زعيم «القاعدة» في اليمن: واشنطن رفضت مبادلة عمر عبد الرحمن

قاسم الريمي زعيم «قاعدة اليمن» («الشرق الأوسط»)
قاسم الريمي زعيم «قاعدة اليمن» («الشرق الأوسط»)
TT

زعيم «القاعدة» في اليمن: واشنطن رفضت مبادلة عمر عبد الرحمن

قاسم الريمي زعيم «قاعدة اليمن» («الشرق الأوسط»)
قاسم الريمي زعيم «قاعدة اليمن» («الشرق الأوسط»)

أكد زعيم تنظيم «قاعدة الجهاد في شبه جزيرة العرب» قاسم الريمي، أن واشنطن رفضت مبادلة «الشيخ الضرير» عمر عبد الرحمن الذي كان معتقلا لديها برهينة أميركي قبل أن يموت في وقت لاحق.
وتوفي الشيخ المصري عمر عبد الرحمن، أحد قادة التطرف وملهم أول بالهجمات على مركز التجارة العالمي في نيويورك في سنة 1993، الشهر الماضي في سجنه في الولايات المتحدة حيث كان يقضي حكما بالسجن مدى الحياة. وأما الرهينة الأميركي، الصحافي، لوك سومرز، الذي اختطفه فرع تنظيم القاعدة في اليمن في سبتمبر (أيلول) عام 2013، فقتل مع الأستاذ الجنوب أفريقي، بيار كوركي، في عملية أميركية في اليمن لإنقاذهما في ديسمبر (كانون الأول) 2014.
وفي تسجيل صوتي نشر على المواقع الجهادية يوم الاثنين، قال زعيم فرع تنظيم القاعدة في اليمن: «لقد سعينا إلى تخليص الشيخ الضرير القعيد لأكثر من مرة ولكن الأميركيين لم يكونوا ليستجيبوا لإخراج هذا العالم الجليل».
وأضاف الريمي: «وفي جزيرة العرب، قام المجاهدون باختطاف أميركي ولم يطالبوا إلا بالشيخ القعيد الضرير والأخت المبتلاة، دكتورة الأعصاب الباكستانية التي خذلناها جميعا، عافية الصديقي». وتابع: «فرفضت أميركا أشد الرفض أن تبادل الأسرى حتى إنهم ضحوا بمواطنهم على أن يخرجوهما».
ولم تتمكن وكالة الصحافة الفرنسية من التحقق من صحة التسجيل الذي صدر في وقت تكثف فيه واشنطن غاراتها الجوية على مواقع «القاعدة» في اليمن، الذي تصنفه على أنه أخطر فروع التنظيم.
ومع الإعلان عن وفاة «الشيخ الضرير»، نعاه تنظيما «قاعدة الجهاد في شبه جزيرة العرب» و«قاعدة الجهاد ببلاد المغرب الإسلامي» بشكل مشترك.
وولد عمر عبد الرحمن عام 1938 وتولى قيادة الجماعة الإسلامية في مصر قبل الهجرة إلى الولايات المتحدة حيث سجن عام 1993.
إلى ذلك، قال ياسر السري أبو عمر المصري مدير «المرصد الإسلامي»، وهو هيئة حقوقية تهتم بأخبار الأصوليين حول العالم، إن فكاك الأسير «واجب شرعي»، وفي أدبيات الجهاد دعت «القاعدة» في أكثر من مناسبة إلى خطف الرهائن لمبادلتهم بالشيخ الضرير.
من جهته، قال بول كرايشنك خبير مكافحة الإرهاب الأميركي لـ«الشرق الأوسط» إن خطاب الريمي يصب لصالح أن زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب «ما زال على قيد الحياة، ولم تنل منه غارات الطائرات دون طيار (الدرون) الأميركية المتواصلة منذ أكثر من عشرة أيام، إضافة إلى أن الشريط الصوتي للريمي بزعم عرض الإفراج عن الرهينة الأميركي مقابل الشيخ الضرير، يكشف أهمية عمر عبد الرحمن بالنسبة للمتطرفين حول العالم وتحديدا بالنسبة لـ(القاعدة)، التي تبنت صراحة مطالب الإفراج عنه من السجن الأميركي».
من جهته، قال د. هاني السباعي، مدير مركز المقريزي للدراسات بلندن، إنها ليست المرة الأولى التي تسعى فيها «القاعدة» للإفراج عن عمر عبد الرحمن، فقد حرض من قبل بن لادن زعيم القاعدة الراحل الذي قتل في أبوت آباد مايو (أيار) 2011 وكذلك خليفته أيمن الظواهري على خطف أسرى أميركيين ومبادلتهم بالشيخ الضرير. وأضاف السباعي خبير الحركات الأصولية أن طالبان دخلت أيضا على الخط ودعت في أكثر من مناسبة إلى الإفراج عن الشيخ الضرير و «عافية صديقي» (عالمة القاعدة المحتجزة لدى الأميركيين)، وأوضح أن «القاعدة» في خراسان، القيادة العامة، وكذلك في المغرب الإسلامي دعوا أيضا إلى وجوب «فك الأسير»، عمر عبد الرحمن، وأن الرهينة الأميركي بو بيرغدال الذي أفرجت عنه طالبان عام 2014 كانت هناك مطالبات وقتها بالإفراج أيضا عن عمر عبد الرحمن إلى جانب سجناء من قاعدة «باغرام» الأميركية في أفغانستان. وأوضح السباعي أن طهران نجحت من قبل في التفاوض مع «القاعدة» مقابل الإفراج عن دبلوماسي إيراني محتجز في اليمن مقابل إطلاق سراح سيف العدل ومحمد أبو الخير الرجل الثاني في التنظيم الذي قتل في إدلب السورية قبل أسبوعين بغارة «درون أميركية».
وقال السباعي إن ظهور الريمي المطارد أميركيا من خلال غارات الدرون التي لا تتوقف منذ نحو أسبوعين، في أبين وشبوة، يريد أن يقول إن «القاعدة» لم تقصر في نصرة الشيخ الضرير، وقد حاولنا مرارا أن نبادله برهائن، عبر الواجب الشرعي «فك الأسير».
وكانت حركة طالبان الباكستانية أعلنت مسؤوليتها عن اختطاف زوجين سويسريين عام 2011. وعرضت الإفراج عنهما مقابل إطلاق سراح العالمة الباكستانية «عافية صديقي» التي تقضي حكما بالسجن في الولايات المتحدة بذريعة إطلاق النار على عملاء لمكتب التحقيقات الاتحادي وجنود أميركيين في أفغانستان. وأدين عبد الرحمن بالضلوع في تفجيرات نيويورك، فضلا عن اتهامه بالتحريض على استهداف الولايات المتحدة الأميركية، وقضى فترة عقوبة تصل إلى 24 عاما في زنزانة انفرادية.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».