المرزوقي يتهم {غرفة عمليات دولية} بإفشال ثورات {الربيع العربي}

حذر من حدوث زلازل عظمى في المنطقة العربية خلال نصف قرن

المرزوقي يتهم {غرفة عمليات دولية} بإفشال ثورات {الربيع العربي}
TT

المرزوقي يتهم {غرفة عمليات دولية} بإفشال ثورات {الربيع العربي}

المرزوقي يتهم {غرفة عمليات دولية} بإفشال ثورات {الربيع العربي}

قطع محمد المنصف المرزوقي، رئيس الجمهورية التونسية السابق، بفشل أو إفشال ثورات الربيع العربي، بيد أنه بدا متفائلاً بتحقيق أهدافها، أو مواجهة زلازل قادمة، موضحا أن ما أطلق عليه بـ{غرفة العمليات الدولية} أسهمت في إفشال تلك الثورات، لكنه قطع في نفس الوقت بفشل الثورة المضادة.
وقال المرزوقي، الذي يزور السودان في ندوة بعنوان {مآلات ثورات الربيع العربي}، بصفته ضيف شرف جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي مساء أمس، إن الثورات التي قامت فشلت أو تم إفشالها، موضحا أن الشريحة التي قامت بتلك الثورات فاجأت كافة القوى الآيديولوجية الإسلامية واليسارية والديمقراطية، وقال بهذا الخصوص «من قاموا بالثورات ليسوا الإسلاميين ولا اليساريين، بل أشخاص لم يسمع بهم البوليس السري»، وقطع بأن الإسلاميين لم يساهموا – تقريبًا – بشيء في صناعة تلك الثورات، ولم تكن الجماهير ترفع شعارات إسلامية، مثلهم مثل اليسار الذي كان يستند على شرائح اجتماعية، كان يعتقد أنها وقود الثورة، ولم تستطع إخراج الجامعيين ولا العمال، وأن من خرجوا لصناعة الثورة لا يشغلون أي وظيفة اجتماعية.
وتابع المرزوقي موضحا أن «الثورات تطورت بطريقة عفوية لم تخضع لطروحات الآيديولوجيات المعروفة سواء كانت إسلامية أو يسارية أو ديمقراطية، لأنها اتبعت نهجًا خاطئًا لم يساعدها على استقراء الفترة التاريخية... وعندما أقول: إننا فشلنا كلنا في استقراء تلك المرحلة التاريخية، فالحكومات... غفلت تمامًا عن أن زعزعة استقرارها سيأتي من أناس مجهولين تمامًا لم يكن يتعقبهم البوليس السياسي، ولم يسمع بهم أحد، فمحمد البوعزيزي لم يكن يسمع به البوليس السياسي، ولم يتتبعه ولم يوقفه مرة واحدة مع أنه هو الشخص الذي زعزع العرش» في تونس.
وأوضح المرزوقي أن الإسلاميين كانوا يتوقعون خروج الجماهير وهي ترفع الشعارات الإسلامية، ما يمكنها من وضع دستور الدولة، وهو ما لم يحدث، مضيفا أن «الجماهير التي خرجت لم ترفع أي شعار إسلامي، والإسلاميون ساهموا بلا شيء في هذه الثورات، أما الأحزاب اليسارية الديمقراطية، ومنها حزبنا، فقد كان همهم طوال عشرين سنة الاستثمار في الشباب الجامعي والنقابات، استنادًا على المفاهيم القديمة التي تقطع بأن الثورة لن تخرج إلا بالجامعات والنقابات، لكن لم يخرج الشباب الجامعي تقريبًا، والشباب الذي خرج لم يكن شبابًا جامعيًا، ولم يأت بالثورة العمال الذين يطالبون بتحسين الأجور، بل قام بالثورة أناس لا يملكون أي عمل».
ووصف المرزوقي المرحلة التي وصلتها الثورة التونسية بأنها «نصف نجاح ونصف فشل»، وقال: إن غرفة العمليات الدولية، كانت تريد إغراق البلاد في حمام من الدم، لكن التونسيين أفشلوا مخططها، ونجحوا في تحقيق الانتقال السلمي الديمقراطي، بوجه أناس يقولون: إنهم مستعدون لدفع 20 ألف قتيل لإخراج الإسلاميين من السلطة، وتابع مبرزا أن «غرفة العمليات فشلت في جرنا لأي نوع من الحرب الأهلية، لكننا فشلنا لأن النظام القديم عاد عبر صناديق الاقتراع وعبر تجيير الإعلام والمال، وهو الآن مسيطر وعادت حليمة لعادتها القديمة من فساد وتجاوزات»،
كما أوضح المرزوقي أن النظام القديم عاد في تونس، لكنها عودة بحالة انهيار معنوي وسياسي، وقال بهذا الخصوص «النظام القديم الذي أشعل الحروب ضد شعبه في اليمن وليبيا لم يستطع حتى الآن أن يعود إلى السلطة رغم ما بذل من جهد»، معربا عن ثقته بتحقيق الشعبين في تونس ومصر لأهداف ثورتيهما، لأن الشعب المصري متجرد للدفاع عن حريته، والمقاومة التونسية المدنية تنظم صفوفها للقيام بالحملة الثانية لتحقيق أهداف ثورتها، لكنه قال: إن «الثورات في بدايتها وليس نهاياتها، ونحن نشاهد بداية المسلسل وليس نهايته».
وندد المرزوقي بمصطلح «ثورات الربيع العربي»، ووصفه بأن مفهوم أسقطه الغربيون على الثورات العربية، وأنه قادم من هناك لأن الثورة الفرنسية قامت من هناك، وثورة ربيع براغ كانت في فصل الربيع، وقال توصيفها بـ«البركان العربي أو الزلزال العربي» هو التوصيف الأدق.
كما سخر المرزوقي من وصف بعض الأنظمة العربية والتيارات السياسية للثورات العربية بأنها «صناعة غربية» بقوله «الغرب يريد استقرارًا واقتصادًا ليبراليًا يفتح الأسواق العربية لمنتجاته، وتفاهمًا مع إسرائيل، وهو يعرف أن الأنظمة القديمة أقدر على تحقيق ذلك له وبالتالي دعمها ويدعمها».
ومثلما عجزت النخب العربية في استقراء تلك الثورات، قال المرزوقي إن الغربيين بإمكاناتهم الضخمة ومراكز الدراسات والمخابرات التي يملكونها «وقفوا عاجزين مندهشين أمام الثورات»، وانهارت حساباتهم القائمة على أن الديكتاتوريات القائمة وحدها هي القادرة على ضمان الاستقرار، وبالتالي سقط رهانه عليها.
وحذر المرزوقي من حدوث زلازل عظمى في المنطقة العربية في غضون نصف قرن من الآن، في حال فشل الشعوب العربية في تحقيق ثوراتها ونهضتها، وقال: إن الخطر القادم الذي سيهدد المنطقة سيكون وقوده أكثر من 105 ملايين شاب عاطل عن العمل، وإن الآيديولوجيات الماركسية والإسلاموية والقومية والديمقراطية فشلت في استقراء الواقع، دون أن يعني سقوط محمولاتها في العدالة الاجتماعية والقيم الأخلاقية ونزعات الشعوب نحو التوحد.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».