سوق العقارات في بلجيكا... الأسعار تتحسن رغم المخاوف

شهدت انخفاضاً ملحوظاً في أعقاب تفجيرات باريس وبروكسل

تشير التوقعات إلى اتجاه أسعار المنازل في بلجيكا نحو الارتفاع بنسبة 3 % خلال العام الحالي
تشير التوقعات إلى اتجاه أسعار المنازل في بلجيكا نحو الارتفاع بنسبة 3 % خلال العام الحالي
TT

سوق العقارات في بلجيكا... الأسعار تتحسن رغم المخاوف

تشير التوقعات إلى اتجاه أسعار المنازل في بلجيكا نحو الارتفاع بنسبة 3 % خلال العام الحالي
تشير التوقعات إلى اتجاه أسعار المنازل في بلجيكا نحو الارتفاع بنسبة 3 % خلال العام الحالي

تشير التوقعات إلى اتجاه أسعار المنازل في بلجيكا إلى الارتفاع بنسبة 3 في المائة خلال العام الحالي، وأن «السبب في ذلك يعود إلى انخفاض أسعار الفائدة، والتحسينات التي عرفتها سوق العمل»، هذا ما جاء في التوقعات الخاصة بسوق العقارات لوكالة التصنيف الائتماني «ستاندرد آند بورز».
وكانت سوق العقارات قد شهدت ارتفاعاً في أسعار المنازل، بنسبة 3.5 في المائة، خلال العام الماضي بشكل إجمالي، على الرغم من الأحداث التي عرفتها البلاد، ولعل أبرزها التفجيرات التي طالت مطار ومحطة للقطارات الداخلية في بروكسل، وأسفرت عن مقتل 32 شخصاً، وإصابة 300 آخرين.
وفي أعقاب التفجيرات، انطلقت التوقعات بشأن تداعيات الأمر، ومن بينها من رجح أن تكون توقعات سلبية، بينما توقع البعض الآخر أن يكون التأثير وقتياً، وأن تعود الأمور إلى طبيعتها مع مرور الوقت. وينطبق هذا الأمر أيضاً على تداعيات خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي، عقب الاستفتاء الذي جرى منتصف العام الماضي.
وقالت وكالة التصنيف «ستاندرد أند بورز»، قبل أيام قليلة، إن الاقتصاد البلجيكي سيشهد استقراراً نسبياً خلال العام الحالي، وسيكون هناك زيادة محدودة في دخل الأسرة. وأضافت الوكالة أن أسعار العقارات كانت قد ارتفعت في السنوات العشر الماضية بشكل أسرع من الدخل، أو أسعار الإيجارات، ولكن في كل الأحوال تظل أسعار المنازل مستقرة إلى حد كبير، مقارنة بالأسعار العالمية.
ووصل متوسط سعر المنزل في بروكسل، في سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى 290 ألف يورو، بينما وصل الرقم في الفترة الزمنية نفسها في العاصمة الفرنسية باريس إلى 415 ألف يورو، وارتفع في العاصمة البريطانية لندن ليصل إلى 480 ألف يورو. وأشارت وكالة التصنيف إلى المخاطر التي يمكن أن تهدد الانفتاح، أو النمو المحدود في اقتصاد بلجيكا، واختصرتها في عاملين، وهما: مفاوضات خروج بريطانيا، والحمائية التي تميز إدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب.
وأشارت الوكالة أيضاً إلى أن بلجيكا - كدولة في منطقة اليورو - تأثرت بخروج بريطانيا، حيث تشكل الصادرات البلجيكية من السلع والخدمات إلى بريطانيا نسبة 9 في المائة من إجمالي الصادرات.
وفي الربع الثاني من العام الماضي، ارتفعت أسعار العقارات بنسبة 1.4 في المائة، مقارنة مع الربع الأول، وبالتالي تكون قد جاءت نهاية لفترة من انخفاض في أسعار المنازل استمرت لستة أشهر. وهي الفترة التي شهدت تفجيرات باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، وفي بروكسل 22 مارس (آذار) 2016.
ففي الشهور الثلاثة الأخيرة من عام 2015، والشهور الثلاثة الأولى من 2016، انخفضت أسعار المنازل بنسبة تراوحت ما بين 0.5 إلى 0.8 في المائة، وذلك وفقاً لأرقام مكتب الإحصاء الأوروبي في بروكسل العام الماضي.
ووفقاً لأرقام نشرت في عام 2014، فإن أسعار العقارات في بلجيكا كانت قد ارتفعت بنسبة 0.8 في المائة، ووصلت مبيعات العقارات في بلجيكا إلى أعلى مستوى طوال السنوات ما بين 2009 إلى 2013، وذلك خلال النصف الأول من عام 2013، على الرغم من أن أسعار عام 2012 ظلت ثابتة دون تغيير تقريباً.
وحسب الأرقام الصادرة عن هيئة ملكية العقارات في بلجيكا، قبل ما يزيد على عامين، وبناء على مرحلة التسجيل الأولى لشراء العقار، فإن نسبة الزيادة السنوية بلغت 1 في المائة في منطقة فلاندرا، القريبة من الحدود الهولندية، ووصل ثمن المنزل إلى 250 ألف يورو.
وفي منطقة بروكسل العاصمة، وصل السعر إلى 414 ألف يورو، بانخفاض 2 في المائة، بينما وصل الرقم إلى 170 ألف يورو في منطقة والونيا، القريبة من الحدود مع فرنسا.
وبالنسبة لأسعار الشقق، فقد ارتفعت الأسعار بنسبة 1.3 في المائة، ووصل الرقم في المتوسط إلى 200 ألف يورو تقريباً. وتراجعت الأسعار في بروكسل العاصمة بنسبة 2.3 في المائة. وتتكون بلجيكا من 3 مناطق رئيسية، هي: فلاندرا، ووالونيا، وبروكسل.
ويعيش في الجزء الفلاماني، القريب من هولندا، ما يزيد على نصف السكان، ومعظمهم يعملون ويدفعون الضرائب. وهناك ما يقرب من 40 في المائة يعيشون في والونيا، ونسبة كبيرة منهم تعتمد على الإعانات الحكومية. أما بروكسل العاصمة، فأسعار العقارات والإيجارات مرتفعة نظراً لوجود المؤسسات التابعة للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقدوم أعداد كبيرة من الموظفين والسياح الأوروبيين وغيرهم، سواء للعمل أو التنزه، في عاصمة أوروبا الموحدة.
وعلى الرغم من الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، خصوصاً ما يعرف بأزمة الديون السيادية في دول منطقة اليورو، فقد فشلت كل التكهنات بشأن انخفاض أسعار العقارات في بلجيكا، سواء بالنسبة للمنازل أو الشقق أو الأراضي المخصصة للبناء. وعلى الرغم من بقاء لافتة «منزل للبيع» لفترات طويلة، فإن أسعار المنازل لم تتأثر كثيراً، في ظل تصميم أصحاب المنازل على البيع بالسعر الذي يتناسب مع المنطقة الموجود فيها المنزل ومساحته، وحسب أسعار من سبقوه في المنطقة وقاموا ببيع منازلهم.
وتقول الأرقام الصادرة عن الفيدرالية الحكومية الاقتصادية في البلاد إن أسعار العقارات حققت أرقاماً مرتفعة خلال الفترة الأخيرة من العام الماضي، بل وصل الأمر إلى تسجيل أرقام قياسية، على الرغم من أن توقعات صدرت نهاية العام المنصرم أشارت إلى إمكانية حدوث انخفاض في الأسعار لفترة من الوقت، ولكن الأمر لم يستغرق سوى فترة قصيرة للغاية وعادت الأسعار لترتفع من جديد، ووصل سعر المنزل العادي إلى 192 ألف يورو، بينما وصل سعر البيت الواسع المساحة أو الفيلا إلى 334 ألف يورو. أما بالنسبة لأسعار الأراضي المخصصة للبناء، فقد وصل السعر إلى ما يزيد على 106 يورو للمتر المربع. وهي أرقام تمثل زيادة في الأسعار بنسبة 5 في المائة، مقارنة بعام 2010.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، يقول قيصر حجازين، الأمين العام للغرفة التجارية العربية البلجيكية، إن الغرفة سبق أن أعدت دراسة أظهرت أن قطاع العقارات السكنية في بلجيكا حقق نتائج جيدة للغاية، وتعطي النشاطات فيه مردوداً باستثناء المنازل الفخمة. وهناك ارتفاع مستمر للأسعار بفضل توفر طلب قوي، مما يؤكد السمعة الطيبة للاستثمار في قطاع العقارات السكنية.
وحسب ما جاء في الدراسة التي أعدتها الغرفة، ومقرها بروكسل، فإن رقم الأعمال الإجمالي لسوق العقارات، أي كافة عمليات البيع، قد ازداد بمعدل 14.5 في المائة، ليبلغ ما يقرب من 20 مليار يورو قبل عام 2008. وتشير الدراسة التي شملت المناطق الثلاث الرئيسية في بلجيكا، وهي «الفلامنكية والوالونية وبروكسل»، إلى أن عدد صفقات البيع قد زادت، ما عدا الصفقات الخاصة ببيع الأراضي، إذ تراجع عددها في السوق، وأيضاً ازدادت الأسعار. وعلى سبيل المثال، ففي فئة البيوت بالمنطقة الفلامنكية، ازدادت الأسعار بنسبة تقارب 9 في المائة، وفي المنطقة الوالونية ما يقرب من 5.5 في المائة، وفي بروكسل أقل من 5 في المائة.
أما في فئة الشقق، فقد كانت الزيادة أكبر في منطقة بروكسل، حيث وصلت إلى 11 في المائة، تليها المنطقة الوالونية بنحو 10 في المائة تقريباً، ثم الفلامنكية 6 في المائة.
وتقول الدراسة إن أسعار البيوت الفردية قد تضاعفت تقريباً منذ مطلع التسعينات، وتضاعفت بقدر 20 مرة منذ نصف قرن.
وتميل الشقق الفخمة حالياً في السوق إلى النمو، ويعود ذلك إلى شيخوخة السكان التي انعكست على سوق العقارات، فالسكان الذين جاءت ولادتهم بعد الحرب العالمية الثانية يميلون إلى شراء هذا الطراز من الشقق، وهذه السوق تنمو بسرعة، وفيها عروض خاصة، إلا أنها نادرة تباع فيها الشقق على الخريطة قبل البناء. بالإضافة إلى ذلك، تفتح الشقق الفاخرة شهية كثير من المتعهدين في الريف وفي المدينة، وبالموازاة مع ذلك، تتطور أسعار الشقق التقليدية والمساكن الصغيرة بسرعة.
وعلى العكس من ذلك، تمر سوق الفيلات الكبيرة بوضع صعب قد يستمر عدة سنوات، لأن هذا النوع من البيوت لا يلائم نمط المعيشة الحالي. وفي هذا الطراز من الفيلات، يتجاوز العرض الطلب بكثير، إلا في حالات معينة، كما هو الحال في المناطق الحدودية مع هولندا ولوكسمبورج، وكذلك المناطق المحيطة ببروكسل التي تجذب الموظفين الأوروبيين والعاملين في الشركات الدولية.
وتقول الدراسة إن هناك نزعة أخرى في سوق العقارات ببلجيكا، تتمثل في غلبة سوق البيع والشراء على سوق الإيجار، إذ إن غالبية العقارات البلجيكية يسكنها أصحابها، على عكس دول أخرى. ووفقاً لأرقام السنوات العشر الماضية، فمن بين 4.2 مليون مسكن خاص في بلجيكا، يوجد 2.7 مليون مسكن يسكنه أصحابه.
وتتميز بروكسل تقليدياً عن باقي المناطق بنسبة أكبر من المستأجرين، غير أن ارتفاع أسعار العقارات، وخفض معدلات الفائدة، بدأت بقلب هذه النزعة، فقد قام كثير من المالكين بطرح ممتلكاتهم للبيع بعد أن كانوا يكرسونها للإيجار، وذلك بسبب عدم توفر مستأجرين، الذين اكتشف معظمهم أن شراء العقار أكثر مردودية من استئجاره.
وتؤكد الدراسة أن هذا التطور لا بد أن يكون له تأثير على سوق العقارات، خصوصاً في مجال الاستثمار. فمن جهة، تكون المردودية في حالة الإيجار أقل، لأن أسعار البيع ترتفع بينما تبقى قيمة الأجرة ثابتة. ومن جهة أخرى، تغيرت ملامح المستأجر، وأصبح من الممكن تصنيف المستأجرين إلى 3 فئات: المستأجرون ذوو الدخل المنخفض، والمستأجرون المؤقتون (الكوادر الأجنبية)، والمستأجرون الذين يبحثون عن الاستقرار، بالإضافة إلى أن المستأجرين قد زادت متطلباتهم، فيما يتعلق بمرونة عقد الإيجار لمدة 3 سنوات، قد تمتد إلى 6 سنوات، ومن ثم إلى 9 سنوات.



هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»