بوتفليقة يتعهد باستكمال سياسة المصالحة في خطاب تنصيبه لولاية رابعة.. ويعين سلال رئيسا للوزراء

الرئيس يتخطى بصعوبة امتحان قراءة نص القسم الدستوري

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أثناء أدائه اليمين الدستورية في العاصمة أمس (رويترز)
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أثناء أدائه اليمين الدستورية في العاصمة أمس (رويترز)
TT

بوتفليقة يتعهد باستكمال سياسة المصالحة في خطاب تنصيبه لولاية رابعة.. ويعين سلال رئيسا للوزراء

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أثناء أدائه اليمين الدستورية في العاصمة أمس (رويترز)
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أثناء أدائه اليمين الدستورية في العاصمة أمس (رويترز)

قال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، المنتخب لولاية رابعة إن «يد الجزائر لا تزال ممدودة لأبنائها الضالين، الذين أجدد لهم الدعوة للعودة إلى الديار». وتعهد بأن «تبقى المصالحة الوطنية أولويتي، باسم الشعب الذي اعتنقها وتبناها». ولكنه هدد بـ«الضرب بيد من حديد كل اعتداء إرهابي يستهدف أمن المواطنين والممتلكات».
ووزعت الرئاسة أمس خطابا على الصحافة المحلية، بمناسبة حضور بوتفليقة إلى «قصر الأمم»، بالضاحية الغربية للعاصمة، لأداء اليمين الدستورية التي تعد إيذانا ببداية ممارسة مهامه كرئيس لولاية جديد، جاء فيه أن الشعب الجزائري له أن يعول على جيشه ومصالحه الأمنية لحماية بلاده من أي محاولة تخريبية أو إجرامية أيا كان مصدرها. وفهم من كلام بوتفليقة أنه يقصد اعتداء إرهابيا طال قافلة للجيش بشرق العاصمة، قبل عشرة أيام، خلف مقتل 14 جنديا. وتزامن ذلك مع صدور نتائج انتخابات الرئاسة التي فاز فيها بوتفليقة بنسبة 80 في المائة من الأصوات.
وقال بوتفليقة في الخطاب «أهيب، في ذات الوقت، بكافة مواطنينا أن يضعوا مصلحة الوطن فوق أي خلاف أو اختلاف سياسي، حتى وإن كان الخلاف والاختلاف من الأمور المباحة في الديمقراطية. ذلك أنه لا يمكن لا للديمقراطية، ولا للتنمية، ولا لأي مطمح وطني آخر أن يتحقق له التقدم دون استقرار داخلي، بل ودون وفاق وطني وطيد يكون أفضل حماية للبلاد من أي عملية مناوئة قد تهدده من الخارج». ويفهم من ذلك أنه إشارة إلى أحزاب المعارضة التي قاطعت الانتخابات، والتي تصعد من لهجتها ضد النظام حاليا الذي تتهمه بـ«رفض التغيير عن طريق فرض رئيس مريض في سدة الحكم». ولم يوضح بوتفليقة كيف «سيستكمل المصالحة» التي يروج لها الموالون له. والشائع أنه بصدد الترتيب لرفع الحظر عن نشطاء «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، الذي منعهم «قانون المصالحة» الصادر في 2006 من ممارسة السياسة.
وبينما تمكن بوتفليقة من قراءة نص اليمين الدستوري المتكون من 94 كلمة، بصعوبة، عجز عن قراءة خطاب تنصيبه رئيسا لولاية رابعة. فقد واجه صعوبة كبيرة في النطق وتوقف عند الفقرة الثالثة من الخطاب الذي يتكون من 29 فقرة أخرى. ولاحظ المئات من المدعوين للمراسيم، أن بوتفليقة الذي كان جالسا على كرسي متحرك، أظهر مؤشرات عجز عن الوفاء بأعباء تسيير دولة.
وتعهد بوتفليقة بـ«تعزيز وفاقنا الوطني وجعل الديمقراطية تقطع أشواطا نوعية جديدة». وقال «سأعيد عما قريب فتح ورشة الإصلاحات السياسية التي ستفضي إلى مراجعة الدستور مراجعة توافقية، وستدعى القوى السياسية وأبرز منظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية للإسهام في هذا العمل البالغ الأهمية. وفي كنف احترام المبادئ الأساسية التي يمنع الدستور بالذات المساس به، ودون إضرار بمواقف المشاركين في الاستشارة التي سنجريها».
وأعطى بوتفليقة ملامح التعديل الدستوري المرتقب، بالحديث عن «تعزيز الفصل بين السلطات وتدعيم استقلالية القضاء ودور البرلمان، وتأكيد مكانة المعارضة وحقوقها وضمان المزيد من الحقوق والحريات للمواطنين». وتطالب المعارضة بإعادة المادة الدستورية التي تمنع الترشح لأكثر من ولايتين، بعد أن ألغاها بوتفليقة في تعديل دستوري أجراه في 2008 ليفتح لنفسه باب الترشح لولاية ثالثة. يشار إلى أن أحزاب المعارضة قاطعت مراسيم القسم الدستوري، ورفض ثلاثة مترشحين للانتخابات حضورها وهم علي بن فليس خصم بوتفليقة الأول، وعلي فوزي رباعين وموسى تواتي. بينما حضرت مرشحة اليسار لويزة حنون وعبد العزيز بلعيد الذي أحدث مفاجأة بحصوله على المرتبة الثالثة في أول ترشح له للرئاسة.
ووعد الرئيس بالسهر على مواصلة التنمية وعلى بناء اقتصاد متنوع، متنامي القوة، يكون مكملا لإمكانياتنا من المحروقات. وستوجه جهودنا أيضا لتدعيم محاربة الفوارق الجهوية. من هذا الباب سيشمل البرنامج الخماسي المقبل للاستثمارات العمومية، الذي سيكون برنامجا مكثفا لصالح سائر القطاعات وكافة مناطق الوطن، تدابير جديدة لفائدة ولايات الجنوب والهضاب العليا، إلى جانب المناطق الجلبية.
من جهة أخرى، أعلن بيان لرئاسة الجمهورية الجزائرية أن الرئيس بوتفليقة أعاد تعيين عبد المالك سلال في منصب رئيس الوزراء وإنهاء مهام يوسف يوسفي الذي شغل المنصب بالنيابة خلال إدارة سلال للحملة الانتخابية لبوتفليقة.
وهذا التعيين هو أول قرار اتخذه بوتفليقة بعد أداء اليمين الدستورية الاثنين ومباشرة مهامه لولاية رابعة.
وتسلم سلال منصب رئيس الوزراء في الرابع من سبتمبر (أيلول) 2012 إلى مارس (آذار) 2014 عندما كلفه بوتفليقة إدارة حملته الانتخابية.
وسلال المولود في الأول من أغسطس (آب) 1948 بقسنطينة (430 كلم شرق الجزائر) خريج المدرسة الوطنية للإدارة في الجزائر، وأحد أكثر الأوفياء للرئيس بوتفليقة.
وكلف بوتفليقة سلال بإدارة حملاته للانتخابات الرئاسية في 2004 و2009 و2014، مفضلا إياه على قادة الأحزاب الكبيرة التي ساندته منذ أول ولاية له في 1999 وخصوصا حزب جبهة التحرير الوطني صاحب الأغلبية في البرلمان وحليفه التجمع الوطني الديمقراطي الذي يقوده رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».