دي ميستورا أمام مجلس الأمن: «مسارات جنيف» تبحث متوازية

الائتلاف و«الهيئة» يتلقيان دعم «أصدقاء سوريا» ويحذران من عرقلة العملية السياسية

سوريون يعاينون الدمار في أحد منازل كفر نبل بريف إدلب في أعقاب غارة من طيران النظام على البلدة أمس (أ.ف.ب)
سوريون يعاينون الدمار في أحد منازل كفر نبل بريف إدلب في أعقاب غارة من طيران النظام على البلدة أمس (أ.ف.ب)
TT

دي ميستورا أمام مجلس الأمن: «مسارات جنيف» تبحث متوازية

سوريون يعاينون الدمار في أحد منازل كفر نبل بريف إدلب في أعقاب غارة من طيران النظام على البلدة أمس (أ.ف.ب)
سوريون يعاينون الدمار في أحد منازل كفر نبل بريف إدلب في أعقاب غارة من طيران النظام على البلدة أمس (أ.ف.ب)

أكّد المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أن مفاوضات جنيف 5 التي حدّد موعدها في 23 مارس (آذار) الحالي، ستبحث فيما بات يعرف بـ«المسارات الأربعة» بشكل متواز، في وقت تلقى الائتلاف الوطني السوري و«الهيئة العليا للمفاوضات» دعما من قبل دول «أصدقاء سوريا» عبر سفرائها لجهة أدائها في جولة المفاوضات الأخيرة التي وصفوها بـ«الجيدة» آملين أن توصل المفاوضات المقبلة إلى نتائج إيجابية.
وأعلن دي ميستورا عن الموعد خلال تقديم تقرير إلى مجلس الأمن، مساء أول من أمس، حول نتائج الجولة الأخيرة من المحادثات الرامية إلى إنهاء ست سنوات من النزاع. وأوضح المبعوث للصحافيين بعيد الاجتماع أن «نيتي الحالية هي إحضار المدعوين مجددا إلى جنيف من أجل جولة خامسة، بموعد مرتقب في 23 مارس».
وأكّد دي ميستورا لـ«الشرق الأوسط» أن «المواضيع الأربعة التي تم الاتفاق عليها في مفاوضات جنيف الأخيرة، سنناقشها مع الأطراف المعنية بشكل متواز».
وأعطى بعض خيارات التفاوض قائلا: «قد يتم العمل على أربع مسارات في الوقت عينه أو مسار في الصباح وآخر في المساء، أو نعمل على مسارين في اليوم الأول، ومسارين في اليوم الذي يليه دون إعطاء أولوية لموضوع على آخر».
وعن كيفية إدارته لهذه المفاوضات، قال المبعوث الدولي: «يعمل معي فريق عمل محترف جدا يعاونني في هذه المهمة وأنا سأتنقل من غرفة إلى غرفة حيث يتم البحث في القضايا، ويبقى الأهم بالنسبة إلينا هو مصلحة الشعب السوري».
وأوضح أن الجولة الجديدة ستتركز على الحكم، والعملية الدستورية، والانتخابات ومكافحة الإرهاب، وربما يكون هناك نقاشات حول إعادة الإعمار.
وأوضح للصحافيين بعيد الاجتماع أن «نيتي الحالية هي إحضار المدعوين مجددا إلى جنيف من أجل جولة خامسة، بموعد مرتقب في 23 مارس».
وسيعقد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مؤتمرا ببروكسل في الخامس من أبريل (نيسان) حول عملية إعادة الإعمار في سوريا، إلا أن المساعدة لن تبدأ قبل تنفيذ عملية انتقال سياسي.
وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، للصحافيين بعد الاجتماع، إن الإدارة الأميركية الجديدة تدعم عملية السلام السورية وتريد استمرار المحادثات في جنيف. وصرحت هايلي: «الأمر يتعلق بحل سياسي في المرحلة الحالية، وهذا يعني في الأساس أن سوريا لم تعد ملاذا آمنا للإرهابيين». وأضافت: «يجب أن نتأكد من خروج إيران وأتباعها».
وتابعت: «سنواصل مراقبة العملية، لكننا ندعمها ونريد أن نرى حلا من خلالها». وكان دي ميستورا أعلن في ختام الجولة الرابعة من المفاوضات التوصل إلى جدول أعمال «واضح» من أربعة عناوين، هي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب.
وفي حين أكّد نائب رئيس الائتلاف السابق، هشام مروة، أن المعارضة ذاهبة إلى جنيف لبحث «السلة الرباعية» انطلاقا مما انتهت إليه الجولة الأخيرة، حذّر من محاولة النظام، وبعد قبوله البحث في الانتقال السياسي، الالتفاف على هذا الأمر، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أنه «يعمل على التصعيد العسكري ومحاولة تكريس خطة التهجير بعدما سبق لرئيس وفده بشار الجعفري، أن قال إنه إذا لم يكن هناك إجراءات جدية لمكافحة الإرهاب فلا جدوى من البحث في باقي المسارات».
ورغم ذلك، يرى مروة أن «مسار المفاوضات الذي تلقى دعما من المجتمع الدولي يبقى ضروريا لإنهاء الأزمة التي يعاني منها الشعب السوري منذ ست سنوات»، مستبعدا في الوقت عينه «أن تؤدي الجولة المقبلة إلى نتائج إيجابية أو نهائية في غياب الضغوط الدولية على النظام وعدم وضوح الدور أو الخطة الأميركية في هذا الإطار»، مضيفا: «نأمل أن تظهر خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عند الإعلان عنها، معالم الحل على أن نرى خطوات عملية توصل إلى مرحلة الحسم».
وفي إطار البحث في مفاوضات جنيف، الجولة السابقة منها والمقبلة، التقت أمس، الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني برئاسة نائب الرئيس عبد الأحد إسطيفو، ورئيس وفد الهيئة العليا للمفاوضات نصر الحريري، ممثلي دول أصدقاء الشعب السوري في إسطنبول، لبحث مجريات الجولة الأولى من جنيف 4 وتطورات العملية السياسية، بحسب ما جاء في بيان لها.
وتناول الاجتماع «الإحاطة التي تقدم بها ستيفان دي ميستورا أمام مجلس الأمن». وأكد الحريري أن وفد الهيئة العليا «ساهم بجدية في المفاوضات من منطلق الرغبة في تحقيق الانتقال السياسي وفقاً لبيان جنيف1 وقرارات مجلس الأمن، ولإنجاز ملف السلام في سوريا، بما يحقق تطلعات الشعب السوري».
وأوضح الحريري بحسب البيان الصادر عن الائتلاف «عزم الوفد مناقشة تفاصيل عملية الانتقال السياسي والتصدي لجرائم الحرب والإرهاب العابر للحدود وإرهاب الدولة، ووضع دستور جديد للبلاد، والدخول في انتخابات حرة ونزيهة بعد إنجاز الانتقال السياسي وتشكيل الهيئة الحاكمة الانتقالية كاملة الصلاحيات»، مشيراً إلى أن ذلك على عكس سلطة النظام «المتمسكة بالسلطة وتزيد كل يوم من عمليات القتل والجرائم، ولا تريد انتقال السلطة أو نقل البلاد إلى أجواء حرة وديمقراطية».
وحذر الحريري من محاولات النظام «وضع العراقيل أمام العملية السياسية، والبقاء في دوامة من المناقشات قد لا تنتهي»، مطالباً الأمم المتحدة بـ«اتخاذ قرارات محددة من أجل إجبار النظام على الدخول في مفاوضات جادة، وإنهاء محاولاته للتهرب من الاستحقاقات الدولية».
من جهته، أثنى ممثلو أصدقاء الشعب السوري على أداء المعارضة السورية في الجولة الأخيرة من المفاوضات، والإيجابية، والتعاون مع الأمم المتحدة في بحث تطبيق القرارات الدولية، لا سيما القرارين 2118 و2254، وأكدوا دعمهم المستمر والمتواصل لكفاح الشعب السوري من أجل نيل حريته وكرامته، والوصول إلى دولة ديمقراطية تحفظ حقوق جميع أفرادها ومكوناتها.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.