كشف سكان محليون محاصرون في الجانب الأيمن من مدينة الموصل في اتصالات هاتفية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن الأوضاع الإنسانية تزداد سوءًا يومًا بعد يوم مع انعدام الطعام ومياه الشرب والأدوية، وبيّنوا أن التنظيم فرض حظرًا للتجوال وأغلق الأزقة ويقتل كل من يحاول الخروج من منزله حتى لشراء حاجاته الضرورية، التي إن وجدت فإن أسعارها أصبحت باهظة جدًا، كما يعدم من يحاول الهرب عبر النهر إلى الجانب الأيسر.
وقال المواطن عبد الكريم أحمد، من سكان حي الزنجيلي، إن مسلحي تنظيم داعش «ينتشرون في كل الأزقة، وفتحوا غالبية البيوت على بعضها، بحيث يتنقلون من زقاق إلى زقاق عبر هذه البيوت كي لا يستهدفوا من قبل طائرات التحالف الدولي والطيران العراقي». وأشار إلى صعوبة الحصول على المواد الغذائية، مضيفًا: «توفي ابن جارنا الصغير الذي يبلغ من العمر عامًا واحدًا، لأن أمه لا تستطيع إرضاعه، ولم يتمكنوا من الحصول على الحليب، لأنه منعدم في المدينة، فتوفي ودفناه في حديقة منزلهم، فالتنظيم منعنا من الخروج لدفنه في المقبرة».
المواطنة إسراء الجبوري (أم لأربعة أطفال) قالت، بدورها، إن زوجها خرج أول من أمس للبحث عن الطعام، «لكنه لم يعد حتى الآن، أخشى أن يكون معتقلاً لدى مسلحي (داعش) أو حدث له مكروه على أيديهم». وأضافت: «أنا أتكلم بخوف لأن منازلنا معرضة للاقتحام والمداهمة من قبل مسلحي (داعش) بين لحظة وأخرى، فقد استولوا على ما يمتلكه الأهالي في الأحياء الأخرى من أموال وذهب، حتى إنهم استولوا على خزين المنازل من الأغذية ونقلوها إلى مقراتهم»، موضحة أن مسلحي «داعش» فخخوا غالبية الطرق والمنازل الخالية من سكانها.
ويُقدر عدد السكان المحاصرين في الجانب الأيمن بمليون شخص غالبيتهم من النساء والأطفال، وبات هذا العدد من المدنيين بين مطرقة التنظيم وسندان نهر دجلة، وينتظر المحاصرون وصول القوات العراقية إلى الأحياء الجنوبية والغربية من المدينة كي يتمكنوا من الخروج باتجاه هذه القوات بدلاً من اتخاذ النهر، لأن التنظيم ينصب الكمائن عند النهر لاعتقال من يحاول الهروب من المدينة وينفذ في الهاربين الإعدام فورًا، وشهدت الأيام الماضية إعدامه عشرات الشباب والنساء والأطفال الذين حاولوا الخروج من تحت سيطرته باتجاه القوات الأمنية في الجانب الأيسر المحرر.
ومع اقتراب القوات الأمنية العراقية من أول أحياء الجانب الأيمن واقتحامها لمنطقتي الطيران والمأمون ارتفعت أعداد النازحين خلال اليومين الماضيين إلى أكثر من 2000 نازح قدموا من حي المأمون ومنطقة البوسيف، لكن المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية تتوقع أن تزداد أعداد النازحين إلى أكثر من 750 ألف نازح مع دخول القوات الأمنية إلى عمق من هذا الجانب.
وقال المتحدث الإعلامي باسم شبكة منظمات المجتمع المدني في محافظة نينوى، مهند الأومري لـ«الشرق الأوسط»: «القوات الأمنية تنقل النازحين من خطوط التماس فورًا إلى مخيم حمام العليل جنوب الموصل لإجراء التدقيق الأمني في أسمائهم ووثائقهم، وبعدها يُخيرون بين خيارين؛ هما الذهاب إلى بيوت أقاربهم في المناطق المحررة من جنوب الموصل أو نقلهم إلى مخيم الجدعة رقم (4) الذي افتتح قبل أيام ويحتضن نحو 1500 خيمة».
أما مخيم حمام العليل فيتكون من 4000 خيمة، 3500 خيمة منها جاهزة لاستقبال النازحين والعمل متواصل في إتمام الـ500 خيمة الأخرى، ويؤكد الأومري أن مخيم حمام العليل ما زال يعاني من نواقص كثيرة كعدم إيصال التيار الكهربائي إليه، إضافة إلى نواقص في عدد دور الصرف الصحي.
بدوره، أوضح عضو مجلس محافظة نينوى، عبد الرحمن الوكاع، أنه مع تقدم القوات الأمنية «تُفتح منافذ آمنة لخروج المدنيين وإنقاذهم من (داعش)»، مشيرًا إلى أن المحور الرئيسي الذي سيشهد خروج النازحين سيكون جنوب الجانب الأيمن. وتابع الوكاع: «نحن في مجلس محافظة نينوى لنا تنسيق مع فريق عمليات النازحين المختص بإنقاذ النازحين من خطوط التماس والمناطق الخطرة، ومن ثم نقلهم إلى المخيمات الموجودة في ناحية حمام العليل ومخيم الحاج علي ومخيم الجدعة في ناحية القيارة»، مشيرًا إلى إنشاء مستشفيات ميدانية لتوفير العلاج اللازم للنازحين وللجرحى منهم.
«داعش» يغلق أزقة غرب الموصل... ويعدم من يحاول الهرب إلى شرقها
ارتفاع عدد النازحين مع تقدم القوات الأمنية والهرب جنوبًا الخيار الوحيد
«داعش» يغلق أزقة غرب الموصل... ويعدم من يحاول الهرب إلى شرقها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة