«جنيف»: توقع توقف المحادثات الجمعة وعودتها في 20 مارس

اجتماع اليوم بين المعارضة والوفد الروسي لحل مسائل عالقة

المبعوث الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا ورئيس وفد المعارضة المفاوض نصر الحريري التقيا أمس لبحث تفاصيل «جنيف 4» (أ.ف.ب)
المبعوث الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا ورئيس وفد المعارضة المفاوض نصر الحريري التقيا أمس لبحث تفاصيل «جنيف 4» (أ.ف.ب)
TT

«جنيف»: توقع توقف المحادثات الجمعة وعودتها في 20 مارس

المبعوث الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا ورئيس وفد المعارضة المفاوض نصر الحريري التقيا أمس لبحث تفاصيل «جنيف 4» (أ.ف.ب)
المبعوث الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا ورئيس وفد المعارضة المفاوض نصر الحريري التقيا أمس لبحث تفاصيل «جنيف 4» (أ.ف.ب)

باستثناء القبول «المبدئي» لوفدي النظام والهيئة العليا للمفاوضات الجلوس «وجها لوجه» بدل التفاوض بالواسطة وهو ما جرى حتى الآن منذ الانطلاقة المتعثرة للجولة الرابعة في جنيف يوم الخميس الماضي، فإن المحادثات التي تعتبر مصادر دبلوماسية أوروبية، أنها «لم ترتق بعد إلى مرحلة المفاوضات»، ما زالت تراوح مكانها رغم جهود المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا.
ويبدو أكثر فأكثر أن كلام الأخير الذي سبق افتتاح المحادثات حيث أعلن أنه لا ينتظر «اختراقات» في الجولة الراهنة، آخذ بالتحقق. وترى هذه المصادر أنه إذا استمرت الأمور على المنوال الذي جرت عليه في الأيام الأخيرة، فإن المهلة المتبقية للمحادثات في دورتها الحالية يرجح لها أن تنتهي من غير تحقيق تقدم يمكن البناء عليه. وإذا ما تم العمل بما يخطط له المبعوث الخاص، فإن الجولة الحالية ستتوقف يوم الجمعة المقبل. وبحسب أوساط المعارضة السورية، فإن المحادثات اللاحقة ستعاود في العشرين من مارس (آذار).
وحفل اليوم الخامس من المحادثات بتطورات مهمة: الأول، اللقاء المسائي الذي كان مرتقبا بين وفد الهيئة العليا للمفاوضات، ووفد رسمي روسي جاء إلى جنيف برئاسة نائب وزير الخارجية غينادي غاتيلوف لمواكبة المحادثات ومحاولة دفعها إلى الأمام. قبل ان يعلن عن تـاجيل اللقاء إلى اليوم.
ووترافق خبر الوصول مع دعوة نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف لإشراك الأكراد في المفاوضات والمطالبة بوفد سوري معارض موحد. ووفق الهيئة العليا، فإن كلا المطلبين قديم والإصرار عليهما سيزيد من صعوبة المفاوضات، خصوصا ضم ممثلين عن الحزب الديمقراطي الكردي أو وحدات حماية الشعب الكردية إلى المفاوضات، بالنظر لرفض مزدوج من الهيئة العليا والطرف التركي. وأما التطور الآخر، فقوامه الاجتماع الثنائي الذي ضم وفد الهيئة وفريق المبعوث الأممي وغرضه تسليم الأخير رد الوفد على «الورقة» التي سلمها دي مستورا مساء الجمعة، وهي الورقة نفسها التي أعطيت لوفد النظام ولوفدي منصتي القاهرة وموسكو.
وقالت مصادر المعارضة التي اتصلت بها «الشرق الأوسط» من باريس، إن الاجتماع مع الجانب الروسي «سيكون بالغ الأهمية حول موضوعين مترابطين: احترام وقف إطلاق النار الذي أبرم نهاية العام الماضي، لكن العمل به يبدو نظريا أكثر مما هو فعلي. والثاني، التعرف عن كثب على رؤية موسكو لما يحصل في جنيف ولكيفية التقدم، خصوصا في ملف تشكيل الهيئة الحاكمة الشاملة وغير الطائفية المنصوص عليها في البند الأول في القرار الدولي رقم 2254».
وبحسب المصادر الغربية، فإن وصول الوفد الروسي إلى جنيف يمكن النظر إليه على أنه «مؤشر إيجابي» لأن موسكو تعتبر أنه «لولا جهودها وضغوطها لما التأمت جنيف4» التي تعتبرها نتيجة مباشرة لما توصل إليه اجتماعا آستانة في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) بشأن وقف النار، وهو ما أشار إليه الرئيس الروسي بوتين في تصريح له يوم أمس.
وقال يحيى العريضي، مستشار وفد الهيئة العليا لـ«الشرق الأوسط» مستبقا اجتماع أمس، إن «مصداقية روسيا على المحك» في موضوع وقف النار. وذكر العريضي أن ممثل روسيا في لجنة متابعة وقف النار المشكلة من «مجموعة الدعم لسوريا»، قال علنا يوم الخميس الماضي، إن بلاده طلبت «رسميا» من دمشق وقف القصف خلال مدة المفاوضات. وأضاف العريضي أن هناك احتمالين: الأول أن روسيا لا تريد لأن يتوقف القصف، وبالتالي تستخدم لغة مزدوجة. والاحتمال الثاني أنها غير قادرة على التأثير تماما على النظام وعلى إيران. وخلاصته: «نحن أمام حالة تكتيكية وليس مقاربة استراتيجية روسية» للوصول إلى حل سياسي. لكن قناعته أن «اليد العليا في سوريا هي لروسيا وهي فوق النظام وفوق إيران»، مضيفا أنها «قادرة» على استثمار الجهد العسكري الذي قامت به وتحويله إلى إنجاز سياسي «لو رغبت أو لو حصلت على المقابل الذي تريده».
وفي السياق عينه، قال جهاد المقدسي، من وفد منصة القاهرة لـ«الشرق الأوسط»، إن الطرف الروسي «وإن أصبحت له اليوم مصلحة كبرى في استقرار الوضع السوري الذي لا يرغب في أن يتحول إلى أفغانستان جديدة، إلا أنه ليس اللاعب الوحيد رغم كونه الأقوى بين اللاعبين». ويلتقي المقدسي في رؤيته لموقف النظام مع وفد الهيئة العليا، حيث يرى أن النظام «لا يريد السلام أو الحل السياسي لأن ذلك يعني أن عليه أن يقدم تنازلات وهو لا يريد التنازل عن شيء». من هنا، فإن الأنظار تتجه لما قد يسفر عنه وجود الوفد الروسي في جنيف، حيث يعول عليه الكثير من الأطراف وألهم المبعوث الأممي.
بيد أن المصادر الغربية أطلعت «الشرق الأوسط» على جانب من المحادثات الجانبية مع الدبلوماسيين الروس الذين يواكبون جنيف 4 بخصوص عملية الانتقال السياسي. وبحسب هذه المصادر، فإن الطرف الروسي له «مقاربة ضيقة» بخصوص فهم العملية المذكورة. فهو من جهة يؤكد أن موسكو «تتبنى» القرار 2254 وتسعى لتنفيذه، ولكن وفق مفهومها له. وفي الوقت عينه، فإنه يرفض الخوض في مصير الأسد ويربط مصيره بالانتخابات التي ستجرى بموجب منطوق القرار الدولي. أما العملية الإصلاحية التي يدافع عنها، فإنها «لا تختلف» عما يراه النظام، أي توسيع الحكومة عن طريق ضم شخصيات معارضة يقبلها النظام وبلورة دستور جديد والدعوة لانتخابات، وكل ذلك تحت هالة الأسد الذي يستطيع الترشح للانتخابات الجديدة.
الخلاصة التي تتوصل إليها المصادر الغربية هي أن المفاوضات، إذا انطلقت حقيقة: «ستكون صعبة» ليس فقط في موضوع الانتقال السياسي ولكن أيضا عند البحث في ملفي الدستور والانتخابات والشروط العملية لإجرائها والمشاركة فيها والإشراف الدولي عليها.
وترى المصادر الغربية أن وفد الهيئة العليا «يفتقر» لخبرات في موضوع القانون الدستوري وهي ضرورية عند البحث في الدستور رغم أن المفاوض الرئيسي في وفدها محمد صبرا، رجل قانون لكنه غير متخصص في هذا القطاع.
كذلك تدعوها لمزيد من «العمل الجماعي» والتنسيقي فيما بين أعضائها بما في ذلك في الجانب الإعلامي، مع تفهمها لوضع المعارضة الصعب ميدانيا وسياسيا وماديا. كذلك فإنها ترى أن الضغوط التي تمارس عليها تتصاعد أكثر فأكثر في ظل غياب أميركي يبقى ضروريا للموازنة بمواجهة تأثير موسكو. لكن المصادر الدبلوماسية الأوروبية التي تلتقي يوميا بالمبعوث الأميركي مايكل راتني الذي بقي في موقعه رغم تغير الإدارة لا بل إنه حصل على ترقية إدارية، تقول إنه يكتفي حتى الآن بتكرار المواقف الأميركية لكنه «عاجز» عن طرح فكرة أو مبادرة جديدة بانتظار انتهاء الخارجية الأميركية من «إعادة النظر» في سياستها في سوريا والعراق وفي الوسائل التي تمكنها من تحقيق أهدافها.



الحوثيون يتبنون إسقاط عاشر «درون» أميركية خلال 10 أشهر

طائرة مسيّرة أميركية من طراز «إم كيو - 9» (أ.ب)
طائرة مسيّرة أميركية من طراز «إم كيو - 9» (أ.ب)
TT

الحوثيون يتبنون إسقاط عاشر «درون» أميركية خلال 10 أشهر

طائرة مسيّرة أميركية من طراز «إم كيو - 9» (أ.ب)
طائرة مسيّرة أميركية من طراز «إم كيو - 9» (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الاثنين، إسقاط طائرة أميركية من دون طيار فوق محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وادعت أنها الطائرة العاشرة التي يجري إسقاطها من هذا النوع خلال 10 أشهر.

وجاء إعلان الجماعة الحوثية عن إسقاط المسيّرة الأميركية غداة إطلاق صاروخ باليستي وصفته بـ «فرط صوتي» باتجاه إسرائيل في ثاني هجوم يصل إلى تل أبيب منذ الطائرة المسيّرة التي أصابت شقة سكنية في 19 يوليو (تموز) الماضي، وأدت إلى مقتل شخص وإصابة آخرين.

حطام زعم الحوثيون أنه لطائرة أميركية من دون طيار أسقطوها في صعدة حيث معقلهم الرئيسي (إ.ب.أ)

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع في بيان متلفز إن جماعته أسقطت طائرة تجسس أميركية من نوع «إم كيو9»، وإنها الثالثة خلال أسبوع من الطراز نفسه، والعاشرة منذ بدء تصعيد الجماعة ضد السفن تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وإذ لم يعلق الجيش الأميركي على الفور بخصوص هذه المزاعم، قال المتحدث الحوثي إن إسقاط الطائرة تم في أجواء محافظة ذمار، بواسطة صاروخ أرض - جو محلي الصنع.

وتوعد المتحدث الحوثي باستمرار الهجمات في البر والبحر، والتصدي للقوات الأميركية والبريطانية، ضمن ما تطلق عليه الجماعة «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس».

وكانت الجماعة قد تحدثت عن إسقاط طائرتين من الطراز نفسه قبل أيام في أجواء صعدة ومأرب، ولم تعلق القوات الأميركية بخصوص هذه المزاعم.

تصعيد مستمر

تشن الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، ومنع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها، إضافة إلى السفن الأميركية والبريطانية.

وفي مقابل ذلك، أطلقت واشنطن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي ما سمّته «تحالف حارس الازدهار» لحماية الملاحة البحرية من هجمات الحوثيين قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير (كانون الثاني) بمشاركة من بريطانيا.

مدمّرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً لاعتراض هجوم حوثي (أ.ب)

وتلقت الجماعة الحوثية نحو 700 غارة وقصف بحري - وفق زعيمها عبد الملك الحوثي - في مناطق يمنية عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت في مجملها إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

ومن بين نحو 185 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) الماضي إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بعدد من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

عملية إنقاذ معقدة لناقلة النفط اليونانية «سونيون» إثر تعرضها لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر (رويترز)

وسبق أن تبنت الجماعة الحوثية إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل خلال الأشهر الماضية، لكن لم يكن لها أي تأثير، كما زعمت استهداف سفن في موانئ إسرائيلية بالتنسيق مع فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران، وهي مزاعم لم تؤكدها أي مصادر غربية أو إسرائيلية.

وتواصل فرق إنقاذ في البحر الأحمر منذ يومين عملية معقدة لسحب ناقلة النفط اليونانية «سونيون» التي تشتعل الحرائق على متنها جراء سلسلة هجمات حوثية بدأت في 21 أغسطس (آب) الماضي، وسط مخاوف من كارثة بيئية غير مسبوقة في حال انفجارها أو تسرب حمولتها البالغة مليون برميل من النفط الخام.