واشنطن تريد حلاً لليمن «لا يكافئ إيران ويضمن أمن الخليج»

السفير الأميركي في صنعاء لـ «الشرق الأوسط» : لن نفوت فرصة لضرب الإرهاب... والسفير اليمني: تلقينا تأكيدات بعودة التشاور

السفير الأميركي لدى اليمن.... السفير اليمني لدى الولايات المتحدة
السفير الأميركي لدى اليمن.... السفير اليمني لدى الولايات المتحدة
TT

واشنطن تريد حلاً لليمن «لا يكافئ إيران ويضمن أمن الخليج»

السفير الأميركي لدى اليمن.... السفير اليمني لدى الولايات المتحدة
السفير الأميركي لدى اليمن.... السفير اليمني لدى الولايات المتحدة

كشف السفير اليمني في واشنطن الدكتور أحمد عوض بن مبارك لـ«الشرق الأوسط» عن إبلاغ الإدارة الأميركية بلاده بأنها حريصة على إيجاد حل سياسي في اليمن «لا يقود إلى مكافأة إيران، ولا على حساب أمن المنطقة، والخليج تحديدا»، فضلا عن حرص الإدارة الأميركية على مزيد من التنسيق العسكري والتعاون مع التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن.
ووصف السفير خطاب الإدارة الجديدة بـ«التغيير الجوهري في خطاب الإدارة الأميركية الجديدة عن السابقة»، وقال: «لقد أكدوا موضوع تأمين الملاحة الدولية، وهي قضية جوهرية لن يُسمح بأي عبث حيالها».
أمام ذلك، قال السفير الأميركي لدى اليمن، ماثيو تولر لـ«الشرق الأوسط»، إن الإدارة الجديدة «تسعى إلى الوصول لحل سلمي للصراع الدائر في اليمن، الأمر الذي من شأنه تعزيز الأهداف الأمنية الإقليمية للولايات المتحدة».
هذا الوفاق في وجهة نظر البلدين، كان متصلا منذ بداية شن الولايات المتحدة حملاتها المتوالية في مطاردة الإرهاب حول العالم، ومنذ عام 2002 واليمن يعد أحد أكثر البلدان التي ترسل إليها واشنطن طائرات من دون طيار لاستهداف عناصر من تنظيم القاعدة الإرهابي في جزيرة العرب، إضافة إلى المساعدات العسكرية لمكافحة الإرهاب، التي تسفر أيضا عن سقوط مدنيين.
بيد أن أولى عمليات الولايات المتحدة في اليمن لم تنجح كما خطط لها على الأقل، وعقب الحادثة، أصدرت السفارة اليمنية بيانا طالبت فيه بمشاورتها قبل تنفيذ العمليات، وقالت بلغة دبلوماسية: «نؤكد ضرورة التشاور مع الحكومة اليمنية».
عملية الإنزال الأخيرة وقعت في منطقة يكلا التابعة لمحافظة البيضاء وسط اليمن نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، وتتعدد الروايات حول العملية ودقتها وأهدافها، ويبدو أن الحقائق الأكيدة أنها شهدت مقتل عناصر إرهابية تابعة لـ«القاعدة» أو تعاملت معها، وأطفال ونساء وجندي أميركي، وفقا لروايات متعددة سواء من الجانب الأميركي أو جهات أخرى حقوقية محلية ودولية، أو في خطاب زعيم التنظيم الإرهابي في اليمن قاسم الريمي (الذي كان هو الهدف من العملية)، وأورد خلاله أسماء القتلى إثر العملية.
يقول السفير الأميركي لدى اليمن: «سوف تستمر عملياتنا ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وضد تنظيم داعش الإرهابي في اليمن، وسوف نستغل كل الفرص المتاحة، بالتشاور والتعاون المستمر مع حكومة الجمهورية اليمنية في الهجوم وتدمير الجماعات الإرهابية هناك».
ويسرد السفير بن مبارك ما حدث بعد الضربة بالقول: «مباشرة تم التشاور على أكثر من مستوى بعد الضربة، سواء هنا في واشنطن أو عبر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي خلال لقائه الأخير مع السفير الأميركي لدى اليمن».
«وجرى تأكيد ضرورة عودة التنسيق إلى ما كان، وأكدنا فيها استمرار تعاونّا مع الولايات المتحدة على مكافحة الإرهاب لأنه خطر يمس البلدين، وأكدنا أن من أعمال السيادة للدولة أن يتم التنسيق في أي عملية كما كان سابقا مع الحكومة اليمنية، وحصلنا على تأكيدات في هذا الشأن»، وفقا للدكتور بن مبارك، الذي استطرد بالقول: «نعتقد أن مزيدا من التنسيق والعمل الجاد بين الإدارة والحكومة الأميركية فيما يتعلق بموضوع مكافحة الإرهاب، أمر مطلوب، ولدينا مؤشرات إيجابية، ولفتنا الإدارة إلى أنه في عام 2014 وقبل الانقلاب بفترة بسيطة، كانت هناك عملية (السيوف الذهبية) التي كانت تقودها الحكومة الشرعية ضد (القاعدة) في محافظتي أبين وشبوة، وكانت تحقق نجاحات كبيرة جدا مع الدعم الكبير من الولايات المتحدة، ثم دخل اليمن في دوامة الانقلاب والحوثيين، وتعطلت كثير من جهوده في مكافحة تنظيم القاعدة، وانشغل في استعادة الدولة ومحاربة الحوثيين، لكن نفذت الحكومة اليمنية جملة عمليات أمنية ناجحة بالتننسيق مع التحالف العربي لاستعادة الشرعية في الوقت الذي تخوض فيه الحكومة اليمنية حربا ضد الحوثيين، وتمكنت من ضرب التنظيم الإرهابي، وحضرموت مثالا... إضافة إلى العمليات الأمنية المستمرة في أبين (...) قلنا للحكومة الأميركية إننا نؤكد باستمرار التزامنا بمكافحة الإرهاب ونتوقع من الإدارة الأميركية مزيدا من التعاون». ويقول السفير ماثيو تولر: «أكدت الحكومة اليمنية لنا أن التعاون طويل الأمد والفعال بين الولايات المتحدة والحكومة اليمنية في مكافحة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ومحاربة تنظيم داعش الإرهابي مستمر ولن يتوقف. ولقد اتخذنا على الدوام، جميع التدابير المناسبة للحيلولة دون وقوع الضحايا بين المدنيين وسوف نواصل القيام بذلك».
وبالانتقال إلى الشق السياسي للأزمة اليمنية، قال السفير الأميركي: «لا تزال الولايات المتحدة جنبا إلى جنب مع الشركاء والحلفاء الدوليين؛ تدعم بشكل كامل التسوية السلمية للصراع الراهن في اليمن، ويواصل المبعوث الخاص إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، العمل المكثف بشأن العملية السلمية، التي ندعمها ونؤيدها بشكل كامل». ويضيف: «نعتقد اعتقادا راسخا أن الحل الوحيد للتحديات الكثيرة التي تواجه اليمن اليوم سوف تكون من خلال اتفاق السلام الشامل تحت رعاية الأمم المتحدة الذي يأخذ في اعتباره كامل التطلعات السياسية، والاجتماعية، والديمقراطية لأطياف الشعب اليمني كافة».
وبسؤاله عن مدى دعم المبعوث الأممي إلى اليمن، قال السفير اليمني في واشنطن: «كنا دائما متعاونين مع ولد الشيخ وندعمه، وكانت لدينا بعض الملاحظات التي قلناها له بشكل مباشر، وكانت لدينا ملاحظات جوهرية أيضا بما عرف بأفكار كيري أو خريطة الطريق... لكن، ما دام كان المبعوث الأممي ملتزما بالمرجعيات الثلاث، والتزاماته في بييل والكويت، فنحن ندعمه في هذه المسألة».
وأضاف بن مبارك أن حكومته والتحالف «يؤكدان على الدوام ضرورة الحل السلمي للأزمة لأنه هو الأفضل، ونؤكد أن المظلة الأنسب والنافذة الرئيسية لمناقشة عملية السلام في اليمن هي الأمم المتحدة، وبالتالي فنحن نتمسك بمظلة الأمم المتحدة لأنها تستند إلى المرجعيات».



تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

جنازة رمزية نفذها صحافيون يمنيون للمطالبة بحماية الحريات الصحافية والصحافيين (أرشيفية- رويترز)
جنازة رمزية نفذها صحافيون يمنيون للمطالبة بحماية الحريات الصحافية والصحافيين (أرشيفية- رويترز)
TT

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

جنازة رمزية نفذها صحافيون يمنيون للمطالبة بحماية الحريات الصحافية والصحافيين (أرشيفية- رويترز)
جنازة رمزية نفذها صحافيون يمنيون للمطالبة بحماية الحريات الصحافية والصحافيين (أرشيفية- رويترز)

في ظل استمرار اليمن واحداً من أخطر البلدان على الصحافيين منذ انقلاب الجماعة الحوثية على السلطة الشرعية قبل عشر سنوات؛ تعتزم منظمات دولية ومحلية إطلاق شبكة قانونية لدعم الحريات الصحافية في البلاد، بالتزامن مع كشف نقابة الصحافيين عن انتهاكات عديدة طالت حرية الصحافة أخيراً.

وفي بيان مشترك لها، أعلنت 12 منظمة دولية ومحلية تأسيس شبكة خاصة بحماية الصحافيين اليمنيين، لتقديم خدمات الحماية والدعم القانوني إليهم، ومساندة حرية التعبير في البلاد، كما ستعمل على مضاعفة التنسيق والتكامل واستمرارية الجهود، لتعزيز الحماية وضمان سلامتهم واستقلاليتهم والمؤسسات الصحافية والإعلامية.

ويأتي إطلاق الشبكة، وفق بيان الإشهار، ضمن «مشروع ضمان الحماية القانونية للصحافيين» الذي تنفّذه «المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين» (صدى)، بالشراكة مع «اليونيسكو»، والصندوق العالمي للدفاع عن وسائل الإعلام، والذي يهدف إلى تمكين الصحافيين اليمنيين من الوصول السريع والآمن إلى خدمات الحماية الشاملة وخدمات المشورة والمساعدة القانونية.

عدد كبير من الصحافيين اليمنيين غادروا أماكن إقامتهم بحثاً عن بيئة آمنة (إعلام محلي)

وتضم الشبكة في عضويتها 6 منظمات دولية وإقليمية، بينها: «المادة 19»، ومؤسسة «روري بيك ترست»، وصندوق الدفاع عن وسائل الإعلام العالمي، و«فريدوم هاوس»، والمركز الأميركي للعدالة، إلى جانب 6 منظمات ومؤسسات إعلامية محلية.

انتهاكات متنوعة

تأتي هذه الخطوة عقب تقرير لنقابة الصحافيين اليمنيين أكدت فيه أن «الجماعة الحوثية تقف وراء نحو 70 في المائة من الانتهاكات التي تعرّض لها الصحافيون خلال الربع الثالث من العام الحالي»، ونبهت فيه إلى «استمرار المخاطر المحيطة بالعمل الصحافي والصحافيين، وعملهم في بيئة غير آمنة تحيط بحرية التعبير في البلاد».

وعلى الرغم من إغلاق الجماعة الحوثية كل الصحف والمواقع المعارضة لتوجهاتها، ومنع عمل وسائل الإعلام العربية والدولية في مناطق سيطرتها؛ فإن نقابة الصحافيين رصدت وقوع 30 حالة انتهاك للحريات الإعلامية خلال الربع الثالث من العام الحالي، وقالت إن ذلك يؤكّد «استمرار المخاطر تجاه الصحافة والصحافيين في بيئة غير آمنة تحيط بالصحافة وحرية التعبير في اليمن».

انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

ويذكر التقرير أنه، وخلال الفترة من 1 يوليو (تموز) وحتى 30 سبتمبر (أيلول) الماضيين؛ تمّ رصد 14 حالة حجز حرية بنسبة 47 في المائة من إجمالي الانتهاكات، و6 حالات محاكمات واستدعاء لصحافيين بنسبة 19 في المائة، و4 حالات تهديد وتحريض بنسبة 13 في المائة، وحالتي اعتداء بنسبة 7 في المائة، وحالتي مصادرة لأجهزة الصحافيين بنسبة 7 في المائة، وحالتي ظروف اعتقال سيئة للمعتقلين بنسبة 7 في المائة.

ووضعت النقابة الجماعة الحوثية في طليعة منتهكي الحريات الصحافية؛ حيث ارتكبت 21 انتهاكاً بنسبة 70 في المائة، في حين ارتكبت الحكومة الشرعية بكل التشكيلات التابعة لها، 9 حالات انتهاك من إجمالي الانتهاكات، وبنسبة 30 في المائة منها.

ورصدت النقابة 14 حالة حجز حرية، بنسبة 47 من إجمالي الانتهاكات، تنوّعت بين 10 حالات اختطاف، و3 حالات اعتقال، وحالة ملاحقة واحدة، ارتكب منها الحوثيون 10 حالات، والحكومة 4 حالات.

الصحافة الورقية تعرّضت للإيقاف على أيدي الحوثيين الذين منعوا كل إصداراتها إلا الموالية للجماعة (إكس)

ويورد التقرير أن هناك 14 صحافياً رهن الاحتجاز لدى الأطراف كافّة، منهم 10 لدى الجماعة الحوثية، واثنان منهم لدى قوات الحزام الأمني في عدن، وصحافي اختطفه تنظيم «القاعدة» في حضرموت، وأخفاه منذ عام 2015، وهو محمد قائد المقري.

بيئة غير آمنة

يعيش الصحافيون المعتقلون في اليمن أوضاعاً صعبة ويُعاملون بقسوة، ويُحرمون من حق التطبيب والزيارة والمحاكمة العادلة، وفقاً لتقرير النقابة.

وسجّلت النقابة 6 حالات محاكمات واستدعاءات لصحافيين بنسبة 24 في المائة من إجمالي الانتهاكات استهدفت العشرات منهم، ارتكبت منها الحكومة 4 حالات، في حين ارتكب الحوثيون حالتين.

وتنوّعت هذه المحاكمات بين حكم بالإعدام أصدرته محكمة حوثية بحق طه المعمري، مالك شركة «يمن ديجتال» للخدمات الإعلامية، وحالة حكم بالسجن للصحافي أحمد ماهر، و3 حالات استدعاءات لصحافيين.

كما وثّقت 4 حالات تهديد لصحافيين بالعقاب بنسبة 16 في المائة من إجمالي الانتهاكات ارتكبتها جماعة الحوثي، وسُجّلت حالتا اعتداء، منها حالة اعتداء على صحافي، وحالة مداهمة لمنزل آخر.

تدريب صحافيين يمنيين على الاحتياطات الأمنية حيث يعيش غالبيتهم تحت طائلة التهديدات والاعتداءات (إعلام محلي)

ووقعت حالتا مصادرة لمقتنيات وأجهزة صحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية، وحالتا اعتقال سيئة لصحافيين معتقلين لدى الجماعة.

وطبقاً لتقرير النقابة، فإن مختلف الأطراف، خصوصاً الجماعة الحوثية، استمرت في اعتقال الصحافيين والتضييق عليهم، كما استمر استخدام القضاء لمعاقبتهم وترويعهم ومحاكمتهم في محاكم خاصة بأمن الدولة والإرهاب.

ويواجه الصحافيون الترهيب من خلال التهديدات والاعتداءات ومصادرة مقتنياتهم، رغم أن القيود المفروضة عليهم دفعت بعدد كبير منهم إلى التوقف عن العمل الصحافي، أو مغادرة أماكن إقامتهم، والنزوح بحثاً عن بيئة آمنة.

وطالبت نقابة الصحافيين اليمنيين بالكف عن مضايقة الصحافيين أو استخدام المحاكم الخاصة لترويعهم وإسكاتهم.