فرار جماعي لمسيحيين من العريش مع توالي استهدافهم برصاص «داعش»

قالت مصادر مطلعة في مدينة العريش بشمال سيناء إن «عشرات الأسر المسيحية فرت خلال الساعات الماضية إلى خارج المدينة بعد سقوط قبطي آخر برصاص عناصر تنظيم داعش الإرهابي»، فيما أكدت المصادر أن السلطات المحلية منحت أقباط المدينة إجازة لمدة شهر في إجراء بدا مباركةً لنزوحهم خارج المثلث الساخن في شبه جزيرة سيناء.
يأتي هذا في وقت أدانت فيه الكنيسة القبطية المصرية الأرثوذكسية الأحداث الإرهابية المتتالية التي وقعت في شمال سيناء، مؤكدة أنها تستهدف أبناء الوطن من المسيحيين المصريين.
وذكر بيان رسمي صادر عن الكنيسة أمس، أن «تلك الأحداث تتعمد ضرب الوحدة الوطنية، وتمزيق الاصطفاف في مواجهة الإرهاب، الذي يتم تصديره من خارج مصر، استغلالا لحالة التوتر المتصاعد في كافة أرجاء المنطقة العربية». ونعت الكنيسة أبناءها مضيفة: «نثق أن دماءهم الغالية على الله تصرخ أمامه طالبة العدل، فهو الذي سوف ينظر ويحكم».
وتابع البيان: «الكنيسة في تواصل مستمر مع المسؤولين حسب مواقعهم، ومع الأنبا قزمان أسقف شمال سيناء، ومع المحليات لتدارك الموقف والتخفيف من آثار هذه الاعتداءات». وقتل مسيحي آخر في مدينة العريش بشمال سيناء، في ساعة متأخرة مساء أول من أمس، برصاص متطرفين ينتمون إلى تنظيم داعش المحلي، بتزامن مع تشييع جثماني قبطيين آخرين قتلا قبل ساعات، على أيدي عناصر التنظيم الإرهابي داخل مسكنهما في منطقة كرم أبو نجيلة، بالمدينة التي تقع على رأس المثلث الأكثر نشاطا للتنظيمات الإرهابية في مصر.
وتشير العمليات المتكررة ضد الأقباط خلال الشهرين الماضيين على ما يبدو إلى بدء تنفيذ تنظيم أنصار بيت المقدس، الموالي لـ«داعش»، تهديدات أطلقها مؤخرًا وتوعد فيها الأقباط. وتشير إحصائيات غير رسمية إلى أن «سبعة مسيحيين قتلوا خلال فبراير (شباط) الحالي في حوادث متفرقة استهدفتهم في شمال سيناء». وكان التنظيم الذي يكثف نشاطه في شمال سيناء قد بث تسجيلا مصورا قبل أيام توعد فيه باستهداف المسيحيين بمصر، وعرض التنظيم ما قال إنها الرسالة الأخيرة للانتحاري المسؤول عن تفجير الكنيسة البطرسية في القاهرة في ديسمبر (كانون الأول) والذي راح ضحيته العشرات.
ويعد تنظيم أنصار بيت المقدس أحد أقوى التنظيمات الإرهابية التي ظهرت في شبه جزيرة سيناء، وبايعت أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014.
وأعلنت مصادر طبية في شمال سيناء، مساء أول من أمس، «مقتل مسيحي بطلقات نارية في مدينة العريش بعد أن وصل إلى المستشفى جثة هامدة»، بينما قال شهود عيان بالمدينة، إن «مسلحين متشددين اقتحموا منزل مواطن قبطي يدعى كامل أبو روماني، يمتلك محل سباكة، أثناء وجوده في منزله بحي الزهور بدائرة قسم شرطة ثالث العريش، وقاموا بإطلاق النار عليه، مما أسفر عن مصرعه في الحال». وأضافوا أنه «عقب مقتله تم إشعال النار في المنزل، وأن قوات من الجيش والشرطة تلاحق العناصر الإرهابية المتطرفة».
تزامن ذلك، مع تشييع أهالي العريش جثماني قبطيين آخرين في ساعة متأخرة من مساء الخميس، والتي استمرت حتى الساعات الأولى من صباح أمس بكنيسة الملاك ميخائيل بحي الأربعين، وسط نحيب زوجة العجوز المسن، الذي أطلق عليه الإرهابيون النار ونجله داخل مسكنهما بالعريش وأحرقا جثتيهما. وقال أقارب القتيلين، إن «زوجة ووالدة الضحيتين فوجئت باقتحام تكفيريين منزلهم وسألوها عن اسم زوجها سعد 65 سنة بالكامل وجاء نجلها مدحت 45 سنة، وأطلقوا النار عليهما، ثم أشعلوا النيران في المنزل بعدما سرقوا محتوياته».
في السياق ذاته، قالت المصادر المطلعة نفسها إن «عشرات من الأسر المسيحية فرت من مدينة العريش إلى المدن المجاورة خلال الساعات الماضية». كاشفة عن أن «السلطات المحلية في العريش منحت المسيحيين أجازة لمدة شهر لحين استقرار الأوضاع الأمنية». وتخوض قوات الجيش المصري مواجهات مع مسلحين إسلاميين بشمال سيناء منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي في عام 2013. وكافحت السلطات المصرية عددا من الاعتداءات الطائفية، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي بمحافظة المنيا بصعيد مصر، والتي شهدت وحدها ما يقرب من 6 اعتداءات خلال شهرين فقط. وذبح مواطن مسيحي في الإسكندرية بواسطة أحد المتشددين، وأظهر فيديو تم تداوله على المواقع الإلكترونية قيام المتهم، وهو شخص ملتح، بإخراج سكين كبير من معطفه، وضرب القتيل بالسكين في رقبته أمام أسرته في الشارع.
في السياق نفسه، شنت قوات الجيش والشرطة حملة عسكرية واسعة في سيناء أمس. وتقول السلطات إنها «أسفرت عن مقتل مئات المتشددين». وواصلت قوات الجيش تنفيذ عمليات تمشيط ومداهمات بمناطق مكافحة النشاط الإرهابي بشمال سيناء. وقالت مصادر أمنية، إن حملة أمنية موسعة جرت في مناطق جنوب وغرب مدينة العريش، بمشاركة رتل من القوات البرية، المدعومة بعشرات من الضباط والجنود من القوات الخاصة، ومكافحة الإرهاب والأمن المركزي، مضيفة أن «الحملة أسفرت عن مقتل عدد من العناصر التكفيرية، خلال تبادل إطلاق نار مع القوات المشاركة في الحملة، بجانب ضبط عدد من العناصر الإرهابية المشتبه بها خلال عمليات التمشيط والمداهمات».