رئيس الصومال يدعو {حركة الشباب} للاستسلام

فرماجو تعهد في مراسم تنصيبه محاربة غياب الأمن والأزمة الاقتصادية والبطالة

جانب من حفل تنصيب الرئيس فرماجو في العاصمة مقديشو أمس (أ.ف.ب)
جانب من حفل تنصيب الرئيس فرماجو في العاصمة مقديشو أمس (أ.ف.ب)
TT

رئيس الصومال يدعو {حركة الشباب} للاستسلام

جانب من حفل تنصيب الرئيس فرماجو في العاصمة مقديشو أمس (أ.ف.ب)
جانب من حفل تنصيب الرئيس فرماجو في العاصمة مقديشو أمس (أ.ف.ب)

تولى الرئيس الصومالي الجديد محمد عبد الله محمد، الملقب بفرماجو، السلطة رسميًا أمس الأربعاء، واعدًا الشعب بانتهاء عصر حركة الشباب، وغيرها من الجماعات الإسلامية المتشددة، ودعا مقاتلي حركة الشباب الذين يُقدَّر عددهم بالآلاف للاستسلام، ووعدهم بـ«حياة كريمة» إذا استسلموا.
وقال فرماجو في مراسم تنصيبه التي حضرها زعماء بلدان مجاورة: «إلى أولئك الذين يعملون مع (القاعدة) وحركة الشباب و(داعش).. لقد ولَّى عهدكم.. لقد تم التغرير بكم.. دمرتم ممتلكات وقتلتم كثيرا من الصوماليين. تعالوا.. وسوف نؤمن لكم حياة كريمة».
وبخصوص الوضع الأمني المتردي في البلاد، قال الرئيس الجديد: «إن حكومتنا ستساعد شعبها. سنحارب غياب الأمن والأزمة الاقتصادية والبطالة».
ووسط إجراءات أمنية مشددة فرضت في العاصمة الصومالية مقديشو، جرت أمس مراسم تنصيب الرئيس الصومالي الجديد محمد عبد الله فرماجو، حيث أغلقت الشوارع والمدارس والمحلات وألغيت رحلات جوية تجارية.
وشارك في مراسم الاحتفال التي أقيمت بقاعدة القوات الجوية في مقديشو رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام ديسالين، والرئيسان الجيبوتي إسماعيل عمر جيله، والكيني أهورو كيناتا، ونائب الرئيس السوداني حسبو عبد الرحمن، بالإضافة إلى وفود من مصر والكويت وتركيا والسعودية وأوغندا وبوروندي، ومسؤولين في الأمم المتحدة والاتحادين الأفريقي والأوروبي والجامعة العربية، والهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيقاد).
وأدى فارماجو، الذي يُعتَبَر الرئيس التاسع للصومال، اليمين في مطار مقديشو، باعتباره المكان الأكثر أمانًا في العاصمة، الذي انتُخِب فيه في الثامن من هذا الشهر، لتجنب أي هجوم من حركة «الشباب» الإسلامية التي توعدت بشنّ حرب بلا هوادة عليه.
وقال المسؤول في الشرطة إبراهيم محمد إن «كل الطرق الرئيسية والشوارع في العاصمة مغلقة أمام حركة السير منذ الليلة الماضية»، مضيفًا أن «حركة السير محدودة، ووحدها السيارات الرسمية يسمح لها بالتنقل... وهذه الإجراءات اتخذت لأسباب أمنية، وكل الرحلات التجارية ألغيت، اليوم (أمس)، ووحدها الطائرات التي تقل وفودًا هي التي يُسمَح لها بالهبوط».
وأغلقت المحلات التجارية والمدارس أيضًا، كما حدث قبل أسبوعين، عندما تم انتخاب فارماجو من هيئة برلمانية.
إلى ذلك، أعربت الممثلة العليا للسياسة الأمنية والخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني عن عزم الاتحاد تقديم ما وصفته بالدعم الكامل لفرماجو.
وأجرت موغيرني اتصالاً هاتفيًا مع الرئيس الصومالي الجديد قبل ساعات من مراسم أدائه اليمين، لإبلاغه بتهنئة الاتحاد الأوروبي وترحيبه بعملية الانتقال السلمي للسلطة.
وأكدت في بيان لها أن الاتحاد الأوروبي الذي يستعد لمنح مائة مليون دولار لمواجهة سوء التغذية في الصومال، سيظل ملتزمًا حيال العمل على تطوير قطاعه الأمني وتقديم إصلاحات اقتصادية تعالج «المستويات العالية» من الفساد، فضلاً عن استكمال مراجعة الدستور، مشيرة إلى التزام الاتحاد الأوروبي بمساعدة الصومال في معالجة آثار الجفاف، وتجنُّب إعلان مجاعة.
من جهتها، قالت الحكومة البريطانية إن لندن ستقدم 100 مليون جنيه إسترليني (125 مليون دولار) إلى الصومال وجنوب السودان في العام الحالي، بالإضافة إلى المساعدات القائمة بالفعل. وقالت وزيرة التنمية الدولية بريتي باتيل في بيان إن «العالم يواجه سلسلة من الأزمات الإنسانية لم يسبق لها مثيل، وتهديدا حقيقيا بحدوث مجاعة في أربع دول»، وذكر أن الدعم البريطاني الجديد سيساعد في تقديم مساعدات غذائية لأكثر من 500 ألف شخص في جنوب السودان، وما يصل إلى مليون آخرين في الصومال.
وتولى فرماجو مهامه، منتصف هذا الشهر، لكن مراسم تسليمه السلطة شهدت إطلاق قذائف «هاون» في هجوم تبنته حركة الشباب بالقرب من القصر الرئاسي، مما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص، بينهم طفلان.
ونفذ عناصر الحركة المرتبطون بتنظيم القاعدة، الأحد الماضي، هجومًا داميًا بسيارة مفخخة في مقديشو أسفر عن سقوط 39 قتيلاً على الأقل، في مؤشر على التحدي الأمني الذي ينتظر فارماجو، الذي يتمتع بشعبية كبيرة بين الصوماليين، الذين يقدرون عمله على رأس الحكومة لفترة قصيرة من 2010 و2011. وقد أثار إعجابهم بخطابه الوطني وجهوده لتحسين الحكم.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».