العاهل المغربي يجري مباحثات على انفراد مع رئيس زامبيا

حل بلوساكا المحطة الثانية من جولته الأفريقية التي ستشمل أيضًا غينيا كوناكري وكوت ديفوار ومالي

العاهل المغربي يجري مباحثات على انفراد مع رئيس زامبيا
TT

العاهل المغربي يجري مباحثات على انفراد مع رئيس زامبيا

العاهل المغربي يجري مباحثات على انفراد مع رئيس زامبيا

أجرى العاهل المغربي الملك محمد السادس، أمس، مباحثات على انفراد مع رئيس جمهورية زامبيا إدغار شاغوا لونغو بالقصر الرئاسي بلوساكا.
وحل العاهل المغربي الليلة قبل الماضية بزامبيا في إطار زيارة رسمية هي الأولى من نوعها منذ توليه الحكم صيف 1999.
وتعد زامبيا ثاني محطة للعاهل المغربي ضمن جولته الأفريقية الجديدة، التي بدأها من غانا، وتشمل أيضًا غينيا كوناكري وكوت ديفوار ومالي. وترأس العاهل المغربي والرئيس الزامبي أمس بالقصر الرئاسي بلوساكا، مراسم التوقيع على 19 اتفاقية حكومية وأخرى تهم الشراكة الاقتصادية بين البلدين.
وتغطي هذه الاتفاقيات قطاعات متنوعة، تهمّ المشاورات السياسية والخدمات الجوية وحماية الاستثمارات، والمالية والتأمين والتعليم والتكوين والسياحة والفلاحة والتكنولوجيا والصناعة والمعادن والطاقات المتجددة.
وأعرب رئيس غرفة التجارة والصناعة لزامبيا، جيوفري ساكيلاندا، في كلمة أمام العاهل المغربي والرئيس الزامبي عن سعادته بزيارة ملك المغرب لبلاده، التي شكلت فرصة لأوساط الأعمال بالبلدين، للقاء والتباحث بشأن فرص الشراكة الاقتصادية المتاحة.
وبعد أن ذكر بانعقاد منتدى الأعمال المغربي - الزامبي أول من أمس (السبت) بلوساكا، أشاد ساكيلاندا بإحداث مجلس للأعمال بين البلدين ليشكل بنية للتنسيق والمواكبة، ويُسهم بشكل فعال في خلق تكامل بين اقتصادي البلدين.
واستعرض فرص الاستثمار التي تتيحها بلاده، خصوصًا ما تزخر به من موارد طبيعية، وما تنعم به من استقرار سياسي ومناخ ملائم للأعمال، وموقع جغرافي، فضلاً عن السياسات التنموية القطاعية التي تنتهجها الحكومة.
من جهتها، سجلت مريم بنصالح شقرون، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن التوجه الجديد لاقتصاد زامبيا نحو التنويع، وفق مقاربة مندمجة، ينسجم مع الاستراتيجية الاقتصادية للمغرب. وذكرت بنصالح أن منتدى الأعمال المغربي - الزامبي الأخير، مكّن من تحديد كثير من مجالات التعاون، وخصوصًا الطاقات والفلاحة والصناعة الغذائية والمعادن والسياحة والتكنولوجيات الجديدة للإعلام والتواصل والمالية والبنيات التحتية والسكن، موضحة أن هذا المنتدى كان مناسبة أيضًا للتأكيد على ضرورة تقوية الاندماج الاقتصادي جنوب - جنوب، الذي ما فتئ يدعو إليه الملك محمد السادس، وأن المشاركين في المنتدى اتفقوا على إحداث مجلس للأعمال بغرض تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
وأضافت بنصالح أنه في سياق عولمة متعثرة «يتعين علينا العمل من أجل ضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة والعمل معًا لرفع التحديات المشتركة المرتبطة بخلق فرص الشغل، وتحقيق التنمية المستدامة والاندماج الإقليمي».
ويرافق العاهل المغربي في هذه الزيارة وفد مهم يضم على الخصوص المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة، ووزير الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار، ووزير السكنى وسياسة المدينة، محمد نبيل بنعبد الله، وعزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري وزير السياحة بالنيابة، ومولاي حفيظ العلمي وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي ووزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة بالنيابة، والحسين الوردي وزير الصحة، بالإضافة إلى كثير من الشخصيات المدنية والعسكرية.
وحظي العاهل المغربي لدى نزوله من الطائرة بمطار «كينيث كوندا الدولي» في لوساكا باستقبال خاص من طرف رئيس جمهورية زامبيا، بحضور كبار المسؤولين والشخصيات الزامبية في أجواء احتفالية ووسط أنغام ورقصات الفرق الفلكلورية.
وتندرج هذه الزيارة في إطار مساعي العاهل المغربي لإرساء أسس جديدة للعلاقات الأفريقية - الأفريقية على أساس الرؤية الجديدة للعاهل المغربي للتعاون جنوب - جنوب ومستقبل القارة.
وتكتسي هذه الزيارة أهمية خاصة، إذ تأتي عقب عودة المغرب للاتحاد الأفريقي، كما أنها تكتسي طابعًا خاصًا، لا سيما أنها أول زيارة للعاهل المغربي لهذا البلد الأفريقي.
وأعرب الرئيس الزامبي إدغار لونغو عن ترحيبه العميق بزيارة العاهل المغربي، مؤكدًا أن العلاقات بين زامبيا والمغرب ستشهد قفزة نوعية بفضل الزيارة الملكية.
وقال لونغو في تصريحات أوردتها مختلف وسائل الإعلام الزامبية، إن العلاقات بين زامبيا والمغرب ستتعزز لترتقي إلى مستوى تعاون ثنائي متين خدمة لمصالح شعبي البلدين. واعتبر الرئيس الزامبي أن الرباط ولوساكا ماضيتان نحو ترسيخ شراكتهما على أسس متينة، ترتكز على علاقات ودية وأواصر صداقة قوية وعلى الاحترام والتعاون.
من جانبه، اعتبر وزير الخارجية الزامبي، هاري كالابا، أن الزيارة الرسمية التي يقوم بها الملك محمد السادس إلى جمهورية زامبيا «تاريخية» على أكثر من صعيد. وقال للصحافة: «نحن جد سعداء باستقبال العاهل المغربي بزامبيا»، مسجلاً أن بلاده تعلق آمالاً كبيرة على هذه الزيارة التي ستُسهم، بلا شك، في «تعزيز العلاقات بين بلدينا الصديقين»، إذ إنها ستفتح الطريق أمام تعميق الحوار الثنائي والتنسيق بشكل أمثل تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك على المستوى متعدد الأطراف.
وأكد وزير المالية الزامبي فيليكس موتاتي بدوره على أهمية الزيارة الملكية، التي قال إنها ستفتح عهدًا جديدًا في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.
ودعا الوزير الزامبي رجال الأعمال المغاربة إلى اغتنام هذه الفرصة وإيلاء مزيد من الاهتمام للسوق الزامبية، مضيفًا أن بلاده مفتوحة أمام المستثمرين المغاربة الذين يمكنهم الاستفادة من مناخ الأعمال في زامبيا، ومن الفرص التي يتيحها في مجال الزراعة والسياحة والصناعة، وفي الوقت ذاته تعزيز صورة زامبيا على المستوى الدولي.
وأبرز موتاتي أن زامبيا يمكن أن تستفيد الشيء الكثير من المغرب، خصوصًا تجربته في تنمية القطاع السياحي، مشيرًا إلى أن المغرب يتوفر على رأسمال بشري مهم وكفاءات «تتأقلم مع احتياجات معظم الدول الأفريقية».
وكان العاهل المغربي قد أنهى أول من أمس زيارة رسمية لغانا، أشرف فيها على وضع الإطار القانوني والأسس الجديدة للعلاقات بين البلدين عبر إبرام 25 اتفاقية تعاون. وتوجت الزيارة بإصدار بيان مشترك بين العاهل الملك محمد السادس والرئيس الغاني نانا أدو دانكوا أكوفو أدو.
وأقر القائدان في البيان المشترك بالعلاقات الودية العريقة التي تربط بين البلدين، والتي يعود تاريخها إلى فترة النضال من أجل تحرير أفريقيا، «عندما قام الأبوان المؤسسان للبلدين بتوحيد قواهما من أجل مقاومة الاستعمار». وجدد القائدان في بيانهما المشترك «التأكيد على التزامهما الثابت وعزمهما على تعزيز التعاون بشكل أكبر ليشمل كثيرًا من القضايا ذات الاهتمام المشترك». كما اتفقا على عقد البلدين مباحثات منتظمة على مستوى كبار المسؤولين، وعلى أن يدعم كل منهما الآخر خلال الانتخابات في المحافل متعددة الأطراف.
وبارتباط مع المشروع المغربي - النيجيري لإنشاء خط أنابيب الغاز يربط بلدان غرب أفريقيا، أعرب الرئيس الغاني عن رغبة بلاده في إنشاء منتدى شمال - غرب أفريقي يرمي إلى تعزيز المشاورات بين الدول الأعضاء فيما يتعلق بالقضايا ذات الاهتمام المشترك في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك بهدف تنفيذ استراتيجيات شمولية مشتركة وتحقيق التنمية البشرية والمستدامة للمنطقة.
وأشار الرئيس الغاني إلى أن «كل البلدان التي سيعبرها خط أنابيب الغاز الذي سيربط بين نيجيريا والمغرب، ستستفيد من هذا المشروع بعد الانتهاء من تشييده». واعتبر قائدا البلدين في البيان المشترك أن «خط أنابيب الغاز هذا يشكل رمزًا للتعاون جنوب - جنوب يتعين على البلدان الأفريقية النهوض به من أجل ضمان إرساء نموذج أفريقي للتنمية».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.