المستشارية الألمانية... جدل ورمز للوحدة

المستشارية الألمانية... جدل ورمز للوحدة
TT

المستشارية الألمانية... جدل ورمز للوحدة

المستشارية الألمانية... جدل ورمز للوحدة

في مطلع شهر مايو (أيار) من عام 2001، دشنت ألمانيا مبنى جديًدا للمستشارية (مقر الحكم)، حيث تلقى المستشار الألماني (آنذاك)، جيرهارد شرودر، مفاتيح المبنى من أكسل شولتس المهندس المعماري الذي صممه.
المبنى الذي يعد الأكبر من نوعه حكوميا في العالم، مقام من الحجر الرملي والخرسانة، ويبدو لامعا تحت أشعة الشمس خلال الأيام المشرقة، إلا أن الخلافات والجدل صاحبا الافتتاح، بعد أن انتقد البعض المبنى واعتبروه «فخما أكثر من اللازم» بالنسبة لدولة «جعلت السيطرة على الذات رمزا لها بعد نهاية العصر النازي».
وقد وضع شرودر، الذي شارك في هذه الانتقادات من قبل، نهاية للخلاف حول المبنى في خطبته الافتتاحية حين وصف المبنى بـ«الرائع». وأضاف في محاولة لإزالة تلك المخاوف: «إننا لن نسيطر من هذا المبنى، بل سنحكم... وهو أمر مختلف تماما».
وأعلن شرودر أنه مع افتتاح المبنى «انتهت عملية انتقال الحكومة إلى برلين»، لتكون تلك هي الخطوة العملية الأخيرة لإعلان الوحدة بين شطري ألمانيا اللذين توحدا تحت راية وحكم واحد. وكانت إجراءات الانتقال الحكومي من مدينة بون (عاصمة ألمانيا الغربية سابقا) إلى مدينة برلين (عاصمة ألمانيا الشرقية سابقا، ثم ألمانيا الموحدة لاحقا) بدأت في صيف عام 1999.
ومنذ ذلك الوقت وحتى افتتاح مبنى المستشارية، ظل شرودر يمارس أعماله من المقر السابق لقيادة ألمانيا الشرقية بمدينة برلين.
وتم بناء المقر الجديد في موقع قريب من حائط برلين السابق. وكان المركز الحكومي «الجديد» يستهدف المساهمة في تقليل الهوة بين الجزأين الشرقي والغربي لدولة ألمانيا الفيدرالية الحالية. وذكر شولتس، المعماري الذي صمم المبنى، أن التصميم يهدف إلى إثارة «الحماس» لديمقراطية ألمانيا في مرحلة «ما بعد الحرب»، لكن المهندس أشار في المقابل إلى ضرورة «مواجهة المخاطر التي يثيرها مثل هذا المبنى».
ويصل ارتفاع مبنى المستشارية في برلين إلى 4.35 متر. وهو مقام على مساحة تزيد على 12 ألف متر مربع، ليكون المبنى الحكومي الأكبر عالميا، ويساوي نحو عشرة أضعاف مساحة البيت الأبيض الأميركي.
والمبنى مكون من 8 طوابق، بحيث يضم الطابق الأول قاعة المؤتمرات، أما الطابقان الثاني والثالث فيضمان المعدات والأجهزة. بينما يحتوي الطابق الرابع على «قاعة لدراسة الأزمات»، وتوجد بالطابق الخامس قاعة مخصصة للمآدب، وفي الطابق السادس قاعة اجتماعات مجلس الوزراء. كما يضم الطابق السابع مكتب المستشار والمستشارية. أما الطابق الأخير فخصص لمقر إقامة المستشار الألماني. ولم يغفل المصممون إيجاد جناح منفصل للموظفين.
وكان الشروع في تنفيذ المبنى بأمر من المستشار الأسبق هيلموت كول، الذي أمر ببناء هذا المبنى بتكلفة وصلت إلى 214 مليون دولار أميركي. ويواجه مقر المستشارية في برلين مبنى الرايختاغ (البرلمان) الذي تم تجديده بإقامة قبة زجاجية فوقه، صممها المعماري البريطاني سير نورمان فوستر. والمبنى ليس بعيدا أيضا عن «براندنبرغ» مدخل برلين الشهير.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».