استياء يعم الشارع اليمني إزاء تحريض صالح على القتل

قانونيون اعتبروا مواقفه تستجوب «المحاكمة الدولية»

استياء يعم الشارع اليمني إزاء تحريض صالح على القتل
TT

استياء يعم الشارع اليمني إزاء تحريض صالح على القتل

استياء يعم الشارع اليمني إزاء تحريض صالح على القتل

ساد الشارع اليمني حالة من الاستياء الشديد جراء الدعوات الأخيرة للرئيس السابق علي عبد الله صالح لمزيد من قتل اليمنيين، وهي دعوات اقتتال أهلي، إذ حرض علانية على قتل المواطنين بسبب آرائهم السياسية المعارضة للانقلاب، وخص بذلك المنتمين لبعض التيارات السياسية، كما أشاد، بشكل واضح، بالقناصة وقتلهم للمواطنين في تعز، التي خصها، كثيراً في تحريضه، وساق لسكانها كيلاً من السباب والشتائم والتهم.
وفي خطابين، خلال أسبوع واحد، شن صالح حملة تحريض واسعة النطاق ضد خصومه السياسيين، وخاصة تحريض رجال القبائل حول صنعاء، ضد أحزاب وجماعات ومناطق مختلفة، وهدد بأن لديه 400 ألف ضابط وجندي مجهزين لمحاربة دول الجوار، وخاصة المملكة العربية السعودية، وذلك بعد أيام على إعلانه بأنه لا زال يمتلك ترسانة من الصواريخ بعيدة المدى.
وأثارت خطابات صالح التحريضية، حالة من ردود الفعل المنددة، بدعواته المستمرة والمتكررة لجماعات معينة بممارسة التصفيات الجسدية ضد خصومه السياسيين. ويقول المحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي إن «صالح كشف بهذه النبرة التحريضية على القتل والتصفية الوجودية للخصوم عن الخصائص الحقيقية لشخصيته المضطربة والمراوغة، وهناك أسباب كثيرة لهذا السلوك من جانب المخلوع أهمها انسداد الأفق أمام التسوية التي كان يدخرها لوضعه ومستقبله السياسي، في مواجهة احتمال خسارة الحرب»، ويردف التميمي بأن صالح «كان على الدوام يعتقد أن المملكة العربية السعودية، قائدة التحالف العربي، يمكن أن تستجيب: كم بحوزته والرجال الذين معه، في معركة تتجه نحو تطويقه من كل الجهات، ما جعله يفشل المرة تلو الأخرى في مفاجأة التحالف أو ابتزازه عسكرياً».
ويعتقد التميمي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن صالح «لجأ إلى انتهاج سياسة ديماغوجية، تقوم على استثارة الأحقاد والتباينات السياسية وتدشين مرحلة هي الأخطر في سياق الحرب الأهلية التي شنها هو وحلفاؤه على اليمنيين والتي تذهب إلى حد هدم بنيان المجتمع اليمني على رؤوس الجميع، إذا كان ذلك سيساعده في الانتقام من خصومه، بالإضافة إلى أنه باستهداف المنتمين للإصلاح والتحريض عليهم يعتقد أنه يمكن أن يتقاطع مع بعض الإرادات الإقليمية التي تتبنى مواقف متشددة من تيار الإسلام السياسي». ويتهم التميمي صالح بالمغامرة بما تبقى من معالم الوحدة الوطنية «التي نجمع اليمنيين، لكنه أيضاً يفقد المصداقية لدى أنصاره والمتعصبين معه لأسباب كثيرة بعضها جهود وبعضها متعلق بالمصالح الاقتصادية». ويتوقع المحلل اليمني التميمي أن «تحدث دعوات صالح التحريضية ارتدادات سيئة عليه وعلى مشروعه السياسي بقدر ما ستترك من أثر أسوأ على وحدة المجتمع وعلى التفافه الفاتر حول الهوية الوطنية اليمنية، نتيجة ما أحدثه الانقلاب والحرب من اهتزاز كبير في القيم والمواقف».
وأكد قانونيون يمنيون أن خطاب صالح التحريضي ضد فئات اجتماعية، هو دعوة للإبادة الجماعية تستوجب المحاكمة الدولية، حيث يقول المحامي علي هزازي إن خطاب صالح «تضمن تحريضاً مباشراً للقتل، مستعرضاً أنه يمتلك 400 ألف مقاتل وليس ألفاً أو ألفين، حيث وجه لهم دعوة صريحة لحمل السلاح، كما أن خطابه انطوى على عدد من التناقضات، ففي الوقت الذي يقول إن اليمن يوجه 17 دولة وليس 16 دولة نراه في الخطاب ذاته منفعلا وهو يخاطب الرئيس عبد ربه منصور هادي، وينعته بأنه لم يعد شرعياً، وأن شرعيته هي المال وقتل بعضنا البعض». ويضيف هزازي لـ«الشرق الأوسط»: «كما أنه في كلمته حرض ضد حزب الإصلاح، مطالباً مقاتليه بملاحقة مناصريه قائلاً: أمنوا مناطقكم وتابعوا الخونة والمرتزقة، وهو ما يعتبر في القانون الدولي دعوة صريحة لقتل جماعة على أساس انتمائها الفكري والحزبي، الأمر الذي يعد دعوة ثابتة لارتكاب جريمة إبادة جماعية، كما أن صالح أشاد بحكم الإمامة، متنكراً لكل خطاباته السابقة التي كان يصف حكم الأئمة بالكهنوتي والرجعي والظلامي، وهو ما يعد خيانة للنظام الجمهوري، كما اتهم أو وصف كل من يخالفه بالدواعش متماهياً مع خطاب جماعة الحوثي للتعبئة والتحريض الذي تنتهجه هذه الجماعة».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.