سلطات الاحتلال الإسرائيلي تفرض «الموت البطيء» على مرضى السرطان في غزة

تعتقلهم ومرافقيهم في معبر بيت حانون وتعرضهم للمضايقة والابتزاز الأمني

طبيب بملابس مهرج يرفّه عن طفلة مريضة في قسم الكلى في مستشفى الرنتيسي للأطفال في غزة (غيتي)
طبيب بملابس مهرج يرفّه عن طفلة مريضة في قسم الكلى في مستشفى الرنتيسي للأطفال في غزة (غيتي)
TT

سلطات الاحتلال الإسرائيلي تفرض «الموت البطيء» على مرضى السرطان في غزة

طبيب بملابس مهرج يرفّه عن طفلة مريضة في قسم الكلى في مستشفى الرنتيسي للأطفال في غزة (غيتي)
طبيب بملابس مهرج يرفّه عن طفلة مريضة في قسم الكلى في مستشفى الرنتيسي للأطفال في غزة (غيتي)

تعاني «أم نافذ» (54 عاما) من سكان مدينة خان يونس، جنوب وسط قطاع غزة، الكثير من الألم والمشقة والمعاناة الجسدية، منذ إصابتها نتيجة بمرض السرطان، قبل عامين، واكتشف متأخرا وقد بلغ مراحل متقدمة وخطيرة، ما يجعلها عرضة للموت في أي وقت.
وقد حاولت أم نافذ الخروج من قطاع غزة، خلال العامين الماضيين، للعلاج في مستشفيات إسرائيلية، إلا أنها كانت تصطدم في كل مرة، بالمنع لأسباب، يقول ضباط جهاز المخابرات الإسرائيلية، في معبر بيت حانون «إيرز»، إنها أمنية. وكانت آخر مرة قدمت فيها «أم نافذ» طلبا للحصول على تصريح خروج إلى المستشفيات الإسرائيلية، قبل أقل من عشرة أيام، حيث قضت 6 ساعات تتنقل بين صالة الانتظار تارة، وغرفة ضابط المخابرات الإسرائيلية تارة أخرى، متمسكة ببصيص من الأمل، في أن يسمح لها بمغادرة قطاع غزة، للخضوع للعلاج، على أمل أن تكون رحلتها هذه المرة، بداية مرحلة شفاء جديدة، تقضي على مرضها.
وتتعمد السلطات الإسرائيلية، منع إصدار أي تصاريح للمرضى من غزة، قبل أن تستدعيهم لمقابلة في معبر بيت حانون، في حين كانت تمنح مثل هذه التصاريح، وتعطي الموافقة على التوجه إلى الضفة الغربية أو غيرها، بعد تدقيق أمني تجريه من دون حاجة إلى مقابلة المرضى أو استجوابهم من قبل ضابط المخابرات الإسرائيلية.
وحاولت أم نافذ، التي فضلت عدم ذكر اسمها، لأسباب تتعلق بإمكانية رفض الاحتلال، بشكل نهائي، السماح لها بتقديم أي طلب لتصريح، فيما لو أعطت تصريحات إعلامية، الخروج بتحويلة طبية إلى مصر لتلقي العلاج، إلا أن الأطباء في غزة نصحوها بالعلاج في المستشفيات الإسرائيلية بسبب تطور مراحل المرض.
وأشارت إلى أنها قدمت، خلال العامين الأخيرين، 10 طلبات للحصول على تصريح أمني للذهاب إلى أحد المستشفيات للعلاج، إلا أن غالبية هذه الطلبات، رفضت مبكرا، ولكن سمح لها بمقابلة ضباط المخابرات، الذين كانوا يحاولون ابتزازها لتقديم معلومات عن أقارب لها، ينتمون لفصائل المقاومة الفلسطينية. ومع نفيها أي علاقة بهم ورفضها لتقديم أي معلومات، كان يُطلب منها العودة إلى القطاع وتحرم من السفر، كما قالت لـ«الشرق الأوسط».
ووفقا لمؤسسة «أطباء من أجل حقوق الإنسان» التي تساعد المرضى في غزة، فقد حصلت خلال عام 2016، زيادة في حالات منع المرضى من الحصول على تصاريح الانتقال للمستشفيات بالضفة أو القدس أو تل أبيب. وأن تلك الزيادة بلغت 44 في المائة مقارنة بالعام الذي سبقها.
وقالت المؤسسة، إن 69 طلبا تمّ رفضها خلال 2016، مقابل 48 في عام 2015 و23 في 2014.
وتقول أم نافذ لـ«الشرق الأوسط»، إنها تعرضت لوعكة صحية خفيفة، تسببت في كشف مرض السرطان لديها، ما شكل لها صدمة نفسية كبيرة، استمرت أسابيع، استطاعت التغلب عليها بمساعدة زوجها وأبنائها.
وأضاف: «لن أخضع لمحاولات الابتزاز الإسرائيلية، وسأستمر في تقديم طلبات الحصول على تصريح أمني، إلى أن أنجح في تحقيق مرادي، على أمل أن أخضع للعلاج الذي قد يكون لي فيه الأمل الأخير في مواجهة المرض الذي بات ينهش جسدي».
وبحسب إحصائية رسمية صدرت نهاية عام 2016 فقد وصل معدل الإصابة بالسرطان بين الفلسطينيين، إلى 83.9 حالة جديدة لكل مائة ألف نسمة من السكان في قطاع غزة، و83.8 حالة جديدة لكل مائة ألف نسمة من السكان في الضفة الغربية. وبحسب الإحصائية عينها، فإن 52.5 في المائة من حالات السرطان الجديدة، المسجلة لدى الفلسطينيين، هي بين الإناث، و47.5 في المائة بين الذكور.
ويسجل في قطاع غزة أسبوعيا، 12 حالة سرطان على الأقل، حيث شهد قطاع غزة عام 2016 زيادة بنسبة 30 في المائة في عدد الإصابات عن العام الذي سبقه، وفقا لإحصائية صادرة عن مركز العون والأمل لرعاية مرضى السرطان.
ويرجع مختصون ارتفاع عدد الإصابات في غزة، إلى الظروف البيئية وإلى المواد المستخدمة في الأغذية، خصوصا الخضراوات التي تزرع في أراضٍ تعرضت للحروب ولمواد مشعة، حيث تتهم مؤسسات دولية قوات الاحتلال الإسرائيلي باستخدام مواد خطيرة خلال حروبها المتكررة على قطاع غزة.
وتعاني «أم فضل» (41 عاما)، كثيرا من سياسات الاحتلال ومنعها من السفر عبر معبر بيت حانون «إيرز». وقد أبلغت «الشرق الأوسط»، أنها تنتظر ساعات طويلة في غرف التحقيق وخارجها، أثناء المقابلات مع ضباط المخابرات الإسرائيلية، الذين يحاولون ابتزازها للحصول على معلومات، مقابل الموافقة لها على تصريح الذهاب للعلاج. وتقول بلكنة يغلب عليها الوجع والألم: «يحاولون قتلنا بالموت البطيء... يريدون منا إما أن نموت هنا، وإما نكون عملاء لهم». مشيرة إلى أن ضباط المخابرات، يمارسون ضغوطا نفسية هائلة على المرضى خلال المقابلات الأمنية.
وأشارت أم فضل، إلى أن ضباط الاحتلال، يتعمدون إجبار المرضى والمرافقين لهم، على خلع ملابسهم قبل الوصول إلى البوابات، ولا يسمحون لأحد بالاقتراب منهم، قبل خلع ملابسه بشكل شبه كامل، في محاولة لإذلاله.
ولفتت أم فضل، إلى أن الاحتلال يماطل في السماح لها بالخروج من غزة للعلاج، مضيفة أن «الاحتلال لا يقتلنا فقط بأسلحته وصواريخه، إنما يتعمد قتلنا أيضا بالأمراض».
وتشير وزارة الصحة في قطاع غزة، إلى أن 60 في المائة من المرضى الذين يتم إرجاعهم من معبر بيت حانون، هم من مرضى السرطان. مشيرة إلى أن الاحتلال، اعتقل خلال العام الماضي، 4 من المرض، و5 من بين مرافقيهم، وماطل في إعطاء تصاريح العبور لـ67 مريضا.
ومن المشاكل التي تواجه مرضى السرطان في قطاع غزة، نقص بعض أنواع العلاج الكيماوي والعلاج المساعد في رفع مستوى المناعة، وفي عدم وجود مسح ذري وعلاج إشعاعي، وعدم وجود قدرة على عمل «صورة كومبيوتر بالصبغة الدالة على الأورام»، وعدم وجود غرف عزل خاصة للمرضى، لانخفاض مناعتهم نتيجة العلاج الكيماوي، والنقص في التمريض، ونقص عدد الأطباء أصحاب الاختصاص في مجال الأورام.
ووفقا لإحصاءات حصلت عليها «الشرق الأوسط»، من مركز الميزان لحقوق الإنسان، فإن 10 مرضى فلسطينيين توفوا في مستشفيات الضفة وإسرائيل، نظرا لتردي أوضاعهم الصحية، نتيجة إعاقة وصولهم للمشافي في الوقت المناسب، بسبب إجراءات الاحتلال على حاجز «إيرز»، ونقص الإمكانيات الطبية في غزة.
ورصد المركز اعتقال قوات الاحتلال لـ34 من المرضى داخل المعبر، واعتقال 16 من مرافقيهم، وطلبت مخابرات الاحتلال، مقابلة 2222 مريضاً، خلال السنوات الست الماضية.
وتطال الإجراءات العقابية مرافقي المرضى، حيث تشترط قوات الاحتلال، إجراءات عدة خلال عملية تنسيق مرور المرضى، من خلال معبر بيت حانون، من حيث المرافق وسنه وتاريخ تقديم الطلب والفحص الأمني، وجميعها تفضي إلى عرقلة عملية وصول المرضى إلى مستشفياتهم.
فيما دعا برنامج العون والأمل لرعاية مرضى السرطان، في قطاع غزة، وزارة الشؤون المدنية لوضع قضية تصاريح المرضى على رأس أولوياتها، بصفتها الجهة المخولة بضمان هذا الحق لهم، والضغط على الجانب الإسرائيلي في هذا الاتجاه، ووقف العمل معه في حال لم يستجيب لمطالبهم بتسهيل سفر المرضى للعلاج.
وطالب البرنامج وزارة الصحة في حال الرفض للعلاج داخل مشافي الخط الأخضر، والسفر إلى الأردن، عمل خطة طوارئ بديلة لحل هذه المشكلة الدائمة، وإنقاذ حياة المرضى، وتوفير الأدوية والجرعات داخل غزة، وتخفيف معاناة الممنوعين من السفر.
وكان حسام زملط، مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الاستراتيجية، قال أول من أمس، إن إسرائيل ترتكب جريمة إنسانية تفوق جريمة الحرب بحق مرضى السرطان في قطاع غزة.
ودعا زملط، المجتمع الدولي للتدخل، ووضع حد لهذه الجرائم التي ترتكب بحق فئة أنهكها المرض.
وحذر من الابتزاز الذي يتعرض له المرضى وذووهم خلال سعيهم لتلقي العلاج أثناء المرور عبر معابر الاحتلال الإسرائيلي، مشددا على ضرورة بناء قدرات المؤسسات التي تعنى بهذه الفئة، والمساهمة في النهوض بواقع مرضى السرطان، وتمكينهم من التعامل مع متطلبات الحيــاة، والمساهمة في تقديم الخدمة الصحية والتأهيلية والتعليمية لمرضى السرطان، وتمكين أسر مرضى السرطان وتعزيز صمودهم.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».