أين بدأ الخطأ في مسيرة تراجع كريستال بالاس؟

مسألة الهبوط من الدوري الممتاز تحولت من مجرد أمر ممكن إلى محتمل للغاية

كريستال بالاس دعم صفوفه بالعديد من اللاعبين لكن النتائج لم تتحسن (رويترز)  -  وصفات ألاردايس المنقذ هل تنجح مع كريستال بلاس؟ (رويترز)
كريستال بالاس دعم صفوفه بالعديد من اللاعبين لكن النتائج لم تتحسن (رويترز) - وصفات ألاردايس المنقذ هل تنجح مع كريستال بلاس؟ (رويترز)
TT

أين بدأ الخطأ في مسيرة تراجع كريستال بالاس؟

كريستال بالاس دعم صفوفه بالعديد من اللاعبين لكن النتائج لم تتحسن (رويترز)  -  وصفات ألاردايس المنقذ هل تنجح مع كريستال بلاس؟ (رويترز)
كريستال بالاس دعم صفوفه بالعديد من اللاعبين لكن النتائج لم تتحسن (رويترز) - وصفات ألاردايس المنقذ هل تنجح مع كريستال بلاس؟ (رويترز)

في 18 سبتمبر (أيلول) 2016، نجح كريستال بالاس في إنزال هزيمة قاسية بستوك سيتي بنتيجة 4 – 1، في خضم سلسلة من الانتصارات المتتالية استمرت 3 مباريات، وبدا أن كريستال بالاس قد ودع إلى غير رجعة البداية الواهنة التي قدمها لهذا الموسم.
بحلول منتصف سبتمبر، كان النادي قد ضمن لنفسه مكاناً مستقراً في النصف الأعلى من جدول ترتيب أندية الدوري الممتاز، وبدا أنه استعاد أخيراً التألق الذي دفع به من قبل إلى قاب قوسين أو أدنى من المشاركة في بطولة دوري أبطال أوروبا، خلال موسم أعياد الكريسماس الماضي. وبدأت الثقة تعود لصفوف الفريق، وتطلع المشجعون نحو إحراز الفريق تقدماً للموسم الرابع على التوالي لهم داخل الدوري الممتاز، بل وثار حديث حول جدارة آلان باردو بتولي تدريب المنتخب الإنجليزي، في أعقاب رحيل سام ألاردايس المفاجئ، ولم يكن أحد يدري كيف ستبدو هذه المقترحات مثيرة للسخرية في غضون أشهر قليلة فقط.
بمرور الوقت، اتضح أن هذه الانتصارات الثلاثة المتتالية في سبتمبر كانت بمثابة فجر كاذب، ذلك أنه على مدار المباريات الـ20 التالية في الدوري الممتاز، فاز كريستال بالاس في 3 فقط، وتعادل في 3، بينما خسر 14 أخرى، ليحصل بذلك على 12 نقطة من إجمالي 60 نقطة محتملة. والآن، يحتل النادي المركز الـ18 بين أندية الدوري الممتاز، ضمن الفرق المهددة بالهبوط في قاع الدوري. والتساؤل الذي يفرض نفسه بقوة هنا: كيف وصل كريستال بالاس إلى هذا الوضع المزري؟
في الواقع، بدأ التراجع في نتائج الفريق منذ الموسم السابق، في وقت كان ذهن كريستال بالاس مشتتاً بمشاركته في بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي، التي انتهت بهزيمته أمام مانشستر يونايتد بنتيجة 2 - 1 في النهائي. وتكشف الأرقام أن كريستال بالاس فاز بعدد مضاعف من المباريات أمام خصوم مشاركين بالدوري الممتاز (ستوك سيتي وساوثهامبتون وتوتنهام هوتسبر وواتفورد)، في إطار بطولة كأس الاتحاد، عما حققه على مدار المباريات الـ21 التي خاضها في الفترة بين منتصف ديسمبر (كانون الأول) ومايو (أيار)، في إطار الدوري الممتاز (نوريتش وستوك سيتي)، الأمر الذي يوحي بأن جل اهتمام اللاعبين انصب على بطولة الكأس. ويذكر أن الناديين اللذين وصلا مباراة النهائي في الموسمين السابقين، هال سيتي وإستون فيلا، تعرضا للهبوط في الموسمين التاليين، ويبدو أن هذا النمط سيتكرر هذا الموسم.
وبعد فقدان الفريق الزخم في بطولة الدوري الممتاز، تراجع ترتيبهم داخل جدول أندية الدوري الممتاز على نحو مثير للقلق. ولم يفلح لاعبو كريستال بالاس في استعادة أدائهم المتألق هذا الموسم، الأمر الذي تجلى في تمكنهم من تحقيق الفوز في 6 مباريات فقط من بين إجمالي 26 مباراة حتى الآن. والواضح أن الثقة اختفت تمامًا من نفوس اللاعبين، ويبدو أن أحدًا لم يعد بمقدوره فعل شيء لقلب موازين الأمور، واستعادة تألق كريستال بالاس. والآن، تحول الهبوط إلى احتمالية كبيرة، بعد أن كان مجرد إمكانية بعيدة منذ شهور قليلة فقط.
من ناحية أخرى، ربط البعض بين قدوم المستثمرين الأميركيين، جوشوا هاريس وديفيد بليتزر، ومعهما 50 مليون جنيه إسترليني، إلى النادي في ديسمبر 2015، وبداية هبوط الفريق وتراجع مستواه. وفي الوقت الذي ربما لا يعدو هذا الأمر كونه مصادفة غير سعيدة، يظل ثمة شعور قائم على نطاق واسع بأن النادي فقد الروح والهوية المميزة له، اللتين شكلتا عنصراً بالغ الأهمية بالنسبة للفريق، في وقت كان النادي فيه يصدر صورته كواحد من أندية الدوري الممتاز على مدار الأعوام القليلة الماضية. كما أدخلت بعض التغييرات الشكلية على أيام المباريات، مثل الاستعانة بأنوار متوهجة على نحو أثار في الأذهان صور المباريات في إطار بطولة «سوبر بول» الأميركية، التي تبدو غريبة تماماً عن الثقافة التقليدية للنادي الإنجليزي.
والواضح أن التحرك نحو التحول إلى كيان يحمل طابعاً عالمياً أكبر تسبب في انكماش الجوهر المميز للنادي. وكان الاختيار قد وقع على شعار «جنوب لندن ونفتخر»، بهدف التأكيد على أهمية الصلات الوثيقة مع المجتمع المحلي، لكن هذا الأمر تراجع مع تركز الاهتمام على اجتذاب أنظار جماهير أجنبية، مع التركيز على نحو خاص على السوق الأميركية.
كما تلاشى من صفوف الفريق الشعور بوحدة الصف، ووصلنا الآن إلى نقطة بدأت الجماهير عندها في الجدال فيما بينها، بل والدخول في مشاحنات مع اللاعبين أنفسهم. وبذلك، تردت العلاقة المتناغمة بين الجماهير واللاعبين للتحول إلى علاقة يغلب عليها الخصام والانقسامات، الأمر الذي يقوض أداء الفريق على نحو واضح.
يذكر أنه منذ أن نجح كريستال بالاس في الصعود إلى الدوري الممتاز عام 2013، بدا الجو العام داخل استاد سلهرست بارك من بين الأكثر صخباً على مستوى أندية الدوري الممتاز. إلا أن ما كان يبدو ميدان مواجهة شديد الخطورة أمام الفرق الزائرة في وقت مضى، تحول بمرور الوقت إلى ساحة للمنافسين لجمع النقاط بسهولة ويسر.
والآن، يخيم على الجو العام أثناء مباريات الفريق شعور بالخوف، وأن كل مجهود يبذله اللاعبون يذهب سدى. والملاحظ أن مستوى أداء كريستال بالاس على أرضه ظل مروعاً على مدار المواسم الثلاثة السابقة. وتشير الأرقام إلى أنه خلال موسمي 2014 - 2015 و2015 - 2016، فاز النادي بست مباريات فقط من إجمالي 19 مباراة خاضها على أرضه، وفاز بـ21 نقطة فحسب من المباريات التي خاضها على أرضه خلال الموسمين. وحتى الآن، خلال الموسم الحالي، فاز كريستال بالاس بسبع نقاط من إجمالي 12 مباراة خاضها على أرضه، مما يعتبر المعدل الأدنى على مستوى الدوري الممتاز، بفارق كبير عن أقرب الأندية له.
من جهته، كان باردو قد عاود الانضمام إلى النادي، في صورة أشبه بالبطل العائد إلى عرينه، في ديسمبر 2014. والمعروف أن باردو من اللاعبين السابقين في صفوف كريستال بالاس، وقد اشتهر بالهدف الذي سجله في شباك ليفربول، في مباراة نصف النهائي ببطولة كأس الاتحاد الإنجليزي عام 1990. وبالفعل، نجح باردو في دفع النادي من المراكز المهددة بالهبوط إلى مركز آمن بمنتصف جدول ترتيب أندية الدوري الممتاز، بحلول نهاية موسم 2014 - 2015. لكن مع حلول وقت رحيله عن النادي في ديسمبر 2016، كانت سمعته قد تشوهت بسبب الأداء بالغ السوء للفريق على امتداد العام السابق، ولم يكن هناك نقص في تمويل الفريق، في إطار محاولات التعافي من هذا التراجع الحاد. ومع هذا، فإنه رغم الاستثمارات الضخمة التي جرى ضخها في الفريق، وإضافة أسماء دولية لامعة، مثل كريستيان بينتيكي وستيف ماندانا، قبل انطلاق الموسم، ظل التراجع حقيقة قائمة داخل كريستال بالاس. وما زاد الطين بلة أن غالبية اللاعبين الذين كانوا قد قدموا أداء متألقاً على مدار السنوات القليلة الماضية، تراجع مستواهم، وفقدوا ثقتهم بأنفسهم.
ونجم عن محاولات باردو ضخ فلسفة هجومية في نفوس اللاعبين ظهور حالة من الوهن الدفاعي بالفريق، ظهرت من وقت لآخر في أحلك الظروف، ربما كان أبرزها الهزيمة المؤلمة أمام سوانزي سيتي بنتيجة 5 – 4، رغم استمرار تقدم كريستال بالاس حتى الوقت بدل الضائع من المباراة. وعلى امتداد الموسم، ظل بادياً على أداء الفريق وباء خطير، تمثل في الميل للتعرض لأهداف في أوقات متأخرة من المباريات. ورغم أن باردو بدا أمام الجماهير أنه وصل نقطة اللاعودة، ظل رئيس النادي ستيف باريش متمسكاً به لفترة أطول قليلاً. وبعد أسابيع قليلة، تكبد باردو ثمن التردي، ليحل محله سام ألاردايس قبيل أعياد الميلاد بمنتصف ديسمبر.
وجاء ألاردايس حاملاً معه وصفه الأثير بأنه «المدرب الذي لم يتعرض ناد يتولى تدريبه للهبوط قط من الدوري الممتاز»، لكن الحقيقة أنه نجح في إنقاذ عدد قليل من الأندية فحسب من هبوط وشيك: سندرلاند العام الماضي، وبلاكبيرن موسم 2008 – 2009، وبولتون خلال أول عامين له بالدوري الممتاز. في المقابل، فإنه على مدار قرابة 20 عاماً من التدريب في الدوري الممتاز، كانت غالبية الأندية التي تولى ألاردايس تدريبها في مركز مستقر ومطمئن بمنتصف جدول ترتيب أندية الدوري الممتاز.
إلا أن النشاط اللحظي الذي يحدث في معظم الفرق لدى قدوم مدرب جديد لم يتحقق في كريستال بالاس مع وصول ألاردايس. وجاء سجل ألاردايس حتى الآن مطابقاً تقريباً لسجل المباريات الثماني الأخيرة لباردو: فوزان وتعادل واحد وست هزائم.



بعد فرارها من «طالبان»... أفغانية سترقص مع فريق اللاجئين في «أولمبياد باريس»

 الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
TT

بعد فرارها من «طالبان»... أفغانية سترقص مع فريق اللاجئين في «أولمبياد باريس»

 الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)

حققت الأفغانية مانيزها تالاش حلمها بالأداء خلال مسابقات «أولمبياد باريس 2024» المقامة في العاصمة الفرنسية، ضمن فريق اللاجئين، بعد هروبها من قبضة «طالبان».

وترقص تالاش (21 عاماً) «بريك دانس»، وكانت أول راقصة معروفة في موطنها الأصلي (أفغانستان)، لكنها فرَّت من البلاد بعد عودة «طالبان» إلى السلطة في عام 2021. ومع ظهور رقص «البريك دانس» لأول مرة في الألعاب الأولمبية في باريس، ستصعد تالاش إلى المسرح العالمي لتؤدي ما هي شغوفة به.

وتقول تالاش في مقابلة أُجريت معها باللغة الإسبانية: «أنا أفعل ذلك من أجلي، من أجل حياتي. أفعل ذلك للتعبير عن نفسي، ولأنسى كل ما يحدث إذا كنت بحاجة إلى ذلك»، وفقاً لما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست».

ترقص تالاش «بريك دانس» وهي في عمر السابعة عشرة (حسابها الشخصي - إنستغرام)

شبح «طالبان»

يرفض العديد من الأفغان المحافظين الرقص، وفكرة مشاركة النساء محظورة بشكل خاص. وفي ظل حكم «طالبان»، مُنعت النساء الأفغانيات فعلياً من ممارسة العديد من الأنشطة الرياضية. منذ عودة الجماعة إلى السلطة قبل 3 سنوات، أغلقت الحكومة مدارس البنات، وقمعت التعبير الثقافي والفني، وفرضت قيوداً على السفر على النساء، وحدَّت من وصولهن إلى المتنزهات وصالات الألعاب الرياضية.

مقاتل من «طالبان» يحرس نساء خلال تلقي الحصص الغذائية التي توزعها مجموعة مساعدات إنسانية في كابل (أ.ب)

وقال تقرير للأمم المتحدة عن حقوق الإنسان هذا العام إن «عدم احترام (طالبان) للحقوق الأساسية للنساء والفتيات لا مثيل له في العالم». منذ اليوم الذي بدأت فيه تالاش الرقص، قبل 4 سنوات، واجهت العديد من الانتقادات والتهديدات من أفراد المجتمع والجيران وبعض أفراد الأسرة. وقالت إنها علمت بأنها إذا أرادت الاستمرار في الرقص، فليس لديها خيار إلا الهروب، وقالت: «كنت بحاجة إلى المغادرة وعدم العودة».

فريق اللاجئين

سيضم الفريق الذي ظهر لأول مرة في ألعاب «ريو دي جانيرو 2016»، هذا العام، 36 رياضياً من 11 دولة مختلفة، 5 منهم في الأصل من أفغانستان. وسيتنافسون تحت عَلَم خاص يحتوي على شعار بقلب محاط بأسهم، للإشارة إلى «التجربة المشتركة لرحلاتهم»، وستبدأ الأولمبياد من 26 يوليو (تموز) الحالي إلى 11 أغسطس (آب). بالنسبة لتالاش، التي هاجرت إلى إسبانيا، تمثل هذه الألعاب الأولمبية فرصة للرقص بحرية، لتكون بمثابة رمز الأمل للفتيات والنساء في أفغانستان، ولإرسال رسالة أوسع إلى بقية العالم.

انتقلت إلى العيش في إسبانيا بعد هروبها من موطنها الأصلي (حسابها الشخصي - إنستغرام)

وفي فبراير (شباط) الماضي، تدخلت صديقة أميركية لتالاش، تُدعي جواركو، بالتقديم إلى عناوين البريد الإلكتروني الأولمبي لمشاركة الفتاة الأفغانية، وفي اليوم التالي، تلقت رداً واحداً من مدير فريق اللاجئين الأولمبي، غونزالو باريو. وكان قد تم إعداد فريق اللاجئين المتوجّه إلى باريس، لكن المسؤولين الأولمبيين تأثروا بقصة تالاش وسارعوا إلى تنسيق الموارد. وافقت اللجنة الأولمبية الإسبانية على الإشراف على تدريبها، وكان المدربون في مدريد حريصين على التطوع بوقتهم.

وقال ديفيد فينتو، المدير الفني للمنتخب الإسباني: «شعرت بأنه يتعين علينا بذل كل ما في وسعنا. في شهر مارس (آذار)، حصلت تالاش على منحة دراسية، مما سمح لها بالانتقال إلى مدريد والتركيز على الاستراحة. وبعد بضعة أسابيع فقط، وصلت الأخبار بأنها ستتنافس في الألعاب الأولمبية». يتذكر جواركو: «لقد انفجرت في البكاء، وكانت تبتسم».

وقالت تالاش: "كنت أبكي بدموع الفرح والخوف".وجزء من مهمة الألعاب الأولمبية المعلنة هو "دعم تعزيز المرأة في الرياضة على جميع المستويات" وتشجيع "مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة". ولهذا السبب، كانت العلاقة بين الحركة الأولمبية وأفغانستان مشحونة منذ فترة طويلة. وقامت اللجنة الأولمبية الدولية بتعليق عمل اللجنة الأولمبية في البلاد في عام 1999، وتم منع أفغانستان من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية في سيدني.

شغفها حقق هدفها

لم يغِب عن تالاش أن موسيقى «البريك» و«الهيب هوب»، المحظورة في موطنها، أعطتها هدفاً لحياتها، وساعدت أيضاً في إنقاذ عائلتها. وقالت: «هذا أكبر بكثير من أي حلم حلمت به من قبل أو حتى يمكن أن أفكر فيه»، مضيفة: «إذا قالت (طالبان) إنها ستغادر في الصباح، فسوف أعود إلى منزلي بعد الظهر».

ويحكي جواد سيزداه، صديق تالاش وزعيم مجتمع «الهيب هوب» في كابل: «إذا سألت الأجانب عن أفغانستان، فإن الشيء الوحيد الذي يتخيلونه هو الحرب والبنادق والمباني القديمة. لكن لا، أفغانستان ليست كذلك». وأضاف: «أفغانستان هي تالاش التي لا تنكسر. أفغانستان هي التي أقدم فيها بموسيقى الراب، ليست الحرب في أفغانستان وحدها».

وعندما كانت تالاش في السابعة عشرة من عمرها، عثرت على مقطع فيديو على «فيسبوك» لشاب يرقص «بريك دانس» ويدور على رأسه، في مشهد لم يسبق لها أن رأت شيئاً مثله. وقالت: «في البداية، اعتقدت أنه من غير القانوني القيام بهذا النوع من الأشياء». ثم بدأت تالاش بمشاهدة المزيد من مقاطع الفيديو، وأصابها الذهول من قلة الراقصات. وأوضحت: «قلتُ على الفور: سأفعل ذلك. أنا سوف أتعلم».

وقامت بالتواصل مع الشاب الموجود في الفيديو (صديقها سيزداه) الذي شجعها على زيارة النادي المحلي الذي تدرب فيه، والذي كانت لديه محاولة لتنمية مجتمع «الهيب هوب» في كابل، ولجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعي لدعوة جميع الأعمار والأجناس للرقص وموسيقى الراب. كان هناك 55 فتى يتدربون هناك. كانت تالاش الفتاة الأولى.

وقال سيزداه (25 عاماً): «إذا رقص صبي، فهذا أمر سيئ في أفغانستان وكابل. وعندما ترقص فتاة، يكون الأمر أسوأ. إنه أمر خطير جداً. رقص الفتاة أمر غير مقبول في هذا المجتمع. لا توجد إمكانية لذلك.

انتقلت إلى العيش في إسبانيا بعد هروبها من موطنها الأصلي (حسابها الشخصي - إنستغرام)

كنا نحاول أن نجعل الأمر طبيعياً، لكنه كان صعباً للغاية. لا يمكننا أن نفعل ذلك في الشارع. لا يمكننا أن نفعل ذلك، كما تعلمون، في مكان عام»، وفقا لما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست».

كانت تالاش أول فتاة تنضم إلى نادي الرقص «Superiors Crew» في كابل.

تهديدات بالقتل

بعد استيلاء «طالبان» على السلطة، فرَّ أعضاء النادي إلى باكستان. وفي أحد الأحداث الجماعية الأولى للفريق في النادي الصغير، انفجرت سيارة مفخخة في مكان قريب. ووقعت إصابات في الشارع، لكن الراقصين بالداخل لم يُصابوا بأذى. ومع انتشار أخبار بأن تالاش كانت ترقص، بدأت تتلقى تهديدات بالقتل.

مقاتل من «طالبان» يقف في الحراسة بينما تمر امرأة في العاصمة كابل يوم 26 ديسمبر 2022... وشجب مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة القيود المزدادة على حقوق المرأة بأفغانستان (أ.ب)

كان من المفترض أن يكون النادي مكاناً آمناً، ولكن في أحد الأيام دخل رجل مدعياً أنه راقص يريد التعلم. وبدا مريباً لباقي الأعضاء، ووفقاً لتالاش وسيزداه، سرعان ما داهمت قوات إنفاذ القانون النادي، وألقت القبض على الرجل الذي كان يحمل قنبلة. قال سيزده: «إنهم قالوا إنه عضو في (داعش). لقد أراد فقط أن يفجِّر نفسه».

رحلة الهروب للنجاة!

وبعد بضعة أشهر من الواقعة، غادرت قوات «حلف شمال الأطلسي» والجيش الأميركي أفغانستان، وعادت «طالبان» إلى السلطة في 2021، وقال سيزداه إن مالك العقار اتصل به وحذره من العودة، وإن الناس كانوا يبحثون عن أعضاء الفريق، وقال سيزداه: «هناك أسباب كثيرة» للمغادرة. «الأول هو إنقاذ حياتك».

وقام العشرات من أعضاء نادي «الهيب هوب» بتجميع ما في وسعهم وتحميلهم في 3 سيارات متجهة إلى باكستان. أخذت تالاش شقيقها البالغ من العمر 12 عاماً، وودعت والدتها وأختها الصغرى وأخاً آخر.

وقالت تالاش: «لم أكن خائفة، لكنني أدركت أنني بحاجة إلى المغادرة وعدم العودة. كان هذا مهماً بالنسبة لي. لم أغادر قط لأنني كنت خائفة من (طالبان)، أو لأنني لم أتمكن من العيش في أفغانستان، بل لأفعل شيئاً، لأظهر للنساء أننا قادرون على القيام بذلك؛ أنه ممكن». اضطرت تالاش إلى ترك والدتها في أفغانستان، وتحقق الحلم الأولمبي ولم شمل الأسرة.

لمدة عام تقريباً، عاشوا بشكل غير قانوني في باكستان دون جوازات سفر وأمل متضائل. لم يشعروا بالأمان في الأماكن العامة، لذلك قضى 22 شخصاً معظم اليوم محشورين معاً في شقة. لم يكن هناك تدريب أو رقص. تلقت تالاش كلمة مفادها أن مسؤولي «طالبان» اتصلوا بوالدتها في كابل للاستفسار عن مكان وجود الفتاة الصغيرة. وقالت: «أحياناً أتمنى أن أنسى كل ذلك»، ثم تواصل أعضاء نادي «الهيب هوب» مع السفارات ومجموعات المناصرة والمنظمات غير الحكومية للحصول على المساعدة. وأخيراً، وبمساعدة منظمة إسبانية للاجئين تدعى People HELP، تم منحهم حق اللجوء في إسبانيا.

انقسم الفريق، وتم نقل تالاش وشقيقها إلى هويسكا، وهي بلدة صغيرة في شمال شرقي إسبانيا. كانت لديها وظيفة تنظيف في صالون محلي، ورغم عدم وجود استوديو أو نادٍ مخصص للاستراحة، فقد وجدت صالة ألعاب رياضية تسمح لها بالرقص بعد ساعات العمل. بعد سنوات من الانفصال، تم لم شمل تالاش وعائلتها أخيراً حيث يعيشون الآن في نزل للاجئين بمدريد.