دعوات برلمانية لإعلان نينوى «منطقة منكوبة»

دعوات برلمانية لإعلان نينوى «منطقة منكوبة»
TT

دعوات برلمانية لإعلان نينوى «منطقة منكوبة»

دعوات برلمانية لإعلان نينوى «منطقة منكوبة»

تركت المشاهد والصور التي أظهرت معاناة السكان في الجانب الأيمن من مدينة الموصل وهم يفرون خارج منازلهم نتيجة القتال الشرس بين عناصر «داعش» والقوات العراقية المختلفة، شعورا عاما بالحزن داخل الأوساط الشعبية والسياسية في العراق عكستها التصريحات الرسمية والشعبية عبر الأحاديث العادية أو ما ينشره المدونون في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد انقسم كثيرون حول الصور التي أظهرت عددا من الرجال النازحين في الجانب الأيمن وقد اضطرتهم الإجراءات الأمنية إلى خلع ملابسهم، فالبعض رأى فيها «إهدارا غير مبرر للكرامة»، لأشخاص وجدوا أنفسهم وسط المعركة دون اختيار، فيما رأى آخرون أن اختلاط السكان بعناصر «داعش»، واحتمال تعرض القوات الأمنية إلى هجمات انتحارية، كما حدث في مرات سابقة، اضطرهم إلى الطلب من الرجال خلع ملابس قبل عملية التفتيش الأمني.
القلق المتنامي حول مصير آلاف النازحين في نينوى دعا لجنة الهجرة والمهجرين في مجلس النواب رئاسة الوزراء إلى إعلانها «منطقة منكوبة وتوجيه كل الدعم اللازم لإغاثة أهلها»، وطالبت بإطلاق الأموال المخصصة للنازحين في ميزانية 2017. كذلك إطلاق حملة تبرعات على مستوى جميع المحافظات لجمع مواد وأموال لسد حاجة النازحين من نينوى.
وفي السياق ذاته، دعا رئيس مجلس النواب سليم الجبوري في جلسة البرلمان أمس لجنة الهجرة والمهجرين النيابية إلى «استنفار الطاقات والإمكانيات لإغاثة النازحين من الجانب الأيمن لمدينة الموصل». بدورها قدمت لجنة الهجرة والمهجرين النيابية (أمس الثلاثاء) تقريرا مطولا عن أوضاع النازحين في الموصل، قالت فيه إن عددهم الكلي بلغ نحو 287 ألف نازح منذ انطلاق عملية تحرير الموصل في 17 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2016، بواقع 230 ألف نازح من الجانب الأيمن من مدينة الموصل، ونحو 57 ألفا من الساحل الأيمن.
واشتكي التقرير من أن الإجراءات الحكومية والدولية «لا تتناسب وحجم الكارثة الإنسانية من ناحية الخطط وتخصيص الأموال والتنسيق» وأن النازحين واجهوا تحديات عدة وصعوبات ومعاناة تبدأ من لحظة خروجهم من مناطقهم ووصولا إلى مخيمات النزوح. ويلاحظ تقرير لجنة المهجرين على مخيمات النزوح «قلة طاقتها الاستيعابية»، حيث لا يتعدى عدد المخيمات في أكبرها وهو مخيم الخازر الـ7 آلاف خيمة وهي ممتلئة بالعوائل النازحة.
أما من الناحية الإغاثية، فيشير التقرير إلى أن الأمر أكثر صعوبة من حيث قلة الخدمات المقدمة للعوائل من جميع الجوانب الإغاثية وأهمها الجانب الغذائي، إلى جانب عدم كفاية الخدمات التي تقدمها وزارة الصحة للنازحين.
وتقول لجنة الهجرة والمهجرين النيابية، إنه وبرغم ما تقدمه وزارة الهجرة والمهجرين من خدمات الإغاثة والإيواء، إلا أنها «تفتقر إلى الاحترافية في وضع خططها الاستراتيجية وطريقة تنفيذ هذه الخطة بسبب عدم وجود الكوادر الكافية التابعة لها وعدم دعمها من قبل الوزارات الخدمية الأخرى».
من جانبه، دعا رئيس التحالف الوطني الشيعي عمار الحكيم الأجهزة المعنية في الحكومة والدولة إلى «تذليل المصاعب التي يعانيها السكان في الموصل». وشدد بيان أصدره المكتب الإعلامي للتحالف الوطني على «توفير الاحتياجات الأساسية من غذاء ودواء وأجهزة طبية منقذة للحياة وبشكل عاجل»، مضيفا: «تبقى عيوننا وقلوبنا مع أهلنا المدنيين في الجانبين الأيسر والأيمن من مدينة الموصل، مستشعرين معاناتهم الكبيرة على مختلف الأصعدة المعيشية والخدماتية والصحية والمالية».
إلى ذلك، أعلن وزير الهجرة والمهجرين جاسم محمد الجاف عودة 72 ألف نازح إلى مناطقهم في نينوى منذ انطلاق عمليات تحريرها، مؤكدا أن «الوزارة مستمرة بتأمين عودة النازحين من المخيمات إلى أماكن سكناهم الأصلية في المناطق المحررة». داعيا الحكومات المحلية والوزارات ذات الصلة للإسراع في تهيئة الأجواء المناسبة متمثلة بالخدمات الصحية والماء والكهرباء إلى جانب إعادة الدوائر والخدمات الأساسية لغرض عودة الاستقرار الأمني. وكشف الجاف عن أن وزارته استقبلت أكثر من 57 ألف نازح من ساحل الموصل الأيمن ووفرت لهم المساعدات الإغاثية والغذائية، واستقبلت خلال الـ24 ساعة الأخيرة 3888 نازحا من الساحل الأيمن لمدينة الموصل.
وعلى الصعيد نفسه، أشار الموجز الأمني المتعلق بشؤون النازحين الذي تصدره خلية الإعلام الحربي يوم أمس، إلى وجود نحو 6 آلاف عائلة في مخيمات «الجدعة» الأربعة بواقع نحو 5 أفراد للعائلة الواحدة إلى جانب وجود 4492 عائلة في مخيم «المدرج». كذلك يشير بيان خلية الإعلام الحربي التابعة إلى عمليات «قادمون يا نينوى» بقيادة الفريق الركن عبد الأمير يار الله، إلى وجود 1719 عائلة في مخيم «حاج علي» و3818 عائلة في مخيم «الخازر» و4198 في مخيم «حسن شام».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.