مطار الموصل «في مرمى نيران» القوات العراقية

طريق واحد لخروج «داعش» بعد السيطرة على محور مهم

مطار الموصل «في مرمى نيران» القوات العراقية
TT

مطار الموصل «في مرمى نيران» القوات العراقية

مطار الموصل «في مرمى نيران» القوات العراقية

أعلنت قيادة الشرطة الاتحادية العراقية، أمس، انتهاء «الصفحة الأولى» من عملية تحرير الجانب الأيمن من مدينة الموصل بعد سيطرتها على هضبة البوسيف الاستراتيجية، مشيرة إلى أن مطار الموصل أصبح في مرمى نيرانها.
وتمكنت الفرقة المدرعة التاسعة في قوات الجيش العراقي من السيطرة على طريق الموصل - حي الطرب - السحاجي، باتجاه منطقة المهلبية، ومنها إلى تلعفر، ما يعني أنه لم يتبق أمام تنظيم داعش سوى طريق واحد للخروج، هو طريق الموصل - بادوش - تلعفر.
وقال قائد قوات الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت لـ«الشرق الأوسط»: «أنهينا أمس الصفحة الأولى من عمليات تحرير الجانب الأيمن من الموصل، واستطعنا أن نسيطر على هضبة البوسيف الاستراتيجية المهمة، ومن خلال السيطرة على هذه الهضبة أصبح مطار الموصل تحت نيران قواتنا». ورأى أن «المطار أصبح في حكم المنتهي عسكريًا».
وتتقدم قوات الشرطة الاتحادية وقوات الرد السريع المتجحفلة معها باتجاهين في عملية تحرير الجانب الأيمن من الموصل، الأول هو امتداد نهر دجلة، والثاني يمتد مع الطريق الدولي الرابط بين مدينة الموصل والعاصمة بغداد. وأحرزت قوات الشرطة الاتحادية على مدى الأيام الأربعة الماضية منذ انطلاق عملية تحرير الجانب الأيمن من الموصل، آخر معاقل «داعش» في العراق، تقدمًا كبيرًا، إذ حررت أكثر من 15 قرية.
وأوضح الفريق جودت أن «قواتنا بدأت، منذ الثلاثاء، قصفًا مكثفًا على مواقع ومقرات ودفاعات إرهابيي (داعش) في مطار الموصل، وأحياء الطيران، ومنطقة الجوسق، تمهيدًا لعملية تقدم أخرى وتحرير المطار». وكشف أن قواته «قتلت العشرات من مسلحي (داعش) ودمرت أكثر من 30 عربة مفخخة للتنظيم، وعثرت على كميات من الأسلحة التي خلفها مسلحو التنظيم خلفهم بعد فرارهم من ساحات القتال، واستولت على مخازن للعتاد في المناطق المحررة من الجانب الأيمن من الموصل».
وأشار إلى أن الشرطة الاتحادية أجلت نحو ثمانين عائلة من قريتي البوسيف والكرامة جنوب الموصل. وأضاف: «تمكنت قواتنا من إجلاء هذه العائلات بأمان ونقلها إلى القرى المحررة خلف جبهات القتال حفاظًا على حياة أفرادها وسلامتهم».
وواصلت الفرقة التاسعة المدرعة من الجيش العراقي تقدمها في الجهة الجنوبية الغربية لمدينة الموصل، وتمكنت من تدمير مواقع عدة لـ«داعش»، واستعادت السيطرة على مناطق استراتيجية. وأوضح نائب قائد الفرقة العميد الركن وليد خليفة لـ«الشرق الأوسط» أن قواته «سيطرت على طريق مهم، هو طريق الموصل - حي الطرب - السحاجي، مرورًا إلى المهلبية ومنها إلى تلعفر، ولم يبق أمام إرهابيي (داعش) سوى طريق واحد وهو الطريق الرئيسي الذي يخرج من الموصل باتجاه بادوش ومن ثم إلى تلعفر».
ويعتبر الطريق الذي سيطرت عليه قوات الجيش العراقي مهمًا لأنه أحد المنافذ التي يحصل التنظيم من خلالها على الإمدادات من سوريا، ويُعد في الوقت ذاته منفذًا لخروج المسلحين من الموصل باتجاه تلعفر، ومنها إلى بعاج، ومن ثم الحدود السورية.
ولفت العميد خليفة إلى أن قواته «دمرت عربتين مفخختين تابعتين للعدو في منطقة السحاجي كانت تستهدف قطاعاتنا، إضافة إلى أننا تمكنا من قتل نحو ستة إرهابيين من التنظيم كانوا مجتمعين في أحد الأماكن في المنطقة، ودمرت قواتنا أيضًا مفرزتين لمدافع الهاون تابعة للعدو». وأوضح أن الساعات المقبلة ستشهد إحراز القوات العراقية لانتصارات جديدة.
ويعتبر مطار الموصل الدولي، أحد أهم المواقع الاستراتيجية التي تهدف القوات العراقية إلى السيطرة عليها خلال المرحلة المقبلة من عملية تحرير الجانب الأيمن من الموصل، حيث يبعد المطار نحو خمسة كيلومترات من مركز المدينة. وتواصل القوات العراقية تقدمها، بإسناد من طائرات التحالف الدولي والجيش التي تمكنت من تدمير غالبية مواقع «داعش» ودفاعاته. بينما يلجأ التنظيم إلى استخدام الدراجات النارية والعربات المفخخة التي يقودها الانتحاريون وطائرات الدرون لعرقلة تقدم القوات العراقية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.