سنّة العراق يضعون شروطاً لمشروع «التسوية التاريخية»

بينها الدولة المدنية وعلاقات متوازنة مع الجوار ومراجعة قانون الحشد وعودة المهجّرين

جانب من التفجير الذي استهدف سوقا للسيارات المستعملة موقعا 52 قتيلا وعشرات الجرحى في بغداد أمس  (أ.ب)
جانب من التفجير الذي استهدف سوقا للسيارات المستعملة موقعا 52 قتيلا وعشرات الجرحى في بغداد أمس (أ.ب)
TT

سنّة العراق يضعون شروطاً لمشروع «التسوية التاريخية»

جانب من التفجير الذي استهدف سوقا للسيارات المستعملة موقعا 52 قتيلا وعشرات الجرحى في بغداد أمس  (أ.ب)
جانب من التفجير الذي استهدف سوقا للسيارات المستعملة موقعا 52 قتيلا وعشرات الجرحى في بغداد أمس (أ.ب)

تزامنا مع المؤتمر الذي يعقد في جنيف وتحضره مجموعة من الشخصيات السنّية العراقية للتباحث مع جهات دولية مختلفة حول أوضاع المحافظات العراقية (نينوى، صلاح الدين، الأنبار، ديالى) بعد تحريرها من سيطرة «داعش»، تتحرك القوى السنية المختلفة داخل العراق هذه الأيام لبلورة رؤية مشتركة تتعلق بمرحلة ما بعد «داعش» «الموشكة» على الاقتراب برأي كثيرين، خاصة عقب طرد «داعش» من أغلب المناطق التي سيطر عليها وبقاء القليل منها تحت سيطرته كالجانب الأيمن من مدينة الموصل وبلدات صغيرة في محافظة الأنبار غرب البلاد.
وكان «التحالف الوطني» نشر نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2016 ما سماه وثيقة «التسوية التاريخية»، وتمثل رؤية أطرافه لمعالجة مشاكل العراق في مرحلة ما بعد «داعش»، وبالتنسيق مع البعثة الأممية في العراق (يونامي) ورعايتها. وكشفت النائبة ناهدة الدايني عن «اتحاد القوى العراقية» لـ«الشرق الأوسط»، عن «جبهتين داخل الوسط السني تتبنيان وجهات نظر مختلفة بشأن موضوع التسوية التاريخية، جبهة القوى السياسية التي تعمل داخل العراق ومنخرطة في العملية السياسية وجبهة القوى السياسية الناشطة خارج العراق». لكن الدايني ترى أن أغلب الجهات السياسية السنّية متفقة على «ضرورة إعادة النظر بقانون المساءلة والعدالة، إضافة إلى العودة الفورية لجميع النازحين من المناطق التي خضعت سابقا لسيطرة تنظيم داعش، إلى جانب المطالبة بفرض القانون وسيادته على الجميع».
وذكر مصدر آخر من «اتحاد القوى العراقية» فضّل عدم الكشف عن نفسه «الشرق الأوسط»، أن الورقة المزمع تقديمها إلى بعثة الأمم المتحدة والتحالف الوطني في الأيام القريبة المقبلة «لم تأخذ شكلها النهائي بعد»، لكنه رجحّ أن تطالب الورقة بـ«مراجعة قانون الحشد الذي أقره البرلمان العام الماضي، كذلك المطالبة بعلاقات متوازنة مع جميع دول الجوار، ومطلب الشكل المدني للدولة العراقية».
من جانبه، اعتبر القيادي في المجلس الإسلامي الأعلى فادي الشمري الكثير من «المطالب السنية» قابلة للنقاش وممكنة التحقيق عبر نقاشات موسعة، ويقول الشمري لـ«الشرق الأوسط» ردًا على مسألة عودة النازحين التي يطالب بها اتحاد القوى العراقية: «عودة النازحين إلى مناطقهم المحررة واحدة من أركان التسوية التاريخية، وهي من أولويات التحالف الوطني الذي حرص على عودتهم ويقوم بدعم جهود الحكومة في تحرير المناطق المسيطرة عليها من قبل (داعش)، تمهيدا لعودة السكان إلى منازلهم». لكنه يرى أن «تأخر الإخوة السنة في تسليم ورقتهم ورؤيتهم لمسألة التسوية التاريخية ربما يربك الأمور»، كذلك يعتبر فادي الشمري أن «مشكلة الأوراق المتعددة المسربة لوسائل الإعلام بشأن رؤية الإخوة السنة لموضوع التسوية» يعقد الأمور أيضا، ولا يساعد على تبين رأي اتحاد القوى النهائي بموضوع التسوية. ويرى أن «الخلافات بين ساسة الداخل والخارج» تساهم في عدم وضوح الرؤية بالنسبة لنا بشأن الموقف السني عموما من موضوع التسوية. لكن النائب عن اتحاد القوى محمد الكربولي رفض في وقت سابق ما يقال عن أن المكون السني «بلا رأي واحد»، معتبرا أن الورقة التي ستصدر تمثل رأي أغلب القوى السنية.
من جهة ثانية سقط عشرات الجرحى والقتلى في هجوم بسيارة مفخخة على معرض لبيع السيارات في حي البياع غرب العاصمة بغداد أمس الخميس، وأعلن مسؤول في وزارة الداخلية أن عدد القتلى بلغ 52 شخصاً وأن أكثر من 50 آخرين أصيبوا بجروح في الاعتداء. وأكد مسؤولون في المستشفيات هذه الحصيلة.
وهذا الحادث الثاني الذي يستهدف معارض لبيع السيارات في بغداد في غضون الأربعة وعشرين ساعة الأخيرة، حيث استهدفت سيارة مفخخة مساء أول من أمس، معرضا لبيع السيارات في منطقة الحبيبية شرق العاصمة بغداد وأسفر عن مقتل وجرح ما لا يقل عن 16 شخصا. وأعلنت عمليات بغداد عن ضبط عجلة مفخخة داخل مرأب للسيارات في مدينة الصدر شرق بغداد، فيما قالت «خلية الإعلام الحربي» إن قوة مشتركة من فوج طوارئ بغداد السابع مع مفرزة من جهاز المخابرات تمكنتا من تنفيذ عملية استباقية وفق معلومات استخبارية، أحبطت خلالها محاولة ثلاثة عناصر إرهابية يرتدون أحزمة ناسفة لاستهداف العاصمة بغداد، وذكرت الخلية أن القوة «حاصرت في إحدى الدور السكنية في منطقة الرضوانية غرب بغداد وقتلت أحدهم وألقت القبض على الاثنين الآخرين».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».