«حكايتنا»... منصة إنسانية لسرد قصص اللاجئين السوريين حول العالم

سليمان عثمان لـ«الشرق الأوسط»: هدفنا نشر سير تعطينا التفاؤل

واجهة مدونة «حكايتنا» بالإنجليزية («الشرق الأوسط})
واجهة مدونة «حكايتنا» بالإنجليزية («الشرق الأوسط})
TT

«حكايتنا»... منصة إنسانية لسرد قصص اللاجئين السوريين حول العالم

واجهة مدونة «حكايتنا» بالإنجليزية («الشرق الأوسط})
واجهة مدونة «حكايتنا» بالإنجليزية («الشرق الأوسط})

قصص إنسانية نابضة عن المشهد السوري تبحث عن الأمل رغم كونها خرجت من رحم فظائع الحرب والمعاناة والغربة عن أرض الوطن هي القصص التي تبثها مدونة «حكايتنا» التي أطلقها مجموعة من الشباب السوري في لندن، يحاولون عبرها استعادة وطنهم، ربما افتراضيا، عبر كلمات وعلامات ترقيم وصور فوتوغرافية تصلهم من أبناء وطنهم المشتتين في أنحاء العالم.
«قصتي، قصتك، قصتنا، جميعا نبني جسرا من المحبة والتواصل، حياتنا اليومية، تحمل صورا وحكايات بما فيها ذاكرتنا... تشكل فضاء من الحرية نتقاسمها مع الآخرين» بهذه الكلمات توجه المدونة دعوة مفتوحة لاستكتاب السوريين؛ كي يتعرف العالم باللغتين العربية والإنجليزية إلى قصص متنوعة تعكس شجاعة الإنسان السوري وقوة إرادته في تحدي الواقع بكل مرارته وبدء حياة جديدة. يقول الصحافي السوري المقيم بلندن سليمان عثمان في محادثة إلكترونية مع «الشرق الأوسط»: «نتقاسم جميعا آمالا ومخاوف ومشاعر مشتركة، ونحن نعيش الحلم والأمل في غد أفضل، ومع تدمير الجانب الإنساني في بلدنا، نبحث باستمرار عن قصص، عن أمل يعطينا التفاؤل».
يقيم عثمان في لندن من قبل أحداث الثورة السورية وتبعاتها، لكنه يعايش يوميا ما يحدث على أرض وطنه في المهجر، جمعته الظروف مع أبناء وطنه ممن صارعوا الموت وساعدهم الحظ في الوصول إلى لندن، فكروا في تدشين «حكايتنا» عام 2014، فيقول: «حكايتنا مشروع فني، إعلامي، اجتماعي... يركز على الجانب الإنساني في المجتمع السوري، ولا سيما في موسيقاهم، وثقافتهم وفنونهم، بالإضافة إلى تفاصيل حياتهم اليومية».
عند تصفح المدونة لن تجد للسياسة أثرا واضحا، بل ستجدها في خلفية القصص طيفا بعيدا، فلا أثر لبشار الأسد ولن تقرأ عن الفصائل المعارضة ولا روسيا أو أميركا، ولا حتى «داعش»، بل ستجد الإنسان السوري فقط هو محور القصة التي عادة ما تتخذ قالبا أدبيا راقيا، يستكمل عثمان: «(حكايتنا)، مبادرة غير سياسية ومستقلة، تشجع على تطوير المجتمعات المحلية، وفي الوقت نفسه تهدف إلى تعزيز التسامح والمحبة والإنسانية والقيم الثقافية. وتقوم هذه المبادرة حول إيجاد أسس ومصالح مشتركة بين الناس، لا تشجع أجندات سياسية ولا الدينية منها».
هدف المدونة واضح ومحدد، كما أكده عثمان «طرح قصص شخصية وتجارب حياتية لبناء جسر من المحبة والإنسانية. وكسر الصورة النمطية عن سوريا والسوريين، وإظهار قصص ناجحة للاجئين ودعم قضايا المرأة». ويضيف «من خلال موقعينا العربي والإنجليزي، نأمل في نشر الأفكار السوريين، وكلماتهم ومشاعرهم، وبخاصة الذين يعيشون في مخيمات اللجوء، من أجل إيصال صوتهم إلى العالم، والذين لم تتح لهم الفرصة لسماع هذه القصص. ونعمل على مساعدة الشباب للتعبير عن أنفسهم من خلال الشعر، والصور والقصص والموسيقى وخلق فرص التواصل بين السوريين».
انطلقت المدونة منبرا إعلاميا مهنيا أصبح يجذب وسائل الإعلام العالمية لاستقاء القصص الإخبارية السورية الإنسانية، يشير عثمان «ننطلق من فكرة (المواطن الصحافي) نبحث عن جديد في عالم الصحافة ونواكب التغيرات التي تحدث في غرف الأخبار بسبب قوة وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي. (حكايتنا) مشروع متنوع ومتجدد ينبثق منه مشروعات: (الحكواتي): (المرأة السورية والفن من أجل الأمل): (شاركني حياتي) بهدف تعزيز فرص السوريين أينما كانوا، وإظهار التنوع الثقافي والفني الموجود لديهم. وهناك فكرة شراكة مع إحدى الجامعات البريطانية لمساعدة المواطنين الصحافيين السوريين وتقديم الدعم لهم».
«حكايتنا» لا تتوجه إلى شباب لهم خبرة مسبقة في الكتابة ولا تستهدف أسماء لامعة في الفن والثقافة السورية، ولكن «نبحث عن أسماء ومواهب جديدة لنساعدهم ونخلق لهم فرصا، وهذا ما يجعل مهمتنا صعبة. ورغم ذلك لدينا قصص من السويد، وهولندا، والدنمارك، وألمانيا، وبريطانيا، وغانا ومخيمات اللجوء خارج سوريا وداخلها».
يوضح عثمان، أنه وفريق العمل يركزون على أن تكون القصص بسيطة وواضحة، ويقول «عادة ما تصلنا نصوص صغيرة أو مقاطع، لكننا نعمل عليها ونطورها في شكل قصة من خلال كتابة ملاحظات حول القصة وخلق أسئلة حول الشخصيات والأماكن الموجودة في النص، وإرسالها مرة ثانية للكاتب للإضافة، ونطلب منه التركيز على التفاصيل مع ذكر أسماء الأماكن والتواريخ، وقد يستغرق ذلك تعديلا مرة أو مرتين لنصل إلى شكل مقبول وواضح».
تطورت «حكايتنا» خلال الأعوام الثلاثة الماضية التي تمثل عمرها على الإنترنت، بل خرجت إلى العالم الواقعي «ننظم أمسيات شعرية وقصصية، ومؤخرا أقمنا أمسيتين في كلية لندن الجامعية، وكذلك فعاليات ثقافية واجتماعية (فطور سوري) من أجل كسر حاجز بين اللاجئين والسكان المحليين في بريطانيا. وأصبح لدينا شراكة مع مشروع بهولندا اسمه (الناشر)، وأيضا مع (مؤسسة الصحافة الدولية) في لندن».
ويؤكد «نشاطاتنا مستمرة على مدار السنة، أحيانا بشراكة مع منظمات خيرية والجامعات والمؤسسات التي تهتم بالمهاجرين واللاجئين في بريطانيا، وبخاصة في (أسبوع اللاجئين) في لندن الذي ينطلق فعاليته في يونيو (حزيران)».
مؤخرا أطلقت «حكايتنا» حملة باللغة الإنجليزية للتدوين والنشاطات التفاعلية، تحت عنوان «السوريون قادمون.. مع الحب والتسامح والإنسانية»؛ بهدف تغيير الصورة النمطية عن اللاجئ السوري الذي باتت العيون تنظر إليه بعدم ارتياح في الآونة الأخيرة، وكذلك لدعم اللاجئين الجدد في لندن واندماجهم عبر تنظيم فعاليات للتعريف بهم للمجتمع المحلي وخلق عملية التواصل بينهم وبين الإنجليز.
في نص سردي يغلفه الحنين كتبت الطالبة الكردية المقيمة بلندن لورين كاسو «أنا الآن بعيدة عن أهلي ومدينتي الدرباسية، وربما لن أستطيع العودة مرة أخرى. لقد اختلف علي كثير من الأمور، الأهل، الأصدقاء، الشوارع، الطقس، كل شيء، وكذلك طعم النوروز، فقد اشتقت لأجوائه وذكرياته، ورغم كل البعد والفراق إلا أنني ما زلت أتخيل صباحاته الجميلة، وأحاول قد الإمكان أن أندمج مع الحياة الجديدة وأشعل شموع النوروز، وأحتفل به كما لو كنت بين أهلي وأصدقائي».
يتلقى عثمان وزملاؤه يوميا «قصصا ونصوصا ورسومات ولوحات تشكيلية وأبيات شعر... كوننا لسنا موقعا إخباريا يوميا، وإنما منصة إنسانية نحاول تجديدها مرتين في الأسبوع على الأقل». وحول الإقبال على نشر القصص بالكثافة نفسها منذ تأسيس المدونة، يقول «المشروع يتجدد باستمرار، ومع تطور وسائل التواصل الاجتماعي والإقبال المتزايد على القصص الإخبارية بطابعها الإنساني، فلا نقتصر على نشر القصص فقط وإنما صور فوتوغرافية ورسومات ولوحات تشكيلية ومقاطع فيديو».
«كنت أتخيل شكل القارب وأسمع صرخات الناس وبكاء الأطفال» هكذا تحدث سليمان عثمان عن أبرز القصص الإنسانية التي تأثر بها أثناء تحريرها، ويقول «أغلب القصص طابعها إنساني، كتبت من قبل شباب تأثروا بظروف الحرب واللجوء، نابعة من الألم والوجع والغربة، كإنسان أتأثر بأي قصة أو حكاية تتحدث عن أمور شخصية ومشاعر وأتفاعل معها وأتخيل الظروف التي رافقت كتابها، والمآسي التي تعرضوا لها، كقصة «ثائر اورفه لي» الذي وثق رحلته من مصر عبر البحر إلى إيطاليا ومن ثم إلى ألمانيا، هنالك تفاصيل حزينة وشديدة الحساسية، تعلقت بها بشكل عفوي. كما تشدني كثيرا نصوص الطالبة بروج الزعبي التي تعيش في الأردن، حيث تسرد في قصتها «في بيتنا طير الحمام» حزنها العميق على أخيها الذي اختطف في درعا منذ بداية الثورة. وهناك أيضا نص شعري للسوري «حقي عمر» المقيم في الدنمارك.
* مدونة «حكايتنا»



إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي
TT

إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي

يرى البعض في فرنسا أن موسم رحيل «العصافير الزرقاء» يلوح في الأفق بقوة، وذلك بعدما أعلنت مجموعة كبيرة من الشخصيات والمؤسسات الإعلامية انسحابها من منصّة التواصل الاجتماعي «إكس» (تويتر سابقاً).

الظاهرة بدأت تدريجياً بسبب ما وصف بـ«الأجواء السامة» التي اتسّمت بها المنصّة. إذ نقلت صحيفة «كابيتال» الفرنسية أن منصة «إكس» فقدت منذ وصول مالكها الحالي إيلون ماسك أكثر من مليون مشترك، إلا أن الوتيرة أخذت تتسارع في الآونة الأخيرة بعد النشاط الفعّال الذي لعبه ماسك في الحملة الانتخابية الأميركية، ومنها تحويله المنصّة إلى أداة دعاية قوية للمرشح الجمهوري والرئيس العائد دونالد ترمب، وكذلك إلى منبر لترويج أفكار اليمين المتطرف، ناهيك من تفاقم إشكالية «الأخبار الزائفة» أو «المضللة» (الفايك نيوز).

نقاش إعلامي محتدم

ومهما يكن من أمر، فإن السؤال الذي صار مطروحاً بإلحاح على وسائل الإعلام: هل نبقى في منصّة «إكس»... أم ننسحب منها؟ حقاً، النقاش محتدم اليوم في فرنسا لدرجة أنه تحّول إلى معضلة حقيقية بالنسبة للمؤسسات الإعلامية، التي انقسمت فيها الآراء بين مؤيد ومعارض.

للتذكير بعض وسائل الإعلام الغربية خارج فرنسا كانت قد حسمت أمرها باكراً بالانسحاب، وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية الأولى التي رحلت عن المنصّة تاركة وراءها ما يناهز الـ11 مليون متابع، تلتها صحيفة «فون غوارديا» الإسبانية، ثم السويدية «داكنز نيهتر».

أما في فرنسا فكانت أولى وسائل الإعلام المنسحبة أسبوعية «ويست فرنس»، وهي صحيفة جهوية تصدر في غرب البلاد، لكنها تتمتع بشعبية كبيرة، إذ تُعد من أكثر الصحف الفرنسية قراءة بأكثر من 630 ألف نسخة تباع يومياً ونحو 5 ملايين زيارة على موقعها عام 2023. ولقد برّر نيكولا ستارك، المدير العام لـ«ويست فرنس»، موقف الصحيفة بـ«غياب التنظيم والمراقبة»، موضحاً «ما عاد صوتنا مسموعاً وسط فوضى كبيرة، وكأننا نقاوم تسونامي من الأخبار الزائفة... تحوّلت (إكس) إلى فضاء لا يحترم القانون بسبب غياب المشرفين». ثم تابع أن هذا القرار لم يكن صعباً على الأسبوعية الفرنسية على أساس أن منصّة التواصل الاجتماعي هي مصدر لأقل من واحد في المائة من الزيارات التي تستهدف موقعها على الشبكة.

بصمات ماسك غيّرت «إكس» (تويتر سابقاً)

«سلبيات» كثيرة بينها بصمات إيلون ماسك

من جهتها، قررت مجموعة «سود ويست» - التي تضم 4 منشورات تصدر في جنوب فرنسا هي «سود ويست»، و«لاروبوبليك دي بيريني»، و«شارانت ليبر» و«دوردون ليبر» - هي الأخرى الانسحاب من منصّة «إكس»، ملخصّة الدوافع في بيان وزع على وسائل الإعلام، جاء فيه أن «غياب الإشراف والمراقبة، وتحديد عدد المنشورات التابعة لحسابات وسائل الإعلام، وإبدال سياسة التوثيق القديمة بواسطة أخرى مدفوعة الثمن، كانت العوامل وراء هذا القرار».

أيضاً الموقع الإخباري المهتم بشؤون البيئة «فير» - أي «أخضر» - انسحب بدوره من «إكس»، تاركاً وراءه عشرين ألف متابع لدوافع وصفها بـ«الأخلاقية»، قائلا إن مضامين المنصّة تتعارض مع قيمه التحريرية. وشرحت جولييت كيف، مديرة الموقع الإخباري، أنه لن يكون لهذا القرار تأثير كبير بما أن الحضور الأهم الذي يسجّله الموقع ليس في «إكس»، وإنما في منصّة «إنستغرام»، حيث لديه فيها أكثر من 200 ألف متابع. ولكن قبل كل هؤلاء، كان قرار انسحاب برنامج «لوكوتيديان» الإخباري الناجح احتجاجاً على التغييرات التي أحدثها إيلون ماسك منذ امتلاكه «إكس» قد أطلق ردود فعل كثيرة وقويّة، لا سيما أن حساب البرنامج كان يجمع أكثر من 900 ألف متابع.

سالومي ساكي

... الفريق المتريّث

في المقابل، وسائل إعلام فرنسية أخرى فضّلت التريّث قبل اتخاذ قرار الانسحاب، وفي خطوة أولى اختارت فتح باب النقاش لدراسة الموضوع بكل حيثياته. وبالفعل، عقدت صحيفة «ليبيراسيون»، ذات التوجّه اليساري، جلسة «تشاور» جمعت الإدارة بالصحافيين والعمال يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للبحث في مسألة «البقاء مع منصّة (إكس) أو الانسحاب منها؟». وفي هذا الإطار، قال دون ألفون، مدير الصحيفة، في موضوع نشر بصحيفة «لوموند»، ما يلي: «نحن ما زلنا في مرحلة التشاور والنقاش، لكننا حدّدنا لأنفسنا تاريخ 20 يناير (كانون الثاني) (وهو اليوم الذي يصادف تنصيب دونالد ترمب رئيساً للمرة الثانية) لاتخاذ قرار نهائي».

الوضع ذاته ينطبق على الأسبوعية «لاكروا» التي أعلنت في بيان أن الإدارة والصحافيين بصّدد التشاور بشأن الانسحاب أو البقاء، وكذلك «لوموند» التي ذكرت أنها «تدرس» الموضوع، مع الإشارة إلى أن صحافييها كانوا قد احتفظوا بحضور أدنى في المنصّة على الرغم من عدد كبير من المتابعين يصل إلى 11 مليوناً.

من جانب آخر، إذا كان القرار صعب الاتخاذ بالنسبة لوسائل الإعلام لاعتبارات إعلانية واقتصادية، فإن بعض الصحافيين بنوا المسألة من دون أي انتظار، فقد قررت سالومي ساكي، الصحافية المعروفة بتوجهاتها اليسارية والتي تعمل في موقع «بلاست» الإخباري، إغلاق حسابها على «إكس»، ونشرت آخر تغريدة لها يوم 19 نوفمبر الماضي. وفي التغريدة دعت ساكي متابعيها - يصل عددهم إلى أكثر من 200 ألف - إلى اللّحاق بها في منصّة أخرى هي «بلو سكاي»، من دون أن تنسى القول إنها انسحبت من «إكس» بسبب إيلون ماسك وتسييره «الكارثي» للمنّصة.

وفي الاتجاه عينه، قال غيوم إرنر، الإعلامي والمنتج في إذاعة «فرنس كولتو»، بعدما انسحب إنه يفضل «تناول طبق مليء بالعقارب على العودة إلى (إكس)». ثم ذهب أبعد من ذلك ليضيف أنه «لا ينبغي علينا ترك (إكس) فحسب، بل يجب أن نطالب المنصّة بتعويضات بسبب مسؤوليتها في انتشار الأخبار الكاذبة والنظريات التآمرية وتدّني مستوى النقاش البنّاء».

«لوفيغارو»... باقية

هذا، وبين الذين قرّروا الانسحاب وأولئك الذين يفكّرون به جدياً، يوجد رأي ثالث لوسائل الإعلام التي تتذرّع بأنها تريد أن تحافظ على حضورها في المنصّة «لإسماع صوتها» على غرار صحيفة «لوفيغارو» اليمينية. مارك فويي، مدير الصحيفة اليمينية التوجه، صرح بأنها لن تغيّر شيئاً في تعاملها مع «إكس»، فهي ستبقى لتحارب «الأخبار الكاذبة»، وتطالب بتطبيق المراقبة والإشراف بحزم وانتظام.

ولقد تبنّت مواقف مشابهة لـ«لوفيغارو» كل من صحيفة «لي زيكو» الاقتصادية، ويومية «لوباريزيان»، وقناة «تي إف1» و«إم 6»، والقنوات الإخبارية الكبرى مثل «بي إف إم تي في»، و«سي نيوز». وفي حين تتّفق كل المؤسّسات المذكورة على أن المنّصة «أصبحت عبارة عن فضاء سام»، فهي تعترف في الوقت نفسه باستحالة الاستغناء عنها، لأن السؤال الأهم ليس ترك «إكس»، بل أين البديل؟ وهنا أقرّ الصحافي المعروف نيكولا دوموران، خلال حوار على أمواج إذاعة «فرنس إنتير»، بأنه جرّب الاستعاضة عن «إكس» بواسطة «بلو سكاي»، لكنه وجد الأجواء مملة وكان النقاش ضعيفا، الأمر الذي جعله يعود إلى «إكس»، حيث «الأحداث أكثر سخونة» حسب رأيه.

أما الصحافي المخضرم جان ميشال أباتي، فعلى الرغم من انتقاده الشديد للمنصّة وانسحاب برنامج «لوكوتيديان» - الذي يشارك فيه - من «إكس» - فإنه لم يفكر في إغلاق حسابه لكونه الإعلامي الفرنسي الأكثر متابعة؛ إذ يسجل حسابه أكثر من 600 ألف متابع.

في هذه الأثناء، وصفت كارين فوتو، رئيسة موقع «ميديا بارت» الإخباري المستقّل الوضع «بالفخ الذي انغلق على وسائل الإعلام»، حيث «إما البقاء وتعزيز أدوات الدعاية لليمين المتطرّف وإما الانسحاب والتخلّي عن مواجهة النقاش». وللعلم، من الملاحظ أن المنصّة غدت حاجة شبه ماسة لأصحاب القرار والساسة، حيث إن بعضهم يتوجه إليها قبل أن يفكّر في عقد مؤتمر صحافي، وهذا ما حدا بالباحث دومينيك بوليي، من معهد «سيانس بو» للعلوم السياسية، إلى القول في حوار لصحيفة «لوتان» إن منصّة «إكس» بمثابة «الشّر الذي لا بد منه»، إذ تبقى المفضّلة لدى رجال السياسة للإعلان عن القرارات المهمة، وللصحافيين لتداولها والتعليق عليها، مذكّراً بأن الرئيس الأميركي جو بايدن اختار «إكس» للإعلان عن انسحابه من السباق الرئاسي الأخير.