العراقيون ينتقمون من «داعش» بنسف بيوت عناصره ونبش قبور قتلاه

سكان قرى جنوب الموصل ينظفونها من آثار التنظيم المتطرف

مقاتلون من العرب السنة يعاينون ركام منزل عائد لأحد عناصر «داعش» بعد أن فجروه في قرية الرفيلة (رويترز)
مقاتلون من العرب السنة يعاينون ركام منزل عائد لأحد عناصر «داعش» بعد أن فجروه في قرية الرفيلة (رويترز)
TT

العراقيون ينتقمون من «داعش» بنسف بيوت عناصره ونبش قبور قتلاه

مقاتلون من العرب السنة يعاينون ركام منزل عائد لأحد عناصر «داعش» بعد أن فجروه في قرية الرفيلة (رويترز)
مقاتلون من العرب السنة يعاينون ركام منزل عائد لأحد عناصر «داعش» بعد أن فجروه في قرية الرفيلة (رويترز)

كان الجو أشبه باحتفال عندما حمل كل واحد من الرجال السبعة قنبلة ودخل بها البيت الواقع على أطراف قرية في شمال العراق. تجمع عشرات من سكان الرفيلة كبارًا وصغارًا لمشاهدة بيت جارهم السابق أبو ميثم أثناء نسفه وتصوير المشهد بهواتفهم الجوالة على نغمات موسيقى وطنية تنطلق من سيارة واقفة.
قال السكان إن أبو ميثم انضم إلى متشددي «داعش» الذين حكموا مئات المدن والقرى من أمثال الرفيلة لأكثر من عامين وأخضعوا سكانها لحياة العنف والحرمان. وحسب تقرير لوكالة «رويترز»، كان أبو ميثم قد فر عندما طردت القوات العراقية المتشددين من المنطقة العام الماضي أثناء تقدمها شمالاً باتجاه الموصل. وفي أعقاب خروج المتشددين، شرع السكان المحليون في التخلص من آثار التنظيم كلها؛ فهدموا بيوتهم بل ونبشوا قبورهم.
داخل ذلك البيت في الرفيلة الواقعة على مسافة 45 كيلومترًا جنوب الموصل، قام عياد جاسم بترتيب المتفجرات على شكل دائرة على الأرض ووصلها بسلك يمتد إلى بطارية. قال جاسم وهو يستعد لتفجير البيت: «هذا ينعش الروح. ما زالت هناك بيوت كثيرة». وهذا هو البيت التاسع والسبعون الذي ينسفه منذ سيطرة قوات الأمن على المنطقة.
ولجاسم فيما يفعله دوافع وطنية ودوافع شخصية. فقد نسف التنظيم بيته في قرية أخرى قريبة، كما أن 27 من أفراد عائلته اختفوا أو قتلوا على أيدي أفراد التنظيم، بمن فيهم طفل عمره 10 سنوات.
والفضل فيما اكتسبه جاسم من مهارات يرجع للقوات الأميركية التي علمته هو ومجموعة مختارة من الجنود كيفية التعامل مع المتفجرات بعد غزو العراق عام 2003. أما القنابل وهي عبارة عن أوعية يحتوي كل منها على نحو كيلوغرامين من مادة «سي 4» المتفجرة فقد صنعها تنظيم داعش واستهدف بها إيقاع خسائر في الأرواح في صفوف أفراد قوات الأمن العراقية أو تشويههم، غير أن القوات العراقية حفرت واستخرجتها لاستخدامها.
دمر الانفجار الأول الجزء الخلفي فقط من البيت، ولذلك تطلب الأمر قنبلتين أخريين لإنجاز المهمة. ودمر الانفجار الثاني بقية المبنى مقترنًا بوميض أعقبه موجة ارتدادية. وانطلق جمهور الواقفين صوب كومة الركام التي كانت بيتًا قبل لحظات وصعدوا فوق السقف المنهار وهم يطلقون الرصاص في الهواء احتفالاً بنسف البيت.
كل واحد ممن يعيشون في المنطقة تقريبًا له أصدقاء أو أفراد من أسرته قتلوا على أيدي التنظيم، وكثير منهم كان من أفراد قوات الأمن. ففي الرفيلة وحدها، قال سكان إن التنظيم أعدم 7 ضباط ونقل عشرات من رجال الشرطة والجنود إلى مكان بعيد حيث يفترض أنهم أعدموا.
وقد عاد كثير من رجال الأمن الذين فروا عندما اجتاح التنظيم المنطقة لينضموا إلى جماعة عشائرية مسلحة تدعمها الحكومة وتسعى للانتقام. وقال عمار إبراهيم (26 عامًا)، الذي كان من أفراد قوات الأمن وأصبح الآن عضوًا في الجماعة العشائرية المسلحة: «هذه القرية عانت كثيرًا. فقد نسفوا (رجال التنظيم) بيوتنا ولذلك فنحن ننسف بيوتهم. لن يتبقى منهم أثر». وقال ساكن آخر: «كل واحد ينظف قريته».
وفي بعض الحالات نبش بعض السكان المحليين قبور متشددي التنظيم الذين دفنوا في المنطقة. ووصف أحد سكان الرفيلة كيف تم استخراج رفات متشدد معروف باسم أبو طه من القبر في الآونة الأخيرة، حيث ربطت بعربة انطلق قائدها يجر الرفات خلفه في الشوارع حتى تبعثرت العظام ولم يتبقَّ منها شيء. وثمة قهقهة عدة أطفال كانوا ينصتون له ابتهاجًا بما كان يرويه.
وسجلت مجموعة من الصور هذه الحادثة ونشرت على صفحة في «فيسبوك» لواحد آخر من سكان الرفيلة من أفراد جهاز مكافحة الإرهاب يحث كل من لديه معلومات عن مواقع أخرى لقبور المتشددين أن يتصل به حتى يمكن تطهير الأرض منهم، على حد قوله. وفي صورة لحادث آخر تم استخراج جثة متشدد آخر في المنطقة نفسها، ووضعت جمجمته على سيارة وضعت سيجارة بين الفكين اللذين كانت كل أسنانهما مخلوعة باستثناء واحد.
كان أبو ميثم من موظفي وزارة النفط العراقية قبل أن تخضع المنطقة لسيطرة «داعش»، وكان مشاركًا في مقاومة القوات الأميركية منذ عام 2003 مع شقيقه الذي تم أيضًا هدم بيته القريب. وقال سكان في الرفيلة إن أبو ميثم ومتشددين آخرين من القرية رحلوا مع عائلاتهم مع اقتراب قوات الأمن في العام الماضي في طريقها شمالاً صوب الموصل.
غير أن بعض الأفراد ما زالوا موجودين ممن ساعدوا التنظيم في بسط سيطرته من خلال الإبلاغ عمن خالفوا تعليماته. وقال السكان إنه لا بد من رحيل هؤلاء أيضًا، لكن من الصعب إثبات التهمة عليهم أمام القضاء، لأنهم لم يبايعوا «داعش» رسميًا ولم يرفعوا السلاح أو يرتدوا زي التنظيم.
وقال عمار أبو رامي، شقيق رئيس بلدية الموصل وحارسه الشخصي، وهو أيضًا من الرفيلة: «لا توجد أدلة، لذلك تطلق المحكمة سراحهم». وبدلاً من ذلك يتولى بعض السكان تنفيذ هذه الرغبة بأنفسهم، فيلقون قنابل يدوية على بيوت الناس ويتهمونهم بتأييد تنظيم داعش. وقال أبو رامي: «لا يقتلونهم. بل يخيفونهم أيضًا».
وقال آخر من سكان الرفيلة إن إجراءات الدولة بطيئة والتوتر شديد. وأضاف أن السلطات «تقول اصبروا قليلاً، لكن الناس لا يطيقون». وكان بيت أبو ميثم قد تم إحراقه من الداخل قبل نسفه. وعلى جدار متفحم في إحدى الغرف كتبت كلمات تقول إنه لا مساومة على دماء الشهداء وإن وقت الحوار انتهى.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.