مئات المهاجرين الأفارقة يقتحمون مدينة سبتة

الأمن المغربي يحبط تسلل 250 آخرين

مئات المهاجرين الأفارقة يقتحمون مدينة سبتة
TT

مئات المهاجرين الأفارقة يقتحمون مدينة سبتة

مئات المهاجرين الأفارقة يقتحمون مدينة سبتة

نجح أمس نحو 500 من المهاجرين السريين المنحدرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء في اقتحام السياج الحدودي لمدينة سبتة المحتلة من قبل إسبانيا في شمال المغرب، فيما تمكنت السلطات المغربية من إحباط تسلل نحو 250 آخرين إلى المدينة.
وأفادت السلطات المحلية لعمالة (محافظة) المضيق - الفنيدق بأنه جرى صباح أمس الجمعة إحباط محاولة اقتحام جماعي لما يناهز 250 مهاجرا سريا منحدرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء لمدينة سبتة المحتلة عبر وادي لخلوط.
وأضاف المصدر ذاته في بيان، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن محاولة الاقتحام أدت إلى إصابة 10 من أفراد قوات الأمن المغربية و20 مهاجرا سريا بجروح، نقلوا على إثرها إلى المستشفى في مدينة الفنيدق لتلقي الإسعافات اللازمة، مشيرا إلى أن القوات العمومية تمكنت من توقيف 110 من المقتحمين، تمت إحالتهم إلى المصالح الأمنية المختصة قصد التحقيق معهم، ولم يشر البيان إلى أعداد الذين تمكنوا من التسلل إلى مدينة سبتة على وجه التحديد.
وذكرت السلطات المغربية أن وزارة الداخلية كانت قد أعلنت أن محاولات الهجرة غير الشرعية، المخالفة للقوانين الجاري بها العمل بالمغرب، تعرض أصحابها لمتابعات قضائية سيتقرر من خلالها، بحسب كل حالة، طرد المعنيين خارج تراب المملكة، أو إصدار أحكام في حقهم بحسب خطورة أفعالهم.
وفي المقابل، أعلن الحرس المدني الإسباني وفرق الإنقاذ أن مئات المهاجرين عبروا فجر أمس الحاجز المرتفع الذي يحيط بمدينة سبتة، وأصيب بعضهم بجروح.
وقالت أجهزة الإنقاذ على حسابها على موقع «تويتر» إن «الحرس المدني في سبتة يقدر عدد الذين نجحوا في دخول المدينة بنحو 500 مهاجر».
من جهته، أكد الحرس المدني لوكالة الصحافة الفرنسية أن «مئات» المهاجرين دخلوا مدينة سبتة وجرح بعضهم، وكذلك عدد من أفراد قوات الأمن.
وتعود آخر محاولة لدخول سبتة من قبل المهاجرين غير الشرعيين إلى ليلة رأس السنة الماضية، وذلك عندما سعى آلاف المهاجرين إلى عبور حاجز يبلغ ارتفاعه ستة أمتار يحيط بالمدينة في عمل خطير يصاب فيه كثيرون بجروح في أغلب الأحيان، لكن المهاجرين أخفقوا حينذاك.
وظهر في أشرطة فيديو نشرها الموقع الإلكتروني لصحيفة «فارو دي ساوتا» المحلية، عشرات المهاجرين يتجولون فرحين بدخول المدينة المطلة على المتوسط. وقالت فرق الإنقاذ والصليب الأحمر الإسباني على موقع «تويتر» إنها تقدم مساعدة صباح الجمعة لـ400 شخص يتم استقبالهم في مركز الاحتجاز الإداري في سبتة.
وتحاط مدينة سبتة منذ مطلع الألفية الجديدة بسياج حدودي مزدوج يبلغ طوله ثمانية كيلومترات، ويشكل مع مليلية الحدود الوحيدة بين القارة الأفريقية وأوروبا، ونقطة عبور للهجرة السرية انطلاقا من دول أفريقيا والمغرب العربي.
وأقدمت السلطات المغربية قبل عامين على إخلاء مخيم كان يقيم فيه المهاجرون الأفارقة غير الشرعيين في غابة غوروغور، الواقعة بضواحي مدينة الناظور. وكان يعد من أكبر المخيمات غير القانونية للمهاجرين السريين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، ويعيشون فيه في ظروف مزرية، بينهم نساء وأطفال.
ونجح المغرب في السنوات الأخيرة في الحد بشكل كبير من تدفق المهاجرين غير الشرعيين نحو أوروبا عبر مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، وأطلق عام 2014 سياسة جديدة تقضي بتسوية كاملة لملف المهاجرين السريين القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء، الذين تخلوا عن فكرة الهجرة إلى أوروبا، ليصبح المغرب بلد استقبال واستقرار للمهاجرين، بعدما كان بلد عبور فقط. كما قرر المغرب في يناير (كانون الثاني) الماضي تمديد مدة صلاحية بطاقات الإقامة الممنوحة للمهاجرين الأفارقة إلى 3 سنوات، بدلاً من سنة واحدة لتحسين ظروف اندماجهم في المجتمع.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».