اليمن يشكو التدخلات الإيرانية إلى مجلس الأمن

«حزب الله» و«الحرس الثوري» يدربان الحوثيين

اليمن يشكو التدخلات الإيرانية إلى مجلس الأمن
TT

اليمن يشكو التدخلات الإيرانية إلى مجلس الأمن

اليمن يشكو التدخلات الإيرانية إلى مجلس الأمن

قدمت الجمهورية اليمنية شكوى احتجاجية إلى أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ضد تدخلات إيران المستمرة في الشؤون الداخلية اليمنية وتأثيرها على «السلام والأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها» وتدين الرسالة إيران بصفتها «دولة راعية للإرهاب» كما تطالب باعتبار «الحوثيين منظمة إرهابية».
وجاء في الرسالة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أن الحكومة اليمنية «تلاحظ وبمزيد من القلق العميق والإحباط، أن إيران بسياسة الهيمنة والتوسعية الإقليمية وانتهاكاتها الصارخة لمبدأ السيادة والتدخل المستمر في الشؤون الداخلية لليمن، لا تزال تقوم بإثارة الحرب في اليمن ومهاجمة الدول المجاورة وترويع الممرات الملاحية الدولية في جنوب البحر الأحمر ومضيق باب المندب».
وذكرت الرسالة التي حملت توقيع المندوب اليمني الدائم في الأمم المتحدة خالد يماني بتوصية من حكومته أن اليمن «يدين بشدة الممارسات الإرهابية، من قبل ميليشيات الحوثيين الذين يعملون بالنيابة عن إيران، الدولة الراعية للإرهاب» مضيفة أننا «نحث مجلس الأمن على تسمية الحوثيين كجماعة إرهابية».
كذلك تدين الرسالة اليمنية بعبارات شديدة اللهجة «التدخل السلبي الإيراني في الشؤون الداخلية اليمنية وتقديم الدعم المالي والسياسي والعسكري المستمر للحوثيين» مشددة على أنه لولا الدور الإيراني كان الحل السلمي للنـزاع في اليمن «قد تحقق بسهولة» وطالبت بوجوب إنهاء «الانتهاكات الصارخة لمبدأ السيادة والقانون الدولي».
وتتهم الرسالة إيران بتمويل الحوثيين، فضلا عن دعمها استراتيجيا وعسكريا لهم من خلال تدريب مقاتليهم وإرسال شحنات الأسلحة غير المشروعة والذخائر لهم في انتهاك صارخ لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وتستند الرسالة إلى «مناسبات متكررة، تم اعتراض الأسلحة الإيرانية غير المشروعة من قبل الكثير من الدول الأعضاء والقوات البحرية المشتركة».
في نفس الصدد، تشير إلى شحنات أسلحة سُيطر عليها من قبل فرنسا وأستراليا والولايات المتحدة كشفت أن شحنات ضخمة من الأسلحة غير المشروعة تم تصنيعها في إيران. ومن الأمثلة ما قاله الأسطول الأميركي الخامس العام الماضي، من ضبطه للمرة الثالثة، في مياه بحر العرب شحنة من الأسلحة غير المشروعة قد تكون من إيران و«من المرجح أن تكون متجهة إلى المتمردين الحوثيين في اليمن».
وبالإضافة إلى ذلك، تحدثت تقارير متعددة عن اعتراض مماثل وموثق عن ضبط كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، من بينها صواريخ إيرانية الصنع مضادة للدبابات وبنادق هجومية وبنادق قنص (دراغونوف) و(إيه كي 47 إس) ومئات من القذائف الصاروخية وقاذفات آر بي جي.
يذكر أن تقرير فريق الخبراء الذي يناقشه مجلس الأمن الدولي الخميس المقبل، أشار إلى أن مجموعة من الأسلحة الإيرانية التي تمت مصادرتها، في الغالب على المركبات المسجلة العُمانية، على طرق المرور المؤدية إلى الأراضي التي يسيطر عليها تحالف الحوثي - صالح، كانت متجهة لقوات الحوثيين أو صالح.
وكشفت رسالة المندوب اليمني إلى أن القوات اليمنية اعترضت في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي بين الحدود اليمنية - العُمانية شاحنة محملة بثلاث طائرات تجسس من دون طيار، تم تفكيكها ووضعها في شحنة من قطع غيار المركبات والمعدات الإلكترونية في طريقها لقوات الحوثي وأن قوات التحالف أسقطت في 28 يناير (كانون الثاني) من الشهر الماضي طائرة تجسس من دون طيار تنتمي أيضا للحوثيين في منطقة المخا.
وتؤكد الحكومة اليمنية أن إيران متورطة في المساعدة في تصنيع هذه الطائرات بدليل ما قاله زعيم ميليشيات الحوثي، عبد الملك، عندما أعلن في بيان تلفزيوني أن مجموعته كانت بالفعل بدأت في تصنيع طائرات من دون طيار، وتتابع الرسالة أن إيران «وفرت للحوثيين الأسلحة والخبرة لإطالة أمد الحرب وعرقلة الحل السلمي وتهديد السلم والأمن الدوليين».
ويطالب اليمن من الأمين العام، غوتيريس أن يقوم بتعميم الرسالة على جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، ويوضح على أنه يتم «تدريب مقاتلي الميليشيات الحوثية من قبل عناصر من الحرس الثوري الإيراني و(حزب الله) في لبنان» موضحا أن «الحرس الثوري و(حزب الله) يقومان ببعثات أو إرساليات تشمل تدريب المقاتلين الحوثيين على استخدام الأسلحة المتطورة التي حصلوا عليها عندما نهبوا المخازن العسكرية اليمنية وكذلك على المعدات والأسلحة الإيرانية الموردة لهم».
وتتضمن الرسالة معلومات عن قيام التحالف الحوثي - صالح بهجمات عشوائية وغير مسؤولة بالصواريخ والصواريخ التسيارية على أراضي المملكة العربية السعودية مما أدى إلى وقوع مئات الضحايا، وتدمير البنية التحتية المدنية مستخدما (أي الطرف الحوثي) صواريخ قاهر 1 وزلزال 3 وهي الصواريخ التسيارية (الباليستية) التي قال عنها فريق العقوبات الأممي إنها مصنوعة في إيران.
وربطت رسالة الشكوى اليمنية بين التكتيك الذي تستخدمه إيران وذلك الذي يستخدمه الطرف الحوثي واعتبرته «تطورا خطيرا» حيث تقوم ميليشيات الحوثي «المدعومة من قبل الإيرانيين بتشابه مطابق تقريبا لقابلية التشغيل البيني والتكتيكات العسكرية الإيرانية التي عرضتها سابقا في مضيق هرمز في الخليج» وبدأت، في مناسبات متعددة، مهاجمة السفن المارة في جنوب منطقة البحر الأحمر.
وأشار السفير اليمني إلى ثلاث هجمات صاروخية قامت بها جماعة الحوثي بدعم من الحرس الثوري الإيراني في أكتوبر (تشرين الأول) 2016 ضد سفينة إماراتية وسفينة «يو إس إس ميسون» الأميركية وناقلة الغاز المسال الإسبانية «في انتهاك واضح للقانون الدولي».
وفي هذا الصدد، اعتبر تقرير فريق الخبراء الأخير أن هذه الهجمات «تشكل تهديدا للسلام والأمن في اليمن، وأن وقوعها في باب المندب والبحر الأحمر يمكن أن يؤثر على أمن الملاحة البحرية والنقل البحري التجاري، مما يهدد إيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن عن طريق البحر، في انتهاك لأحكام الفقرة 19 من القرار 2216». كما أشار السفير اليمني إلى «انتهاك خطير، وقع في 31 يناير حين هاجمت زوارق انتحارية تابعة للحوثيين الفرقاطة السعودية التي كانت تقوم بدوريات لتأمين ممرات البحر الأحمر، مما أسفر عن مقتل اثنين من أفراد الطاقم، وإصابة ثلاثة آخرين». وأضافت الرسالة أن هذه الهجمات «تشكل تهديدات خطيرة على الممرات المهمة استراتيجيا للشحن الدولي، وتؤثر سلبا على ممارسة حرية الملاحة في جميع أنحاء مضيق باب المندب التي نص عليها القانون الدولي والقانون الدولي للبحار».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».