تدهور حاد غرب الموصل في الوضع المعيشي والصحي

تدهور حاد غرب الموصل في الوضع المعيشي والصحي
TT

تدهور حاد غرب الموصل في الوضع المعيشي والصحي

تدهور حاد غرب الموصل في الوضع المعيشي والصحي

تزداد الأوضاع الصحية في غرب الموصل تدهورا، وتزداد الوفيات بين الأطفال، ويعاني الناس من سوء التغذية ونقص الأدوية، لا سيما بعد إغلاق تنظيم داعش المستشفيات في هذا الجانب من المدينة الذي أطلقت القوات العراقية الأحد عملية لاستعادته من سيطرة المتطرفين.
ويقول أبو أحمد، في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية، متحدثا من داخل الموصل: «توفي ابن جارنا منذ 4 أيام. منذ أسابيع، لا تتناول العائلات سوى وجبة واحدة فقط وبسيطة في اليوم، وغالبا ما تكون من اللبن والبطاطا المسلوقة». ويضيف أبو أحمد الذي يسكن منطقة «الباب الجديد» في غرب الموصل، بحسرة: «قضى طفل عمره ست سنوات لنقص الغذاء الذي أضعف صحته».
وأكد مصدر طبي في مستشفى «الجمهوري» وفاة 3 أطفال تتراوح أعمارهم بين 3 و6 سنوات «لسوء التغذية ونقص الأدوية في المراكز الصحية والصيدليات». وأشار إلى احتمال حدوث وفيات أخرى خلال الأيام المقبلة. وأضاف المصدر، رافضا كشف اسمه، أن «عناصر (داعش) سيطروا على جميع المستشفيات، ولا يحق لغيرهم تلقي العلاج فيها». وتابع: «حتى قبل غلق المستشفيات، كان على الناس دفع مبالغ لـ(داعش)، (مقابل العلاج)، وهم لا يملكون أي مال». وأشار إلى أن العلاج كان مجانيا في المستشفيات قبل أن يسيطر تنظيم داعش على ثاني مدن العراق في يونيو (حزيران) 2014.
وبات نحو 350 ألف طفل دون 18 عاما «محاصرين داخل الجانب الغربي من الموصل، يعيشون في شوارع ضيقة مكتظة بالسكان تحت قصف قد يكون الأكثر فتكا (من المعارك) التي عرفت قبل ذلك في هذا الصراع»، وفقا لتحذير أطلقته منظمة «أنقذوا الأطفال».
وطالب مدير المنظمة في العراق ماوريتسيو كريفاليرو بأن يتم «إعداد ممرات آمنة لإخلاء المدنيين بأسرع وقت».
ولجأ الطبيب ياسر فوزي الذي كان يعمل في مستشفى «الجمهوري» إلى الجانب الشرقي من المدينة، وقد كان شاهدا على الأوضاع القاسية التي يعيشها سكان الجانب الغربي حيث كان يسكن.
ويؤكد الطبيب أن «الأمراض ناجمة عن سوء التغذية الذي يؤثر على جميع الأعمار، والأطفال يتأثرون بشكل خاص (لأنهم) يفتقرون للغذاء والحليب». ويشير الطبيب إلى توجه الناس إلى استخدام الأعشاب لمعالجة الحالات المرضية.
ويقول أبو محمد، الذي يسكن حي الزنجيلي في غرب الموصل، إن «العائلات تحضر وتخلط الأعشاب لمعالجة الحالات الطارئة كالجروح والحروق».
ووجد أبو سالم، الذي يسكن رأس الجادة في غرب المدينة، نفسه حائرا لا يعرف ماذا يفعل لمساعدة زوجته التي أنجبت طفلا للتو. ويقول الرجل العاجز عن تأمين احتياجات زوجته وطفله: «اضطرت زوجتي لإجراء عملية قيصرية في شهرها الثامن في البيت لأن المستشفيات مغلقة». ويقول إن زوجته وطفله «في حالة صحية سيئة».
وتقول أم علي، التي تسكن حي النجار، إن «بعض النساء الحوامل يستعجلن للإنجاب قبل أن تصبح الأوضاع أكثر تعقيدا عندما تصل المعارك إلى داخل المدينة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.