«ولاية سيناء» يستعرض قوته بالعريش ويتوعد الأقباط: «الرحيل أو الموت»

استمرار نزوح أسر مسيحية من المدينة والأمن يعيد انتشاره بها

عائلات مسيحية هاربة من العريش بسبب تهديدات تنظيم «ولاية سيناء» لدى وصولها إلى مدخل الكنيسة الإنجيلية في الإسماعيلية أول من أمس (رويترز)
عائلات مسيحية هاربة من العريش بسبب تهديدات تنظيم «ولاية سيناء» لدى وصولها إلى مدخل الكنيسة الإنجيلية في الإسماعيلية أول من أمس (رويترز)
TT

«ولاية سيناء» يستعرض قوته بالعريش ويتوعد الأقباط: «الرحيل أو الموت»

عائلات مسيحية هاربة من العريش بسبب تهديدات تنظيم «ولاية سيناء» لدى وصولها إلى مدخل الكنيسة الإنجيلية في الإسماعيلية أول من أمس (رويترز)
عائلات مسيحية هاربة من العريش بسبب تهديدات تنظيم «ولاية سيناء» لدى وصولها إلى مدخل الكنيسة الإنجيلية في الإسماعيلية أول من أمس (رويترز)

استعرض عناصر تنظيم «ولاية سيناء» قوتهم في شوارع وميادين بمدينة العريش، كبرى مدن محافظة شمال سيناء المصرية أمس، بحسب شهود عيان، قالوا لـ«الشرق الأوسط» إن عناصر التنظيم الإرهابي، اقتحموا متاجر وحطموا كاميرات مراقبة وسط المدينة، ووزعوا منشورات تتوعد الأقباط بالرحيل أو الموت، فيما استقبلت مدينة الإسماعيلية 15 أسرة جديدة نزحت من العريش على خلفية تصاعد عمليات استهدافهم.
وقال أحد سكان مدينة العريش، طلب عدم تعريفه، إن «عددا من التكفيريين اقتحموا مستودعا للإسمنت بوسط العريش (أمس)، كانوا مترجلين، ويتصرفون بهدوء، حطموا الكاميرات، وبعدها اتجهوا ناحية ميدان العتلاوي بوسط المدينة».
وأضاف المصدر، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، أن «الكارثة الأمنية التي تعيشها المدينة لا تقتصر على المسيحيين فقط، أول من أمس عاد جاري بعد أيام من اختطافه على يد التكفيريين، ذهبنا للسلام عليه ورأينا مشهدا مؤلما، تخيل أهله الذين ظلوا خلال أيام ينتظرون ظهور جثته أو فيديو لذبحه».
وخلال السنوات الثلاث الماضية استهدف عناصر تنظيم ولاية سيناء، أكبر التنظيمات الإرهابية في مصر، مدنيين في مدن الشيخ زويد ورفح والعريش، بزعم تعاونهم مع سلطات الأمن. لكن الأسابيع الثلاثة الماضية شهدت ارتفاعا في وتيرة استهداف الأقباط، حيث قتل 5 مسيحيين على الأقل، قبل أن يبث التنظيم إصدارا مصورا أعلن فيه عزمه استهدافهم. وبعد بث الإصدار الجديد قتل 3 أقباط وأحرقت منازلهم، ليرتفع العدد إلى 8 قتلى جراء موجة الاعتداءات.
وشهدت مصر خلال العقدين الماضيين، حالات تهجير لأسر مسيحية محدودة، على خلفيات أحداث عنف طائفي ذي صبغة اجتماعية، لكنها المرة الأولى التي تشهد نزوحا جماعيا لأسر مسيحية على خلفية عمليات إرهابية.
وفي أول تحرك رسمي، قالت غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي، أمس، إن «مجلس الوزراء شكل غرفة عمليات بالتنسيق مع الكنائس المصرية لحل أزمة المسيحيين المهجرين من العريش».
وأضافت الوزيرة، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط، خلال زيارتها لمقر إقامة الأسر المسيحية بالإسماعيلية، أن الأولوية الآن لتوفير إقامة للأسر النازحة، معربة عن اعتقادها بأنهم «سيعودون إلى العريش في أقرب وقت».
وتابعت قائلة: «جئت اليوم للاطمئنان على أهلنا القادمين من العريش، وأؤكد أن هناك دعما ماديا للمضارين لمتطلبات المعيشة وهناك تعويضات أيضا لمن فقدوا ممتلكاتهم».
وقال بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي ناقش «التطورات الخاصة باستهداف المواطنين الأبرياء في منطقة شمال سيناء من قبل التنظيمات الإرهابية»، خلال اجتماع ضم رئيس مجلس الوزراء، ومحافظ البنك المركزي، بالإضافة إلى وزراء الدفاع والإنتاج الحربي، والخارجية، والداخلية، والعدل، والمالية، ورئيسي المخابرات العامة وهيئة الرقابة الإدارية.
وأكد البيان، الذي حصلت الشرق الأوسط على نسخة منه، أن السيسي «وجه بأهمية التصدي لكل محاولات زعزعة الأمن والاستقرار في مصر، ووأد جميع مخططات هذه التنظيمات لترويع أبناء الوطن الآمنين وتهديد ممتلكاتهم».
كما وجه السيسي، خلال الاجتماع، الحكومة باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتسهيل إقامة المواطنين في المناطق التي انتقلوا إليها، وتذليل أي عقبات قد تواجههم.
ويصعب إلى حد بعيد تدقيق أعداد الأسر النازحة من مدينة العريش، وبينما قال مسؤولون في الكنيسة إن نحو 85 أسرة وصلت بالفعل إلى الإسماعيلية، حدد آخرون عدد الأسر بـ45 أسرة فقط من أصل 103 أسر تستوطن مدينة العريش.
وقال نبيل شكر الله، المسؤول الإداري بالكنيسة الإنجيلية بالإسماعيلية، إن الكنيسة استقبلت أمس (السبت) 15 أسرة مسيحية قادمة من العريش، لافتا إلى أنه من المتوقع أن تصل 40 أسرة أخرى خلال الساعات المقبلة، بخلاف نحو 70 أسرة وصلت أول من أمس.
وأشار شكر الله إلى أن الكنيسة الإنجيلية نسقت مع المحافظة لتسكين الأسر المسيحية في نزلين للشباب بطريق البحر وحي الشيخ زايد بالإسماعيلية، كما تم صرف حصص تموينية وخبز لهم.
وأصدر مجلس كنائس مصر، أمس، بيانا أكد فيه أنه يتابع بمزيد من الأسى والقلق، ما يحدث في العريش لمواطنين مصريين مسيحيين، من قتل وتهجير واعتداء على الممتلكات، معتبرا أن تلك الأحداث تمثل «انتهاكا للدستور المصري، وتعدّيا على أبسط حقوق المواطنة، واعتداء على هيبة الدولة، وتشويها لصورتها، وهدما لإنجازاتها».
وقال المجلس، في البيان: «نتضامن بكل قوة مع أسر الضحايا، ومع الذين هُجروا واعتُدي على ممتلكاتهم. وإننا نثق بأن الدولة قادرة على التعامل مع هذه الأزمة، ونتطلع إلى عودة هؤلاء المُهجّرين إلى بيوتهم وأعمالهم في أسرع وقت، وتدبير كل ما يلزم لإنهاء معاناتهم».
وأضاف البيان: «كما أننا نقدّر كل التضحيات لرجال القوات المسلحة والشرطة في سبيل مقاومة الإرهاب واستتباب الأمن والسلام. ونقدّر أيضاً الدور الذي تقوم به الكنائس المختلفة لمساعدة هؤلاء».
وسُمعت أمس أصوات انفجارات ضخمة في العريش، وقال سكان في المدينة إن الانفجارات كانت على طريق العريش الدائري، مرجحين أن يكون قصفا للطيران الذي يشارك في العمليات الأمنية ضد عناصر تنظيم ولاية سيناء.
وقال مسؤول أمني بارز في شمال سيناء، إن «قوات الشرطة المدعومة من الجيش أعادت الانتشار في العريش بعد سلسلة الاعتداءات على الإخوة المسيحيين، وتم تأمين المناطق التي تشهد وجودا لعائلات مسيحية».
لكن أحد أهالي المدينة، طلب أيضا عدم تعريفه، قال لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف: «إن المشكلة الرئيسية تكمن في عدم اعتراف الأجهزة الأمنية بفشل خططها في تأمين المواطنين، ربما نجحت تلك الخطط في حماية الأكمنة والمباني الشرطية، لكننا لا نشعر بالأمان كمواطنين».
وأعلنت السلطات المصرية حالة الطوارئ في مدن العريش والشيخ زويد ورفح، منذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2014، كما فرضت حظر التجوال لنحو 12 ساعة يوميا، قبل أن يخفف لاحقا.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.