التي دعت لها واشنطن لإنهاء الحرب بالسودان، منتصف أغسطس (آب) الماضي، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، غير أنها لم تحقق تقدماً، في ظل مقاطعة الحكومة السودانية المحادثات.

غير أن المصدر المصري، قال إن «اجتماع السعودية، الذي عقد يومي الخميس والجمعة الماضيين (ليس امتداداً لمبادرة جنيف)، وإن الآلية الرباعية الحالية هي للدول صاحبة التأثير في المشهد السوداني، وتستهدف دفع الحلول السلمية للأزمة». ورجح المصدر «انعقاد اجتماعات أخرى؛ لدفع جهود الدول الأربع، نحو وقف الحرب، وإيصال المساعدات الإغاثية للمتضررين منها».

صورة جماعية بختام اجتماعات جنيف حول السودان في أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «ما يفوق 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وعقب اندلاع الحرب، استضافت مدينة جدة العام الماضي، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، أفضت إلى توقيع «إعلان جدة الإنساني»، الذي نصّ على حماية المدنيين، والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية. وتتمسك الحكومة السودانية بتنفيذ مخرجات «اتفاق جدة»، قبل الانخراط في أي مفاوضات مباشرة مع «قوات الدعم السريع».

توحيد الجهود

وترى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة منى عمر، أن «توحيد جهود الأطراف الدولية الفاعلة في الأزمة السودانية، سيسهم في تحريك حلول وقف إطلاق النار»، موضحة: «أدى تضارب الرؤى والمسارات الدولية، بسبب كثرة المبادرات والتدخلات التي خرجت من دول أفريقية وإقليمية ودولية، إلى إضعاف أي تحركات لوقف الحرب السودانية».

وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «التنسيق الرباعي بين مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة، سيسهم في دفع جهود إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب على الأقل بصورة أكثر فاعلية»، مشيرة إلى أن «هناك مناطق مثل الفاشر في دارفور وولاية الجزيرة، تعاني من أوضاع إنسانية مأساوية».

ودعت إلى ضرورة تركيز تحرك الرباعي الدولي على «جهود وقف إطلاق النار، وأعمال الإغاثة، وصياغة خريطة طريق سياسية، تنهي الأزمة السودانية».

سودانيون يتلقون العلاج في مستشفى ميداني أقيم بمدينة أدري التشادية المحاذية للحدود مع السودان أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

ويواجه السودان «واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية حالياً»، حسب تقديرات الأمم المتحدة، وأشار مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، إلى أن «أكثر من نصف سكان السودان، يواجه خطر المجاعة والكوارث الطبيعية، مما يؤدي لانتشار الأوبئة»، وخلال زيارته لمدينة بورتسودان، في سبتمبر (أيلول) الماضي، شدّد على أن «الأزمة الإنسانية بالسودان، لا تجد اهتماماً كافياً دولياً».

دول مؤثرة

وباعتقاد الباحث السياسي السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، فإن «تشكيل رباعية من الدول صاحبة التأثير في الساحة السودانية، قد يحرك مسار الحلول السلمية، وتفعيل مسار جدة»، مشيراً إلى أن «توحيد جهود هذه الأطراف، سيسهم في تغيير مسار الأزمة السودانية»، منوهاً بأن «الدول الأربع تؤيد العودة لمسار جدة».

ورجح خليل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مشاركة الحكومة السودانية في مسار مفاوضات «الآلية الرباعية حال العودة إلى مسار جدة، ولن تقاطعه كما فعلت في مبادرة جنيف».

وأشار إلى أن «فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، قد يغير من معادلة التأثير الدولي في الحرب داخل السودان».

وكان السفير السوداني في القاهرة عماد الدين عدوي، شدّد على «تمسك بلاده بمسار جدة، بوصفه آلية للتفاوض لوقف الحرب»، وقال في ندوة استضافتها نقابة الصحافيين المصرية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده ترفض المشاركة في أي مبادرة أفريقية، إلا بعد عودة عضوية السودان للاتحاد الأفريقي».