فضيحة تجسس المخابرات الألمانية على «بي بي سي»

بعد استهدافها هاتف المستشارة ميركل

الصورة لمظاهرة صحافية مناهضة للتجسس على الصحافة عند بوابة براندنبورغ ببرلين («الشرق الأوسط»)
الصورة لمظاهرة صحافية مناهضة للتجسس على الصحافة عند بوابة براندنبورغ ببرلين («الشرق الأوسط»)
TT

فضيحة تجسس المخابرات الألمانية على «بي بي سي»

الصورة لمظاهرة صحافية مناهضة للتجسس على الصحافة عند بوابة براندنبورغ ببرلين («الشرق الأوسط»)
الصورة لمظاهرة صحافية مناهضة للتجسس على الصحافة عند بوابة براندنبورغ ببرلين («الشرق الأوسط»)

بعد فضيحة تجسس وكالة الأمن القومية على هاتف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وفضيحة تجسس المخابرات الألمانية «بي إن دي» على المؤسسات السياسية والاقتصادية الأوروبية، اهتز الإعلام الألماني لخبر تجسس المخابرات الألمانية على الصحافة والصحف الأجنبية، وخصوصًا على الـ«بي بي سي». وإذ طالبت نقابة الصحافيين الألمانية حكومة ميركل بالتحقيق في الموضوع ونددت بالتجسس كخرق فاضح لحرية الصحافة، تحدثت منظمة «ريبورتر بلا حدود» عن خرق جديد لمبادئ الدستور الألماني. وزادت المخابرات الألمانية الطين بلة حينما امتنعت حتى الآن عن التعليق رسميًا على تقرير مجلة «دير شبيغل» التي اتهمها بفرض الرقابة على هواتف وفاكسات ومواقع الصحف. وورد في الصحافة الألمانية تعليق واحد للمخابرات يستغرب الضجة الكبيرة حول الموضوع. وجاء في التقرير أن المخابرات تراقب الصحافيين الأجانب منذ سنة 1999 في عدة دول منها أفغانستان وباكستان ونيجيريا. وتحدثت دير شبيغل عن50 رقمًا لصحافيين ورؤساء تحرير في قائمة الرقابة.
وتشمل الرقابة عشرات خطوط الاتصال التابعة لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» في أفغانستان وفي مكاتبها الرئيسية في العاصمة البريطانية لندن. هذا إضافة إلى الرقابة على خط اتصال هاتفي لصحيفة «نيويورك تايمز» وعلى الهواتف الجوالة، والهواتف العاملة عبر الأقمار الصناعية، التي تستخدمها وكالة «رويترز» في أفغانستان وباكستان ونيجيريا.
في الموقف من الفضيحة أجمع كونستانتين نوتز، النائب عن حزب الخضر، وتيبيا روسنر، متحدثة الحزب في الشؤون الإعلامية، على أن «من يراقب الصحافيات والصحافيين لا يختلف عن بوتين وإردوغان وغيرهما من المتسلطين». وقالا إن هذا تصرف غير مقبول من المخابرات الألمانية، وإن التجسس على الصحافيين فضيحة كبيرة للنظام الديمقراطي.
وقالت مارتينا رينر، عضو لجنة التحقيق في تجسس المخابرات الألمانية على المؤسسات الأوروبية، إن التحقيقات مع المخابرات جارية حول فضيحة التجسس على هاتف ميركل لم تنته بعد، مع ذلك تطل المخابرات علينا الآن بفضيحة التجسس على الصحافة. وتساءلت رينر: «إلى متى تقف الحكومة الألمانية، ودائرة المستشارة، مكتوفة اليدين أمام خروقات المخابرات الألمانية؟». وطالبت رينر بالكشف حالاً عن مدى معرفة الحكومة ودائرة المستشارة بهذه الفضيحة. وانتقدت «ريبورتر بلا حدود» فضيحة التجسس على الصحافة بالقول إنها «خرق فاضح لحرية الصحافة». وعبرت المنظمة عن خشيتها من مواصلة المخابرات الألمانية تجسسها على المؤسسات الصحافية، مشيرة إلى أن القوانين الجديدة، التي سنتها الحكومة بهدف فرض الرقابة على نشاط الأجهزة الأمنية، لن توقف المخابرات عند حدودها.
وقررت منظمة «ريبورتر بلا حدود» و«جمعية حق الحرية»، تساندهما نقابات الصحافيين، رفع قضية ضد المخابرات الألمانية أمام محكمة الدستور، والطعن بقانون الأجهزة الأمنية والمخابراتية الجديد، بدعوى عدم فرضه الرقابة الكافية على نشاط هذه الأجهزة.
واعتبر فران أوبرال، من نقابة الصحافيين الألمان، الفضيحة طعنة للحريات الديمقراطية. وقال أوبرال إن الحريات الشخصية وحرية الصحافة ليست مكفولة للألمان فقط، وإنما ينبغي أن تسري على الصحافة الخارجية. وأكد أوبرال أن نقابة الصحافيين استفسرت من المخابرات الألمانية مباشرة حول الموضوع، لكن المخابرات رفضت التعليق. وذكر مصدر في المخابرات الألمانية للنقابة أن المخابرات الألمانية مسؤولة أمام الحكومة الألمانية فقط، وأضاف أنه ينتظر من الحكومة الألمانية أن تكشف عن الذين تشملهم الرقابة ولماذا ومنذ متى. الأدهى من ذلك أن مصدرًا في المخابرات الألمانية عبر عن استغرابه للضجة الكبيرة التي أثيرت حول قضية الرقابة على الصحافة. وقال المصدر لصحيفة «زود دويتشة» الواسعة الانتشار أن الحديث يجري عن قضايا تناسب «بروفيل» مهمات الحكومة الألمانية، وأضاف أن كل القضايا لم تكن «لا شرعية»، وأن كل الأمر يدور حول كسب المعلومات حول مناطق الأزمات، وأشار إلى أن الحكومة الألمانية أشارت في تقريرها للسنة الماضية إلى اهتمامها بما تتناقله الميديا.
واعترف عميل سابق في المخابرات الألمانية، لصحيفة «زود دويتشة» أن الجهاز كان يتنصت على الصحافيين العالميين في الكونغو الشعبية سنة 2006، وبرر العميل المتقاعد التجسس على أساس تقديم الخدمات للوحدة العسكرية الألمانية العاملة هناك في إطار قوات حفظ السلام.
ومعروف أن القوانين الألمانية تقر بحرية الصحافة الألمانية، لكنها لا تضع حواجز أمام التجسس على الصحافة الأجنبية. كما سبق للحكومة أن قررت قبل سنوات منع الأجهزة المخابراتية من كسب الصحافيين كمصادر معلومات، لكنها لم تهتم بشمول الصحافيين الأجانب بهذا الحظر. مع ذلك كشفت «دير شبيغل» سنة 2006 عن تجسس المخابرات الألمانية على وزير أفغاني، وعلى مراسليها في أفغانستان. واعتبرت المجلة المعروفة هذا التجسس تعبيرًا عن «انفلات» جهاز المخابرات عن الرقابة الحكومية.
وطبيعي لم يقتصر تجسس المخابرات على الصحافة الأجنبية، وشملت الفضائح مجلة «شتيرن» في سنة 1996 ومجلة «فوكوس» سنة 1998 ووكالة «زودويست بريسه». واضطرت المخابرات للاعتذار رسميًا للصحافي والكاتب إيريش - شميدت عام 2007 بسبب التجسس على حياته وأعماله.
جدير بالذكر أن هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عبرت عن انزعاجها إزاء مزاعم تجسس ألمانيا على صحافيين أجانب، بينهم عدد من صحافيي الهيئة. وقال متحدث باسم الهيئة إن «مهمة بي بي سي هي تقديم الأخبار والمعلومات الدقيقة للناس في شتى بقاع العالم، وصحافيونا يجب أن تكون لهم المقدرة على العمل بحرية وأمان، مع الحماية الكاملة لمصادرهم. نناشد الحكومات جميعًا احترام عمل الصحافة الحرة».
وحاولت «بي بي سي» بدورها التواصل مع جهاز الاستخبارات الخارجية الألماني بشأن المزاعم، ولكنها لم تتلق ردًا حتى الآن.



تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)
TT

تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)

تحدثت شركة «غوغل» عن خطتها لتطوير عملية البحث خلال عام 2025، وأشارت إلى تغييرات مرتقبة وصفتها بـ«الجذرية»؛ بهدف «تحسين نتائج البحث وتسريع عملية الوصول للمعلومات»، غير أن الشركة لم توضح كيفية دعم الناشرين وكذا صُناع المحتوى، ما أثار مخاوف ناشرين من تأثير ذلك التطوير على حقوق مبتكري المحتوى الأصليين.

الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، سوندار بيتشاي، قال خلال لقاء صحافي عقد على هامش قمة «ديل بوك» DealBook التي نظمتها صحيفة الـ«نيويورك تايمز» خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «نحن في المراحل الأولى من تحول عميق»، في إشارة إلى تغيير كبير في آليات البحث على «غوغل».

وحول حدود هذا التغيير، تكلّم بيتشاي عن «اعتزام الشركة اعتماد المزيد من الذكاء الاصطناعي»، وتابع أن «(غوغل) طوّعت الذكاء الاصطناعي منذ عام 2012 للتعرّف على الصور. وعام 2015 قدّمت تقنية (رانك براين) RankBrain لتحسين تصنيف نتائج البحث، غير أن القادم هو دعم محرك البحث بتقنيات توفر خدمات البحث متعدد الوسائط لتحسين جودة البحث، وفهم لغة المستخدمين بدقة».

فيما يخص تأثير التكنولوجيا على المبدعين والناشرين، لم يوضح بيتشاي آلية حماية حقوقهم بوصفهم صُناع المحتوى الأصليين، وأشار فقط إلى أهمية تطوير البحث للناشرين بالقول إن «البحث المتقدم يحقق مزيداً من الوصول إلى الناشرين».

كلام بيتشاي أثار مخاوف بشأن دور «غوغل» في دعم المحتوى الأصيل القائم على معايير مهنية. لذا، تواصلت «الشرق الأوسط» مع «غوغل» عبر البريد الإلكتروني بشأن كيفية تعامل الشركة مع هذه المخاوف. وجاء رد الناطق الرسمي لـ«غوغل» بـ«أننا نعمل دائماً على تحسين تجربة البحث لتكون أكثر ذكاءً وتخصيصاً، وفي الأشهر الماضية كنا قد أطلقنا ميزة جديدة في تجربة البحث تحت مسمى (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews، وتعمل هذه الميزة على فهم استفسارات المستخدمين بشكل أفضل، وتقديم نتائج بحث ملائمة وذات صلة، كما أنها توفر لمحة سريعة للمساعدة في الإجابة عن الاستفسارات، إلى جانب تقديم روابط للمواقع الإلكترونية ذات الصلة».

وحول كيفية تحقيق توازن بين استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين البحث وضمان دعم مبتكري المحتوى الأصليين وحمايتهم، قال الناطق إنه «في كل يوم يستمر بحث (غوغل) بإرسال مليارات الأشخاص إلى مختلف المواقع، ومن خلال ميزة (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews المولدة بالذكاء الاصطناعي، لاحظنا زيادة في عدد الزيارات إلى مواقع الناشرين، حيث إن المُستخدمين قد يجدون معلومة معينة من خلال البحث، لكنهم يريدون المزيد من التفاصيل من المصادر والمواقع».

محمود تعلب، المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي بدولة الإمارات العربية المتحدة، رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن التغييرات المقبلة التي ستجريها «غوغل» ستكون «ذات أثر بالغ على الأخبار، وإذا ظلّت (غوغل) ملتزمة مكافحة المعلومات المضللة وإعطاء الأولوية لثقة المُستخدم، فمن المرجح أن تعطي أهمية أكبر لمصادر الأخبار الموثوقة وعالية الجودة، والذي من شأنه أن يفيد مصادر الأخبار الموثوقة».

أما فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي المصري والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، فقال لـ«الشرق الأوسط» خلال حوار معه: «التغيير من قبل (غوغل) خطوة منطقية». وفي حين ثمّن مخاوف الناشرين ذكر أن تبعات التطوير «ربما تقع في صالح الناشرين أيضاً»، موضحاً أن «(غوغل) تعمل على تعزيز عمليات الانتقاء للدفع بالمحتوى الجيد، حتى وإن لم تعلن بوضوح عن آليات هذا النهج، مع الأخذ في الاعتبار أن (غوغل) شركة هادفة للربح في الأساس».