مسلحون يقتحمون البرلمان الليبي خلال جلسة لاختيار رئيس جديد للحكومة

أنباء عن ضلوع أنصار مرشح خاسر في الاعتداء.. وقتيلان في تفجير انتحاري ببنغازي

جندي ليبي أمام عربة عسكرية مدمرة جراء هجوم انتحاري في بنغازي أمس (رويترز)
جندي ليبي أمام عربة عسكرية مدمرة جراء هجوم انتحاري في بنغازي أمس (رويترز)
TT

مسلحون يقتحمون البرلمان الليبي خلال جلسة لاختيار رئيس جديد للحكومة

جندي ليبي أمام عربة عسكرية مدمرة جراء هجوم انتحاري في بنغازي أمس (رويترز)
جندي ليبي أمام عربة عسكرية مدمرة جراء هجوم انتحاري في بنغازي أمس (رويترز)

اقتحم مسلحون مجهولون مساء أمس البرلمان الليبي خلال جلسته المسائية لاختيار رئيس جديد للحكومة، مما أسفر عن هروب أعضاء البرلمان وإخلاء المبنى وتأجيل جديد لاختيار رئيس للوزراء، وهو الأمر الذي يشهد عراقيل متزايدة منذ أشهر.
وقال عمر حميدان، المتحدث باسم البرلمان، إن «مسلحين اقتحموا مبنى البرلمان (أمس) الثلاثاء، وفتحوا النار.. وهو ما أجبر النواب على التخلي عن تصويت لاختيار رئيس جديد للوزراء»، موضحا أن عدة أشخاص أصيبوا في إطلاق النار، وأن الذين بدأوا الاعتداء هم مسلحون مرتبطون بأحد المرشحين المهزومين في التصويت الأول الذي جرى صباح أمس. ولم يذكر حميدان اسم المرشح.
وعجزت حكومة ليبيا عن السيطرة على الميليشيات المدججة بالسلاح التي ساعدت في الإطاحة بالرئيس السابق معمر القذافي عام 2011، ثم رفضت إلقاء أسلحتها. ويشار إلى أن مقر البرلمان تعرض مرارا للاقتحام وسط حالة الانفلات الأمني التي تعانيها ليبيا بعد الثورة.
وقال حميدان إن النواب كانوا بدأوا التصويت النهائي على خليفة لرئيس الوزراء عبد الله الثني، الذي استقال من منصبه قبل نحو أسبوعين، بعدما قال إن مسلحين هاجموا عائلته. وكان الثني كلف إدارة الحكومة مؤقتا عقب إقالة وفرار رئيس الوزراء السابق علي زيدان.
وفي الاقتراع الأول على رئاسة الحكومة صباح أمس، جاء رجل الأعمال أحمد معيتيق على رأس المرشحين السبعة، بحصوله على 67 صوتا، وكان من المقرر إجراء جولة ثانية بين معيتيق والمرشح الذي حل ثانيا عمر الحاسي، الذي نال 34 صوتا، حين اقتحم المسلحون البرلمان. لكن حميدان قال لـ«الشرق الأوسط» قبل الجلسة المسائية إن «ثمة صعوبات في حصول أي من المرشحين على تأييد 120 عضوا من أعضاء (المؤتمر)، وهو النصاب القانوني الذي تنص عليه لائحة (المؤتمر) التي جرى تغييرها حديثا». وكان من المتوقع، في حال لم ينجح أعضاء «المؤتمر» في حسم خلافاتهم، أن يطلبوا رسميا من الثني الاستمرار في منصبه إلى حين انتخاب مجلس النواب الجديد بعد نحو أربعة أشهر.
ورأى حميدان أن البرلمان والحكومة باتا ضحية ما وصفه بالصراع والتجاذبات بين الإسلاميين والتيار المدني الليبرالي، لافتا إلى أن الإسلاميين الذين تقودهم جماعة الإخوان المسلمين عبر حزب العدالة والبناء ذراعها السياسية، يريدون تغيير حكومة الثني نظرا لانسحاب كل الوزراء المحسوبين على الجماعة من الحكومة.
من جهة أخرى، كانت «كتلة ليبيا» البرلمانية تقدمت بطلب لإقالة رئيس البرلمان نوريى أبو سهمين، وكان مقررا مناقشة الطلب أمس، لكن أعضاء برلمانيين قالوا لـ«الشرق الأوسط» إنهم تلقوا بالفعل رسائل عبر هواتفهم الجوالة من جهات مجهولة باغتيالهم وتصفيتهم جسديا إذا ما صوتوا بالفعل لصالح إقالة أبو سهمين. بينما ترددت أمس معلومات عن طلب للنائب العام في ليبيا لرفع الحصانة عن أبو سهمين تمهيدا لإجراء تحقيقات رسمية معه في القضية التي أثارت جدلا سياسيا وقانونيا كبيرا في الشارع الليبي، وكشفت عن هشاشة الوضع في رأس الدولة الليبية.
في غضون ذلك، شهدت أمس مدينة بنغازي في شرق ليبيا أول تفجير انتحاري من نوعه، حيث تسبب انفجار أمام مقر الكتيبة 21 التابعة للصاعقة في مقتل شخصين تابعين للقوات الخاصة وأضرار جسيمة في البوابة. وأكد العقيد ميلود الزوي، الناطق الرسمي للقوات الخاصة، أن سيارة مفخخة انفجرت أمام البوابة، مما خلف قتيلين وعددا من الجرحى وأضرارا جسيمة بالبوابة وعددا من العربات التابعة للقوات الخاصة، مرجحا أن تكون هذه العملية «انتحارية»، نظرا لوجود أشلاء بمكان الانفجار، نافيا وقوع انفجارين أحدهما استهدف معسكر الصاعقة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.