بعد تعرّضها للاعتداء... قناة «الجديد» تنوي رفع دعويين قضائيتينhttps://aawsat.com/home/article/856091/%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%91%D8%B6%D9%87%D8%A7-%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D8%A1-%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9-%C2%AB%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%C2%BB-%D8%AA%D9%86%D9%88%D9%8A-%D8%B1%D9%81%D8%B9-%D8%AF%D8%B9%D9%88%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%82%D8%B6%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%AA%D9%8A%D9%86
بعد تعرّضها للاعتداء... قناة «الجديد» تنوي رفع دعويين قضائيتين
المحتجون اعتبروا أنها تطاولت على الصدر وبرّي
بيروت: فيفيان حداد
TT
TT
بعد تعرّضها للاعتداء... قناة «الجديد» تنوي رفع دعويين قضائيتين
انشغل اللبنانيون مرة جديدة بحادثة وضعت حرية التعبير والرأي الحر على المحكّ، بعد تعرّض قناة «الجديد» مساء أول من أمس، إلى الاعتداء والتخريب، من قبل مناصرين لحركة أمل، على خلفية تناول أحد برامجها الساخرة الإمام المغيّب موسى الصدر والإساءة إلى ذكراه، إضافة إلى إظهار رئيس مجلس النواب اللبناني على هيئة دمية. غير أن قناة «الجديد» أعلنت عن نيّتها إيصال الأمر إلى القضاء. وأفادت كرمى خيّاط (مديرة الأخبار في قناة «الجديد») أن المحطة تنوي مقاضاة المعتدين عليها، لا سيما أن وجوههم بدت واضحة على الكاميرا وأمام الرأي العام أثناء نقل وقع الاعتداء على الهواء مباشرة، وأيضا ضد من هددوا أصحاب الكابلات في منطقة الضاحية الجنوبية، ليوقفوا بث قناة «الجديد». وفي التفاصيل أن مجموعة من المحتجّين التابعين للحركة المذكورة، توجهوا نحو موقع مبنى قناة «الجديد» في منطقة وطى المصيطبة، وراحوا يرشقون زجاج المبنى بالحجارة ويطلقون الشتائم ضدّ صاحب المحطة تحسين خيّاط، مطالبين بالاعتذار على خلفية ما عرضته القناة في برنامجها الانتقادي الساخر «دمى كراسي» لمعدّه ومخرجه شربل خليل. وفيما اعتبر بعض المحتجّين أن البرنامج تطاول على رمز ديني وأساء إلى ذكراه، فإن شريحة أخرى رأت في ظهور رئيس مجلس النواب نبيه برّي على صورة دمية وعلى النحو الذي قدم به في البرنامج المذكور ما أثار غضبها. وبقي المحتجون يصرّون على مطلبهم هذا حتى ساعة متأخرة من الليل وهم يمارسون أعمال الشغب والتخريب على المبنى، رغم تطويقهم من قبل رجال الأمن الداخلي الذين تمّت مساندتهم لاحقا من قبل عناصر فوج التدخّل في الجيش اللبناني. وبقيت القناة من ناحيتها متمسّكة بموقفها من عدم الاعتذار من أحد لأنها لا ترى داعيا لذلك. وكان تلفزيون «الجديد» قد قام بنقل عملية الاعتداء عليه مباشرة على الهواء، مناشدا المسؤولين وقيادة الجيش التدخّل فورا، مخافة تفاقم الأمر وتعريض موظفي القناة إلى الخطر، خصوصا أن فريق قسم الأخبار والعاملين فيه كانوا موجودين في المبنى لحظة تعرّضه للاعتداء الذي صودف حصوله أثناء عرض نشرة الأخبار المسائية. وجاء هذا النداء إثر إصابة أحد المصورين في التلفزيون المذكور بجروح طفيفة ما أدى إلى قطع البثّ الحي للاعتداء لدقائق قليلة، بعد أن كانت الكاميرا المثبّتة على إحدى نوافذ المبنى قد أصيبت من جراء رشقها بالحجارة.
القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.
ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.
ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.
وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.
وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».
وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.
وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.
أزمات الفلاحين
سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.
يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.
على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.
تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».
ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.
وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».
ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.
وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.
يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».
فرصة ثانية
يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.
أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.
ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».
أنواع جديدة
يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.
ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.