تصعيد نظامي قرب دمشق... ومخاوف من اقتحام القابون وبرزة

قصف صاروخي على المنطقة تزامن مع الدفع بتعزيزات

طفل سوري يتلقى العلاج في مستشفى ميداني بضاحية برزة التي تسيطر عليها قوى المعارضة في ضواحي العاصمة السورية دمشق، والتي تتعرض للقصف والقنص حاليًا (إ.ب.أ)
طفل سوري يتلقى العلاج في مستشفى ميداني بضاحية برزة التي تسيطر عليها قوى المعارضة في ضواحي العاصمة السورية دمشق، والتي تتعرض للقصف والقنص حاليًا (إ.ب.أ)
TT

تصعيد نظامي قرب دمشق... ومخاوف من اقتحام القابون وبرزة

طفل سوري يتلقى العلاج في مستشفى ميداني بضاحية برزة التي تسيطر عليها قوى المعارضة في ضواحي العاصمة السورية دمشق، والتي تتعرض للقصف والقنص حاليًا (إ.ب.أ)
طفل سوري يتلقى العلاج في مستشفى ميداني بضاحية برزة التي تسيطر عليها قوى المعارضة في ضواحي العاصمة السورية دمشق، والتي تتعرض للقصف والقنص حاليًا (إ.ب.أ)

صعدّت قوات النظام السوري قصفها لحي القابون على أطراف العاصمة السورية، بموازاة أنباء عن دفعه بتعزيزات إلى المنطقة، في مؤشر يقود إلى أن قواته وقوات حلفائه تسعى لاقتحام المدينة التي وقعت اتفاقًا معه في عام 2014 وتعرض مؤخرًا لخروق كبيرة.
النظام استهدف مناطق في حيي القابون وبرزة بأطراف العاصمة بسبعة صواريخ يعتقد أنها من نوع أرض - أرض، ما أسفر عن إصابة أكثر من 15 شخصًا بجراح متفاوتة الخطورة، وترافق مع قصف على مناطق في بساتين وأطراف الحي، بحسب ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
بدورها، أشارت شبكة «شام» إلى سقوط عشرة قتلى وعدد من الجرحى في صفوف المدنيين جراء قيام قوات النظام باستهداف المنطقة الفاصلة بين حي القابون ومدينة حرستا شرق العاصمة دمشق. وأكد ناشطون أن المستهدفين «هم من المدنيين المتواجدين في مقبرة حي الجديدة الممتدة بين مدينة حرستا وحي القابون عبر قصفهم بقذائف المدفعية والصواريخ، وذلك أثناء تشييع أحد الشهداء الذين سقطوا جراء القصف العنيف الذي يطال أحياء القابون وتشرين وبرزة».
وهرعت فرق الدفاع المدني لانتشال القتلى وإسعاف الجرحى إلى النقاط الطبية، وخصوصا إلى مشفى الرجاء في حي برزة. وناشدت إدارة مشفى الرجاء جميع القادرين على التبرع بالدم بالإسراع للقيام بذلك، وخصوصا أصحاب زمرة دم «ب +». وسبق هذا الاستهداف، قصف طال أحياء القابون وتشرين وبرزة التي تعرضت لقصف عنيف، بموازاة المعلومات عن أن النظام يجهز آليات وعربات عسكرية تمهيدا لاقتحام حي القابون من محورين بهدف السيطرة عليه.
وتحدثت شبكة «الدرر الشامية» عن أن النظام استقدم تعزيزات عسكرية خلال الأيام الماضية إلى حي القابون الدمشقي، الذي دخل في مصالحة مع النظام مطلع 2014. وذكرت المصادر أن التعزيزات هي من قوات النخبة التابعة للحرس الجمهوري، بالإضافة لقوات من الفرقة الرابعة، مرجحة أن يقوم النظام بعمل عسكري بالقابون، يهدف إلى استكمال سياسة التهجير التي يتبعها في الغوطة الغربية. وكان النظام قد خرق اتفاق المصالحة في الحي مطلع شهر فبراير (شباط) الحالي، من خلال استهدافه بعدد من الغارات الجوية وعشرات القذائف المدفعية، أودت بحياة خمسة مدنيين، وخلف دمارا كبيرا في المباني السكنية.
في غضون ذلك، في محافظة درعا بجنوب سوريا، ارتفع عدد الصواريخ التي يعتقد أنها من نوع أرض – أرض إلى 4، والتي أطلقتها قوات النظام مستهدفة مناطق في حي درعا البلد بمدينة درعا، بينما سقطت عدة قذائف هاون أطلقتها الفصائل المعارضة والإسلامية، على مناطق في حي الضاحية الخاضع لسيطرة قوات النظام بالمدينة. وتزامن ذلك مع مقتل 4 أشخاص من عائلة واحدة بينهم سيدة وطفل على الأقل في قصف جوي استهدف بلدة أم المياذن الواقعة قرب مدينة درعا، فيما قتل شخص جراء الغارات المكثفة على مدينة بصرى الشام، بشرق محافظة درعا، حيث نفذت الطائرات الحربية والمروحية منذ الجمعة أكثر من 70 غارة وضربة جوية، استهدفت مدينة درعا وبلدات اليادودة وبصرى الشام وبصر الحرير وأم المياذن والنعيمة ومعربة ومناطق أخرى في ريف درعا، مخلفة 8 قتلى، 5 في مدينة درعا وبلدتي بصرى الشام والنعيمة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.