{كرافت} و{يونيليفر}... اندماج أفسده الغموض

أسهم الشركة البريطانية الهولندية هبطت 8 %

هبطت أسهم «يونيليفر» بعد أن سحبت «كرافت - هاينز» عرضًا للاندماج معها (رويترز)
هبطت أسهم «يونيليفر» بعد أن سحبت «كرافت - هاينز» عرضًا للاندماج معها (رويترز)
TT

{كرافت} و{يونيليفر}... اندماج أفسده الغموض

هبطت أسهم «يونيليفر» بعد أن سحبت «كرافت - هاينز» عرضًا للاندماج معها (رويترز)
هبطت أسهم «يونيليفر» بعد أن سحبت «كرافت - هاينز» عرضًا للاندماج معها (رويترز)

هبطت أسهم «يونيليفر» الإنجليزية الهولندية أمس بعد أن سحبت شركة «كرافت - هاينز» الأميركية للمنتجات الغذائية، سريعا عرضا بقيمة 143 مليار دولار للاندماج معها... وفاقم الخسائر الغموض الذي أحاط بإعلان الطرفين عن فشل الصفقة.
وكانت كرافت المدعومة من رجل الأعمال البارز وارن بافيت وشركة الاستثمار المباشر «ثري جي» تريد شراء «يونيليفر» ضمن استراتيجية للتحول إلى شركة عالمية عملاقة لتجارة السلع الاستهلاكية من خلال شراء منافسين وخفض التكلفة وتقليص الوظائف لتحقيق أرباح.
وأشارت مصادر إعلامية أميركية إلى أن بافيت وآخرين بمجلس إدارة كرافت فضلوا الانسحاب سريعا. كما قال مصدر مقرب من «كرافت» إن مسؤولي الشركة نبهوا وزير الأعمال البريطاني غريغ كلارك خلال مكالمة قصيرة يوم الجمعة؛ بعدما كشفت الشركة عن نهجها. وكشفت «كرافت» عن خطتها لتأسيس كيان عالمي ضخم للسلع الاستهلاكية يكون مقره الولايات المتحدة وبريطانيا وهولندا. وقال أحد المصادر لـ«رويترز» إن «كرافت» لم تتوقع المقاومة التي وجدتها من «يونيليفر»، مضيفا أن من بين المخاوف الأساسية التي أثيرت خلال المباحثات احتمال إجراء تدقيق من قبل الحكومة البريطانية إلى جانب الاختلافات بين ثقافتي الشركتين ونموذجي أعمالهما.
وبالنسبة لـ«كرافت»، كان رد بريطانيا مصدر قلق كبير بعدما لمحت رئيسة الوزراء تيريزا ماي إلى أنها ستتبنى نهجا «أكثر نشاطا» تجاه عمليات الاستحواذ الأجنبية، حسبما قالت مصادر لـ«رويترز».
وأوضحت ماي، التي أشارت من قبل إلى استحواذ «كرافت» في 2010 على «كادبوري» كمثال للصفقة التي كان ينبغي منعها، أن حكومتها سترغب في فحص الاتفاق؛ إذا ما مضى قدما، حسبما قال مصدر على دراية بالموقف.
غير أن متحدثا باسم ماي قال أمس الاثنين إن الحكومة لم يكن لها يد في قرار «كرافت» سحب عرضها.
وقال رئيس وزراء هولندا مارك روته، والذي عمل في «يونيليفر» من قبل، أيضا إنه سيدرس ماذا يعني الاتفاق لبلاده من الناحيتين «الإيجابية والسلبية».
وهبطت أسهم «يونيليفر» المدرجة في لندن بنسبة ثمانية في المائة، بعد أن قفزت 13 في المائة إلى مستوى قياسي مرتفع عندما جرى الإعلان عن العرض يوم الجمعة الماضي. وتقدر القيمة السوقية لشركة «يونيليفر» بنحو 112 مليار جنيه إسترليني (نحو 140 مليار دولار)، في حين تقدر قيمة «كرافت هاينز» بنحو 85 مليار جنيه إسترليني.
لكن الأسهم هبطت بعدما قالت: «كرافت» في بيان مساء أول من أمس إنها «وافقت بشكل ودي» على سحب عرضها. وهبطت أسهم الشركة المدرجة في هولندا سبعة في المائة، وقال محللون لدى «ماكواري» إن سهم «يونيليفر» من غير المفترض أن يتخلى عن جميع مكاسبه بعد ذلك النهج، على الرغم من أن بعض المساهمين يعتقدون أنه من غير المرجح إبرام اتفاق آخر.
وقبل إعلان «كرافت» انسحابها يوم الأحد، كانت قد أعلنت يوم الجمعة الماضية رفض «يونيليفر» عرض «اندماج شامل» قدمتها لها. وذكرت يونيليفر أن الاندماج ليس مجديا ماديا أو استراتيجيا ورفضت العرض. وأكدت «كرافت هاينز» أن عرضها على «يونيليفر» تم رفضه، لكنها تتطلع إلى التوصل لاتفاق على شروط صفقة ما بينهما. وفي النهاية «وافقت كرافت هاينز وديا على سحب عرضها لجمع المؤسستين في مجموعة واحدة»، حسب ما أعلنت المجموعتان الأحد في بيان مقتضب. وأضاف البيان أن «يونيليفر وكرافت هاينز لا تزالان تكنان لبعضهما البعض كل الاحترام. وكرافت هاينز تنظر بعين الاحترام لثقافة واستراتيجية وإدارة يونيليفر».
وإذا ما كان الاندماج قد نجح، فكان من شأن ذلك أن يصبح أكبر اندماج عابر للحدود منذ استحواذ شركة «فودافون» ومقرها بريطانيا على شركة «مانزمان إيه جي» الألمانية في عام 2000.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.