برلمان تونس يصادق على قانون يحمي المبلغين عن الفساد

الكتلة البرلمانية لـ«النداء» الحاكم تقدم عريضة لحل {حزب التحرير}

برلمان تونس يصادق على قانون يحمي المبلغين عن الفساد
TT

برلمان تونس يصادق على قانون يحمي المبلغين عن الفساد

برلمان تونس يصادق على قانون يحمي المبلغين عن الفساد

صادق برلمان تونس ليلة أول من أمس على قانون يتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه، في خطوة قالت الحكومة إنها ستساعدها في «مكافحة» هذه الآفة المتفاقمة التي تنخر الاقتصاد الوطني.
وحضر الجلسة 145 من إجمالي 217 نائبا في البرلمان، وصوّت كل الحاضرين على «القانون الأساسي المتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه».
وعقب التصويت قال عبد الفتاح مورو، نائب رئيس البرلمان، إن هذا القانون «إنجاز للثورة» التي أطاحت مطلع 2011 بنظام زين العابدين بن علي.
وبدأ البرلمان منذ الثلاثاء مناقشة القانون بحضور وزير الوظيفة العمومية والحوكمة عبيد البريكي، الذي قال مخاطبا نواب البرلمان عقب المصادقة على القانون، إن وجود «تشريعات قوية مثل هذا القانون سيسهّل علينا عملية مكافحة» الفساد، معترفا بأن حكومة يوسف الشاهد، التي تسلمت مهامها في أغسطس (آب) الماضي، لم تحرز «تقدما كبيرا» في «مكافحة» و«منع الفساد» بسبب غياب التشريعات اللازمة.
وكان الشاهد قد تعهد في الثالث من أغسطس، يوم كلفه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي تشكيل الحكومة، بـ«إعلان الحرب على الفساد والفاسدين».
ويجرّم القانون الجديد «الانتقام» من المبلغين عن الفساد، خصوصا إذا كانوا من موظفي القطاع العام. ويوفر القانون لهؤلاء «حماية» من «المضايقات» و«الإجراءات التأديبية كالعزل أو الإعفاء (من الوظيفة)، أو رفض الترقية، أو رفض طلب النقل (من مكان العمل) أو النقل التعسّفي». كما يجرم «تهديد» المبلغين عن الفساد.
من جهة ثانية، تقدمت الكتلة البرلمانية لحزب النداء الحاكم في تونس بلائحة برلمانية لإدانة حزب التحرير(حزب إسلامي ينادي بعودة الخلافة)، والمطالبة بإيقافه الفوري عن النشاط في انتظار اتخاذ القرار القانوني بحلّه، وتطبيق قانون الأحزاب ضده.
وذكرت الكتلة البرلمانية لحزب النداء المشكّلة من 67 نائبا برلمانيا، أن حزب التحرير «معاد للديمقراطية ولكل مقومات الدولة التونسية، وهذا سبب جوهري لإيقافه عن النشاط».
وهذه ليست المرة الأولى التي ينادي فيها طرف سياسي بحل حزب التحرير الإسلامي، واتهامه بمواقف متطرفة، إذ سبقتهم إلى ذلك حكومة الحبيب الصيد حين اتهمته، إلى جانب تحالف الجبهة الشعبية اليساري، بالوقوف وراء الاحتجاجات الاجتماعية في جزيرة قرقنة خلال السنة الماضية.
وبخصوص هذا الطلب الجديد، أفاد حسن العماري عضو كتلة حزب النداء في البرلمان، بأن اللائحة سيتم النظر فيها خلال اجتماع رؤساء الكتل البرلمانية، ومن ثم يتم التصديق عليها خلال الجلسة العامة بالبرلمان، وإحالتها في مرحلة ثالثة على أنظار رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، ويوسف الشاهد رئيس الحكومة.
أما بخصوص مدى مشروعية تقدم إحدى الكتل البرلمانية بلائحة برلمانية لحل حزب سياسي يملك ترخيصا قانونيا، فقد أوضح العماري أن الفصل 141 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب (البرلمان) يمنح لكل كتلة نيابية حق تقديم لائحة إلى رئيس الجمهورية، دون الحديث عن محتواها وهدفها، إن كان سياسيا أم قانونيا، مبرزا أنه يجب النظر والتدقيق في قائمة الأطراف السياسية الداعمة لحزب التحرير على المستويين الداخلي والخارجي، ومؤكدا على ضرورة إيقافه على الفور.
ووجهت الكتلة البرلمانية لحزب النداء، الطرف الأساسي في الائتلاف الحاكم الحالي، وحزب النهضة الإسلامي، إلى حزب التحرير تهمة عدم إيمانه بالدولة وبنظامها الديمقراطي، وقالت إنه اختار علما غير العلم التونسي، ويتبنى مواقف ضد الدولة، واتهمته بالسعي إلى تجاوز جميع السلطات.
وفي رده على هذه اللائحة الجديدة الداعية إلى حله، قال محمد مقديش، القيادي في حزب التحرير لـ«الشرق الأوسط»، إن حزبه «لم يخالف أي بند من بنود قانون الأحزاب التونسي، ونشاطاته واضحة وشفافة، وهو يُعلم الأطراف المعنية عن كل أنشطته، ولكنه لن يتخلى عن المبادئ التي يؤمن بها».
وأكد مقديش أن التلويح بسحب الترخيص وحل الحزب «مسألة تطغى عليها رائحة السياسة»، ودليله على ذلك أن القضاء أنصف حزب التحرير في أكثر من مناسبة، ورفض دعاوى لحله وإيقافه عن النشاط. موضحا أن الحكومة تقوم كلما واجهت عجزا في حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية المتراكمة «بمعالجة أخطائها بتوجيه الاتهامات للأحزاب السياسية التي تدعم التحركات الاجتماعية، ومن بينها حزب التحرير، وتعلق شماعة الفشل عليها»، على حد تعبيره.
وأوضح مقديش أن سحب الترخيص من الحزب لا يستقيم قانونيا؛ لأنه لا يوجد أي دليل على مخالفات صادرة عن الحزب وقياداته تستوجب سحب الترخيص منه، موضحا أنه تمت إثارة مثل هذه القضية في عدد من المناسبات، وأن الأمر بات مكررا، فكلما أحست السلطات بأن المواطنين أصبحوا يتبنون نفس أفكار الحزب وتوجهاته المرتبطة بالتنمية والمطالب الاجتماعية والموقف من عدة مسائل، من بينها استغلال الثروات الطبيعية من قبل الشركات الأجنبية، كلما سعت إلى طرح ملف الترخيص القانوني لحزب التحرير، على حد قوله.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.