تونس وألمانيا تعلنان توقيع اتفاق جديد حول الهجرة

ميركل أعلنت تخصيص 250 مليون يورو لدعم التنمية في المناطق الفقيرة

الرئيس التونسي باجي قايد السبسي يصافح المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قبل اجتماعهما بقصر قرطاج الرئاسي اليوم الجمعة (أ ب)
الرئيس التونسي باجي قايد السبسي يصافح المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قبل اجتماعهما بقصر قرطاج الرئاسي اليوم الجمعة (أ ب)
TT

تونس وألمانيا تعلنان توقيع اتفاق جديد حول الهجرة

الرئيس التونسي باجي قايد السبسي يصافح المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قبل اجتماعهما بقصر قرطاج الرئاسي اليوم الجمعة (أ ب)
الرئيس التونسي باجي قايد السبسي يصافح المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قبل اجتماعهما بقصر قرطاج الرئاسي اليوم الجمعة (أ ب)

وقعت تونس وألمانيا اتفاقاً جديداً حول الهجرة، بمناسبة زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي وصلت الجمعة إلى العاصمة التونسية، في زيارة تهدف إلى تعزيز التعاون بين البلدين، خصوصاً في هذا الملف الذي شكل مصدر توتر بعد اعتداء برلين في ديسمبر (كانون الأول) الذي اتهم به تونسي.
وقال الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، خلال مؤتمر صحافي مع ميركل، إن هذا الاتفاق وقعه البلدان أمس، ومن شأنه أن يرضي الطرفين.
وكان السبسي قد استقبل ميركل القادمة من مصر، بعيد وصولها في وقت سابق، في قصر قرطاج.
وشهدت العلاقات بين تونس وألمانيا توتراً بعد اعتداء برلين الذي أوقع 12 قتيلاً في ديسمبر، ونفذه التونسي أنيس العامري الذي هرب، ثم قتلته الشرطة الإيطالية.
واتهمت برلين تونس بتعطيل ترحيله في 2016، ثم طرح مسؤولون ألمان فكرة فرض عقوبات على الدول غير المتعاونة بشكل كاف في ملف الهجرة، ومنها تونس.
وفي هذا الإطار، زار رئيس الوزراء يوسف الشاهد ألمانيا، وأتاحت زيارته «تهدئة الأمور»، وفق مصدر رسمي تونسي طلب عدم ذكر اسمه.
وقبل الزيارة، رفضت تونس فكرة إقامة مخيمات على أراضيها للمهاجرين الذين يتم إنقاذهم بعد محاولتهم عبور المتوسط انطلاقاً من ليبيا.
وبشأن نحو ألف تونسي يخضعون لإجراءات الترحيل من ألمانيا، قال الشاهد أمام ميركل إن بلاده تتصرف بحسن نية، وإنها تحتاج للتحقق من هويات هؤلاء الأشخاص قبل ترحيلهم.
وقال الرئيس الباجي قائد السبسي، لوكالة الصحافة الفرنسية، في وقت سابق، إن تونس «تتحمل مسؤولياتها» إزاء ألمانيا.
وأضاف: «بالنسبة لي، المسؤولة الوحيدة هي المستشارة. تحدثت معها، وحديثها لا علاقة له» بالتهديدات الصادرة عن مسؤولين ألمان آخرين.
وبعد الحديث عن خلافات، باتت تونس وبرلين تؤكدان رغبتهما في المضي قدماً.
وبشأن مسائل الهجرة، قال سفير ألمانيا أندرياس رينيكي، لإذاعة تونس العامة، إن الإجراءات «بطيئة جداً، ولكنها تحسنت في الفترة الأخيرة، وستتحسن أكثر».
وأكدت الرئاسة التونسية أن هذه المسائل «لا تطرح أي مشكلة بين البلدين (...) لمس الكل في أوروبا أن تونس باتت تسيطر بشكل أفضل بكثير على حدودها».
ولكن زيارة ميركل، وهي «غاية في الأهمية»، بحسب السلطات التونسية، ينبغي أن تتيح بشكل خاص تعزيز الشراكة مع أكبر قوة اقتصادية أوروبية، وفق الرئاسة التونسية التي قالت «نحن نعتمد على مواصلة برلين دعمها للانتقال الديمقراطي».
فرغم دورها الريادي، لم تتمكن تونس من النهوض باقتصادها، ويهدد تعثرها بتقويض المكتسبات الديمقراطية.
وفي مجال التعاون، منذ ثورة 2011، تحظى ألمانيا بمكانة جيدة في البلد الصغير الذي يعاني شريكاه الأوروبيان التقليديان، فرنسا وإيطاليا، صعوبات اقتصادية.
وقال سفير ألمانيا إن قيمة مشاريع التعاون الجاري تنفيذها في تونس بفضل قروض ميسرة في معظمها تقارب مليار يورو في مجالات الزراعة والطاقة المتجددة.
وفي أعقاب مؤتمر دولي للمستثمرين، في نهاية 2016، قال مصدر رسمي تونسي إن «عدداً كبيراً من الشركات الألمانية يرغب بالمجيء» إلى تونس.
ويرافق أنجيلا ميركل وفد من رجال الأعمال. وبالإضافة إلى لقاءاتها مع المسؤولين التونسيين، وخطاب في البرلمان، ستلتقي رجال أعمال تونسيين ومسؤول شركة ناشئة.
من جهة أخرى، أعلنت ميركل عن تخصيص 250 مليون يورو لدعم التنمية في المناطق الفقيرة في تونس، وقالت: «الشباب في تونس يحتاج لفرص عمل، ونحن هنا لأجل ذلك».
وستوجه هذه المبالغ لتمويل المشاريع الصغرى، وخلق فرص عمل للشباب العاطل، بجانب توفير مبالغ لوضع آفاق بديلة للتونسيين المرحلين من ألمانيا.
وأوضحت ميركل: «مهتمون بإعادة التونسيين طوعاً أو إجبارياً، لكن من المهم أن نعطي فرصاً وآفاقاً للعائدين».
وأضافت المستشارة: «سنراعي متطلبات تونس، بتوفير أموال للعائدين، وقد خصصنا 15 مليون يورو إضافي لذلك».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.