«داعش» يخسر الأراضي ويسعى للبقاء على الإنترنت

التنظيم الإرهابي استخدم الدعاية من أجل خلق عمق استراتيجي رقمي

«داعش» يخسر الأراضي ويسعى للبقاء على الإنترنت
TT

«داعش» يخسر الأراضي ويسعى للبقاء على الإنترنت

«داعش» يخسر الأراضي ويسعى للبقاء على الإنترنت

نجا تنظيم القاعدة في العراق من خطر الفناء على أيدي القوات الأميركية والعراقية منذ عقد، من خلال الابتعاد عن أي مشاركة في الجيش، ونقل فلول شبكته إلى الحياة السرية تحت الأرض، ليعود مرة أخرى في ثوب تنظيم داعش.
هذا التنظيم الذي خلفه، والذي يواجه حاليًا خطر سقوطه وانهياره، يحاول ابتكار استراتيجية بقاء معدّلة، قد تتضمن «تسليم الخلافة» في العراق وسوريا، لكن مع السعي للحفاظ على النسخة الافتراضية منه على الإنترنت.
وردت هذه الخطة في تقرير جديد عن الاستراتيجية الإعلامية التي يعمل تنظيم داعش على تطويرها، مع تقلص أراضيه في الواقع. وتحذر الدراسة التي نشرتها جامعة «كينغز كوليدج لندن» من أنه من السابق لأوانه تصور عالم ما بعد تنظيم داعش في هذه المرحلة، وتخلص إلى أن «التنظيم قد استخدم الدعاية من أجل عمل عمق استراتيجي رقمي»، مع العلم بأن هذا المصطلح عادة ما يشير إلى منطقة جبلية أو أرض أخرى يمكن للدولة الانسحاب إليها والدفاع عنها. وبسبب هذه المحاولات، سوف تستمر «فكرة الخلافة»، وتتجاوز نموذج شبه الدولة.
في إطار هذه الاستراتيجية، بدأ الجناح الإعلامي لتنظيم داعش بالفعل في إعادة تحضير مقاطع مصورة وصور ورسائل من المجموعة الهائلة لديه، من أجل نشرها في إطار دعاية جديدة تصور «الدولة الإسلامية» التي يسعى التنظيم لإقامتها، كعالم مقدّرة له العودة. وجاء في التقرير: «في حالة الاضطرار، سوف ينسحب المؤمنون حقًا في التنظيم إلى العالم الافتراضي، حيث يمكنهم استخدام الأرشيف الكبير للدعاية الذي عكف التنظيم على تجميعه طوال تلك السنوات، حتى يحموا أنفسهم بالحنين».
وتكشف الخطة عن مستوى من التطلع المستميت لمنظمة إرهابية ظلت أراضيها تتضاءل سريعًا على مدى العام الماضي، لكنها تقدم أيضًا نموذجًا لنهج التنظيم المبتكر في استخدام الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي من أجل تجنيد عناصر وجذبها إلى القتال في العراق وسوريا، والآن من أجل الحفاظ على ولاء أتباعه في مختلف الأنحاء. وتوصل التقرير إلى كثير من الاستنتاجات من كتيب دعاية «داعش» الذي ظهر على الإنترنت العام الماضي. وكانت مكانة «عنصر الإعلام» لا تقل عن مكانة العناصر المسلحة، بحسب هذا الكتيب الذي يقدم أيضًا توجيهًا لكيفية عمل رسائل تستغل التغطية الإعلامية الموجودة لنشر آيديولوجية التنظيم.
ويبدو أن أحد المقاطع المصورة التي نشرها تنظيم داعش خلال الشهر الحالي مستمد من كتيب إرشادات التنظيم الذي يتم تطويره باستمرار؛ هذا المقطع الذي حمل عنوان «البنيان المرصوص» يتضمن مزيجًا من صور لمقاتلين، ومشاهد لعمال يمهدون الطرقات، وشاحنات إطفاء حريق تغادر محطات إطفاء الحريق، ومتسوقين يتطلعون إلى الأرفف الزاخرة بالسلع. وبحسب التقرير، جاء في إحدى الفقرات ما يلي: «أسلحة الإعلام قد تكون أقوى من القنابل النووية».
ووصف تشارلي وينتر، الباحث البارز في المركز الدولي لدراسة التحول إلى التطرف بجامعة «كينغز كوليدج» وكاتب التقرير الجديد، المقطع المصور بأنه «نموذج جيد للحنين الوقائي» الذي يسعى إليه تنظيم داعش، ويبدو أنه كان موجهًا نحو تقديم ما يدل على الأيام الخوالي للخلافة التي كانت موجودة ذات يوم قبل فقدانها.
وإلى جانب خسارة الأراضي تحت ضغط الولايات المتحدة وتركيا وروسيا وسوريا والعراق، شهد تنظيم داعش نقصًا في تدفق المقاتلين الأجانب إلى صفوفه، من ألفين شهريًا منذ عامين إلى 50، بحسب أحدث التقديرات. وبدأ التنظيم تغيير سياسته الدعائية العام الماضي لإعداد أتباعه نفسيًا لـ«انهيار الخلافة»، بتصوير خسائره المتزايدة في ساحة المعركة على أنها صراعات نبيلة وحتمية، على عكس الرسائل التي كانت تحتفي بالانتصارات، وكانت مهيمنة على المخرَج الإعلامي الخاص بهم.
وتواجه استراتيجية الإعلام البازغة تحديات كبيرة، فقد تقلص جمهور تنظيم داعش على الإنترنت، رغم أنه من غير الواضح إلى أي مدى حدث ذلك تحديدًا، ومن أسباب ذلك قيام شركات التواصل الاجتماعي، مثل «فيسبوك» و«تويتر»، بمحو كل أتباع تنظيم داعش، وما يشاركون به من محتوى. مع ذلك، لا يزال الخبراء يرون أن خطة التنظيم للحفاظ على أتباعه على الإنترنت قد تمكّن التنظيم من العودة مرة أخرى، كما فعل سلفه عندما دخلت سوريا في آتون الحرب الأهلية.
يقول ألبرتو فيرنانديز، المسؤول البارز السابق في وزارة الخارجية الأميركية الخبير في إعلام «داعش»: «يحاول التنظيم التمسك بنسخة منه أكثر طموحًا عن شكله منذ عقد»، ويضيف أن التنظيم يتحرك باتجاه «شكل من أشكال التمسك»، لكن السؤال هو: «التمسك بماذا؟ وأين؟ ومتى؟».
جدير بالذكر أن تنظيم داعش سعى إلى تعويض الانتكاسات الناجمة عن خسارته للأراضي، من خلال السعي لتنفيذ مخططات إرهابية في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، كطريقة لتأكيد وجوده كقوة عالمية. وقد تحولت الشبكة في كل من العراق وسوريا باتجاه تخطيط مرحلي تقليدي، حيث أعلن التنظيم مسؤوليته أخيرًا عن تفجير مطعم في الموصل، ومن المرجح أن يستمر في مثل هذه العمليات لزعزعة استقرار الأراضي التي اضطر لتسليمها، وكذلك نشر صور في إطار حرب دعائية جديدة.
ويتابع وينتر: «بوجه عام، سوف نرى تنظيم داعش يعود إلى شكل الجماعة الإرهابية، متخليًا عن نموذج شبه الدولة»، موضحًا: «سوف يبذلون جهدًا كبيرًا لإنتاج محتوى، وأيضًا لنشره. وسيتم المبالغة في تصوير مزاعمهم على أنها مثالية».
* يغطي أخبار أجهزة الاستخبارات والإرهاب لصحيفة «واشنطن بوست»



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.