ربا زعرور: لن أقوم بمشهد جريء إلا إذا كان مكمّلاً للقصة

شاركت في فيلم «اسمعي» من خلال دور أثار الجدل

الفنانة اللبنانية ربا زعرور
الفنانة اللبنانية ربا زعرور
TT

ربا زعرور: لن أقوم بمشهد جريء إلا إذا كان مكمّلاً للقصة

الفنانة اللبنانية ربا زعرور
الفنانة اللبنانية ربا زعرور

قالت الممثلة اللبنانية ربا زعرور إن مشاركتها في بطولة فيلم «اسمعي»، زوّدها بتجربة فنيّة لا تشبه غيرها. وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم أتردد ولا للحظة في المشاركة بهذا الفيلم لا سيما وأن العقل المفكّر الذي يقف وراءه هو المخرج اللبناني العالمي فيليب عرقتنجي». وتابعت: «لم يكن من السهل الحصول على هذه الفرصة مرارًا ولذلك تركت كلّ شيء ورائي في أميركا، حيث كنت أعمل في إحدى الشركات السينمائية المنتجة، لأعود أدراجي لبنان وأشارك في هذا الفيلم».
ووصفت الممثلة اللبنانية والتي سبق أن شاهدناها في الفيلم اللبناني «كاش فلو 2» أيضًا، تجربتها هذه بالغنيّة من جميع النواحي وأنها عند نهاية التصوير شعرت بجهوزيتها الكاملة للقيام بأي تجربة تمثيلية أخرى. وقالت: «طيلة مدة التصوير كان المخرج فيليب عرقتنجي يحثّنا على القيام بأدوارنا بشغف وحبّ، كما كان لا يتوانى عن إعادة المشاهد مرات كثيرة حتى تصبح وافية لشروطه وكما يراها بعينه الثاقبة. حتى إنه علّمنا أهمية الصوت في حياتنا وكيف علينا الإصغاء لبعضنا البعض بدل تبادل وجهات النظر بالصراخ». ورأت الممثلة اللبنانية أنها وبعد قيامها بهذا الفيلم الذي يرتكز على أهمية الصوت في حياتنا، صارت تتنبّه بشكل أكبر إلى أي جزء منه إن في مجال الطبيعة أو في يومياتنا. وعلّقت: «من المهم جدًا أن نستمع لبعضنا بعيدًا عن كلّ هذا الضجيج الذي يحيط بنا، ولعلّ قصة الحب التي تدور في الفيلم ساهمت في إظهار أهمية هذا الأمر في علاقاتنا ومدى فعاليته علينا». ورأت ربا زعرور أنها شعرت بنضجها الفني بعيد الانتهاء من تصوير الفيلم إلى حدّ جعلها تتمنى لو تستطيع إعادة تمثيله من جديد للخبرة الكبيرة التي زوّدها بها.
ومن ناحية تحضيرها للفيلم روت زعرور أنها تابعت مع بطل الفيلم هادي بو عياش تمرينات مكثّفة قبيل البدء في تصويره، وأنهما خضعا معًا لجلسات رقص تطلّبت منهما التوجّه يوميًا إلى منطقة الشوف التي تبعد عن بيروت نحو 45 كيلومترًا، لمتابعة إحدى الصفوف الخاصة بهذا المجال هناك، وأن نتيجة هذه المشاوير اليومية معًا استطاعا أن يتعرّفا جيدًا إلى بعضهما بعضًا مما سهّل عليهما مهمة التمثيل سويًا. وقالت: «تكمن قوّة المخرج فيليب عرقتنجي في كيفية رؤيته للأمور وتنسيقها من الناحية البصرية والعاطفية، فيزرع في الممثل روح الدور الذي عليه أن يؤدّيه ويحاول إيصال العناصر التي من شأنها أن تبلور هذه المهمة لديه حتى تحقيق مراده. فلقد وثقت به إلى آخر حدّ وكنت أعرف مسبقًا أنه أستاذ في هذا المجال، خصوصًا وأننا درسنا أهمية أفلامه في الجامعة، وهذا التقارب الذي حصل بيني وبين البطل لم يأتِ بالصدفة بل نتيجة خطّة وضعها عرقتنجي لتصبّ في مصلحة العمل».
وعن كيفية اختيار فيليب عرقتنجي لها أجابت: «قمنا بعقد اجتماعات متتالية إلكترونيًا عبر موقع (سكايب) كوني خارج البلاد، بعدها طلب منّي أن آتي لبنان لأتعرّف إلى البطل وليقف على مدى انسجامنا معًا أمام الكاميرا. بعدها استقرّ رأيه علينا وبدأنا في تصوير الفيلم».
وعما إذا هي ترى في ظاهرة لجوء بعض مخرجي اليوم إلى الوجوه الجديدة في عالم السينما أمرًا إيجابيًا أوضحت: «هي طريقة للابتعاد عن تلك المستهلكة والتي اعتادها المشاهد منذ زمن، ولا أجد في هذا الأمر خطأ ما، بل انفتاحًا نحن بحاجة إليه».
وتؤكّد ربا، التي تتمنى أن تقوم يومًا بدور مركّب بعيد كل البعد عن شخصيتها الحقيقية، إنها وفي تعاونها مع عرقتنجي عاشت تجربة عمل شبيهة إلى حدّ ما بتلك التي نخوضها في محترف تجريبي، حيث يتزوّد صاحبها بأدوات وتقنيات تمثيلية يمكن أن تضعه على السكة المطلوبة من أجل الاستمرار والمحافظة على أداء ذي مستوى عال. «اليوم صرت جاهزة لأي دور آخر يعرض علي وأستعدّ حاليًا لدخول استوديوهات التصوير لفيلم لبناني جديد، سأتعاون فيه مع مخرج صاعد وهو ريمون كريمونا وأتمنى أن ينال إعجاب الناس». ولكن ألا تخافين من هذه الخطوة التي تخوضين فيها تجربة مجهولة المصير لا تشبه تلك التي قمت بها مع عرقتنجي؟ ترد: «لقد لمست لدى ريمون كريمونا نزعة سينمائية جديدة إذ يملك توضيبة فيلم جيدة بدءًا من الموضوع مرورًا بالحوار ووصولاً إلى التنفيذ، وأعتقد أن السينما اللبنانية باتت تتمتع بمستوى صناعي جيد، إذ إن جميع العناصر اللازمة لتطورها وانفتاحها موجودة بين يدينا، فكما هناك مواهب تمثيلية رائعة فإنه لدينا أيضًا كتّاب ومخرجون جيدون».
لا تتابع ربا زعرور كثيرًا الأفلام اللبنانية وتوضح: «مع الأسف أن وجودي خارج لبنان بداعي العمل منعني من مشاهدة أفلام لبنانية عدّة، ولذلك لا أملك فكرة واضحة عن بعضها إلا من خلال ما كتبته أقلام الصحافة عنهم. ولكني في المقابل معجبة بأفلام نادين لبكي وأرغب في مشاهدة فيلم دارين أبو حمزة الجديد (ورقة بيضا)، إذ تناهى إلى مسمعي بأنه يستأهل المشاهدة بفضل المستوى الإخراجي الرفيع الذي يتمتّع به».
وكانت ربى خلال فيلم «اسمعي» قد قدّمت دورًا جريئًا نال حيّزًا من الأحاديث التي تناولت الفيلم. وهنا تقول: «المشهد بحدّ ذاته جاء تكملة لقصة الحبّ التي نعيشها، ولكن لا أذيع سرّا إذا قلت إن الأمر نال الأخذ والردّ مني بشكل كبير، خصوصًا وأني أعلمت أهلي بأنني أنوي القيام به. ولأنهم يملكون خلفية فنيّة تكفيهم لتفهّم دوري والمشهد الحميم هذا الذي تطلّبه وافقوا على ذلك، وربما كانت والدتي متفهمّة بشكل أكبر لي. ويمكن القول بأنه من أصعب المشاهد التي قمت بها في الفيلم، نظرًا لتقديمي له بحضور عدد من الأشخاص في الاستوديو كالمسؤولين عن الإنارة والصوت والمخرج وما إلى ذلك من فريق عمل». وعما إذا كانت حاضرة للقيام بدور مماثل في المستقبل ردّت: «ليست قصة دور مماثل أو أسلوب سأعتمده في أفلامي المستقبلية، بل هو مجرّد ضرورة احتاجها المخرج في سياق الفيلم ليس أكثر، ولن أرضى بأن أعيد الكرّة مرة ثانية فيما لو كان هذا المشهد سيستعمل من أجل الترويج للفيلم ولا يخاطب قناعتي من باب إكماله لموضوع القصّة».



سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
TT

سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)

بعد نحو 30 عاماً من مسيرة غنائية رصّعتها الفنانة سمية بعلبكي بالطرب الأصيل، جرى تكريمها أخيراً، في حفل جائزة الـ«موركس دور»، ولكنها تلقّتها بغصّة في القلب. فهي جاءت مباشرة بعد حرب دامية شهدها لبنان، وإثر تفجير منزل بعلبكي العائلي في قريتها العديسة الجنوبية. اختلط طعم فرح النجاح بمرارة خسارة ذكريات الطفولة، فتمنت لو أن هذه المناسبة جاءت في وقت ثانٍ كي تشعر بسعادة التقدير الحقيقية. وتقول بعلبكي لـ«الشرق الأوسط»: «أنبذ الحروب بكل أوجهها حتى المقدّسة منها. فهي مبنية على صراعات تبحث عنها البشرية عبر التاريخ، ولكنها لم تحمل يوماً إلا النتائج السلبية في طيّاتها».

تصف سمية بعلبكي خسارة منزل العائلة كمن فقد قطعة من وجدانه. «إنه يمثّل الذكريات والهوية ومسافة أمان في الوطن. عندما تلقيت الخبر أحسست بالفراغ وكأن سقفاً اقتلع من فوق رأسي، صارت السماء مكشوفة. داهمني الشعور بالغربة، لأن لكل منّا بيتين، أحدهما منزل نقيم فيه، والثاني هو الوطن. وعندما نفقد بيتنا الصغير يتزعزع شعور الأمان بمنزلك الكبير».

أثناء تسلّمها جائزة {موركس دور} (سمية بعلبكي)

في تكريمها بجائزة «موركس دور» تقديراً لمسيرتها وعطاءاتها الفنية، خلعت بعلبكي لبس الحداد على بيتها للحظات. وتعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كنت بحاجة إلى الأمل وإلى غد أفضل. رحلتي هي كناية عن جهد وتعب وتحديات جمّة. فرحت بالجائزة لأنها تكرّم مسيرة صعبة. فالموسيقى بالفعل تشفي من الجراح، لا سيما أن قلبي كان مكسوراً على وطني وأرضي. يا ليت هذا التكريم جاء في توقيت مغاير لكان وقعه أفضل عليّ».

تألقت سمية بعلبكي وهي تتسلّم جائزتها وفرحة ملامح وجهها كانت بادية على وجهها. وتوضح: «لقد سألت نفسي عند مصابي كيف أستطيع تجاوزه ولو للحظات. كانت الموسيقى هي الجواب الشافي. خرجت بعبارة (سنغني قريباً) لعلّ الجرح يطيب. تأثري بفقدان منزلنا العائلي ترك بصماته عليّ. ولا أعتقد أنني أستطيع تجاوز هذا الحزن ولو بعد حين. فإثر إعلامنا بخبر تفجير البيت بقيت لأسابيع طويلة فاقدة القدرة على الغناء. صمت صوتي وما عدت أستطيع ممارسة أي تمارين غنائية لصقله. الألم كان كبيراً، لا سيما أننا لم نتمكن بعد من لمس المصاب عن قرب. لم نر ما حصل إلا بالصور. أرضنا لا تزال محتلة ولا نستطيع الوصول إليها كي نلملم ما تبقى من ذكرياتنا، فنبحث عنها بين الردم علّها تبلسم جراحنا».

الانسلاخ عن الفن طيلة هذه الفترة، لم تستطع سمية بعلبكي تحمّل وزره. «إننا شعب يحب الحياة ويكره الحروب. وأنا بطبعي لا أنكسر أو أستسلم للكآبة والإحباط. نفضت غبار الحرب عني، وقررت إكمال الطريق رغم كل شيء».

تقول بعلبكي إن أحلاماً كثيرة تراودها ولم تستطع تحقيقها بعد. «أحياناً يقف الزمن حاجزاً بيني وبينها. مرات أخرى لا تأتي الفرصة المناسبة لاقتناصها. هناك العديد من أبناء جيلي أقفلوا باب الغناء وراءهم وغادروا الساحة بسبب مصاعب واجهوها. ولكن من ناحيتي، حبّ الناس كان عزائي الوحيد. لقد أحياني وأسهم في إكمالي المشوار».

تمسّكت سمية بعلبكي بالأغنية الأصيلة فاتخذتها هوية لا تتنازل عنها. جميع أعمالها الفنية تتسّم بالرقي والطرب الأصيل. يحلّق معها سامعها في سماء يكمن ازرقاقها بصوتها الشجي. هل شكّلت هويتها هذه عائقاً لانتشار أوسع؟ ترد: «لقد تربيت في منزل فني بامتياز يقوم على الأصالة. والدي ووالدتي الراحلان زرعا في داخلي حب الفن الحقيقي غير المستهلك، فكانا أول من شجعني على دخول الفن. تمحور حلم والدي على رؤيتي فنانة تعتلي المسرح وتغني الأصالة. وما أقوم به ينبع من داخلي ومن شغفي للفن، ولا أستطيع يوماً تغيير هويتي هذه».

تحضّر أغنية جديدة من ألحان الراحل إحسان المنذر (سمية بعلبكي)

وما تلاحظه اليوم على الساحة هو توارث هذا الفن عند مواهب الغد. «يلفتني غناء مواهب صغيرة في برامج الهواة للأغنية الطربية. هم يؤدونها بأسلوب رائع يستوقفني. فهو أمر يفرّحني بحد ذاته؛ كون الأغنية الطربية لها مكانتها في هذا النوع من البرامج، ويتربى الجيل الجديد عليها. أصوات رائعة سمعناها في السنوات الأخيرة. وأتمنى أن تلاقي الفرص المناسبة كي تبدع وتتألّق».

ولكن هل شعرت بالإحباط أو الخيبة في لحظات معينة؟ «لكل منا لحظات من هذا النوع. أصبت بخيبات كثيرة وواجهت معاكسات مختلفة وفقدان فرص مؤاتية، وأصعب هذه اللحظات هي تلك التي يغيب فيها التقدير. ولكنني أعود وأنتصب دائماً وأبذل الجهد من جديد. لم أعرف يوماً (البزنس) في الفن لأني مسكونة بالموسيقى الأصيلة. فهي جزء لا يتجزأ من كياني ووجودي».

سبق وتم تكريم سمية بعلبكي بجوائز عدة، ولكن لجائزة الـ«موركس دور» نكهتها الخاصة لا سيما أنها جاءت بعد حرب منهكة. في بداية مسارها حازت على جائزة «الميكروفون الذهبي» في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون. كان ذلك في عام 1994 في تونس. جرى تكريمها إلى جانب مجموعة من المغنين مثل أنغام وصابر الرباعي وأمل عرفة وغيرهم.

وتختم: «كانت روح المنافسة الحلوة تحضر في تلك الحقبة، وكانت الجوائز التكريمية قليلة وتحمل معاني كثيرة. ولكن اليوم مع جائزة (موركس دور) وفي حفل لبناني بامتياز النكهة تختلف. أهديتها لوالدي الراحلين تكريماً لعطائهما الفني، فانطبع الحدث بالأمل والشعور بغدٍ أفضل نترقبه رغم كل شيء».

تستعد سمية بعلبكي لإصدار مجموعة أغنيات جديدة. وتخبر «الشرق الأوسط» عنها: «قبل الحرب كنت أحضّر لأغنية بعنوان (يعني ارتحت)، من كلمات منير بو عساف وألحان بلال الزين. وعندما انتهينا من تصويرها اندلعت الحرب، فامتنعت عن إصدارها في ظروف مماثلة. وهي تتناول قصة المرأة المعنّفة. وأفكّر بإطلاقها قريباً في الأشهر القليلة المقبلة. كما أن هناك قصيدة للراحل نزار قباني أنوي غناءها. وهي من ألحان المبدع الراحل إحسان المنذر. كما ندرس وأخي المايسترو لبنان بعلبكي إمكانية إقامة حفل موسيقي في بيروت احتفالاً بلبنان الصلابة».