أنقرة تعلن اكتمال السيطرة على «الباب» واستمرار تطهيرها من «داعش»

في حين تواصل القصف العنيف والاشتباكات بين قوات الجيش السوري الحر المدعومة من تركيا وعناصر تنظيم داعش الإرهابي في مدينة الباب معقل «داعش» في ريف حلب الشرقي، قال نعمان كورتولموش، نائب رئيس الوزراء التركي المتحدث باسم الحكومة، إن الباب باتت تحت السيطرة التامة، وإن العملية العسكرية فيها ستنتهي قريبا، وفي الوقت نفسه تواصل التلاسن بين أنقرة وطهران على خلفية تصريحات تركية اتهمت إيران بمحاولة تحويل سوريا والعراق إلى دولتين شيعيتين.
وأعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في كلمة أمام المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم بالبرلمان التركي في أنقرة أمس الثلاثاء، أن مدينة الباب باتت بالكامل تحت سيطرة القوات المشاركة في عملية «درع الفرات»، داعيا أميركا مجددا إلى وقف دعمها للقوات الكردية في شمال سوريا، التي عدّها تشبه تنظيم داعش الإرهابي.
وكان المتحدث باسم مجلس الوزراء التركي أعلن مساء الاثنين عقب اجتماع لمجلس الوزراء عقد برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان أن العملية العسكرية في مدينة الباب أوشكت على النهاية، وأن الجيش السوري الحر وبدعم من القوات المسلحة التركية أحكم سيطرته على كامل مدينة الباب تقريبا.
وأكد كورتولموش أن الجيش السوري الحر والقوات التركية يواصلان عمليات تطهير المدينة بحذر كبير لاحتمال وقوع هجمات انتحارية من جانب «داعش»، وأن أهالي الباب سيعودون إلى مدينتهم عقب تطهيرها بالكامل في أقرب وقت.
وتابع كورتولموش: «نريد استخدام الأسلوب نفسه في الرقة، كما في الباب، من خلال دعم العناصر المحلية من أهالي المدينة، وتقديم الدعم اللوجيستي لهم من قبل المجتمع الدولي، وتركيا، وأميركا، لتطهيرها من (داعش)، وعدم دخول تنظيمات إرهابية أخرى إليها».
وأضاف أن أنقرة وواشنطن تربطهما علاقات استراتيجية في إطار حلف الناتو منذ سنوات طويلة، وأنه ثمة علاقة وثيقة أيضًا بين البلدين في الحرب ضد الإرهاب، وأن أنقرة تنتظر مؤشرات إيجابية من الإدارة الأميركية الجديدة؛ منها إنهاء الدعم المقدم إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية، وأن القوة التي ينبغي دعمها من قبل تركيا والولايات المتحدة الأميركية في العمليات العسكرية هي المعارضة المعتدلة في سوريا، وليس القوات الكردية، وأن زيارة مسؤولين أميركيين إلى تركيا هي إشارة إلى بدء حل بعض الخلافات في وجهات النظر، وعلى الأخص في الملف السوري.
وفي السياق نفسه، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في مؤتمر صحافي خلال زيارته لشمال قبرص أمس الثلاثاء، إن عملية الرقة يجب أن تنفذ دون مشاركة القوات الكردية، لافتا إلى أن تركيا وأميركا عضوان في التحالف الدولي للحرب على «داعش» الذي يضم أكثر من 30 دولة؛ وإن هذه الدول ومنها السعودية وقطر لها قوات خاصة في التحالف، ويمكنها زيادة هذه القوات، وبالتالي فلا داعي لأن تتمسك واشنطن بالقوات الكردية في عملية الرقة.
في سياق متصل، أكد السيناتور الجمهوري عن ولاية أريزونا الأميركية جون ماكين أن بلاده بحاجة للتعاون مع تركيا للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي بشكل سريع ودائم.
وأصدر ماكين، الذي يشغل أيضا رئاسة لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي، بيانا ليل الاثنين - الثلاثاء حول لقائه في أنقرة مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أكد فيه أنه يدعم دائما التحالف الأميركي - التركي القائم على قيم ديمقراطية مشتركة، مؤكدا أن أهمية هذا التحالف بين الجانبين أكثر من أي وقت مضى بسبب ازدياد وتيرة الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا، لافتا إلى أنه تبادل وجهات النظر مع الرئيس التركي حول التطورات الأخيرة على الساحة السورية بشكل تفصيلي، وأوضح أن تولي الرئيس الأميركي دونالد ترمب مهامه يعد فرصة مهمة لإعادة تقييم السياسة الأميركية فيما يخص الشأن السوري.
وأشار ماكين إلى أن الرئيس التركي تقدم باقتراحات بشأن إقامة منطقة آمنة وتحرير مدينة الرقة من تنظيم داعش الإرهابي، داعيا الإدارة الأميركية للتفكير بهذه المقترحات بشكل جدي.
وفي سياق المعارك الدائرة في الباب، أعلن الجيش التركي في بيان مقتل أحد جنوده وإصابة اثنين آخرين أمس الثلاثاء، إضافة إلى مقتل 44 من مسلحي تنظيم داعش ليل الاثنين.
وقال البيان إن 15 من عناصر «داعش» قتلوا في اشتباكات وقصف مدفعي وضربات جوية خلال العمليات في الباب، فيما قتل 29 ودمرت 4 مبان في الضربات الجوية للتحالف الدولي.
إلى ذلك، تواصل التلاسن بين أنقرة وطهران على خلفية التوتر الذي نشأ عن تصريحات للجانب التركي تتهم إيران بالسعي إلى إقامة دولتين شيعيتين في سوريا والعراق، وبأن سياساتها تؤدي إلى زعزعة استقرار وأمن المنطقة.
وقال المتحدث باسم الخارجية التركية حسين مفتي أوغلو، إنّه «لا يمكن فهم أو تقبل الاتهامات الإيرانية للآخرين بينما لا تتورع عن إرسال من لجأوا إليها بسبب الأزمات في المنطقة، إلى ساحات الحروب، وهي المسؤولة عن التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة».
وقال مفتي أوغلو، في بيان صدر ليل الاثنين - الثلاثاء، ردا على تصريحات بهرام قاسمي المتحدث باسم الخارجية الإيرانية التي وصف فيها تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو والمسؤولين الأتراك بأنها غير بناءة وتنبع من اضطرابات داخلية تعيشها تركيا.
وأوضح مفتي أوغلو، أنّ «إشادة قاسمي بسياسات بلاده الإقليمية ووصفه لتلك السياسات بالعادلة، تتعارض بشكل كبير مع مخاوف الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي من سياسات طهران الإقليمية».
وأكد أن «المنتظر من إيران هو الإقدام على خطوات بنّاءة وإعادة النظر في سياساتها تجاه دول المنطقة، بدلا من اتهام الدول التي توجه إليها انتقادات».
وكان وزير الخارجية التركي تطرق أمام «مؤتمر ميونيخ للأمن»، الأحد الماضي، إلى الدور الإيراني في المنطقة، قائلاً: «إنه يزعزع الاستقرار، بخاصة أن طهران تسعى لنشر التشيّع في سوريا والعراق وتحويلهما إلى دولتين شيعيتين خالصتين».
كما انتقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إيران ضمنا في كلمة له بمعهد السلام الدولي في البحرين الأسبوع الماضي، مؤكدًا رفضه توجهات البعض لتقسيم سوريا والعراق.
واستدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفير التركي في طهران رضا هاكان تكين، الاثنين الماضي، فيما يتعلق بتصريحات جاويش أوغلو وإردوغان، وأبلغته احتجاج طهران.
وقلل نعمان كورتولموش، نائب رئيس الوزراء التركي المتحدث باسم الحكومة، من شأن أنباء عن توتر، وقال في مؤتمر صحافي بعد اجتماع مجلس الوزراء برئاسة إردوغان الاثنين، إن «إيران وتركيا بلدان صديقان. هناك اختلاف في وجهات النظر من حين لآخر، لكن لا يمكن أن تولد عداوة بسبب تصريحات. حتى لو ظهرت خلافاتنا السياسية مع إيران، فإنه ينبغي عدم تضخيمها بشكل كبير».