تركيا: بدء محاكمة متهمين بتصفية ضابط قتل جنرالاً انقلابيًا

رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في البرلمان أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في البرلمان أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا: بدء محاكمة متهمين بتصفية ضابط قتل جنرالاً انقلابيًا

رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في البرلمان أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في البرلمان أمس (أ.ف.ب)

بدأت في أنقرة، أمس (الثلاثاء)، محاكمة 18 شخصًا متهمين بقتل ضابط تمكن من قتل جنرال يشتبه في أنه أحد قادة محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016.
وقتل الضابط عمر خالص دمير الجنرال سميح ترزي، ليلة 15 يوليو، قبل أن يُقتل هو نفسه بواسطة 18 شخصًا، في أنقرة، قد تصدر عليهم أحكام بالسجن المؤبد بتهمتي القتل العمد، ومحاولة قلب النظام الدستوري.
واقتادت عناصر من قوات الدرك المتهمين إلى المحكمة، وسط إجراءات أمنية مشددة، وتزاحم من مندوبي محطات التلفزيون، وجلس المتهمون أمام أفراد من قوات مكافحة الشغب، بينما تلا القاضي أسماءهم.
وتحول الضابط القتيل إلى بطل في عيون الأتراك، وأطلق الكثيرون اسمه على مواليدهم الجدد، وتحول قبره إلى مزار. كما أطلق اسمه على عدد من الحدائق والمدارس في تركيا.
في سياق مواز، كشف جوهكان سونماز آتش، المتهم بأنه «العقل المدبر» لمحاولة اغتيال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ليلة الانقلاب، عن تفاصيل مثيرة خلال إفادته أمام محكمة موغلا، جنوب غربي تركيا، التي بدأت الاثنين، ضمن محاكمة 47 من العسكريين المتهمين بمحاولة الاغتيال، حيث كان إردوغان وعائلته يوجدون في فندق في منتجع مارمريس السياحي، في موغلا، لكنهم غادروه قبل قليل من وصول الانقلابيين، بحسب رواية الرئيس التركي.
وقالت صحيفة «حرييت» التركية إن سونماز آتش قال أثناء جلسة المحاكمة التي عقدت في قاعة بمركز المؤتمرات التابع للغرفة التجارية في موغلا، إنه تلقى الأوامر بالقبض على الرئيس التركي، الذي كان ليلة محاولة الانقلاب في أحد فنادق مدينة مارمريس الساحلية، وإحضاره إلى العاصمة أنقرة، فيما نفى أن يكون قد تلقى أوامر بقتله.
ورفض سونماز آتش، الذي كان من المفترض أن يتولى رئاسة جهاز المخابرات التركية حال نجاح الانقلاب، اتهامه بالتخطيط للانقلاب، والانتماء إلى حركة الخدمة التابعة للداعية التركي المقيم في بنسلفانيا الأميركية منذ عام 1999، فتح الله غولن، فيما قبل التهم الأخرى.
وتتهم السلطات التركية غولن بإصدار الأوامر بتنفيذ محاولة الانقلاب، وشنت حملة موسعة على أنصاره من حركة الخدمة، وأغلقت مدارسهم ومؤسساتهم الإعلامية والاقتصادية في إطار الحملة نفسها التي امتدت إلى طوائف أخرى من المعارضة، حيث تم حبس نحو 42 ألفًا ووقف أكثر من 140 ألفًا أو وقفهم عن العمل في مؤسسات الدولة المختلفة.
ولفت سونماز آتش إلى أنه تلقى أوامر باعتقال إردوغان من رئاسة الأركان التركية، وأنه قام بتحديد إحداثيات المنطقة التي كان إردوغان موجودًا بها، ونفى إطلاقه النار على الفندق، قائلاً إنه لم يتلق أية أوامر بقتل المدنيين، أو إطلاق النار، مشددًا على أنه قام بما قام به لحماية تركيا وشعبها.
كما استمعت المحكمة إلى أقوال المتهم الثاني، الرائد شكري سيمان، الذي أقر بدوره في التخطيط للانقلاب، مؤكدًا أنه لا يخشى عقاب المحكمة، حتى إن قررت إعدامه، لأنه نفذ أوامر قادته، وعلى رأسهم جوهكان سونماز آتش.
وروى سيمان أنه تلقى اتصالاً من ضابط يدعى سميح، قبل ليلة واحدة من تنفيذ محاولة الانقلاب، أخبره فيه بالخطة، وهو ما دفعه للسفر على الفور إلى إسطنبول للقاء سونماز آتش الذي لم يخبره بطبيعة دوره في محاولة الانقلاب، لكنه أخبره بأنه سيقوم بتجهيز المعدات والأسلحة اللازمة لتنفيذ المخطط.
ولفت الرائد سيمان إلى أنهم اضطروا إلى تغيير خطتهم، بعد تأخر الطائرة التي كان من المفترض أن تقلهم إلى مدينة إزمير (شمال غربي تركيا)، وهو ما دفعهم لتجهيز طائرة هليكوبتر حلقوا من خلالها إلى إزمير، قبل أن تصلهم رسالة بإلغاء المخطط، واستبداله بآخر يقضي بالانتقال إلى بلدة مارمريس، حيث كان يقيم إردوغان وعائلته، للقبض عليه وإحضاره إلى العاصمة أنقرة.
وشدد سيمان على أنه وفريقه لم يكونوا على علم بوجود إردوغان في هذه المنطقة التي طُلب منهم التوجه إليها، حيث أكد أنه فور وصولهم، أطلق الحرس الخاص بإردوغان النار باتجاههم، لكنهم لم يستطيعوا الرد على مصدر الرصاص لعدم وجود أسلحة ليلية بحوزتهم.
وفي سياق متصل، أصدر المجلس الأعلى للقضاة ومدعي العموم قرارًا، ليل الاثنين – الثلاثاء، بفصل 227 قاضيًا ومدعيًا عامًا، في إطار التحقيقات المتعلقة بحركة الخدمة.
وقال رئيس المجلس، محمد يلماظ، إن عدد المفصولين من القضاة ومدعي العموم منذ محاولة الانقلاب الفاشلة بلغ 3886 قاضيًا ومدعيًا عامًا، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن 200 ممن تم فصلهم أخيرًا ستتم إعادتهم إلى العمل، مشيرًا إلى وجود كثير من الملفات المماثلة قيد الدراسة. وتطالب الحكومة التركية واشنطن بتسليم الداعية فتح الله غولن الذي نفى مرارًا علاقته بمحاولة الانقلاب، مطالبًا بتحقيق دولي حولها.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.