نتنياهو ينجح في تأجيل التصويت على «ضم» معاليه أدوميم

خشية حدوث صدام مع واشنطن مع بدء الاتصالات بشأن لجنة المستوطنات

نتنياهو ينجح في تأجيل التصويت على «ضم» معاليه أدوميم
TT

نتنياهو ينجح في تأجيل التصويت على «ضم» معاليه أدوميم

نتنياهو ينجح في تأجيل التصويت على «ضم» معاليه أدوميم

نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تأجيل التصويت على ضم مستوطنة معاليه أدوميم إلى إسرائيل للمرة الثانية على التوالي، وسط مخاوف متصاعدة من أن يؤدي هذا القرار إلى حدوث صدام بين إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية.
وأعلن عضوا الكنيست يوآف كيش من «الليكود»، وبتسلئيل سموتريتش من «البيت اليهودي»، أنهما قررا تأجيل طرح المشروع على الكنيست لإجراء مزيد من المشاورات مع نتنياهو، وقد أوضح كيش وسموتريتش أن التأجيل جاء بطلب من نتنياهو نفسه.
وكان يفترض أن يطرح المشروع على اللجنة الوزارية للتشريع في الكنيست الإسرائيلي اليوم الأحد. لكن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تأجيل التشريع الذي قوبل سابقا بإدانات وتحذيرات دولية، بما في ذلك تدخل مباشر من واشنطن التي طلبت تجميد المشروع.
وعلى الرغم من التوقعات في إسرائيل بأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيكون أكثر تساهلا إزاء السياسة الاستيطانية من سلفه باراك أوباما، لكن لا يوجد اتفاق إسرائيلي - أميركي على سياسة محددة.
وكان نتنياهو قد اتفق مع ترمب على تشكيل لجان لبحث مسألة الاستيطان. وقالت مصادر إسرائيلية إن طاقم العمل الإسرائيلي المختص بالبناء في المستوطنات، برئاسة سفير تل أبيب في واشنطن رون ديرمر، بدأ عمله مع الطاقم الأميركي برئاسة مستشار الرئيس الأميركي للشؤون الدولية، جيسون غرينبلات. وبدأت اللجان العمل باتصالات بين ديرمر وغرينبلات لبحث وجهات نظر وآليات العمل. لكن خبيرة مطلعة قالت للإذاعة الإسرائيلية العامة إن الفجوات بين الجانبين لا تزال كبيرة. ويدفع الائتلاف الحاكم في إسرائيل نحو مزيد من البناء الاستيطاني بعد فوز ترمب برئاسة الولايات المتحدة، غير أن نتنياهو يطالبهم بمزيد من التعقل خشية الاصطدام مع ترمب. وقد روج في وقت سابق وزير التعليم نفتالي بينيت زعيم «اليت اليهودي» بأن ضم معاليه أدوميم مبادرة مدعومة من الحكومة، لكن نتنياهو أرجأ محاولات تمرير القرار مرتين على الأقل. وقال نتنياهو إنه على الرغم من الترتيبات المتوقعة من أجل الاتفاق على آلية لتنسيق البناء الاستيطاني، فإن «الأمور ليست بهذه البساطة كما تعتقدون». ويرفض الفلسطينيون قطعيا أي ضم لمعاليه أدوميم، ويعدون المشروع نهاية عملية السلام. ومعاليه أدوميم إحدى كبرى مستوطنات الضفة، ويخطط الإسرائيليون منذ سنوات طويلة لربطها في مدينة القدس.
والأسبوع الماضي أطلق بيني كسريئيل، رئيس بلدية المستوطنة، حملة تهدف للضغط على الوزراء لدعم اقتراح قانون الضم، وقام مع مجموعة من المستوطنين بتوزيع أرقام هواتف الوزراء على سكان المستوطنة، وطلبوا منهم إرسال رسائل شخصية لحثهم على التصويت لإحلال السيادة الإسرائيلية على معاليه أدوميم. ويعني ضم معاليه أدوميم مع المنطقة «آي 1» إلى القدس بالنسبة للإسرائيليين، الحفاظ على المستوطنة الكبيرة ضمن السيادة الإسرائيلية، وتوسيع المستوطنة تجاه القدس، أما بالنسبة للفلسطينيين فيعني فصل الضفة الغربية إلى نصفين (شمال وجنوب)، ومنع أي تواصل جفرافي بينهما، إضافة إلى عزل القدس بشقيها الشرقي والغربي عن الضفة وإحاطتها بحزام استيطاني كبير، ناهيك عن رفع أعداد المستوطنين. وأول من أمس، زار رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمدالله، منطقة قرب معاليه أدوميم تعرف بـ«آي 1»، يخطط الإسرائيليون لضمها مع معاليه أدوميم للقدس، وقال من هناك: «هذا تجاوز لكل الخطوط الحمراء... وإذا حدث أي شيء في هذه المنطقة من استيطان، فهذا سيكون نهاية حل الدولتين، ولن نستطيع الحديث عن دولة متواصلة جغرافيا». وأضاف الحمدالله موضحا: «لن نقبل بفلسطين إلا كدولة مستقلة كاملة السيادة والقابلة للحياة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وإذا ما استمرت إسرائيل في استيطانها في منطقة (آي1) فسيتم عزل القدس وتقسيم الضفة الغربية إلى قسمين، ولن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلة ومتواصلة». وأخطرت إسرائيل نحو 140 بدويا يسكنون في المنطقة بضرورة مغادرتها فورا، فيما قالت الأمم المتحدة إن فرض النقل المقترح للمجتمعات يصل إلى حد التهجير القسري والطرد، ويخالف التزامات إسرائيل بوصفها قوة محتلة. وقال كيش إنه على استعداد لـ«التنازل عن ضم (آي 1) إذا كانت هي محل الخلاف، حتى لا تكون عائقا أمام ضم معاليه أدوميم.
ويتوقع أن يدفع مقدمو المشروع به مرة ثانية الأسبوع القادم.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم