أسواق العالم «أكثر اطمئناناً» بعد خطاب «أقل حدة» من ترمب

الفيدرالي يقترب من رفع الفائدة... والدولار يحلق و«داو» يخترق 21 ألف نقطة

متعاملون في بورصة نيويورك أمس (رويترز)
متعاملون في بورصة نيويورك أمس (رويترز)
TT

أسواق العالم «أكثر اطمئناناً» بعد خطاب «أقل حدة» من ترمب

متعاملون في بورصة نيويورك أمس (رويترز)
متعاملون في بورصة نيويورك أمس (رويترز)

استقبلت الأسواق العالمية خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمام الكونغرس فجر أمس بانتعاش طال أغلبها، وذلك رغم تركيز الرئيس الأميركي على الاقتصاد الداخلي، وعدم إفصاحه عن تفاصيل دقيقة لخططه المقبلة... لكن أغلب الأوساط الاقتصادية استقبلت لهجة الخطاب «الأقل حدة وهجوماً» عن المعتاد بارتياح كبير ترجمته في ارتفاع جماعي.
وفي الخطوط العريضة لخطابه الأول، دعا ترمب إلى إصلاحات اقتصادية وسياسات تجارية «لإعادة تشغيل محرك الاقتصاد الأميركي». حيث وعد بتخصيص تريليون دولار من الاستثمارات العامة والخاصة من أجل تطوير البنية التحتية في الولايات المتحدة، موضحا أنه «سيتم تمويلها بفضل رؤوس أموال من القطاعين العام والخاص، وهو ما سيخلق ملايين الوظائف». ووعد ترمب مجددا بالقيام بإصلاح ضريبي «تاريخي» سوف «يقلل من الضرائب على شركاتنا حتى تتمكن من التنافس مع أي كان، والازدهار في أي مكان»، مشدداً أيضا على اتجاه لـ«تخفيف هائل للضرائب على الطبقة المتوسطة»، من دون أن يخوض في تفاصيل ذلك. كما كرر وعوده بفرض ضرائب على الواردات الأجنبية، لحماية الصناعة الأميركية. وقال إنه «في الوقت الراهن، عندما نصدّر المنتجات من أميركا، كثير من البلدان الأخرى تجعلنا ندفع الرسوم الجمركية، في حين أن الشركات الأجنبية التي تصدّر منتجاتها إلى أميركا لا نجعلها تدفع شيئاً تقريباً». لكنه أكد أيضا «أنا أؤمن بالتجارة الحرة بقوة، لكنني أؤمن أيضا بتجارة منصفة». وأشار عدد من النواب من الحزبين إلى أن تلك الخطط ربما تكون أبعد من أن يتم تحقيقها، لكن الغالبية الجمهورية في الكونغرس أظهرت تأييدها وحفاوتها بتلك الأفكار التنموية.

الدولار يحلق
داخليا، أصيبت أغلب الأوساط الاقتصادية ببعض الإحباط، نتيجة توقعات سادت قبل الخطاب بتفاصيل أكثر عن خطط ترمب وسياساته الاقتصادية، لكن الخطاب لم يحتو إلا على إشارات غير تفصيلية.
لكن الدولار ارتفع لأعلى مستوى له في سبعة أسابيع أمس، مدفوعا بقوة من إشارات من اثنين من كبار صناع السياسات بمجلس الاحتياطي الاتحادي (المركزي الأميركي) إلى احتمال رفع أسعار الفائدة هذا الشهر.
وقال ويليام دادلي، رئيس بنك نيويورك الاحتياطي الاتحادي وأحد المصوتين الدائمين في لجنة السوق المفتوحة بالمركزي الأميركي والحليف المقرب من رئيسة مجلس الاحتياطي جانيت يلين، إن الحاجة إلى تشديد السياسة النقدية «أصبحت أكثر إلحاحا»، بحسب «رويترز».
وقال جون ويليامز، رئيس بنك سان فرنسيسكو الاحتياطي الاتحادي، إن النظر في زيادة أسعار الفائدة كأحد الاحتمالات الواردة بات أمرا جديا في اجتماع مارس (آذار) الحالي، في ظل التوظيف الكامل والتضخم المتسارع.
ومع ارتفاع الدولار تراجع الذهب، وانخفض في المعاملات الفورية ظهر أمس 0.2 في المائة، إلى 1244.86 دولار للأوقية (الأونصة)، متجها للانخفاض لليوم الثالث على التوالي. وبلغ المعدن النفيس أعلى مستوى منذ 11 نوفمبر (تشرين الثاني) عند 1263.80 دولار يوم 27 فبراير (شباط). ونزل الذهب في العقود الأميركية الآجلة بنسبة 0.6 في المائة، إلى 1246.40 دولار للأوقية.
وقال: «كومرتس بنك» في مذكرة: «ستلقي رئيسة مجلس الاحتياطي الاتحادي جانيت يلين كلمة غدا الجمعة. وإذا أشارت تصريحات يلين إلى رفع سعر الفائدة في المستقبل القريب فسيدفع ذلك الدولار لمزيد من الصعود وسيؤثر على سعر الذهب».

«داو» يكسر 21 ألف نقطة
وعلى مستوى الأسواق حول العالم، ظهرت بوادر ارتياح في الأسواق في شكل صعود كبير في غالبيتها، ويرى مراقبون أن «ذلك نابع بالأساس من كون ترمب بدأ في خطابه أكثر اقترابا من شخصية الرئيس... وأنه بعد نحو 40 يوما من ولايته، يظهر أكثر تمكنا من أدواته».
ويشير هؤلاء إلى أن هذا الأداء من الرئيس الأميركي يخفف من حدة المخاوف الدولية السابقة من انتهاجه سياسات حادة ومتعجلة تؤدي إلى تأثيرات دومينو واسعة النطاق حول العالم... والطمأنينة أدت إلى انتعاش واسع.
وفتحت الأسهم الأميركية عند مستويات قياسية مرتفعة، حيث كسر المؤشر «داو» حاجز 21 ألف نقطة للمرة الأولى على الإطلاق، مع تلقي المستثمرين طمأنة من النبرة الأكثر هدوءا في خطاب ترمب، وصعدت أسهم البنوك بفعل وجود فرص أكبر لرفع أسعار الفائدة هذا الشهر.
وارتفع المؤشر داو جونز الصناعي 184.17 نقطة، أو ما يعادل 0.88 في المائة إلى 20996.41 نقطة. في حين صعد المؤشر ستاندرد آند بورز 500 بواقع 18.65 نقطة، أو 0.79 في المائة إلى 2382.29 نقطة. وزاد المؤشر ناسداك المجمع 49.66 نقطة أو 0.85 في المائة إلى 5875.10 نقطة.

انتعاشة أوروبية
وصعدت الأسهم الأوروبية أمس، حيث عززت نتائج أعمال تحركات أسهم معينة، فيما كان قطاع الموارد الأساسية الأفضل أداء ضمن القطاعات، بعدما تعهد ترمب بتخصيص تريليون دولار لمشروعات البنية التحتية.
وصعد مؤشر «ستوكس 600» للأسهم الأوروبية 0.7 في المائة، وفاق أداء مؤشري «داكس الألماني» و«كاك الفرنسي» باقي المؤشرات، وزاد كل منهما بنسبة واحد في المائة. بينما زاد مؤشر قطاع الموارد الأساسية 1.4 في المائة.
واستمرت وتيرة عقد الصفقات الأوروبية، حيث صعد سهم «بانكو ساباديل»، خامس أكبر البنوك الإسبانية وأحد أكبر الأسهم الرابحة، بنسبة 3.4 في المائة، بعدما قال إنه باع وحدة التجزئة التابعة له في فلوريدا إلى «إيبريابنك كورب» مقابل مليار دولار.
وارتفع سهم شركة «مونسلر» الإيطالية للأزياء الفاخرة الذي كان من ضمن أعلى الأسهم الرابحة بنسبة 4.4 في المائة، بعدما حققت الشركة زيادة 18 في المائة في مبيعاتها لعام 2016 بدعم المبيعات في كوريا والصين والولايات المتحدة. وكان سهم شركة «كوفيسترو» الألمانية للبلاستيك الخاسر الأكبر، وتراجع بنسبة 7.8 في المائة واتجه نحو أسوأ أداء يومي له على الإطلاق بعد إعلان شركة «باير» العملاقة للصناعات الدوائية والكيماويات أنها ستخفض حصتها في الشركة من 64.2 في المائة إلى 53.3 في المائة، ليصل سعر سهم «كوفيسترو» إلى 66.50 يورو.
كما كان سهم شركة «مان غروب» البريطانية لصناديق التحوط ضمن الأسهم الأسوأ أداء، وانخفض بنسبة 6.8 في المائة بعد إعلان نتائجها. وقالت الشركة إن إجمالي الأصول زاد ثلاثة في المائة في عام 2016، برغم أن ضعف أداء بعض الصناديق تسبب في انخفاض الدخل من الرسوم.
وفي أقصى الشرق، ارتفعت الأسهم اليابانية لأعلى مستوى لها في أسبوعين في ختام التعاملات أمس مع تغطية المستثمرين لمراكز وتحول الاهتمام إلى السياسة النقدية الأميركية بعد خلو خطاب ترمب من أي تفاصيل أو مفاجآت فيما يتعلق بالسياسة النقدية.
وصعد مؤشر «نيكي» القياسي 1.4 في المائة، ليغلق عند 19393.54 نقطة، وهو أعلى مستوى إغلاق له منذ يوم 15 فبراير مع تغطية المستثمرين مراكزهم في ظل غياب العوامل السلبية عن خطاب ترمب مما أعطى المستثمرين بعض الطمأنينة.
وارتفع مؤشر «توبكس» الأوسع نطاقا 1.2 في المائة، إلى 1553.09 نقطة، كما زاد مؤشر «جيه بي إكس - نيكي 400» بنسبة 1.2 في المائة أيضا لينهي الجلسة عند 13917.46 نقطة.



تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)
امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)
TT

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)
امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة، بمقدار يبلغ نحو ربع المبلغ الحالي، وذلك نتيجة للتأثيرات المترتبة على السياسات التي توعد بها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وفقاً لما أشار إليه «معهد التمويل الدولي» يوم الأربعاء.

وأوضح «المعهد» أن التهديدات بفرض التعريفات الجمركية، وقوة الدولار الأميركي، والتباطؤ في خفض أسعار الفائدة من قبل «بنك الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي، بدأت بالفعل تؤثر على خطط المستثمرين في الأسواق العالمية، وفق «رويترز».

وفي تقريره نصف السنوي، قال «معهد التمويل الدولي»: «لقد أصبحت البيئة المحيطة بتدفقات رأس المال أكثر تحدياً، مما أدى إلى تراجع شهية المستثمرين نحو الأصول ذات المخاطر العالية».

وأشار التقرير إلى أن هذا التحول يؤثر بشكل أكبر على الصين، بينما من المتوقع أن تشهد الأسواق الناشئة خارج الصين تدفقاً «قوياً» للاستثمارات في السندات والأسهم، مدعوماً بشكل خاص من الاقتصادات الغنية بالموارد في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

وقد شهدت الصين في عام 2024 بالفعل أول تدفق خارجي للاستثمار المباشر الأجنبي منذ عقود، ومن المتوقع أن تتحول التدفقات الإجمالية للأموال إلى أكبر اقتصاد في العالم إلى سلبية، حيث يُتوقع أن يصل حجم الخروج إلى 25 مليار دولار في عام 2025.

وأكد «المعهد» أن هذا التباين يُبرز مرونة الأسواق الناشئة غير الصينية، التي تُدعم بتحسن المشاعر تجاه المخاطر، وتحولات هيكلية مثل تنويع سلاسل الإمداد، والطلب القوي على الديون بالعملات المحلية.

وتوقع «معهد التمويل الدولي» أن يتباطأ النمو العالمي إلى 2.7 في المائة عام 2025، مقارنة بـ2.9 في المائة هذا العام، في حين يُتوقع أن تنمو الأسواق الناشئة بنسبة 3.8 في المائة.

ومع ذلك، فإن التدفقات الرأسمالية إلى الأسواق الناشئة من المتوقع أن تنخفض إلى 716 مليار دولار في عام 2025، من 944 مليار دولار هذا العام، ويرجع ذلك أساساً إلى الانخفاض الحاد في التدفقات إلى الصين.

وحذر «المعهد» بأن السيناريو الأساسي في تقريره يفترض تنفيذ التعريفات الجمركية بشكل انتقائي فقط. ومع ذلك، فإذا نُفذت التهديدات بفرض تعريفة بنسبة 60 في المائة على الصين و10 في المائة على بقية العالم، فإن الوضع سيتدهور بشكل كبير.

وأضاف «المعهد»: «تنفيذ التعريفات بشكل أسرع وأقوى من قبل الولايات المتحدة قد يفاقم المخاطر السلبية، مما يعزز الاضطرابات في التجارة العالمية وسلاسل الإمداد، ويضع مزيداً من الضغط على تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة».