بارزاني في تركيا اليوم... والحرب ضد الإرهاب على الأجندة

اتفاق نقل نفط كركوك للخارج عبر إيران يحتل أهمية في المباحثات

بارزاني في تركيا اليوم... والحرب ضد الإرهاب على الأجندة
TT

بارزاني في تركيا اليوم... والحرب ضد الإرهاب على الأجندة

بارزاني في تركيا اليوم... والحرب ضد الإرهاب على الأجندة

بأجندة محملة بالموضوعات المهمة، يصل رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني، إلى إسطنبول اليوم، حيث يلتقي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قبل أن يتوجه إلى أنقرة للقاء رئيس الوزراء بن علي يلدريم غدا، في ثالث لقاء بينهما منذ زيارة يلدريم لأربيل في يناير (كانون الثاني) الماضي، والثاني منذ لقائهما قبل أسبوع واحد خلال مؤتمر ميونيخ الثالث والخمسين للأمن.
وتحتل العملية العسكرية في الموصل، والعمليات ضد تنظيم داعش في سوريا، ومكافحة نشاط مسلحي حزب العمال الكردستاني، إلى جانب العلاقات الاقتصادية بين أنقرة وأربيل، جانبا مهما من المباحثات التي سيجريها بارزاني مع المسؤولين الأتراك. وقالت مصادر تركية إن عملية الرقة في سوريا ستكون حاضرة بقوة في المفاوضات، وستتم مناقشة مشاركة عناصر «بيشمركة سوريا» الذين قامت تركيا بتدريبهم في معسكر بعشيقة في شمال العراق، وشاركوا من قبل مع وحدات حماية الشعب الكردية في تحرير مدينة كوباني في عام 2014، في عملية الرقة، حيث تعتبرهم أنقرة من «العناصر الصديقة».
كما سيحتل موضوع الطاقة جانبا مهما من مباحثات بارزاني، خاصة في ضوء الاتفاق المبدئي الذي وقع بين بغداد وطهران في 20 فبراير (شباط) الجاري لإنشاء خط أنابيب لنقل النفط الخام من كركوك إلى الأسواق العالمية عبر إيران. ويتم نقل النفط الخام من كردستان حاليا عبر خط أنابيب النفط الذي يربط بين كركوك وميناء يمورتاليك في مدينة جيهان جنوب تركيا، حيث يصدر إلى الأسواق العالمية تحت إشراف حكومة الإقليم. وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قد التقى بارزاني في ميونيخ ودعاه إلى زيارة طهران، في حين أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تزيد من ضغوطها على إيران، ولذلك فإن المباحثات حول هذا الموضوع ستكون مهمة بحسب المسؤولين الأتراك.
وكان بارزاني قد استبق زيارته لتركيا بالتأكيد على أن قضية استقلال كردستان هي شأن يخص أربيل وبغداد، مشيرا إلى أنه على الرغم من العراقيل فإن الاستقلال هو حق طبيعي للأكراد. وأضاف بارزاني في لقاء مع صحيفة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج» الألمانية، أن الأمر لا يتعلق بتركيا وإيران، مشددا على أن «الاستفتاء حق طبيعي للأكراد، ولا نحتاج لأن نستأذن أحدا لإعلان الدولة الكردية المستقلة». وأثنى بارزاني على مساعي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشأن حل القضية الكردية في تركيا، ووصفه بـ«الجريء» قائلا: «إردوغان أظهر شجاعة كبيرة كسياسي أراد أن يتحاور الطرفان من أجل الوصول إلى حل للقضية الكردية بشكل سلمي، لكن مع الأسف التطورات الأخيرة في تركيا حالت دون ذلك». وطالب بارزاني بالإفراج عن الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش ورفاقه المحبوسين في تركيا. كما شدّد على ضرورة أن يأخذ الأكراد في سوريا بعين الاعتبار المخاوف التركية والتطورات الجارية في المنطقة.
وقال المستشار الإعلامي في مكتب بارزاني، كفاح محمود، لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك تعاونا وثيقا بين تركيا وإقليم كردستان، خاصة أن للجانبين عدوا مشتركا، وهو تنظيم داعش الإرهابي الذي استهدف تركيا واستهدف إقليم كردستان، وأضاف: «على هذا الأساس كانت هناك زيارات لكبار المسؤولين الأتراك للإقليم، كانت آخرها زيارة رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إلى الإقليم، والاجتماعات التي عقدها مع رئيس الإقليم والحكومة، وتشكلت على إثرها مجموعة من اللجان بين الإقليم وتركيا». وتابع بأن من الملفات التي سيبحثها بارزاني «نتائج ومعطيات تلك اللجان التي شُكلت في أربيل وأنقرة».
وبين محمود أنه «منذ انهيار عملية السلام في تركيا، ورئيس إقليم كردستان وكل قيادات الإقليم يدعون الإدارة التركية والعمال الكردستاني إلى اللجوء إلى السلام ونبذ العنف».
بدوره، قال عضو المكتب السياسي للجبهة التركمانية العراقية ورئيس كتلة الجبهة في برلمان إقليم كردستان، آيدن معروف لـ«الشرق الأوسط»، إن الزيارة «تأتي في الوقت المناسب، وتُظهر أن تركيا تولي اهتماما كبيرا بإقليم كردستان وأكثر من أي وقت مضى».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.