المرشح لرئاسة أول «كونغرس» للتبو: صبرنا نفد من الحكومات الليبية

عبد المجيد لـ «الشرق الأوسط» : لا نية لإقامة دولة منفردة في الجنوب

عيسى عبد المجيد
عيسى عبد المجيد
TT

المرشح لرئاسة أول «كونغرس» للتبو: صبرنا نفد من الحكومات الليبية

عيسى عبد المجيد
عيسى عبد المجيد

قررت قبيلة التبو في ليبيا تشكيل أول «كونغرس» باسم القبيلة التي لها امتداد في دول الجوار الأفريقي، خاصة النيجر وتشاد. ولجأت القبيلة، التي يقدر عدد أبنائها في ليبيا قليلة السكان بعشرات الألوف، إلى هذا الخيار بسبب الفوضى التي تضرب الدولة منذ نهاية حكم معمر القذافي في 2011.
وقال عيسى عبد المجيد، المرشح الوحيد لرئاسة «الكونغرس التباوي» لـ«الشرق الأوسط»، إن «الصبر نفد من تهميش التبو، سواء خلال عهد القذافي أو بعده». لكنه استبعد أن تلجأ القبيلة لتأسيس دولة في جنوب البلاد كما تردد العام الماضي. وأوضح أنه «لا نية لذلك».
وتشكو الأقليات في ليبيا، وهم الأمازيغ والطوارق والتبو، من العزلة، رغم مشاركتهم في الإطاحة بالقذافي، وتمركزهم في مناطق للثروات الطبيعية خاصة النفط والغاز. ويقول زعماء فيها إن الحكام الجدد إما منحازون للتوجه العربي القومي، وإما إلى التيار الديني المتشدد. بينما يقول قيادي في البرلمان الليبي إن جميع مطالب «المكونات الثقافية (أي الأقليات)»، سوف يتم بحثها والتحاور بشأنها، لكن بعد تحقيق الاستقرار وبناء مؤسسات الدولة.
ويسود شعور لدى الأقليات بأن كلفة الفوضى والاحتراب الأهلي في ليبيا، زادت أكثر مما ينبغي. وبالإضافة إلى الاقتتال بين الأفرقاء في شمال البلاد، وقعت نزاعات قبلية في الجنوب راح ضحيتها العشرات من أبناء القبائل العربية وغير العربية، من بينها قبيلة التبو، دون أن تتمكن الحكومات الليبية الضعيفة التي تتصارع على السلطة، من التدخل لفرض هيبة الدولة خاصة في الأمن والتوزيع العادل للثروة.
وقبل شهرين قدم موسى الكوني، وهو من قبيلة الطوارق، استقالته من موقع نائب رئيس المجلس الرئاسي، فايز السراج. كما نأى عبد المجيد بنفسه، أواخر العام الماضي، عن موقع مستشار رئيس البرلمان، عقيلة صالح، للشؤون الأفريقية. وقاطع الأمازيغ انتخابات البرلمان في 2014، ولجنة صياغة الدستور الجديد. وقال عبد المجيد إن قبيلة التبو لديها خمسة نواب في البرلمان، ومع ذلك ليس لديها وزير واحد ولا مسؤول في أي من الحكومات الثلاث أو أي من الهيئات الأخرى الموجودة في ليبيا.
ووسط حشد يرفع أعلام الدولة الليبية، من قبيلة التبو، في بلدة مرزق في أقصى الجنوب، ظهر الدكتور سالم عثمان، الناشط التباوي، في شريط مصور وهو يلقي، يوم السبت الماضي، بيان تأسيس «الكونغرس»، وأعلن عن وجود توافق على أن يتولى عيسى عبد المجيد رئاسته «باعتباره أحد أهم الشخصيات السياسية التي عارضت الظلم والاستبداد».
وكشف الدكتور عثمان لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف، عن أن اجتماعات سبقت الإعلان عن ميلاد الكونغرس التباوي، شارك فيها وجهاء من القبيلة وناشطون، وعقدت على مدار شهر في بلدة «الويغ» الصغيرة والمعزولة، على الحدود الليبية مع كل من تشاد والنيجر.
وكان عبد المجيد معارضا لنظام القذافي، وتزعم في ذلك الوقت «جبهة تحرير التبو». وقال أمس ردًا على أسئلة «الشرق الأوسط»: «كان ينبغي أن يكون للتبو ثلاث وزارات على الأقل في الحكومة الليبية. لقد جرى إقصاء التبو كثيرا، وليس لهم ممثلون بمعنى الكلمة في لجنة الحوار السياسي (التي تحاول التوفيق بين الأفرقاء الليبيين)».
وعما إذا كان الكونغرس التباوي سيضم تبو ليبيا فقط، أم تبو ليبيا والدول المجاورة، قال: «هذا أمر ما زال سابقا لأوانه. فلم أحضر الاجتماعات التي مهدت لإعلان الكونغرس التباوي، ولا المؤتمر الذي أعلن فيه عن تأسيسه. هذا الأمر سوف يتم بحثه، ثم يوضع في اللائحة الداخلية للكونغرس التباوي في الفترة المقبلة. وسنعرف هل سيضم التبو ككل أم سيقتصر على تبو ليبيا فقط».
ويضم كلٌ من «الكونغرس الأمازيغي» و«المجلس الأعلى للطوارق»، ممثلين لهذه القبائل من ليبيا ومن دول أفريقية أخرى. وتولى رئاسة الكونغرس الأمازيغي في السنوات الماضية ليبي من غرب طرابلس، وخلفته في الموقع نفسه ناشطة جزائرية.
ومن جانبه، أوضح عبد المجيد: «كونغرس الأمازيغ له خصوصياته، والتبو لديهم خصوصياتهم. لا أعتقد أننا سنكون نسخة مماثلة للكونغرس الأمازيغي. قد نتفق على بعض الأمور المشتركة، ولكن كل كيان له خصوصيته ومطالبه الخاصة».
وعما إذا كان يعتقد أن الكونغرس التباوي سيكون مقبولا لدى بعض دول الجوار، أو حتى من بعض الدول الأوروبية التي لها اهتمام بليبيا، قال إن هذا أمر يخص قبائل التبو... و«لديهم حقوق وعليهم واجبات كمكون من مكونات ليبيا».
وشدد على أنه «لا مجال للحديث عن تقسيم ليبيا، أو عن اعتزام التبو إقامة دولة خاصة بهم. نحن سنكون مثل أي تجمع أو مجلس من المجالس الاجتماعية في ليبيا. التبو هُمِّشوا طويلا، حتى نفد صبرهم». وأضاف: «الحقوق لا تُمنح ولكنها تُنزع».
ومن جانبه، أوضح الدكتور عثمان قائلا: «الكونغرس التباوي سيكون الممثل الشرعي لقضايا التبو محليا وإقليميا ودوليا.. وهو من سيتابع متطلبات التبو في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها ليبيا، وسيعمل على مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية».
وعلى صعيد متصل، قالت دراسة لمركز الجنوب الليبي للبحوث والتنمية، إن «التبو هم من سكان ليبيا الأصليين»، مشيرة إلى أن وجود هذه القبيلة يتوزع في «الجنوب الغربي الليبي (فزان)، وبامتداد يتجه جنوبا إلى حدود بحيرة تشاد، وشرقًا إلى حدود شمال شرقي النيجر». وتضيف الدراسة أن التبو يدينون بدين الإسلام على مذهب الإمام مالك، كغيرهم من أغلب سكان المنطقة، ويتركز وجودهم في واحات الجنوب الليبي، في مناطق القطرون، وتيجيرهي، ومرزق، وأم الأرانب، والكفرة. وتقول الدراسة أيضا إنه «حتى يومنا هذا ما زال التعداد الدقيق للطوارق والتبو الموجودين في ليبيا وجنسياتهم غیر معروفين».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».