6 سنوات من الجهود الدبلوماسية غير المثمرة في سوريا

شهدت فشل أول مبادرة عربية واستقالة مبعوثين

6 سنوات من الجهود الدبلوماسية غير المثمرة في سوريا
TT

6 سنوات من الجهود الدبلوماسية غير المثمرة في سوريا

6 سنوات من الجهود الدبلوماسية غير المثمرة في سوريا

على مدى نحو ست سنوات من الحرب الدامية، فشلت مبادرات عدة في التوصل إلى حل للنزاع السوري اصطدمت خصوصا بخلاف على مصير رئيس النظام بشار الأسد.
وتبدأ غدا الخميس، في جنيف برعاية الأمم المتحدة، محادثات بين النظام السوري والمعارضة، في محاولة جديدة لإيجاد حل لنزاع تسبب بمقتل أكثر من 310 آلاف شخص وتشريد الملايين.
* في يناير (كانون الثاني) 2012، بعد شهرين من فشل أول مبادرة عربية تنص على وقف العنف والإفراج عن المعتقلين وسحب الجيش من المدن السورية، أقرّ وزراء الخارجية العرب مبادرة جديدة نصت على نقل سلطات رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى نائبه وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
لكن دمشق رفضت هذه الخطة، مشددة على «انتهاء الحلول العربية». وأكدت أنها مصممة على وقف الاحتجاجات الشعبية التي قمعت بالقوة منذ مارس (آذار) 2011.
* 30 يونيو (حزيران) 2012، اتفقت مجموعة العمل حول سوريا التي تضم الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وتركيا وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي في جنيف على مبادئ العملية الانتقالية.
ونصت الخطة وقتها على إقامة «حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة» عبر «توافق مشترك» من دون أن تحدد مصير الأسد. لكن الأطراف المعنية بالنزاع اختلفت على تفسير مبادئ «جنيف1».
وبعد الاجتماع، اعتبرت واشنطن أن الاتفاق يفسح المجال أمام مرحلة «ما بعد الأسد»، فيما أكدت موسكو وبكين أنه يعود إلى السوريين تقرير مصير رئيسهم.
* 22 - 31 يناير 2014، عقدت مفاوضات في سويسرا بين المعارضة والحكومة السورية، بضغوط من الولايات المتحدة الداعمة للمعارضة ومن روسيا الداعمة لدمشق، وانتهت من دون نتيجة ملموسة.
وتلتها جولة ثانية انتهت في 15 فبراير (شباط) أعلن بعدها مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي وصول النقاش إلى طريق مسدود.
في الواقع، لم يتمكن الطرفان حتى من الاتفاق على جدول الأعمال. فوفد النظام أراد البحث في «مكافحة الإرهاب»، فيما طالبت المعارضة ببحث عملية انتقالية من دون الأسد.
* في 13 مايو (أيار)، استقال الإبراهيمي بعد أكثر من عشرين شهرا من الجهود العقيمة. وكان خلف كوفي أنان في هذه المهمة. وخلف الإبراهيمي الإيطالي - السويدي ستيفان دي ميستورا في يوليو (تموز).
* 30 أكتوبر (تشرين الأول) 2015، بعد مرور شهر على بدء الحملة الجوية الروسية في سوريا دعما للنظام، اجتمعت 17 دولة في فيينا، بينها روسيا والولايات المتحدة وفرنسا وللمرة الأولى إيران، لبحث الحل السياسي في سوريا بغياب ممثلين عن المعارضة أو النظام. واتفق المجتمعون على السعي لوضع أطر لانتقال سياسي، فيما اختلفوا على مستقبل بشار الأسد.
* في 14 نوفمبر (تشرين الثاني)، توصلت الدول الكبرى في فيينا إلى خريطة طريق للعملية الانتقالية وإجراء انتخابات، وعقد مباحثات بين الحكومة والمعارضة بحلول بداية يناير، من دون الاتفاق على مصير الأسد.
* 18 ديسمبر (كانون الأول) 2015، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع وللمرة الأولى منذ بدء النزاع قرارا استنادا إلى محادثات فيينا، حدد فيه خريطة طريق تبدأ بمفاوضات بين النظام والمعارضة، وينص على وقف لإطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة أشهر وتنظيم انتخابات خلال 18 شهرا.
* مارس (آذار) - أبريل (نيسان) 2016، ثلاث جولات من المفاوضات غير المباشرة بين النظام والمعارضة برعاية الأمم المتحدة في جنيف دون إحراز تقدم ملموس، نتيجة التباعد الكبير في وجهات النظر حيال المرحلة الانتقالية ومصير الأسد.
* بعد سنوات من الاختلاف حول سوريا وأزمة دبلوماسية ناتجة عن إسقاط تركيا طائرة حربية روسية في سوريا، شهدت الفترة الأخيرة تقاربا بين موسكو وأنقرة.
* وفي التاسع من أغسطس (آب)، التقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وانطلقت جهود حثيثة حول سوريا، رغم بدء أنقرة تدخلا عسكريا بريا في شمال سوريا ضد تنظيم داعش والمقاتلين الأكراد.
* في 22 ديسمبر (كانون الأول)، استعادت قوات الأسد والميليشيات الموالية لها السيطرة على كامل مدينة حلب في شمال البلاد بعد إجلاء آلاف المقاتلين والمدنيين منها بموجب اتفاق برعاية روسيا وإيران وتركيا.
* وتواصلت جهود الدول الثلاث، وتوصلت في نهاية ديسمبر (كانون الأول) إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار في سوريا يستثني تنظيم داعش ومجموعات «إرهابية» أخرى، ومهد هذا الاتفاق الطريق أمام محادثات بين النظام السوري والفصائل المعارضة في عاصمة كازاخستان.
* في 23 و24 يناير، ثم في 16 فبراير، عقدت محادثات في آستانة بين ممثلين عن النظام السوري وآخرين عن الفصائل المعارضة، للمرة الأولى من دون رعاية أميركية. ولم تخرج هذه المفاوضات بنتائج واضحة.
يلتقي ممثلو المعارضة والحكومة الخميس في جنيف، في ظل تصعيد عسكري على الأرض، لكن في ظل تغيير كبير في ميزان القوى، ومع استمرار الهوة بين الطرفين حول المواضيع الأساسية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.