نبيل فهمي يلتقي جون كيري وتشاك هيغل الثلاثاء المقبل في واشنطن

خبيرة أميركية: الإفراج عن المساعدات يهدف لدعم مصر في مكافحة الإرهاب ولا يعني مساندة الرئيس المقبل

وزير الخارجية المصري نبيل فهمي
وزير الخارجية المصري نبيل فهمي
TT

نبيل فهمي يلتقي جون كيري وتشاك هيغل الثلاثاء المقبل في واشنطن

وزير الخارجية المصري نبيل فهمي
وزير الخارجية المصري نبيل فهمي

شكل توقيت إعلان الولايات المتحدة استئناف جزء من المساعدات العسكرية لمصر التي جرى تجميدها العام الماضي، وإرسال عشر طائرات أباتشي بعضا من علامات الاستفهام حول أسباب هذا الاستئناف الجزئي للمساعدات وتوقيته والمنحنى الجديد الذي تسير فيه واشنطن لتحسين علاقاتها مع القاهرة ورؤيتها لمسار عملية الانتقال إلى الديمقراطية في مصر، كما يضع علامات تساؤل حول رؤية واشنطن للانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في نهاية مايو (أيار) المقبل والتي تشير التوقعات إلى احتمالات عالية لفوز عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري السابق.
وتتزامن إعلانات الخارجية الأميركية والبنتاغون باستئناف المساعدات لمصر بمبلغ 650 مليون دولار مع زيارة مسؤولين كبار لواشنطن، تعد الأولى منذ خلع الرئيس السابق محمد مرسي في يونيو (حزيران) الماضي، حيث اجتمع وزير الخارجية الأميركي مع رئيس المخابرات المصري محمد التهامي الأسبوع الماضي ويلتقي نظيره المصري نبيل فهمي يوم الثلاثاء.
ومن المقرر أن يعقد فهمي اجتماعات مع كل من وزير الخارجية الأميركي جون كيري ووزير الدفاع تشاك هيغل كما يلتقي بلجنتي العلاقات الخارجية بمجلسي النواب والشيوخ ويلتقي بأعضاء لجنة الاعتمادات بمجلس النواب ومع زعيمة الأقلية بمجلس النواب نانسي بيلوسي ومراكز الأبحاث الأميركية مثل ودرو ولسون ومركز الدراسات الدولية والاستراتيجية، كما يلتقي مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في نيويورك يوم الأربعاء.
وتقول ايمي هاوثورن الباحثة في شؤون الشرق الأوسط بمجلس أتلانتك: «إن زيارة وزير الخارجية المصرية نبيل فهمي لواشنطن ستساعد على تحسين العلاقات وهو أمر مهم للقاهرة التي تتعطش للحصول على الشرعية الدولية منذ الثالث من يوليو (تموز) الماضي، وسوف يحظى فهمي بمزيد من الدعم من أعضاء الكونغرس للمسار الحالي لمصر اعتمادا على مجموعة مصالح ترغب في الحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة مستقرة حتى لو كان ذلك يعني تجاهل انتهاكات حقوق الإنسان». وأضافت: «عدد قليل من أعضاء الكونغرس قلقون مما يحدث داخل مصر وفي داخل الإدارة الأميركية سيكون هناك ترحيب متحفظ بوزير الخارجية المصري بسبب التوتر الداخلي في مصر الذي يثير القلق».
وأكدت هاوثورن أن توقيت إعلان الإدارة الأميركية تخفيف تجميد المساعدات العسكرية لمصر له مغزي كبير؛ حيث إنه يعني أن واشنطن ترسل إشارات أنها تريد تحسين العلاقات مع القاهرة. وتقول: «ترسل واشنطن إشارات أنها تريد تحسين علاقاتها مع القاهرة وأنها تريد مساعدة مصر في مكافحة الإرهاب في سيناء وفي الوقت نفسه تريد انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية، ولذلك لم تقم الإدارة الأميركية باستئناف كل المساعدات لمصر لأنها ليست مرتاحة بشكل كامل لمسار الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في مصر، وتريد إرسال رسالة أخرى أنها قلقة حول الديمقراطية وحقوق الإنسان ولذا فإن استئناف جزء من المساعدات العسكرية يرسل رسائل مزدوجة». وتوضح هاوثورن أن إعلان وزارة الخارجية بأن وزير الخارجية سيطلب من الكونغرس الموافقة عن الإفراج عن 650 مليون دولار في ميزانية عام 2014 اعتمادا على أن مصر ملتزمة باتفاقية السلام مع إسرائيل، دون قضية الديمقراطية، فيما خرج إعلان البنتاغون بتقديم الطائرات الأباتشي لمصر اعتمادا على رغبة واشنطن في مساندة مصر في مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود. وتؤكد الباحثة أنه من الصعب إمداد مصر ببقية المساعدات خاصة المقاتلات من طراز «إف 16» إلا بعد تأكيدات وزير الخارجية الأميركي للكونغرس بأن مصر تسير في طريق الديمقراطية.
وتشير الباحثة المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط إلى أن الدافع الأساسي وراء استئناف المساعدات يرجع إلى أن الولايات المتحدة تريد دفع أموال التعاقدات مع شركات التسليح الأميركية (التي تمد مصر بالمعدات العسكرية) حتى لو لم ترسل الولايات المتحدة تلك المساعدات والأسلحة لمصر. وتقول: «الإعلان عن إرسال طائرات الأباتشي هو قرار سياسي هدفه مساندة الجيش المصري في مكافحة العمليات الإرهابية في سيناء، لأن واشنطن قلقة من الأوضاع في سيناء التي توجد بها جماعات إرهابية ترتبط بعلاقات مع تنظيم القاعدة مثل أنصار بيت المقدس وهو ما يفسر إعلان كيري في السابق بعدم إرسال طائرات الأباتشي إلا بعد قيام مصر باتخاذ خطوات في مجال احترام حقوق الإنسان ثم تراجعه وإرسال تلك الطائرات إلى مصر». وتضيف: «كانت الولايات المتحدة توازن ما بين مكافحة الإرهاب واحترام حقوق الإنسان، وكانت مترددة فيما سبق، لكنها تبدو الآن مصممة على المساعدة». وتوقعت الباحثة أن تتحدث الإدارة الأميركية بشكل علني في الفترة المقبلة عن ضرورة تحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.