{وثيقة الحوار» تؤسس لدولة اتحادية في اليمن

{وثيقة الحوار» تؤسس لدولة اتحادية في اليمن
TT

{وثيقة الحوار» تؤسس لدولة اتحادية في اليمن

{وثيقة الحوار» تؤسس لدولة اتحادية في اليمن

يترقب اليمنيون القضاء على انقلاب ميليشيا الحوثي وصالح، للعمل على تطبيق وثيقة مخرجات الحوار الوطني الشامل التي ينتظر أن تؤسس لدولة اتحادية في ظل حكم رشيد.
واستطاعت الوثيقة تقديم حلول ناجعة وتوافقية لغالب القضايا على الساحة اليمنية خلال العقود الماضية، وعلى رأسهما أصعب اثنتين، قضيتا الجنوب، وصعدة.
وفي مقدمة وثيقة الحوار الوطني الشامل، وصف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي هذه الوثيقة بـ«الأهم في التاريخ اليمني المعاصر»، مؤكدا أن الرؤية المتفردة التي خرجت بها، كفيلة بقطع الطريق أمام عودة الاستبداد أو حكم الفرد، أو القبيلة، أو العائلة، ووضع لبنة حقيقية، لبناء دولة المؤسسات والنظام والقانون، ودولة العدل والمساواة والحريات المسؤولة.
ونجح اليمنيون في نهاية حوارهم، الذي استمر نحو 10 أشهر، في رسم أهم مسارات القضية الجنوبية، وإيجاد حل دائم لمشكلة الجنوب، في إطار دولة اتحادية تضمن التوزيع العادل للثروة والسلطة، دولة مدنية حديثة أساسها المواطنة المتساوية وإقامة نظام حكم رشيد، يكفل تنمية مستدامة بكل أوجهها، مع تعزيز وحماية الحقوق والحريات.
وكان مؤتمر الحوار الوطني الشامل انطلق في 18 مارس (آذار) 2013 في دار الرئاسة اليمنية بصنعاء، برئاسة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وبحضور الأمين العام لمجلس التعاون لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك جمال بن عمر، وسفراء الدول العشر الراعية لعملية الانتقال السلمي في اليمن.
وفي إطار تشخيص الحوار لقضيتي الجنوب وصعدة، أكدت الوثيقة أن الفشل السياسي في إدارة الدولة لكثير من الأزمات، ومن أهمها تنامي الشعور في الجنوب باليأس التام من إمكانية معالجة الأوضاع التي أفرزها هذا الفشل في اليمن عامة، وفي الجنوب على وجه الخصوص، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأصوات في الجنوب في إطار الحراك السلمي الجنوبي عام 2007، الذي لم يجد آذانا صاغية تتعامل مع استحقاقاته بروح وطنية حريصة.
كما أفرز ذلك الفشل، ستة حروب في محافظة صعدة والمناطق المجاورة لها، ألحقت أضرارا كبيرة على شتى المستويات، وأثرت على الاستقرار والأمن، وشهدت اصطفافات وإفرازات لم يعرفها اليمن في تاريخه، وغير ذلك الكثير من جملة الإخفاقات التي امتد أثرها في شمال وجنوب البلاد في صور انهيار للخدمات، وارتفاع معدلات البطالة، وطغيان القوى القريبة من مراكز صنع القرار.
وخلص مؤتمر الحوار، إلى وضع أسس للمصالحة الوطنية، والعدالة الانتقالية، والتدابير التي تضمن عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني في المستقبل، وسبل تعزيز حماية حقوق المجموعات الضعيفة بما فيها الأطفال، والسبل اللازمة للنهوض بالمرأة، إلى جانب الإسهام في تحديد أولويات برامج التعمير والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
ونصت وثيقة مخرجات الحوار الوطني الشامل، التي وصفها الرئيس هادي، بأنها تمثل خلاصات آمال وطموحات الشعب اليمني منذ فجر نضاله، من أجل الحرية والحياة الكريمة على مبادئ الحكم الرشيد الذي تتمثل أهم سماته في المساءلة، والشفافية، والمساواة، والعدالة، والكفاءة، والفعالية، وسيادة القانون، وتوسيع المشاركة.
ومن ضمن المعالجات التي شملتها الوثيقة، ضمان الحرية المذهبية والفكرية، وممارسة الشعائر، وتحريم فرضها أو منعها بالقوة من أي جهة كانت، وأن تكون الدولة وأجهزتها محايدة، وألا تقوم بتبني أو دعم مادي أو معنوي أو تقديم تسهيلات إلى مذهب أو فكر وبما يضمنه الدستور وينظمه القانون، إلى جانب تقديم برنامج تنمية شامل لمحافظة صعدة والمديريات المتضررة، على أن يكون واضح المعالم ومحددا بمدة لا تزيد على خمس سنوات، وبموازنة محددة ومعلومة، وبرنامج تنفيذي متزامن، يشمل كل قطاعات التنمية بما في ذلك قطاع التعليم العالي، وقطاع الزراعة، والتسويق، وفتح منفذي علب والبقع الحدوديين.
كما شددت الوثيقة على أهمية وضع نصوص دستورية، تجرم الحصول على الأموال من جهات خارجية تحت أي اسم، واعتبار ذلك خيانة عظمى، واعتبار أي سلوك أو علاقة فردية خارج الدولة جريمة تمس الأمن الوطني والدولة هي المسؤولة عن تنظيم العلاقات الخارجية الخاصة بالأمن والسيادة وفقا للقانون، إضافة إلى تحريم وتجريم استخدام الجيش في الصراعات الداخلية.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.