السودان: مقتل جندي وجرح آخرين في معارك بجنوب كردفان

السودان: مقتل جندي وجرح آخرين في معارك بجنوب كردفان
TT

السودان: مقتل جندي وجرح آخرين في معارك بجنوب كردفان

السودان: مقتل جندي وجرح آخرين في معارك بجنوب كردفان

أعلن الجيش السوداني عن مقتل أحد جنوده، وجرح آخرين، في هجوم شنه متمردو الحركة الشعبية على مواقعه في ولاية جنوب كردفان، فيما ذكر جيش الحركة الشعبية أن القوات الحكومية شنت هجومًا واسعًا على مناطقه يعمل على صده.
وتبادل الطرفان، كل على حدة، اتهامات بخرق اتفاق وقف إطلاق النار المعلن لمدة 6 أشهر بينهما، وبمحاولة كل طرف توظيفه لتحسين ظروفه الميدانية، فيما قطع أحد مساعدي الرئيس عمر البشير بأن الحكومة لن تسمح برفع السلاح لتحقيق أهداف سياسية.
وقال الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني، العميد أحمد خليفة الشامي، في بيان اطلعت عليه «الشرق الأوسط» أمس، إن قواته صدت هجومًا شنه متمردو الحركة الشعبية على مواقعهم في منطقة الشايش؛ 38 كلم غرب كادوقلي حاضرة ولاية جنوب كردفان، وأجبرتهم على الفرار، وألحقت بهم خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، وإن أحد جنود القوات المسلحة لقي مصرعه، وجرح آخرين لم يحدد البيان عددهم.
وأوضح الشامي أن الهجوم يعد خرقًا فاضحًا ومتعمدًا لوقف إطلاق النار، ويقع ضمن «سلسلة من الأعمال الإجرامية التي نفذها متمردو الحركة الشعبية بقطاع الشمال في الأيام الماضية»، مضيفًا أن المتمردين استهدفوا المواطنين وممتلكاتهم في مناطق «الحجيرات، والبجعاية، وطريق العباسية الرشاد، وتلودي، وكالوقي، وكالوبا، وأبو كرشولا، وقطاع أبو جبيهة».
وقال الشامي إن القوات المسلحة «ظلت تمارس ضبط النفس، وهي ترصد التحركات العدائية للحركة الشعبية، وسعيها المكشوف لاستغلال فترة وقف إطلاق النار لإعادة تنظيم صفوفها، واستفزاز الحكومة واستدراجها للقيام بردود أفعال تؤثر على تعهداتها والتزاماتها الدولية».
وقطع بتمسك القوات المسلحة السودانية التام بوقف إطلاق النار «إدراكًا منها لأهمية ذلك في تحقيق السلام»، معتبرًا ما سماه محاولات استفزاز الحكومة «تأكيدًا للنزعة العدوانية للحركة الشعبية، وعدم رغبتها في السلام».
وفي بيان مضاد، قالت القيادة العامة لهيئة أركان الجيش الشعبي إن قوات «المؤتمر الوطني وميليشياته» شنت هجومًا واسعًا على منطقة المشائش في كرنقو عبد الله، وتتبع لمحلية كادوقلي.
ونقل البيان، الذي حصلت عليه «الشرق الأوسط»، عن رئاسة الأركان المشتركة للجيش الشعبي، أن القوات التابعة له تعمل على صد الهجوم، وستتمكن من صده الذي بدأت فيه منذ وقت مبكر من صباح أمس، وتعهدت بإصدار بيان رسمي بعد اكتمال المعلومات المتعلقة بهذا الهجوم.
وأشار البيان إلى ما سماه «حملة سياسية واسعة مهدت لهذا الهجوم من المؤتمر الوطني وحلفائه»، ووصفها بأنها محاولة للتنصل من إعلان وقف إطلاق النار، وخداع العالم الخارجي، وتركيع الحركة الشعبية، لتقبل نتائج حوار النظام، ولاستخدامها كمطية للتطبيع الخارجي، وقال في هذا الصدد: «نعرف نيات المؤتمر الوطني، وسندفع ثمن حريتنا من دمائنا».
وأصدر مجلس الوزراء السوداني قرارًا، في يناير (كانون الثاني) الماضي، مدد بموجبه وقف إطلاق النار من جانب واحد لمدة 6 أشهر في مناطق النزاع كافة، وذلك بعد أيام قليلة من قرار الرفع الجزئي للعقوبات الأميركية على السودان، الذي تضمن شرطًا بوقف العمليات العدائية وتحقيق السلام في البلاد.
من جهة أخرى، تعهد مساعد الرئيس السوداني إبراهيم محمود حامد بعدم السماح لأية محاولة لرفع السلاح لتحقيق أهداف سياسية، وقال في لقاء مع ممثلي الجاليات السودانية بالخارج، عقد بالخرطوم أمس، إن عمل الأحزاب يحتاج لإصلاح وجهد كبير في الحوار الذي تتبناه الدولة، والذي يمثل أكبر مشروع سياسي في الساحة السودانية، وأوضح أن حكومته تسعى لتحقيق مصالحها، لكنها في الوقت ذاته تراعي مصالح الآخرين، وأن العالم بحاجة للسودان في الغذاء وأمن المنطقة والحد من الهجرة غير الشرعية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم