الحريري: لا مساومة على السلاح غير الشرعي وتورّط «حزب الله» في سوريا

أكد أن لبنان ليس ساحة لصراع الآخرين لكنه معني بحماية المصالح العربية

رئيس الوزراء اللبناني خلال كلمته أمس في حفل احياء ذكرى اغتيال والده (أ. ب)
رئيس الوزراء اللبناني خلال كلمته أمس في حفل احياء ذكرى اغتيال والده (أ. ب)
TT

الحريري: لا مساومة على السلاح غير الشرعي وتورّط «حزب الله» في سوريا

رئيس الوزراء اللبناني خلال كلمته أمس في حفل احياء ذكرى اغتيال والده (أ. ب)
رئيس الوزراء اللبناني خلال كلمته أمس في حفل احياء ذكرى اغتيال والده (أ. ب)

أكد رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، أنه «لا مساومة على الثوابت، بدءًا من المحكمة الدولية إلى النظرة لنظام الأسد وجرائمه، وصولاً إلى الموقف من السلاح غير الشرعي والميليشيات وتورط (حزب الله) في سوريا». وشدد على أن «قرار لبنان بيد الدولة اللبنانية، وليس بيد محاور إقليمية أو دولية»، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن لبنان «لن يكون ساحةً لصراع الآخرين فوق أرضه، لكنه جزء لا يتجزأ من العالم العربي، وهو معني بحماية المصالح العربية والدفاع عنها». ودعا جميع القوى السياسية في لبنان إلى «الحوار حول القضايا الوطنية، والتوصل إلى قانون جديد للانتخابات يعيد إنتاج الحياة السياسية والنيابية، شرط ألا يشكل حالة قهر أو عزل لأي من مكونات العيش المشترك».
مواقف الحريري جاءت في الذكرى الـ12 لاغتيال والده، رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، التي أحياها تيار «المستقبل» في احتفال حاشد أقيم في مجمّع البيال، في بيروت، بحضور ممثلين عن رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ووزراء ونواب ورؤوساء أحزاب ودبلوماسيين، وشخصيات سياسية ودينية وعسكرية، وقيادات وكوادر «المستقبل».
وقال الحريري، في كلمته ألقاها بهذه المناسبة: «بعد 12 سنة على الجريمة الإرهابية التي وقعت في 14 فبراير/ شباط 2005، لا أرغب في تحريك الجرح الذي أدمى قلبي وقلوب الملايين من محبي رفيق الحريري، لكنني لا أستطيع ردم الحفرة التي نشأت عن مصرعه، وأحدثت فجوةً موجعةً في جسد لبنان، كانت لها تداعيات مدمرة على السلام الوطني ومسيرة بناء الدولة، لكن العدالة كفيلة بردم تلك الحفرة مع الأيام، والعدالة آتية».
ورأى أن «سياسة العناد والعزل والأبواب الموصدة والاعتكاف عن المبادرة، هي سياسة عقيمة، لا مردود لها سوى تعطيل شؤون الدولة، وترك البلاد نهبًا للانقسام الطائفي، والخروج على النظام العام»، مضيفًا: «نحن فاوضنا وساومنا من أجل الحفاظ على الاستقرار، ولكن لم (ولن) نساوم على الحق أو الثوابت، من المحكمة الدولية إلى النظرة لنظام الأسد وجرائمه، والموقف من السلاح غير الشرعي والميليشيات، ومن تورط (حزب الله) في سوريا».
واعتبر الحريري أن «هناك خلافًا حادًا في البلد حول سلاح (حزب الله)، وتورطه في سوريا، وليس هناك توافق على هذا الموضوع، لا في مجلس الوزراء، ولا في مجلس النواب، ولا على طاولة الحوار». ورأى أن «ما يحمي البلد هو الإجماع حول الجيش والقوى الشرعية والدولة».
وتطرق رئيس الحكومة إلى المخاطر التي كانت محدقة بلبنان، قبل انتخاب رئيس للجمهورية، وقال: «قبل بضعة أشهر فقط، كان الكلام أن الاقتصاد منهار، والليرة في خطر، وسنذهب إلى الفراغ الشامل، وسيطير (الطائف)، ويمكن أن يحصل معنا كما يحصل مع أهلنا في سوريا، أو أسوأ. واليوم، بات النقاش حول موازنة للدولة للمرة الأولى منذ 12 سنة، والعمل بالنفط، وإطلاق ورشة الكهرباء، وإقرار القوانين في المجلس النيابي»، معتبرًا أن هذا التغيير مرده إلى «شجاعة قرارنا بانتخاب فخامة الرئيس العماد ميشال عون، ووضع نقطة على السطر»، متوجهًا إلى من يدعو إلى الصدام بقوله: «غلطان بالعنوان... ومن يتهمنا بالتنازل عن الثوابت، نقول له أيضًا: غلطان بالعنوان».
وإذ شدد على الاستمرار بالتضحية من أجل مصلحة البلاد، تابع الحريري: «لسنا جمعية خيرية سياسية، تتولى توزيع الهبات والمواقع، وتقديم التضحيات المجانية. لقد مارسنا التضحية، قولاً وفعلاً، ولم نقبل يومًا أن تتحول التضحية إلى قاعدة للتنازل السياسي في كل صغيرة أو كبيرة، على أكتاف تيار المستقبل، أو على حساب التمثيل الوطني لتيار المستقبل»، معتبرًا أن «التضحية مسؤولية، وواجب وشجاعة. وبهذه الروحية والمسؤولية، نتقدم للحوار حول القضايا الوطنية، ونبدي حرصًا لا تراجع فيه على التوصل إلى قانون جديد للانتخابات، يعيد إنتاج الحياة السياسية والنيابية، شرط ألا يشكل حالة قهر أو عزل لأي من مكونات العيش المشترك، وعلى رأسهم حلفاؤنا بالسراء والضراء». وحض الجميع على «وجوب الانتقال إلى صيغة جديدة لقانون الانتخابات، والعمل بأمانة، لإنهاء الدوران في الحلقة الفارغة للقانون الجديد»، داعيًا كل محازبي ومناصري تيار «المستقبل» إلى «الاستعداد والحشد لخوض الانتخابات في كل المناطق، تحت سقف أي قانون يقره المجلس النيابي».
وأضاف رئيس الوزراء اللبناني: «مسؤولية السلطات الدستورية حماية النظام العام، وتأكيد مرجعية الدولة في إدارة الشأن الوطني، فلا مرجعية يمكن أن تعلو على مرجعية الدولة، لا مرجعيات الأحزاب ولا الطوائف، ولا الاستقواء بالخارج، كائنًا من كان هذا الخارج، شقيقًا أو حليفًا أو صديقًا»، لافتًا إلى أن «قرار لبنان بيد الدولة اللبنانية، وليس بيد أفراد وزعامات، ولا بيد محاور إقليمية أو دولية»، مشيرًا إلى أن لبنان «لن يكون، اليوم ولا غدًا ولا في أي وقت، جزءًا من أي محور في مواجهة أشقائه العرب»، مستطردًا: «نحن لا نستدعي الخصومة مع أحد، ولن نسمح أن يكون لبنان ساحةً لصراع الآخرين فوق أرضه، لكننا بالتأكيد جزء لا يتجزأ من العالم العربي، ومعنيون بحماية المصالح العربية والدفاع عنها».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.