«داعش» يلجأ للحرب الأمنية بعد انتكاساته العسكرية

مقتل 42 شخصًا بتفجير سيارة مفخخة قرب الباب... وانتحاريو التنظيم المتطرف يستهدفون جميع الأطراف

سوريون يبحثون عن اقارب ناجين بين ركام ابنية بضاحية القابون الدمشقية (أ ف ب)
سوريون يبحثون عن اقارب ناجين بين ركام ابنية بضاحية القابون الدمشقية (أ ف ب)
TT

«داعش» يلجأ للحرب الأمنية بعد انتكاساته العسكرية

سوريون يبحثون عن اقارب ناجين بين ركام ابنية بضاحية القابون الدمشقية (أ ف ب)
سوريون يبحثون عن اقارب ناجين بين ركام ابنية بضاحية القابون الدمشقية (أ ف ب)

استأنف تنظيم داعش الإرهابي المتطرف حربه الأمنية، بعد هزيمته العسكرية في مدينة الباب، بشمال غربي سوريا، التي سيطرت عليها قوات «درع الفرات» أول من أمس (الخميس) بالكامل، فنفذ هجومًا بسيارة مفخخة استهدفت منطقة سوسيان، الواقعة شمال غربي الباب بمحافظة حلب، وأسفرت عن مقتل 42 شخصًا معظمهم من مقاتلي الفصائل المعارضة. وللعلم، عادة ما يلجأ التنظيم إلى الحرب الأمنية، مستعينًا بالسيارات المفخخة والانتحاريين، لاستهداف مناطق خسر وجوده فيها، أو مناطق يصعب عليه الوصول إليها. وتندرج هذه الاستراتيجية ضمن تكتيكاته الإرهابية، بحسب ما يقول معارضون سوريون.
«المرصد السوري لحقوق الإنسان» أفاد أمس، بمقتل 42 شخصًا على الأقل، معظمهم من مقاتلي المعارضة السورية، في تفجير سيارة مفخخة استهدفت منطقة سوسيان بعد نحو 24 ساعة على خسارة التنظيم المدينة. ونسب «المرصد» التفجير إلى «داعش»، قائلاً: «بحسب معلوماتنا، فإن مقاتلاً في التنظيم كان يقود السيارة وقام بتفجير نفسه»، قبل أن يتبنى التنظيم العملية عبر منصات إلكترونية ووسائل إعلام تابعة له. وحسب التقارير، استهدف التفجير مقري المؤسسة الأمنية والمجلس العسكري في منطقة سوسيان التي تبعد نحو 8 كيلومترات عن الباب التي كانت آخر معاقل «داعش» في ريف حلب. وحسب المعلومات، كان هناك مدنيون في المكان، وأشار «المرصد» إلى وجود عدد كبير من الأشخاص في عداد المفقودين بعد حدوث التفجير.
جدير بالذكر أن الباب، الواقعة على بعد 25 كلم جنوب الحدود التركية داخل محافظة حلب، كانت آخر معقل كبير للتنظيم المتطرف في المحافظة حلب، كما كانت الهدف الرئيسي لعملية «درع الفرات» التي تنفذها القوات التركية وفصائل سورية معارضة في مقدمتها «الجيش السوري الحر» منذ 10 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وتعد السيطرة الكاملة على الباب نجاحًا كبيرًا لتركيا التي بدأت في 24 أغسطس (آب) عملية غير مسبوقة في شمال سوريا لطرد «داعش» وغيره من الجماعات المتطرفة من تخومها.
وأمس (الخميس) بجانب تحرير الباب، نجحت قوات «درع الفرات» في إخراج التنظيم من بلدتين مجاورتين، هما بزاعة وقباسين بعد أسابيع من حرب الشوارع. وتقع سوسيان خلف خطوط مقاتلي المعارضة على بعد نحو 8 كيلومترات. وقال مقاتل من «لواء السلطان مراد» - إحدى جماعات المعارضة السورية المسلحة - قرب الباب، إن الانفجار «وقع قرب نقطة أمنية، لكن كانت هناك عائلات كثيرة تتجمع هناك وتنتظر العودة للباب. وبالتالي، لدينا كثير من القتلى المدنيين».
وتوقف الباحث العسكري السوري المعارض العميد أحمد رحال عند دلالات التفجير، قائلاً إن التنظيم «يدرك أن خسارة الباب، تعني خسارة خط الدفاع الأول عن معقله في الرقة وعن مدينة الطبقة الاستراتيجية»، مشيرًا إلى أن التنظيم «يسعى لقتل أكبر عدد المقاتلين، معتقدًا أن ذلك من شأنه أن يربك استمرار العمليات إلى معقله». ومن غير أن ينفي رحال وجود «خلل عسكري وأمني استغله التنظيم بالنظر إلى قرب القرى من بعضها»، أشار إلى أن التنظيم «يبعد نحو كيلومترين عن الباب الآن، ويحاول أن يقوم بعمليات مشابهة في إطار عمليات الردع وإنزال الخسائر بقوات الجيش السوري الحر».
غير أن هذه الاستراتيجية، ليست الأولى للتنظيم الذي يتحول من الحرب العسكرية إلى الحرب الأمنية، بعد هزائم تلحق به. وقال رحال لـ«الشرق الأوسط» إن عقيدة «داعش» هي «الانتحار»، لافتًا إلى أن تنفيذ تلك العمليات «يأتي بتسهيل من الخلايا النائمة التابعة له في المناطق إضافة إلى استغلاله المدنيين». وأوضح رحال أن الخلايا النائمة «هم في الغالب من أبناء القرى الذين يقاتلون مع التنظيم من غير أن يُعرف عنهم ذلك، كونهم يكونون ملثمين، وحين يعودون إلى قراهم، ينفون انضمامهم للتنظيم، قبل أن ينفذوا عمليات لقتل المدنيين والقوات المعتدلة»، فضلاً عن ذلك - حسب رحال - يستغل التنظيم عودة السيارات المدنية إلى القرى، ويدخل سيارات مفخخة بينهم، وهو ما يجري عادة في شمال حلب، أو في إدلب، أو في عين العرب في السابق. وذكر حال أن المدنيين «يمثلون سلاحًا هامًا للتنظيم الذين يتخذهم دروعًا بشرية في المعارك، ويتسلل عبرهم إلى المناطق الخارجة عن سيطرته لتنفيذ عمليات إرهابية، ويمثل هؤلاء قنبلة موقوتة في مناطق نفوذ المعارضة في شمال سوريا».
ولا ينفي رحال أن هناك «خللاً أمنيًا يتمكن التنظيم من النفاذ عبره إلى مناطق ينوي استهدافها»، لافتًا إلى أن الخروق «تعود إلى غياب قيادة موحدة في الشمال، وعدم توحيد الفصائل وغياب الحواجز المشتركة لقوات المعارضة، إضافة إلى غياب منظومة أمنية فعالة، وهي ناتجة عن غياب منظومة السيطرة والضبط في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة».
ولكن خروق «داعش»، لا تقتصر على مناطق النظام فحسب، إذ نفذ التنظيم عمليات أمنية ضد مواقع النظام السوري في جنوب دمشق وريفها الجنوبي قرب منطقة السيدة زينب الخاضعة لإجراءات أمنية مشددة، كما نفذ عمليات أمنية في مناطق سيطرة ميليشيات الأكراد في القامشلي والحسكة وعين العرب وغيرها.. كما نفذ عمليات مشابهة في إدلب في مناطق سيطرة المعارضة و«جبهة النصرة».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.