{حماس} تتجه لإعلان إدارة جديدة لحكم غزة

كتلتها البرلمانية تناقش آليات عملها... و«فتح» ترد: انفصال تام

فتى فلسطيني يحاول إعادة قذف قنبلة مسيلة للدموع أطلقها جندي اسرائيلي إثر مواجهات عند مستوطنة قرب مدينة نابلس امس (إ ب أ)
فتى فلسطيني يحاول إعادة قذف قنبلة مسيلة للدموع أطلقها جندي اسرائيلي إثر مواجهات عند مستوطنة قرب مدينة نابلس امس (إ ب أ)
TT

{حماس} تتجه لإعلان إدارة جديدة لحكم غزة

فتى فلسطيني يحاول إعادة قذف قنبلة مسيلة للدموع أطلقها جندي اسرائيلي إثر مواجهات عند مستوطنة قرب مدينة نابلس امس (إ ب أ)
فتى فلسطيني يحاول إعادة قذف قنبلة مسيلة للدموع أطلقها جندي اسرائيلي إثر مواجهات عند مستوطنة قرب مدينة نابلس امس (إ ب أ)

قالت مصادر فلسطينية مطلعة في غزة لـ«الشرق الأوسط»، إن حركة حماس تتجه إلى تحويل حكومة الظل في غزة إلى إدارة رسمية، عبر إنشاء إدارة حكومية. وأثارت تصريحات مسؤولين في كتلة التغيير والإصلاح البرلمانية لحركة حماس في المجلس التشريعي حول دراسته طريقة وصياغة جديدة لإدارة قطاع غزة، حفيظة حركة فتح التي اتهمت الحركة الإسلامية بأنها تعمل على تعزيز الانقسام والانفصال.
وتجري الكتلة البرلمانية لحماس منذ انتخاب القيادي محمود الزهار رئيسا لها في السادس والعشرين من فبراير (شباط) الماضي، مناقشات واسعة لإقرار الكثير من القوانين والقضايا المتعلقة بإدارة قطاع غزة. وتأتي هذه المداولات على الرغم من السيطرة الفعلية لحركة حماس وبسط سيادتها على جميع الوزارات والمراكز الأمنية وإدارتها للأوضاع في قطاع غزة حتى مع إعلان تشكيل حكومة الوفاق في يونيو (حزيران) 2014؛ ما يشير إلى أن لدى الحركة نوايا أخرى قد تهدف إلى جعل تلك السيطرة الإدارية والميدانية، حكومية علنية رسمية.
وقالت مصادر في حماس لـ«الشرق الأوسط»، إن كتلة التغيير والإصلاح ناقشت الأربعاء الماضي إمكانية إيجاد صيغة إدارية تتلاءم مع الواقع في غزة «لتحسين الواقع الحكومي» بعد أن وجهت اتهاما لحكومة الوفاق الوطني، التي تم تشكيلها عقب إعلان الشاطئ، بالتخلي عن مسؤولياتها والقيام بالمهام التي أوكلت إليها والمتمثلة في دمج المؤسسات الحكومية وحل أزمة الموظفين، وإجراء انتخابات عامة وإنهاء ملفات الإعمار والحصار.
وقال صلاح البردويل، القيادي في حركة حماس لصحيفة «الرسالة» المقربة من الحركة، إن المجلس التشريعي يعتبر المرجعية القانونية لعمل وكلاء الوزراء في القطاع، مشيرا إلى أن الصيغة التي يجري الإعداد لها سيتم اعتمادها سريعا في أقل من شهر، وسيلمسها المواطن من خلال إجراءات ستتخذ على الأرض.
وأضاف «هذه الخطوة جاءت عقب نكوص حكومة الحمدالله عن القيام بدورها في قطاع غزة، وعليه فإن التشريعي مصرّ على إيجاد صيغة قانونية تحمي وكلاء الوزارات قانونيا، وتقدم لهم الدعم الفني الذي يفترض أن تقدمه الحكومة في رام الله، التي ترفض القيام بدورها، وتقطع التواصل معهم».
وأشار البردويل إلى أنه لم يجر تحديد أشخاص محددين لإدارة هذا الملف حتى اللحظة. في حين تشير مصادر مطلعة إلى أن القيادي في الحركة فتحي حماد قد يصبح مسؤولا عن هذا الملف.
ويبدو أن الكتلة البرلمانية لحماس في عهدها الجديد، تحت قيادة الزهار قد تأخذ بالتوصية التي كانت دعت إليها في الثالث عشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعودة حكومة إسماعيل هنية التي كانت تعمل قبيل حكومة الوفاق لأداء مهامها.
وأقرت الكتلة يوم الأربعاء الماضي مشروعا معدلا لقانون السلطة القضائية، ومشروع قانون حظر التعدي على الأراضي الحكومية بالقراءة الأولى.
وقال النائب عن حماس محمد فرج الغول، رئيس اللجنة القانونية للمجلس التشريعي، إن المجلس أقرّ قانون السلطة القضائية بالقراءة الأولى، لتعذر قيام رئيس السلطة وشغور منصبه لانتهاء ولايته؛ ما أثر سلبا على أداء السلطة القضائية.
وأضاف في تصريح أصدره المكتب الإعلامي للمجلس حينها «نتيجة للتطور والزيادة في عدد السكان خلال السنوات العشر الماضية فإنا في حاجة إلى تعيين قضاة جدد وفقا للقانون، وبناء عليه كان لا بد من تعديل قانوني منعا لتغول مغتصبي الرئاسة والسلطة من التدخل في القضاء وإجراء تعيينات خارجة عن القانون الأساسي ومكونات السلطة القضائية والقوانين ذات الصلة».
وتابع: «ونظرا لمكانة القضاة وأهميتهم كان لا بد من تحصين هذه التعيينات لتكون تحت نظر ممثلي الشعب الفلسطيني، منعا للتعيينات المزاجية والحزبية التي يمارسها أصحاب الأهواء والنظرات الحزبية الضيقة، وحتى يتم التأكد من تعيين الأكفأ والأصلح للمجتمع الفلسطيني».
وهذا التحرك دليل قوي على توجه حماس نحو عزل الحكومة الفلسطينية التي يرأسها الحمدالله، ورفضت أي إجراءات لحماس فيما يخص المواقع الحكومية وعدتها غير شرعية.
ولا تعترف كتلة فتح أو الكتل الأخرى بجلسات حماس البرلمانية في غزة، وتقول إنها غير قانونية.
وقالت حركة فتح ردا على تصريحات المسؤولين في حركة حماس حول إيجاد صيغة وطريقة جديدة لإدارة العمل الحكومي بغزة، واتهامها حكومة الوفاق الوطني بالتقصير، بأن هذه التصريحات تعزز الانقسام وتمهد للانفصال التام، وهي مجافية للواقع والحقيقة ومرفوضة تماما.
وقال أسامة القواسمي، المتحدث باسم فتح «هذه الأفكار لا تخدم إلا مخططات الفكر الصهيوني ودولة الاحتلال، التي تسعى جاهدة إلى تكريس الانقسام وجعله انفصالا؛ تمهيدا لإقامة دولة فلسطين في غزة، والسيطرة الكاملة على الضفة الفلسطينية».
وأضاف في بيان صحافي «إن قادة حماس يدركون جيدا أنهم هم من عطلوا عمل الحكومة في غزة، ورغم ذلك قامت بواجبها وعملت ما تستطيع لتخفيف المعاناة عن أهلنا وشعبنا في القطاع الحبيب».
وأضاف «المطلوب من حماس تمكين حكومة الوفاق الوطني بشكل كامل في غزة، والموافقة على تشكيل حكومة وحدة وطنية، والذهاب لانتخابات تشريعية ورئاسية، وإنهاء حالة الانقسام والشرذمة، بدل الركض وراء السراب والبحث عن مشروعات تعزز الانقسام»، مؤكدا أن موقف حركة فتح ثابت وراسخ في اعتبار الوحدة الوطنية أساسا للعبور للدولة.
وقال القواسمي، إن حركة فتح تنظر بخطورة بالغة للتصريحات المتتالية الصادرة عن قادة حماس في الآونة الأخيرة، وما تحمل من أفكار انفصالية، والتي لم يكن آخرها إنشاء فيدرالية بين غزة والضفة، أو أفكار ومخططات لإدارة العمل الحكومي في غزة. كما قال.
ودعا حماس إلى «التوقف الفوري عن هذه التصريحات، وتحمل المسؤولية الوطنية في ظل المخاطر المحدقة بقضيتنا وشعبنا، وتغليب المصالح العليا لشعبنا على حساب المصالح الحزبية». كما قال.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.