سجن سوداني 11 عاماً ساعد أميركياً ليقاتل مع «داعش»

مع مراقبة قضائية لمدة 10 أعوام بعد الإفراج عنه

سجن سوداني 11 عاماً ساعد أميركياً ليقاتل مع «داعش»
TT

سجن سوداني 11 عاماً ساعد أميركياً ليقاتل مع «داعش»

سجن سوداني 11 عاماً ساعد أميركياً ليقاتل مع «داعش»

حكمت محكمة فيدرالية في ولاية فرجينيا أول من أمس بالسجن 11 عاما على سوداني كان اعتقل في العام الماضي لمساعدته أميركيا للسفر إلى الأردن، ثم إلى سوريا، للانضمام لـ«داعش». وكان محمود أمين محمد الحسن (26 عاما)، الذي كان طالبا وسائق سيارة تاكسي، اعترف بأنه نقل بسيارته يوسف حسن فاروق، أميركي اعتنق الإسلام، إلى مطار رتشموند (ولاية فرجينيا)، وهو يعرف هدف فاروق. وحسب وكالة «رويترز»، أصدر الحكم القاضي الفيدرالي أنتوني ترينجا الحكم بالسجن، بالإضافة إلى مراقبة قضائية لمدة 10 أعوام بعد الإفراج عنه.
كان الحسن اعتقل في العام الماضي في سلسلة اعتقالات لأشخاص متهمين بالانتماء لمنظمة «داعش» أو مساعدتها، ومع تحذير جيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي)، عن زيادة نشاطات «داعش» في الولايات المتحدة.
خلال أسبوع واحد في ذلك الوقت، اعتقل عراقيون في ولايتي كاليفورنيا وتكساس، ثم أميركي والحسن في ولاية فرجينيا.
حسب الإقرار القضائي الذي قدمته شرطة «إف بي آي»، اعتقل الأميركي فاروق (28 عاما)، والسوداني الحسن قبيل مغادرة الأول مطار رتشموند في طريقه إلى الأردن ثم سوريا.
في ذلك الوقت، قال شقيق الحسن لصحيفة «واشنطن بوست»، إن إخاه لم يكن إسلاميا متطرفا، ولم ينتم إلى «داعش»، أو إلى أي منظمة إسلامية متطرفة. وقال الأخ: «أنا متأكد مائة في المائة أن أخي بريء. في نهاية المطاف، سيتأكدون (المحققون) بأنهم ارتكبوا خطأ فادحا في حق أخي».
كان الحسن يدرس في كلية شمال فرجينيا، ويعمل سائق سيارة تاكسي. وبينما اعتقل فاروق في مطار رتشموند، اعتقل الحسن في منزله في وودبريدج (ولاية فرجينيا)، من ضواحي واشنطن العاصمة.
وقالت لصحيفة «واشنطن بوست» والدة فاروق، إنه ولد في بتسبيرغ (ولاية بنسلفانيا)، واعتنق الإسلام عندما كان صبيا. وأنه أخفى عن العائلة نوايا سفره للانضمام إلى «داعش». وأنه صار «عدوانيا» وكان يقول لها: «أدعو الله أن يدمر المسيحيين لأنهم أعداء الإنسانية».
حسب التسجيلات الصوتية التي قدمتها «إف بي آي» إلى المحكمة، ظل فاروق يتحدث عن تأييده للتنظيم، ورغبته في السفر للانضمام إليها، منذ أن أكثر من عام قبل اعتقاله. وكان مخبرون يعملون مع الشرطة صادقوا فاروق والحسن. وادعوا أنهم يؤيدانهما في عطفهما على «داعش»، وسجلوا كثيرا من أقوالهما.
في واحدة من التسجيلات الصوتية، قال فاروق لواحد من المخبرين أنه حذر من مخبري «إف بي آي». ويخشى أنهم يتابعونه. وأضاف: «لا أريد أن ذهب إلى السجن لمدة 15 عاما (إذا اعتقلت)». وطلب من أحد المخبرين، لضمان أنه ليس مخبرا، أن يقسم على المصحف الشريف. وقال له: «تقع لعنة الله على الذين يعملون مع الكفار».
وقال فاروق لواحد من المخبرين إنه يخفى عن عائلته نية سفره للانضمام إلى «داعش». وإنه قال لهم إنه ينوي السفر إلى السعودية لدراسة الإسلام.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» أمس (السبت)، أقوال الحسن عند الحكم عليه. اعترف بأنه سمى نفسه «ذئبا وحيدا» (تعبير أميركي بأنه لم يكن عضوا في منظمة إرهابية). وأنه ادعى أنه من «الخلايا النائمة» لـ«داعش» في الولايات المتحدة، رغم أنه لم يكن.
واعتذر لعائلته، ولـ«جميع المسلمين، وللمجتمع الأميركي». وقال: «كنت أحتقر نفسي. كنت أرى نفسي شخصا من دون فائدة. كنت وحيدا. لهذا اعتقدت أن هذا (تأييده لداعش) يملأ الفراغ في أعماقي». وقال إنه كان يتمنى أن يذهب إلى طبيب نفسي. لكن، حسب تقاليده السودانية، ينفر الناس من يفعل ذلك، ويعتقدون أنه مصاب بالجنون.
وأضاف محاميه توماس ديركين أن الحسن «كان يعيش حياة قاسية». حسب الوثائق التي قدمها المحامي إلى المحكمة، كان والد الحسن قاسيا. وهربت والدته مع العائلة إلى مصر، وكان عمره 9 أعوام، في عام 2012، هاجرت العائلة إلى الولايات المتحدة. وبعد ذلك بعامين، توفيت الوالدة. ثم حاولت أخته الانتحار، ودخلت ثانية المستشفى بعد أن فشلت كليتها. ودخل هو المستشفى، ورفض والد فتاة كان يريد أن يتزوجها طلبه.
لكن، قال دينيس فتزجيرالد، المدعي العام، إن مشاكل الحسن النفسية «يمكن أن تكون صحيحة»، لكن، «ليس هذا ذريعة للانضمام إلى منظمة إرهابية». وأضاف: «إذا ربطنا المشاكل النفسية مع الانضمام لمنظمة إرهابية، نظلم كثيرا ملايين الناس الذين يعانون من مشاكل نفسية»



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.